سواليف:
2025-04-26@08:06:40 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT

#تأملات_قرآنية د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في بداية سورة الأعلى: “سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى. الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى. وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى”.
لو لم ينزل الله تعالى إلا هذه الآيات الثلاث، لكانت كافية لإقناع العقل بوجود الله تعالى، ولتعليل وجود المخلوقات، وللرد على الفكرة الوحيدة التي يعتمدها الملحدون رغم أنها ليس عليها دليل واحد، والقائلة بأن الصدفة وحدها هي التي أنشأت الوجود كله والمخلوقات جميعها.


يوجه الله تعالى في الآية الأولى الى تنزيه الله عن كل وصف أو تسمية تنال من قدره الأعلى، لأن دلالات اللغة والمعرفة البشرية وأدوات العقل وآفاق التفكير، جميعها محدودة مهما اتسعت وعظمت، فلا يمكن أن تصف أو تحدد هيئة أو كيان الله او تحيط معرفة بذاته العلية، فالنسبي لا يمكن أن يحيط بالمطلق.
ابتدأ الله تعالى هذه السورة بهذا التوجيه لتكون إجابة قاطعة عن السؤال العبثي: كيف هو الله وأين هو ومن أوجده.
لكنه أعطى من يبحث عن الدليل على وجوده آلاف الدلائل، وهي مادية ملموسة ترتكز على اكتشاف الإنسان لكمالات خلقه وابداع صنعه، وجعل هذه الأدلة متطورة متجددة وفق تطور المعارف لجميع العصور القادمة، حتى يقتنع العقل عن المتعطش للمعرفة والباحث عن الحقيقة في كل زمان بوجود الله ويؤمن به.
وهل يوجد وسيلة أكثر اقناعا للإنسان من تحدي العقل ذاته بالبحث عن نقص أو تناقض أو خلل في أي خلق؟: “مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ” [الملك:3].
في الآية الثانية يجمل الله تعالى كل ابداعه في خلق مخلوقاته، المواد والعناصر الجامدة منها والكائنات الحية، فالجمادات تشكل المادة المكونة لكل شيء، وظيفة كل مادة وتركيبها ثابت لا يتبدل بتغير المكان والزمان، والكائنات الحية أوجد لكلّ نوع غاية ووظيفة، سواء في الدور المناط بهذا المخلوق المكمل لغيره، أو وظائف الأعضاء المكونة لجسمه، ومهامها المنوطة بها لإدامة حياة هذا الكائن وأدائه الأمثل.
وكلما تقدم الإنسان معرفة وعلما، اكتشف شيئا جديدا، أو وظائف جديدة كان يجهلها، أو تعرف أكثر على الدور المنوط بهذا المخلوق أو الجهاز أو النسيج أو الخلية، لكنه على الدوام يكتشف ما يدهشه في كمال الأداء، ولم يكتشف في أية مرة خللا أو عيبا، بل وحدة واتساقا وتكاملا في أداء جميع المخلوقات، مما يثبت أن هنالك صانعا واحدا لها جميعا، إذ لو كان هنالك صانعان لوجدنا تناقضا وتضاربا، فكيف لو كان هذا الخلق بالصدفة مما يعني هنالك عدد لا نهائي من الصدف (الصانعين)!؟.
لقد جاءت (فسوى) معطوفة بالفاء على (خلق) لتفيد التتالي القريب، مما يعنى أن الخلق هو أمر الإيجاد فهو أولا، ويليه فورا جعله قويما سليما لا خلل فيه، والتحدى هنا أنه جاء في أكمل صورة ممكنة.
ومن يتعمق في فهم تركيب كل الكائنات الحية من أدناها وحيدة الخليه الى ارقاها وهو الإنسان، سيجد مليارات من الإثباتات أن ماهو عليه الكائن في أية جزئية مهما دقت هي في أكمل حال، ولا يمكن حتى تخيل ما هو أكمل منها.
للتوضيح سأورد مثالا واحدا في خلق الإنسان: وجود فم واحد وأنف واحد كاف لأداء المهام المنوطة بهما، ووجود الأنف فوق الفم مفيد للتذوق لأن رائحة الطعام زائدا طعمه تحدد النكهة، لكن وجود عينين هما الحد الأدنى، وذلك لتحديد الرؤية بالأبعاد الثلاثة والاتجاه، ووجود التصالب البصري مفيد لكي تتحد الصورتان الملتقطتان بالعينين ولا تتشوش في الدماغ، والدقة الهائلة في هذا العصب الحسي تبين الفارق بين الصورتين بحسب اختلاف زاوية الرؤية بين العينين، ورغم أن المسافة بينهما لا تزيد عن ستة سنتيمترات الا انه يمكن تمييز ما يبعد أكثر من 500 متر رغم أن زاوية الرؤيه ضئيلة وتبلغ 0.0001 درجة!.
أما وجود أذنين فهو لتمييز مبعث الصوت، فبحسب الفارق في زمن وصول الصوت الى كل أذن، يمكن معرفة اتجاهه، أي يمكن تمييز مصدر صوت يبعد مترا واحدا مع أن الفارق في وصوله بين الأذن والأخرى يقل 0.0001 من الثانية.
مهما بلغ الغباء من امرئ، فهل يقتنع أن ذلك جاء صدفة من غير خالق عليم مدبر!؟.
والتفكر في الآية الثالثة أرجئه لضيق لمجال.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات قرآنية الله تعالى

