منذ تعينه في أواخر فبراير الماضي، بدأ المبعوث الامريكي توم بيريليو عضو الكونغرس السابق، جولات اقليمية حثيثة لإنهاء الصراع في السودان.

كمبالا: التغيير

حراك دبلوماسي متسارع، وجولات مكوكية، بالإضافة إلى لقاءات علنية وسرية بين الفرقاء السودانيين، عسكريين ومدنيين على حد سواء، في القاهرة، أديس أبابا، جنيف، في مسعى مكثف من اللاعبيين الاقليميين والدوليين لحل الأزمة السودانية التي دخلت عامها الثاني.

تعثرات وآمال

منذ تعينه في أواخر فبراير الماضي، بدأ المبعوث الامريكي توم بيريليو عضو الكونغرس السابق، جولات اقليمية حثيثة لإنهاء الصراع في السودان، وأعلن أن المحادثات التي تشارك الرياض في قيادتها قد تنطلق في 18 أبريل، ومع اقتراب الموعد، أكد المسئول الأمريكي انه من غير المرجح أن استئناف المفاوضات في ذلك التاريخ لان الدعوة لم تحظ بموافقة الطرفين.
وفي مايو الماضي، توقعت تقارير صحفية استئناف التفاوض في ذات الشهر الا أن التعثر لازم قيامها.

توم بيريلو نشاط دبلوماسي

مع حلول يوليو الجاري انخرط فاعلين اقليميين في حراك دبلوماسي، بدأه نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، الذي وصل إلى مدينة بورتسودان، الإثنين الماضي، في أول زيارة لمسؤول سعودي إلى السودان، منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، في 15 أبريل قبل الماضي، وبعد 24 ساعة استقبل قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي وصل مدينة بورتسودان في أول زيارة له منذ اندلاع المواجهات المسلحة، سبق ذلك، اجتماع للقوى السياسية والمدنية السودانية في مؤتمر تبنته مصر، (السبت) بهدف إيجاد حلول سياسية للأزمة في السودان، حيث نتج عنه بيان ختامي يدعو إلى “إيقاف الحرب”، دون عقد اجتماعات مشتركة بين الأطراف المشاركة.
ودخل الاتحاد الافريقي على خط الازمة، باجتماع للآلية الرفيعة المستوي امس( الاربعاء) بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بشأن الأوضاع في السودان، في غياب تنسيقية القوى المدنية و الديمقراطية (تقدم)، احزاب البعث، الشيوعي، حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور، الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، تزامن ذلك مع اجتماع اخر ترعاه الأمم المتحدة بين ممثلين عن الطرفين المتقاتلين في العاصمة السويسرية جنيف، لبحث إيصال المساعدات الإنسانية لسكان السودان الذين يحتاج نصفهم تقريباً، أي حوالى 25 مليون شخص، للمساعدة.

شكوك

رغم هذا الحراك النشط يشكك محللون وسياسيون تحدثوا إلى (التغيير) بقدرته على تحريك الجمود في المسار التفاوضي المستمر منذ شهور.
أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، إبراهيم كباشي، ذكر في مقابلته مع صحيفة (التغيير) أن التفاوض الجاد حول إيقاف الحرب يحدث عادة عندما تصل أطراف النزاع إلى مرحلة توازن الضعف أو تتعرض لضغوط داخلية أو خارجية. وأشار إلى أنه بالنظر إلى الواقع الميداني العسكري والسياسي الداخلي والخارجي، فإن الشروط التي تدفع نحو التفاوض المثمر غير متوفرة حاليًا.
وعزا ذلك لان كل طرف، بناءً على رؤيته العملياتية، يعتقد أنه متفوق عسكريًا، مما يجعله يُصر على الخيار العسكري بدلاً من التفاوض. كما لفت إلى أن هناك تعددًا في مراكز القرار داخل القوى المتحاربة نظرًا لتركيبتها المكونة من تحالفات عسكرية، وشرح قائلا: الحرب التي بدأت بين الجيش والدعم السريع أفرزت مع مرور الوقت لاعبين وفاعلين عسكريين جدد لديهم دوافع ومصالح قد تتوافق أو تتناقض مع أهداف التحالف الذي انضموا إليه، مما يعقّد عملية التوافق في صناعة القرار بشأن التفاوض.
من بين العوامل -غير المرئية- التي أشار إليها كباشي وتعترض طريق التفاوض، بروز لوردات حرب مرتبطين بشبكات محلية وإقليمية ودولية تسعى لاستمرار النزاع وتقاوم أي جهود تفاوضية.
وقبل نحو 6 أشهر، انهارت آخر جولات التفاوض(جدة) بين طرفي الحرب، في ديسمبر الماضي، بعدما فشل الجانبان في تنفيذ إجراءات بناء الثقة التي تم الاتفاق عليها في نوفمبر .

