حالة حربيّة دائمة… لا حرب واحدة
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
على أهميّة وقف إطلاق النار في غزّة وفي جنوب لبنان، الآن قبل الغد، فليسوا كثيرين من يقولون إنّ تطوّراً كهذا يفتح الباب لسلام نهائيّ. والحال أنّ المقاتلين أنفسهم، وعلى جوانب القتال الكثيرة، لا يعتبرون وقف إطلاق النار أكثر من محطّة على طريق طويل شائك. وحتّى لو وضعنا جانباً أهدافهم المبدئيّة الكبرى، كما يعلنها المقاتلون على أنواعهم، يبقى أنّ الحرب الحاليّة نفسها ذات تتمّات تتفرّع عنها، تتمّاتٍ لا يمتصّها وقف إطلاق النار ولا يلغيها.
وإسرائيل نفسها، كما نعلم، تنتظرها مواجهات حادّة بين رئيس حكومتها وخصومه الكثيرين، بمن فيهم قادة جيشه. ويغلب الظنّ، دون أن يكون ذلك مؤكّداً بالضرورة، أن تُخاض تلك المواجهات سياسيّاً. بيد أنّ الاحتمال السياسيّ لا تلبث أن تنخفض نسبته في أيّة مواجهة قد تحصل بين المؤسّسة العسكريّة ومن ورائها الجماعات العلمانيّة والقوى الدينيّة.
وبدورها فإنّ حركة «حماس»، وهذا ما لم يعد سرّاً، قد تجد نفسها في مواجهة صعوبات ذاتيّة كثيرة، أكان في ما بين قيادتي الداخل والخارج، أم في العلاقة بالسلطة في رام الله ومنظّمة التحرير الفلسطينيّة، والأهمّ، في ما بين مقاتليها أنفسهم وعموم السكّان في غزّة ممّن أنزل بهم الإسرائيليّون ضرباتهم الإباديّة المجرمة بسبب عمليّة 7 أكتوبر الخرقاء في أحسن أوصافها.
لكنْ ألا يصحّ هذا التقدير نفسه في عموم المنطقة التي شاركت وتشارك في القتال؟
كائناً ما كان أمر الدولة العبريّة و»حماس»، يكاد الاحتمال السياسيّ يكون معدوماً في النزاعات التي تشهدها البلدان العربيّة المعنيّة والتي قد تشهدها.
بطبيعة الحال فإنّ الحوثيّة اليمنيّة التي وُلدت من بطن الحرب الأهليّة، ووطّدت سلطتها انطلاقاً من تلك الحرب، كما حظيت بدعم إيران السخيّ تبعاً لها، يرتهن استمرارها باستمرار عنف وتوتّر ما. ومنذ حرب غزّة بات هذا الدور العنفيّ يتعدّى نطاق اليمن الجغرافيّ المباشر ليحتلّ وظيفته على رقعة التجارة البحريّة وطرق الملاحة الدوليّة. فإذا حلّ سلام في اليمن، نتيجةً لوقف إطلاق النار الإسرائيليّ – الحمساويّ أو بمعزل عنه، جاز التكهّن بتضرّر الحوثيّين جرّاء فقدان الدور والوظيفة.
أمّا سوريّا فرغم كونها لم تشارك مباشرة في الحرب، إلاّ أنّ أرضها المهداة لميليشيات مقاتلة باتت جزءاً من لوحة تتوزّعها كثرة القوى المحتلّة المرفقة بكثرة «الأوضاع الخاصّة»، من السويدا جنوباً إلى إدلب شمالاً فالحسكة ونطاقها الجغرافيّ في الشمال الشرقيّ. وحلول سلام فعليّ في سوريّا، بغضّ النظر عن وقف إطلاق النار الإسرائيليّ – الحمساويّ، يطيح بالتأكيد منظومة الحرب الأهليّة المستمرّة كما يجسّدها نظام الأسد.
أمّا في لبنان والعراق، فالصحيح أنّنا لا نجد قوى جاهزة للقتال ضدّ «حزب الله» أو ضدّ فصائل «الحشد الشعبيّ»، لكنّ علاقات الجماعات داخل البلدين المذكورين تبقى من جنس حربيّ تكاد لا تخالطه أيّة سياسة. فنحن أمام أكثريّات سكّانيّة اعتبرت، وذلك قبل حرب غزّة وبمعزل عنها، أنّ الميليشيات المسلّحة في بلدانها، التي تستمدّ دعمها من إيران، إنّما هي حالة حرب أهليّة ومذهبيّة دائمة. لا بل إنّ حرب غزّة نفسها ذريعة قويّة لتشديد حروب تلك الميليشيات على شعبها ومجتمعها وتوطيد تحكّمها بهما. وتكفي مراجعة سريعة لكلّ حرف يصدر عن «حزب الله» للتأكّد من أنّه لا يملك للمجتمع اللبنانيّ إلاّ وعد الحرب الدائمة والإخضاع الدائم.