إقرأ أيضاً:

في ذكرى تحرير سيناء .. «أرض الفيروز» تجلى فيها نور المولى وعبر منها الأنبياء

تحل اليوم، الجمعة، الذكرى الـ43 على تحرير سيناء، ولأرض الفيروز مكانة خاصة تاريخية ودينية، فهي أرض ذكرت فى القرآن الكريم، وترابها يحمل آثار أقدام أنبياء الله ورسله، وبين كثبانها أماكن مقدسة تحمل لنا حكايات مباركة.

هنأ الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة، ورجال القوات المسلحة البواسل، قيادةً وضباطًا وجنودًا، وكافة أبناء الشعب المصري، بمناسبة الذكرى السنوية لتحرير سيناء.

تحرير سيناء ذكرى محفورة في وجدان المصريين

وأكد شيخ الأزهر في تهنئته، أن هذه الذكرى ستظل محفورة في وجدان المصريين، باعتبارها واحدة من المحطات المضيئة في تاريخ الوطن، والتي تجسد أروع معاني البطولة والتضحية والإصرار على صون تراب مصر وعدم التفريط في شبر من أرضها، مشيدًا بما قدمه جنود مصر الأوفياء من تضحيات عظيمة في سبيل استعادة الأرض وتحقيق الأمن والاستقرار.

وشدد على أهمية أن تمثل هذه المناسبة العزيزة مصدر إلهام للمصريين جميعًا، ودافعًا للاستمرار في مسيرة البناء والتنمية، واستحضار روح النضال والعزيمة في كل ما يخص رفعة الوطن ومستقبله.

واختتم شيخ الأزهر كلمته بالدعاء بأن يحفظ الله مصر من كل شر وسوء، وأن يديم عليها نعم الأمن والأمان والسلام والاستقرار، وأن يكلل جهود أبنائها بالنجاح في كل ما فيه خير الوطن وعزته.

تحرير سيناء شاهدً خالد على عزيمة المصريين

وجّه الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، التهنئة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة، بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لتحرير سيناء، مؤكدًا أن هذه المناسبة تظل شاهدًا خالدًا على عزيمة المصريين، وتضحيات أبطال القوات المسلحة الذين أعادوا للأرض كرامتها وللوطن مجده.

محطة مضيئة في الذاكرة الوطنية

وأشار وزير الأوقاف إلى أن يوم 25 أبريل سيبقى محطة مضيئة في الذاكرة الوطنية، نستدعي فيها مشاعر الفداء والانتماء، حين سطّر أبناء الوطن ملحمة لا تُنسى، جسّدت أن الحقوق لا تُستعاد إلا بالتضحيات، وأن قوة الإرادة قادرة على تجاوز كل التحديات.