نقص الارادة

قال عضو تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم)، شهاب إبراهيم الطيب، أن التفاوض يواجه عقبات كبيرة بسبب نقص الإرادة من أطراف الصراع في تحقيق التفاهم والتوافق المستمرين لإنهاء الصراع
واشار في حديثه (للتغيير) الى ان هناك محاولات مستمرة للتفاوض، لكن هذه المحاولات لم تنجح حتى الان، واعتبر، أن المجتمع الدولي والإقليمي لم يمارس الضغوط الكافية على أطراف الصراع وهو ما يؤدي إلى عدم جديتها في المفاوضات.
تعاطي المجتمع الدولي والاقليمي الحالي مع ما يجري في السودان، يعكس تباينًا وعدم توافق كلى وصولا لضغط جماعي على أطراف الحرب، وفسر كباشي، التباين لكون ان صراع المصالح لايزال مستمرا وقد يكون خيار الحرب احد الأدوات المستخدمة لتحقيق بعض المصالح من قبل قوى إقليمية ودولية، واضاف: العوامل المذكورة، هي التي ترجح تغليب خيار الحرب على خيار التفاوض بالإضافة إلى عدم الالتزام بماتم الاتفاق حوله في تجربة مفاوضات منبر جدة.

شهاب ابراهيم

عضو تنسيقية (تقدم) شدد، على الحاجة الملحة لضغوط إقليمية ودولية كافية على أطراف الصراع، كما رأي أن تصنيف المؤتمر الوطني المعزول والحركة الإسلامية المحلولة كجماعات إرهابية قد يساعد في تعزيز فرص الحلول التفاوضية.
وراي أن الوقت الحالي مناسب وضروري للتوصل إلى حلول، حيث أن استمرار الحرب يزيد من معاناة الشعب السوداني ويشرد المزيد منهم.

خارطة جديدة

بدوره اشار استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، الى ان الدخول في تجربة تفاوضية جديدة يتطلب وضع رؤية جديدة تاخذ في الاعتبار الواقع الذي تشكل مابين جدة مايو 2023م وحتى الوقت الراهن ووفق خارطة الطريق التي طرحها كباشي، تستند الرؤية والتصورات الجديدة للتفاوض على مقاربة شاملة تشمل المجموعات والقوى العسكرية والتي لم تشارك في الحرب حتى الآن وهي( حركتي عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد محمد نور) في الخارطة الاستراتجية للتفاوض تجنبا لتكرار أخطاء الماضي و لمعالجة جذور الحرب بصورة كلية.
واقر كباشي وإبراهيم، بان طبيعة الحروب تعتمد على خطاب التعبئة الذي يلعب دوراً مؤثراً في تشكيل السياسات الداخلية، التوترات المتزايدة والاستقطاب الشديد، و غالباً ما يعرقل الحراك و النشاط السياسي المدني ويفضل الحلول العسكرية. ومع ذلك، لا يمكن أن يستمر هذا الوضع ، إذ أنه عادة ما يتراجع ليحل محله خطاب السلام و الحلول السلمية.

الوسومالمبعوث الأمريكي الخاص للسودان المفاوضات توم بريللو حرب الجيش والدعم السريع

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: المبعوث الأمريكي الخاص للسودان المفاوضات حرب الجيش والدعم السريع فی السودان

إقرأ أيضاً:

 محادثات جنيف:غياب القوى المدنية وتحديات التفاوض

انحصرت الدعوة لحضور محدثات جنيف على الطرفين المتقاتلين، مع أن الجيش لم يعلن موقفه النهائي من قبول الدعوة حتى الآن..