وإلى ذلك، لن تشعر إيران نفسها بالارتياح إلى استقرار ليست شريكة فيه، وهي تعريفاً يصعب أن تكون شريكاً في الاستقرار، أو أن تُدعى إلى شراكة كهذه، حتّى لو اختير لرئاستها، ضئيلة التأثير، رجلٌ يوصف بالاعتدال والاصلاحيّة.
وهذا ما ينبّه، لدى تفسير الحرب في غزّة، إلى بُعدٍ من أبعادها يلفّه التجاهل، هو الطبيعة الحربيّة العميقة للقوى المحاربة وحاجتها كلّها إلى الحرب. فما عاشته وتعيشه غزّة لا يمثّل انقطاعاً عن طريقة حياة، وقد يمثّل، في المقابل، تتويجاً لها. ذاك أنّ الأمر لا يدور حول حرب كبرى يُفترض لأجلها إسكات الحروب الصغرى، استجابةً لآمر «التناقض الرئيسيّ»، تماماً كما أنّ وقف الحرب ليس استنهاضاً لقوى سلام وتحرّر واستقرار تمنعها الحرب، ممّا توصف به عادةً الحروب وطاقتها على تعطيل «الحياة العاديّة». فسادة «الحروب الصغرى» يتطلّبون «الحرب الكبرى» بقدر ما يتطلّب سادة «الحرب الكبرى» «الحروبَ الصغرى». ونوعا الحرب هذان، إذا سلّمنا بأنّهما نوعان، تتطلّبهما منطقة آثرت قواها أن تحوّلها قاعاً صفصفاً.
*نشر أولاً في صحيفة الشرق الأوسط
يمن مونيتور11 يوليو، 2024 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام نتيجة قرعة الدور التمهيدي لدوري أبطال أفريقيا مقالات ذات صلة نتيجة قرعة الدور التمهيدي لدوري أبطال أفريقيا 11 يوليو، 2024 الحكومة اليمنية توجه بتقديم التسهيلات لضمان نقل مقرات الوكالات الأممية والدولية إلى عدن 11 يوليو، 2024 وفاة سائق أجرة على الطريق العام بصنعاء إثر سكتة قلبية مفاجئة 11 يوليو، 2024 “طيران اليمنية” تستأنف رحلاتها إلى الإمارات 11 يوليو، 2024 اترك تعليقاً إلغاء الردلن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق آراء ومواقف الهدنة التي قفزت بالحوثي إلى العالمية 10 يوليو، 2024 الأخبار الرئيسية حالة حربيّة دائمة… لا حرب واحدة 11 يوليو، 2024 نتيجة قرعة الدور التمهيدي لدوري أبطال أفريقيا 11 يوليو، 2024 الحكومة اليمنية توجه بتقديم التسهيلات لضمان نقل مقرات الوكالات الأممية والدولية إلى عدن 11 يوليو، 2024 وفاة سائق أجرة على الطريق العام بصنعاء إثر سكتة قلبية مفاجئة 11 يوليو، 2024 “طيران اليمنية” تستأنف رحلاتها إلى الإمارات 11 يوليو، 2024 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك الهدنة التي قفزت بالحوثي إلى العالمية 10 يوليو، 2024 سياط الفقراء.. إلى أين تمضي الديمقراطية الغربية؟ 9 يوليو، 2024 تحالف “حارس الأزهار”.. البحر الأحمر ومعركة الملاحة العالمية 1 يوليو، 2024 بناء الجدران يصل إلى إيران 29 يونيو، 2024 عالم اليوم المضطرب وأزماته 28 يونيو، 2024 الطقس صنعاء أمطار خفيفة 19 ℃ 20º - 19º 62% 5.3 كيلومتر/ساعة 20℃ الخميس 27℃ الجمعة 26℃ السبت 25℃ الأحد 27℃ الأثنين تصفح إيضاً حالة حربيّة دائمة… لا حرب واحدة 11 يوليو، 2024 نتيجة قرعة الدور التمهيدي لدوري أبطال أفريقيا 11 يوليو، 2024 الأقسام أخبار محلية 27٬071 غير مصنف 24٬163 الأخبار الرئيسية 13٬854 اخترنا لكم 6٬796 عربي ودولي 6٬613 رياضة 2٬241 كأس العالم 2022 72 اقتصاد 2٬171 كتابات خاصة 2٬040 منوعات 1٬943 مجتمع 1٬805 تراجم وتحليلات 1٬660 تقارير 1٬554 صحافة 1٬470 آراء ومواقف 1٬466 ميديا 1٬346 حقوق وحريات 1٬277 فكر وثقافة 869 تفاعل 796 فنون 470 الأرصاد 256 أخبار محلية 192 بورتريه 63 كاريكاتير 32 صورة وخبر 28 اخترنا لكم 15 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2024، جميع الحقوق محفوظة | يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 4 يوليو، 2024 دراسة حديثة تحلل خمس وثائق أصدرها الحوثيون تعيد إحياء الإمامة وتغيّر الهوية اليمنية 26 فبراير، 2024 معهد أمريكي يقدم “حلا مناسباً” لإنهاء هجمات البحر الأحمر مع فشل الولايات المتحدة في وقف الحوثيين 11 يونيو، 2024 اعترافات واتهامات شبكة التجسس الأمريكية التي أعلنها الحوثيون.. ما لم يتمكن المتهمون من قوله؟ أخر التعليقات صالح البيضانيسلام الله على حكم الامام رحم الله الامام يحيى ابن حميد الدين...
