شولتز: إعادة نشر صواريخ أميركا بعيدة المدى جزء من الردع
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
رحّب المستشار الألماني أولاف شولتس اليوم الخميس بقرار الولايات المتحدة نشر صواريخ بعيدة المدى بشكل منتظم في بلاده، بعد إعلان البيت الأبيض عزم واشنطن نشر أسلحة جديدة في ألمانيا اعتبارا من العام 2026.
ويمثل قرار الولايات المتحدة عودة صواريخ كروز الأميركية إلى ألمانيا بعد غياب 20 عاما، في خطوة أثارت انتقادات حتى بين أعضاء الحزب الديموقراطي الاشتراكي الذي ينتمي إليه شولتس.
ودفاعا عن القرار، قال شولتس للصحفيين على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في واشنطن "هذا جزء من الردع ويضمن السلام، إنّه قرار ضروري ومهم اتُخذ في الوقت المناسب"، في حين ترى تقارير تلك الخطوة لزيادة الردع ضد روسيا التي تخوض حربها المستمرة في أوكرانيا.
والأربعاء، أعلن البيت الأبيض أنّ الولايات المتحدة ستنشر أسلحة جديدة في ألمانيا اعتبارا من 2026، مشيرا إلى أن واشنطن تتطلع إلى تمركزها بشكل دائم في ألمانيا، وسيكون للصواريخ "مدى أطول بكثير" من الأنظمة الأميركية الحالية في أوروبا.
وتابع في بيان مشترك مع الحكومة الألمانية أن "هذه القدرات المتقدمة ستظهر التزام الولايات المتحدة تجاه حلف الناتو ومساهماتها في الردع الأوروبي المتكامل"، في حين قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس -في حديث إذاعي- إن قرار النشر يسد "فجوة خطيرة جدا" في قدرات البلاد.
ولا يملك الجيش الألماني صواريخ طويلة المدى تطلق من البر، بل فقط صواريخ كروز يمكن إطلاقها من الطائرات، غير أن هذا الإعلان أثار غضبا في ألمانيا، إذ يعيد نشر الصواريخ الأميركية ذكريات الحرب الباردة التي توصف بالمؤلمة.
وقال رالف ستيغنر، عضو البرلمان عن الحزب الديموقراطي الاشتراكي الذي ينتمي إليه شولتس لمجموعة فونكه الإعلامية، إن القرار في شأن الصواريخ قد يشير إلى بداية "سباق تسلح" جديد، محذار من أن "هذا لن يجعل العالم أكثر أمانا، بل على العكس، ندخل في دوامة يصبح فيها العالم خطيرا".
وقالت سارة فاغنكنخت، وهي يسارية بارزة في ألمانيا، لأسبوعية شبيغل إن نشر الصواريخ الأميركية "يزيد من خطر أن تصبح ألمانيا نفسها مسرحا للحرب".
وأدى نشر صواريخ بيرشينغ البالستية الأميركية في ألمانيا الغربية في ثمانينات القرن الماضي خلال الحرب الباردة إلى تظاهرات كبيرة، غير أن الولايات المتحدة خفضت بعدها أعداد الصواريخ في أوروبا مع تراجع "التهديد الروسي".
وفي حين ترى تقارير مسارعة دول حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة إلى تعزيز دفاعاتها في القارة في أعقاب الحرب الروسية على أوكرانيا عام 2022، رد الكرملين الخميس قائلا إنه يخطط "لإجراءات رد" لاحتواء التهديد الخطير الذي يشكله الحلف.
وتشمل الأسلحة التي ستنشرها الولايات المتحدة في ألمانيا صواريخ "إس إم-6" وصواريخ أرض جو بعيدة المدى ومتعدّدة الاستخدام وصواريخ توماهوك، إضافة إلى صواريخ فرط صوتية لا تزال قيد التطوير، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة فی ألمانیا
إقرأ أيضاً:
إيكونوميست: هذه أوراق بيد أوروبا حال تعمق خلافها مع أميركا
نشرت مجلة إيكونوميست تقريرا مطولا يتناول مكامن القوة التي تتمتع بها أوروبا إذا وصل السجال المحتدم بينها وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى حد المواجهة.