الخرطوم: التغيير

من المقرر أن تحتضن العاصمة السويسرية «جنيف»، منتصف أغسطس المقبل، جولة جديدة من المحادثات بين الجيش وقوات الدعم السريع برعاية المملكة العربية السعودية، لوضع حد للحرب الدائرة في السودان منذ 15 أبريل الماضي.

ووزع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الثلاثاء المنصرم، رقاع الدعوة إلى طرفي الحرب، من أجل إجراء محادثات وقف إطلاق نار، برعاية المملكة العربية السعودية، بينما ستتولى الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والقاهرة وأبوظبي صفة المراقبين.

 من يشارك؟

لم تشر الخارجية الأمريكية إلى مشاركة القوى المدنية في المفاوضات، بل انحصرت الدعوة على الطرفين المتقاتلين، مع أن الجيش لم يعلن موقفه النهائي من قبول الدعوة حتى الآن، بالمقابل، يسعى المدنيون مثل تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية «تقدم» الذي تعتبر أكبر تحالف مدني، إلى الانخراط في جهود إيقاف الحرب، ومعالجة معاناة السودانيين، واستعادة الحكم المدني، وتحقيق التحول الديمقراطي.

سبق دعوة جنيف تحركات دبلوماسية تجاه السودان، مما يشير إلى رغبة دولية في تقليل التصعيد العسكري في المنطقة. ومع ذلك، هناك مخاوف بشأن تداعيات غياب المدنيين، التي قد تؤدي إلى عسكرة المشهد السياسي. فماذا تتوقع القوى الديمقراطية المدنية ممثلة في “تقدم” من المباحثات المرتقبة، هل يتوقعون إشراكهم فيها ولو بصفة مراقبين؟، أم أن العملية ستكون ثنائية كما في الاتفاقيات السابقة، مما قد يعيد الجيش والدعم السريع إلى التحكم في المشهد؟

الطرفين المتحاربين فقط

القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية  «تقدم»، محمد عصمت يحيى، أوضح أن اجتماع جنيف سيشمل الطرفين المتحاربين فقط، وسيركز على وقف العدائيات وتأمين المساعدات، دون توقع مشاركة أطراف أخرى. وتمنى عصمت أن يتفق الطرفان على إبعاد العسكر عن العملية السياسية والاقتصادية لتحقيق التحول المدني الديمقراطي.

محمد عصمت:اجتماع جنيف سيشمل الطرفين المتحاربين فقط، وسيركز على وقف العدائيات وتأمين المساعدات

وعبر عصمت في حديثه لـ«التغيير»  عن تطلع السودانيين لجولة تفاوضية بين طرفي النزاع، والتي دعت إليها وزارة الخارجية الأمريكية في جنيف في منتصف أغسطس المقبل.

رئيس الحزل الاتحادي الموحد محمد عصمت يحيى

وذكر أن هناك أملًا في أن يعود الطرفان إلى رشدهم لإنهاء الحرب التي خلقت أزمة كارثية لم تشهدها الحروب الحديثة.

وأشار عصمت إلى أن اهتمام واشنطون بالملف السوداني لم يكن مفاجئًا، موضحًا أن الولايات المتحدة، رغم انشغالها بالانتخابات القادمة، دعت الطرفين للاتفاق على وقف العدائيات وتأمين وصول المساعدات الإنسانية كأولوية لتجنب الكارثة غير المسبوقة.

“القوات المسلحة والدعم السريع تورطتا في حرب تسببت في خسائر كبيرة للسودانيين على مستوى الأرواح والممتلكات، إضافة إلى تدمير البنية التحتية في المدن التي شهدت اشتباكات. لذلك، لن يسمح الشعب السوداني لهما بإدارة شؤون البلاد” كما ذكر القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، عمار صالح، في مقابلته مع «التغيير».

تقدم ترحب

وقال إن التحالف يرحب بمباحثات سويسرا التي دعت إليها الخارجية الأمريكية. وأعرب عن أمله في أن تسهم المباحثات في تحقيق السلام في السودان، وأن تواصل “تقدم” اتصالاتها مع جميع الوسطاء ومع طرفي النزاع من أجل إيقاف القتال.