صالح البيضانيسلام الله على حكم الامامه سلام الله على الامام يا حميد الدين...
SGالمذكورون تم اعتقالهم قبل أكثر من عامين دون أن يتم معرفة أسب...
سامي عليليست هجمات الحوثي وانماالشعب اليمني والقوات المسلحة الوطنية...
سامي عليالشعب اليمني يعي ويدرك تماماانكم في صف العدوان ورهنتم انفسكم...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الحکومة الیمنیة وقف إطلاق النار فی الیمن حالة حرب ة دائمة فی غز ة حربی ة ة التی
إقرأ أيضاً:
الإفتاء: تصح الصلاة مع خروج الريح في حالة واحدة فقط
أكد الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية حول حكم قراءة القرآن بدون وضوء والصلاة إذا خرج ريح من غير قصد، أنه في حال قراءة القرآن من المصحف بدون وضوء، لا يوجد مانع شرعي من ذلك.
وأضاف وسام، خلال فتوى له: أنه يجب الوضوء لقراءة القرآن من المصحف، ولكن إذا كان القارئ يقرأ القرآن من الذاكرة، فليس هناك أي إشكال.
وأشار الى أن خروج الريح أثناء الصلاة بدون قصد تبطل في هذه الحالة، وإذا خرج الريح من الشخص وهو في الصلاة دون قصد أو تحكم في الأمر، فإن صلاته تبطل وعليه أن يتوضأ من جديد ويعيد الصلاة.
لكن إذا كان الشخص لا يستطيع التحكم في الأمر أو يعاني من مشكلة صحية تمنعه من ذلك، فهنا يدخل في حالة 'صاحب الحدث الدائم أو من لا يستطيع التحكم في الحدث، وبالتالي يظل في صلاته ولا حرج عليه.
وأوضح: إذا كان الشخص يعاني من مشكلة في التحكم في الريح باستمرار، فلا يعد ذلك من الأمور التي تبطل الصلاة طالما أن الشخص لا يستطيع التحكم فيها، ولذلك يمكنه الاستمرار في صلاته دون إعادة الوضوء في كل مرة.
ما حكم كثرة انفلات الريح أثناء الصلاة و الوضوء؟إذا كان الإنسان متوضئاً وسمع بداخل جوفه صوت رياح فإنه لا ينتقض وضوؤه بذلك إذا لم يخرج شيء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً” رواه مسلم، و"ما يحدث لبعض الناس من الإحساس بخروج ريح أثناء الصلاة ونحوها، الغالب أنه وهم لا حقيقة له، وفي الحديث الشريف قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : “لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحاً”
قال الشيخ محمد عبدالسميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء، في إجابته عن سؤال ما حكم خروج الريح باستمرار، حتى فى وقت الوضوء والصلاة وتريد أن تعرف ماذا تفعل وما حكم الرشع فى هذه المشكلة؟: "الحقيقة هذا من أبواب الوسوسة، وهذا علامة على وجود الوسواس، لما تروح لدكتور ويقول لها لا يوجد خلل فى المعدة، فهنا يوجد وسواس، وسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخرج من صلاته إلا أن يسمع صوتا أو يجد ريحا"، فإذا سمعت صوتا وشممت ريحا من نفسك فمعناه أنه خرج، وتكون الصلاة بطلت، وتخرج منها وتتوضأ وتصلى من جديد".
وأضاف: "لو عندك شعور بتحرك الأمعاء أو تقلوصات فى القولون، كل هذا لا يبطل الطهارة، طيب لو مفيش حاجة يبقى عندنا نقص مادة اسمها السوتنولين، وهى التى تصيب الإنسان بالوسواس، يبقى لازم نروح للدكتور ونأخذ علاج، ولا نعطى بالا لانفلات الريح لأنه شعور غير حقيقى وهو من باب الوسواس".