وبلغ السجال ذروته بين الولايات المتحدة والقارة العجوز مع تصريح رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الأسبوع الماضي، بضرورة أن يرد الاتحاد الأوروبي على تصرفات ترامب المعتادة التي تضر بالاتفاقيات وتهدد "القيم الأوروبية". وأكدت أن الأوقات الاستثنائية تستدعي إجراءات استثنائية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إيكونوميست: أوروبا تفكر في المستحيل لأجل القنبلة النوويةlist 2 of 2هل تدفع تهديدات ترامب والقلق الأوروبي ألمانيا للتسلح النووي؟end of listوتستدرك المجلة قائلة إن أوروبا لا ترغب في تصعيد خلافها مع الولايات المتحدة وتأمل أن يخفف الرئيس الأميركي من غلوائه.
وإذا احتدم الخلاف بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فإن إيكونوميست تقول إن للاتحاد العديد من الطرق المدهشة لممارسة الضغط على ما تسميه الحليف المشاكس.
مطبات اقتصاديةواستعرضت بالتفصيل أبرز المقومات الجيوسياسية لدى الاتحاد الأوروبي، ومن ذلك حجم سوقه المشتركة، حيث يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للقارة -إذا أُضيف له بريطانيا والنرويج وسويسرا- 24.5 تريليون دولار، أي ما يعادل تقريبا حجم نظيره الأميركي البالغ 29 تريليون دولار.
وترغب الشركات الأميركية في مواصلة العمل في الأسواق الأوروبية، وهذا هو المبدأ الذي تستند إليه دول القارة في فرض رسوم انتقامية ستطال في بادئ الأمر السلع الفاخرة التي يسهل الحصول على بدائل لها، مثل الدراجات النارية من طراز هارلي ديفيدسون والمُسكرات.
إعلانولعل المعضلة التي تكمن في فرض الرسوم الجمركية والقيود الأخرى على الواردات من أميركا أنها تضر بالمستهلكين الأوروبيين والمصدرين الأميركيين على حد سواء.
وضربت المجلة مثالا على ذلك بمنتجات الطاقة التي تعد أكبر واردات أوروبا، حيث التهمت القارة 35% من صادرات الولايات المتحدة من النفط الخام والمكرر في العام الماضي، وذهب أكثر من نصف الغاز المسال الأميركي إلى أوروبا أيضا.
وإذا ما قلصت أوروبا مشترياتها من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، فإن العديد من شركات الطاقة الأميركية ستقع في ورطة.
ولكن من الصعب على أوروبا أن تفعل ذلك دون أن تشل اقتصادها المتعثر بالفعل أو أن تصبح مرة أخرى معتمدة على روسيا، وهو مأزق مقلق بالكاد نجت منه للتو.
رسوم انتقاميةومن أكثر قطاعات الاقتصاد الأميركي التي ستتأثر بالرسوم الانتقامية، شركات التكنولوجيا العملاقة. فلربما تستغني أوروبا، على سبيل المثال، عن شبكة التواصل الاجتماعي إنستغرام المملوكة لشركة ميتا التي ستتضرر بشدة إذا فقدت أوروبا.
ولا تزال الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق عالمي بشأن الضرائب على الشركات الرقمية متوقفة مؤقتا لأنها لا تحظى بدعم ترامب. ولذلك، تعتقد إيكونوميست أن بإمكان الدول الأوروبية منفردة أن ترفع معدلات ضرائبها أو يمكن للاتحاد الأوروبي ككل أن ينفض الغبار عن ضريبة مقترحة كان قد وضعها على الرف.
وتتمتع المفوضية الأوروبية أيضا بسلطة تنظيمية هائلة على شركات التكنولوجيا الأميركية، إذ يمكنها كبح السلوكيات المخلة بروح المنافسة، وأن تأمر بإزالة المحتوى الضار وتطبيق قوانين الخصوصية بصرامة.
ولا تقتصر هذه السلطة التنفيذية على شركات التكنولوجيا وحدها، فحتى الشركات المالية الأميركية هي تحت رحمة المؤسسات الأوروبية. كما أن بعض الأدوات الموجودة تحت تصرف الاتحاد الأوروبي من الفعالية بمكان، إلا أنه قد لا يستخدمها أبدا.
إعلانفعلى سبيل المثال، تحظى الهيئات التنظيمية الأوروبية بنفوذ كبير على نظام سويفت للتحويلات المصرفية العالمية. غير أن المجلة البريطانية ترى أن أي تدخل يعيق نفاذ البنوك الأميركية إلى نظام سويفت سيكون بمثابة "معركة مالية فاصلة" تعرقل التحويلات المالية العالمية ستكون وبالا على البنوك الأوروبية والأميركية على حد سواء.