عمار صالح:إيقاف الحرب وتحقيق السلام يتطلب مسارين رئيسيين: الأول هو وقف القتال، والثاني هو العملية السياسية

واعتبر أن إيقاف الحرب وتحقيق السلام يتطلب مسارين رئيسيين: الأول هو وقف القتال، والثاني هو العملية السياسية، وأشار عمار إلى أن “تقدم” تشجع وتضغط على الطرفين للانخراط بجدية في المباحثات المقبلة، بهدف تحقيق وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.

صالح عمار

وأكد أيضاً أن العملية السياسية تشمل جميع القوى المدنية وقوى ثورة ديسمبر، باستثناء المؤتمر الوطني وواجهاته، وأنها ستكون كذلك بمنأى عن طرفي النزاع.

المحلل السياسي خالد فيصل، يرى، أن القوى المدنية لن تشارك في مباحثات جنيف، لأن الملف المطروح يتعلق بشكل أساسي بإيقاف الحرب وتيسير دخول المساعدات الإنسانية، وهي قضايا لا تعنيها بشكل مباشر حاليا.

وأوضح أن «تقدم» كانت قد بدأت جهودها لإيقاف الحرب قبل نحو عام، ولكنها لم تمتلك أدوات ضغط كافية على طرفي النزاع، كما أن الحركة الإسلامية عملت على شيطنتها باعتبارها حاضنة سياسية لقوات الدعم السريع.

وأشار فيصل إلى أن إيقاف الحرب أصبح ضرورة ملحة؛ لأن الأضرار لن تقتصر على السودان فقط، بل ستطال دول الجوار، وقد تتحول المنطقة إلى ساحة للحركات المتطرفة.

لذلك حسب حديثه لـ«التغيير» فقد بدأ المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمة بجدية أكبر لإنهاء النزاع.

نجاح مرهون بالجيش

ورجح فيصل أن تكون مباحثات سويسرا أكثر نجاحًا من المبادرات السابقة، التي فشلت في تحقيق نتائج ملموسة على الأرض. لكنه اشترط نجاح المفاوضات بقبول القوات المسلحة، التي لم تفصح بعد عن موقفها من الدعوة، مع ترجيح أن ترفض الدعوة الأمريكية؛ نظرًا لتأثير كبار الضباط المنتمين للحركة الإسلامية في استمرار القتال.

يذكر أن منبر جدة لم يأت بنتائج ملموسة لإيقاف القتال، حيث كانت آخر جولة في ديسمبر من العام الماضي، وتركزت على الملف الإنساني وبناء الثقة وإنهاء المظاهر العسكرية في العاصمة. ورغم الجهود الكبيرة من الوسطاء الدوليين والإقليميين، لم تنجح تلك المحاولات في جمع الطرفين لإجراء حوار جاد، مما أدى إلى استمرار النزاع لأكثر من عام.

مقالات مشابهة

  • أطراف إسرائيلية ترى اغتيال هنية ليس خطوة للأمام (فيديو)
  • السودان: تفاؤل حذر بشأن محادثات جنيف
  • مسؤولة أممية: الوضع في السودان كارثي وحياة الأطفال على المحك
  • عاجل- البرهان يعلن عدم التفاوض مع قوات الدعم السريع بعد محاولة اغتياله
  • البرهان يطلق تصريحات عن التفاوض ويعلق على استهدافه بالمسيرات ويرسل رسائل صارمة للعمامرة ويتحدى حميدتي.. لو رأسك كبير بنساوي ليك
  • لماذا يريد الكيزان اغتيال البرهان؟
  • أستاذ علاقات دولية: الاحتلال يسعى لتوسيع رقعة الصراع وعدم إنهاء الحرب (فيديو)
  • دعوة إلى توحيد الجهود الدولية لمكافحة الاتجار بالبشر
  • مجلس حكماء المسلمين يدعو إلى توحيد الجهود الدولية لمكافحة الاتجار بالبشر
  •  محادثات جنيف:غياب القوى المدنية وتحديات التفاوض