رشا عوض

الحرب حالة مؤقتة وتوقفها حتمي، نتمناه سريعا ،وكمدنيين دورنا في ايقاف الحرب هو نزع المشروعية السياسية والاخلاقية عنها والتبصير بطبيعتها وكشف اسبابها الحقيقية ومحاربة اي خطاب كراهية او عنصرية او سرديات مضللة تهدف الى تزيين الحرب واستنفار الشباب للقتال!
هذه ليست حرب الشعب السوداني بل هي صراع سلطة بين قوى عسكرية متفقة على قهر ونهب الشعب السوداني ومختلفة حول انصبتها من كعكة السلطة!
العداء الاكبر والمغلظ الذي يستبطنه مشعلو هذه الحرب ولا سيما الكيزان هو في الاساس ضد القوى المدنية الديمقراطية التي تجتهد في مساعدة الشعب السوداني على استخلاص الدرس الصحيح وولادة الوعي الجديد من هذه التجربة القاسية التي دفع فيها اثمانا باهظة.


هذا الشعب الذي تنفق ٨٠% من موارده المالية على الامن والدفاع مطلوب منه ان يخرج من تحت الانقاض مضرجا بدمائه ممزق الاوصال وهو يهتف بان القوات المسلحة صمام امان البلد ! واي صوت يتساءل اين هو الامان والقوات المسلحة وقوات الدعم السريع افزعونا بداناتهم وطيرانهم ورصاصهم في صراعهم على السلطة، اين الامان والشعب هائم على وجهه هربا من رعب الاشتباكات وانتهاكات الدعم السريع والجيش هارب من الميدان تاركا المواطنين مكشوفي الظهر والشرطة فص ملح وداب منذ اول يوم في الحرب!
كل من يطرح اسئلة منطقية كهذه خائن وعميل ومرتزق اما الوطنية فهي التسبيح بحمد القتلة!
الدرس الصحيح المستفاد من هذه الحرب هو ان المؤسسة الامنية و العسكرية السودانية من جيش ودعم سريع وجهاز امن وشرطة كلها معطوبة وتحتاج الى اعادة بناء على اسس جديدة تجعلها فعلا مؤتمنة على حياة وكرامة المواطنين!
مذلة الحرب يجب ان تفرز وعيا يرفض بل يحتقر الحكم العسكري ويتطلع لحكم مدني ديمقراطي مستوفي لشروط الحكم الراشد ، والحكم المدني المنشود هو نسخة ديمقراطية مرسومة من وحي المعاناة ومخاض التجربة العسيرة ممثلة في هذه الحرب، بمعنى انه ليس عودة الى اي نموذج ماضوي بل اجتراح نموذج مستقبلي.
ربما تتوقف الحرب على اساس صفقة بين المجرمين ينتج عنها استبداد عسكري كامل الدسم او نصف دسم ، هذا ليس مستبعدا ، والشعب المسحوق بالحرب سيرحب بالسلام لان غايته اسكات البنادق والعودة الى منازله ومزارعه وحياته الطبيعية ولا يمكن لومه على ذلك، كل ما يجب قوله للشعب في هذه الحالة: السلام مبروك ، تمسك به فهو حقك الاصيل الذي عاد اليك ، ولان السلام عزيز وغالي احرص ايها الشعب على استدامته واياك ان تسمح لهؤلاء العسكر ان يسلبوك هذه النعمة مجددا كما سلبوها اول مرة! والطريق الى استدامة السلام هو طريق الديمقراطية والحكم الراشد .
اهم معيار لنجاح القوى المدنية والديمقراطية هو ان تفرض اجندة التحول الديمقراطي على اي مشروع للسلام بحيث يكون سودان ما بعد الحرب في حالة قابلية للتحول الديمقراطي، وهذا يتطلب ان تكون اي مساومة مع القوى العسكرية محصورة في مصائرهم الشخصية ومصائر امبراطورياتهم الاقتصادية ولا تتجاوز ذلك الى تقرير مصير البلاد سياسيا والمشاركة في الحكم.
بحسابات الواقع ، الراجح ان لا تمضي الامور في خط مستقيم سياسيا واخلاقيا، فالتعرجات والالتواءات والانحرافات واردة بكل اسف تحت اكراهات الواقع المعقد، ولكن الشيء الوحيد الذي يجب ان لا نسمح بانحرافه او التوائه هو بوصلتنا الوطنية الاخلاقية والفكرية والسياسية التي يجب ان تكون مضبوطة في اتجاه الضفة الصحيحة من التاريخ، ولو كانت كذلك فعلا، حتى لو فرض علينا خيار الحكم العسكري البائس باي مؤامرة داخلية او اقليمية وتواطؤ دولي فلن ندخل الى بلاط الحكم العسكري سجدا! بل سندخله وايدينا مطبقة على انوفنا من رائحة الجثث المنبعثة من بزاتهم اللامعة، وعيوننا سترسل لهم نظرات الغضب النبيل المستحق والوعيد الشعبي الصارم باستئناف الثورة.
هؤلاء العسكر اثبتوا على مدى ٥٤ عاما من عمر الاستقلال انهم فاشلون عاجزون حتى عن اقامة نموذج ” مزرعة الحيوان” حيث يحرم الناس من الحرية مقابل السلام والطعام!
ومع ذلك تجتهد ابواق التضليل والتجهيل في ان تجعل من هذه الحرب مشنقة للقوى المدنية الديمقراطية ومحرابا لتقديس المؤسسة الامنية والعسكرية الفاسدة والفاشلة التي اشعلت كل هذا الجحيم في اجساد الابرياء في الصراع على السلطة بين اجنحتها!!