نفوذ اقتصاديوعلاوة على ذلك، فإن ثقل أوروبا في السوق ليس مصدر نفوذها الاقتصادي الوحيد، إذ بمقدورها أيضا أن تحد من وصول أميركا إلى السلع أو الخدمات التي تهيمن عليها.
وعلى رأس السلع التي تُنتج بشكل رئيسي في أوروبا وتستورد أميركا الكثير منها، الأدوية والمواد الكيميائية، وفق ما ورد في تقرير لمركز الدراسات المستقبلية والمعلومات الدولية، وهو مؤسسة فرنسية مختص بدراسات الاقتصاد الدولي.
ومن الصناعات الإستراتيجية التي للاتحاد الأوروبي قدرة على التحكم فيها سلسلة توريد أشباه الموصلات، إلا أن تعطيلها قد يكون له عواقب مروعة وغير متوقعة قد تضر بأوروبا بقدر ما تؤذي طرفا آخر. ورغم أن أوروبا ليست من المصدرين الرئيسيين لمعظم المواد الخام مثل الولايات المتحدة، فإنها وسيط لا غنى عنه.
إن أي خلاف خطير مع أوروبا قد يجعل من العسير على أميركا بيع مواردها في أي مكان، وليس فقط في القارة العجوز.
وطبقا لتقرير المجلة، فإن أوروبا هي موطن أكبر شركات تجارة السلع في العالم. فدولة مثل سويسرا تضم وحدها 900 شركة من هذا النوع. وتُدر حصة القارة في التجارة العالمية نحو 35% للنفط و60% للمعادن و50% للحبوب و40% للسكر. كما تُعد بريطانيا وهولندا مركزين تجاريين كبيرين، مما يعزز هيمنة أوروبا.
القطاع العسكريوالأمر لا يتوقف عند هذا الحد. فأكبر شركات النقل البحري أوروبية، مثل "ميرسك" و"إم إس سي" و"سي جي إم" و"سي إم أي".
على أن القطاع العسكري هو أكثر جوانب العلاقة بين أوروبا وأميركا اختلالا. فأوروبا -كما تشير إيكونوميست- تعتمد بشكل كبير على الدعم العسكري الأميركي، ولديها الكثير مما تخسره من أي انهيار في هذا المجال أكثر بكثير مما تخسره الولايات المتحدة، إذ قال ترامب إن بلاده محمية "بمحيط كبير وجميل".
إعلانولكن المجلة تقول إن هذه الحماية ليست مطلقة، إذ إن أميركا لن تستطيع حماية نفسها دون مساعدة أوروبية. فالغواصات الروسية التي تدخل شمال المحيط الأطلسي انطلاقا من قواعدها في القطب الشمالي، يجب أن تمر من خلال نقاط العبور الضيقة المعروفة باسم فجوة غرينلاند-أيسلندا-بريطانيا، وهو خط وهمي في شمال المحيط الأطلسي يشكل ممرا إستراتيجيا للسفن العسكرية.
ولطالما ظلت الولايات المتحدة وحلفاؤها لعقود من الزمن يراقبون بشكل مشترك هذه المنطقة من خلال سلسلة من أجهزة الاستشعار الصوتية تحت الماء المتصلة بمنشآت على اليابسة، بالإضافة إلى فرقاطات الرادارات وطائرات دورية بحرية تنطلق من بريطانيا وأيسلندا والنرويج.
فإذا انهارت هذه الترتيبات تؤكد إيكونوميست أن من الصعوبة بمكان على الولايات المتحدة تعقب الغواصات الروسية، وهذا من شأنه أن يسمح لموسكو بنشر مزيد من الصواريخ، وبالتالي يضع الأهداف الأميركية في مرمى نيرانها.
وحتى لو حقق ترامب أمنيته وضم بطريقة أو بأخرى جزر غرينلاند، التي تتبع حاليا إلى الدانمارك وتتمتع بالحكم الذاتي، فلن تتمكن القوات الأميركية -حسب زعم المجلة- من سد الفجوة الجغرافية بالكامل.
وتعد ألمانيا أهم موطئ قدم للولايات المتحدة في أوروبا، حيث تستضيف أكثر من 50 ألف جندي أميركي.