ونوّه الدكتور أسامة الأزهري، بأن القوات المسلحة المصرية ستظل الحصن المنيع لهذا الوطن، بسواعد رجال أوفياء صدقوا عهدهم مع الله، وواصلوا الليل بالنهار دفاعًا عن تراب مصر وحدودها، مشيرًا إلى أن انتصارات أكتوبر وروح تحرير سيناء ما زالت حيّة في وجدان كل مصري، تلهمه بالإصرار في مواجهة التحديات.

واختتم وزير الأوقاف بالدعاء أن يحفظ الله مصر وشعبها وجيشها وقيادتها، مشيدًا بوعي الشعب المصري وتماسكه مع مؤسسات الدولة من أجل استكمال مسيرة البناء والتنمية، والوصول إلى مستقبل يليق بمصر وتاريخها.


منزلة سيناء الخاصة
 

قال الدكتور الراحل محمد وهدان، العالم الأزهري، إن أرض سيناء الوحيدة التي تجلى الله عليها، حينما نزل الله تعالى على جبل الطور، مستشهدًا بقوله تعالى: «وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ» الأعراف 143.



وأكد العالم الأزهري، في تصريح سابق له، أن لسيناء منزلة خاصة، فقد ذكرت بالقرآن في سورة التين حين قال تعالى: «وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ».

وأوضح «وهدان» أن الله تعالى يقسم في بداية السورة بالتين والزيتون وهما من منتجات سيناء، ثم يقسم بجبل الطور وبنسبه إلى سيناء "وطور سينين" ثم يقسم بمكة البلد الأمين، ونرى هنا أن سيناء جاءت في الترتيب قبل مكة - بالرغم من مكانة مكة العظيمة.



وأضاف أن أرض سيناء كانت مسرحًا لقصة موسى عليه السلام حين كلمه الله تعالى، مشيرًا إلى أنه توجد أربعة مشاهد في قصة موسى، كلها عند جبل الطور في سيناء وهى: الوحي الأول حين ناداه ربه لأول مرة، ثم تلقى الألواح، ومجىء موسى بسبعين رجلًا من قومه للتوبة عند الطور، فأخذتهم الرجفة، وأخيرًا أخذ الميثاق عليهم حين رفع جبل الطور فوقهم، مستشهدًا بقول الله تعالى: «وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا».

وألمح إلى أنه لا يعرف الكثيرون أن سيدنا محمدًا -صلى الله عليه وآله وسلم- حط قدميه الشريفتين على أرض مصر خلال رحلة الإسراء والمعراج، التي أسرى الله بها بحبيبه المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم-، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السماء، نزل النبي -صلى الله عليه وسلم- في 5 أماكن، طلب منه جبريل أن يصلي فيها، ومنها طور سيناء.
 

طباعة شارك تحرير سيناء أرض الفيروز ذكرى تحرير سيناء سيناء عيد تحرير سيناء

مقالات مشابهة

  • هل قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة تجعل الله ينظر لقائلها ويغفر له؟
  • في ذكرى تحرير سيناء .. «أرض الفيروز» تجلى فيها نور المولى وعبر منها الأنبياء
  • خطيب الأوقاف: الله خصّ أرض سيناء بثمار لا تصلح في مكان غيرها
  • خطبتا الجمعة بالحرمين: حين ينفصل العقل عن الإيمان ينهار العمران وتنحرف القاطرة عن القضبان.. والإفلاس الحقيقي إتيان المرء يوم القيامة متلبسًا بظلم الناس
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
  • كلمة واحدة وصف بها رسول الله من يحافظ على صلاة الضحى.. اغتنمها ولا تتركها
  • الأرض المباركة في خطبة الجمعة.. تأملات في تاريخ وتجليات سيناء
  • هل يشترط الوضوء عند ترديد الأذكار.. أمين الفتوى يحسم الجدل
  • ما المقصود بقول الله تعالى كتب على نفسه الرحمة ؟.. علي جمعة بوضح