الوسومرشا عوض

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: رشا عوض هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

رمضان عبد المعز: علينا إيصال الصورة الصحيحة عن الإسلام

قال الشيخ رمضان عبد المعز، الداعية الإسلامي، إن النبى الكريم -صلى الله عليه وسلم- صدق عندما قال :"من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين"، أى فى الفهم والفقة، والأصل فى الشرع الشريف أن النبى عليه الصلاة والسلام جاء بهذا الدين الحنيف رحمة للعالمين.

وأضاف الشيخ رمضان عبد المعز، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم السبت، أن النبى كان ينادى على أصحاب الرسالات الذين جاءوا قبلنا ويقول الله فى كتابه العزيز: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُون".

وأشار رمضان عبد المعزـ، إلى أنه فى الأسرة المسلمة نفسها قال الله: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ﴾ ، فالدين عظيم، وعلينا أن نكون سفراء لهذا الشرع الشريف، لافتا إلى أن الإمام الغزالى كان يقول :"إن انتشار الكفر فى العالم يحمل نصف أوزاره متدينون بغضوا الله إلى خلقه بسوء أقواله وسوء أفعالهم"، إذا فعلينا إيصال الصورة الصحيحة عن الشرع الشريف.

مقالات مشابهة

  • مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية السادسة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب السوري
  • رمضان عبد المعز: علينا إيصال الصورة الصحيحة عن الإسلام
  • هل فعلاً البنوك المركزية تمارس العبودية في بلاط الدولار ؟؟
  • أولهم بشار الأسد.. الشعب السوري يتطلع لمحاسبة مجرمي الحرب
  • ما الذي يخطط له حزب الله؟
  • قوى حفظ السلام والأمم المتحدة ترافقان وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني لتقييم أضرار الحرب في مرجعيون
  • السيسي يؤكد أهمية حماية الشعب السوداني من ويلات الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية
  • صحف عالمية تتحدث عن تحرك العرب بسوريا وشكل الحكم بعد الأسد
  • مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية الرابعة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب السوري
  • الحكومة العراقية تصدر بياناً بشأن العدوان الاسرائيلي: انقذوا الشعب الفلسطيني