هل يعكس عزل يوسف عزت أزمة مكتومة في الدعم السريع؟
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
الخرطوم- في خطوة مفاجئة، أقال قائد قوات الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو "حميدتي" مستشاره للشؤون السياسية يوسف إبراهيم عزت، من دون تحديد أسباب. وعدّ مراقبون هذه الخطوة بأنها تعكس أزمة مكتومة في قوات الدعم السريع، بسبب تكريس حميدتي السلطات العسكرية والسياسية في يد نائبه وأخيه الأكبر عبد الرحيم دقلو.
وأعلن بيان من المتحدث باسم قوات الدعم السريع أن القرار صدر الأربعاء بعزل المستشار، وأنه يأتي في إطار الترتيبات الداخلية الروتينية، حيث وجه حميدتي الجهات ذات الصلة باتخاذ ما يلزم لتنفيذه.
بسم الله الرحمن الرحيم
قوات الدعم السريع
بيان مهم
أصدر السيد قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو اليوم قراراً أنهى بموجبه تكليف الاستاذ يوسف ابراهيم عزة إسماعيل من مهام المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع وذلك اعتباراً من تاريخ اليوم الأربعاء الموافق 10…
— Rapid Support Forces – قوات الدعم السريع (@RSFSudan) July 10, 2024
علاقة قديمةولد يوسف إبراهيم عزت في منطقة كتم بولاية شمال دارفور، ودرس في نيالا حاضرة جنوب دارفور، ثم كوستي بوسط السودان، وتخرج من كلية الحقوق بجامعة النيلين في الخرطوم في العام 1998، وربط اسمه بالماهرية ليصبح "يوسف عزت الماهري"، نسبة لمجموعة بدوية من أحد أفرع قبيلة الرزيقات، التي ينحدر منها "حميدتي" وغالبية قادة قواته.
كان عزت ناشطًا في منابر الطلاب الديمقراطيين اليساريين بالجامعة، وغادر بعد تخرجه إلى السعودية ثم القاهرة، واستقر في كندا التي يحمل جوازها حاليا، وله محاولات في الكتابة الروائية و أصدر مجموعة قصصية باسم "جقلا"، وهي أحد أسماء الناقة، وقصة قصيرة بعنوان "مساويط الرماد".
وقبل التحاقه بقوات الدعم السريع، عمل عزت في الحركات المسلحة في دارفور، التي حاربت نظام الرئيس المعزول عمر البشير في العام 2003، وكان ضمن قلة من شباب دارفور ذوي الأصول العربية الذين التحقوا بحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد النور، قبل انشقاق مني أركو مناوي وتزعمه فصيلاً آخر في الحركة.
وبعد ذلك برز كأحد مؤسسي "جبهة القوى الثورية المتحدة" التي تولى فيها منصب الأمين السياسي، وشارك في عملية الدوحة للسلام في دارفور ضمن قوى التحرير والعدالة، قبل أن يختلف مع رئيس الحركة التجاني السيسي وينشق عنه.
وعمل عزت مستشارا سياسيا لحميدتي منذ بداية العام 2021 وكان في حينها نائبا لرئيس مجلس السيادة، ونشط وسط القوى السياسية والمدنية وأصبح مبعوثا لقائد قوات الدعم السريع والمتحدث الأول باسمها عقب اندلاع القتال مع الجيش السوداني منتصف أبريل/نيسان 2023.
غياب الحركة الاسلامية كتنظيم من مؤتمر القاهرة لا ارى مبررا له. هي طرف أصيل في الحرب ، كما انها تنظيم مدني بأجنحة عسكرية واجتماعية حضر بعضها المؤتمر. فإذا تم تجاوز (إلا) المؤتمر والوطني وواجهاته ، فقبول الواجهات ، يستدعي قبول الأصل.
اعتقد نجحت القاهرة وشركاءها في إعادة الأمر الى…
— Yousif .I. Izzat (@yousifizz) July 9, 2024
أسباب الإقالةيرجح مراقبون أن من الأسباب التي عجلت بقرار عزل عزت هي تغريدته في منصة "إكس" عن غياب الحركة الإسلامية السودانية عن مؤتمر القاهرة للقوى السياسية والمدنية الأسبوع الماضي، حيث رأى أنه لم يكن مبررا.
ووضح في التغريدة أن الحركة "طرف أصيل في الحرب، كما أنها تنظيم مدني بأجنحة عسكرية واجتماعية حضر بعضها المؤتمر، فإذا تم تجاوز حزب المؤتمر الوطني وواجهاته ، فإن قبول الواجهات يستدعي قبول الأصل".
ويعتقد عزت أن "نتيجة مؤتمر القاهرة تشير إلى إمكانية تصميم عملية سياسية على مشاركة الجميع بالوصول لاتفاق شامل بين السودانيين، يخاطب الأزمة وجذورها والاتفاق على الحلول التي تؤسس للدولة وشكل الحكم فيها وحقوق المواطنة وحل كافة القضايا".
من جهته، قال يوسف عزت، إنه هو من طلب إعفاءه من منصبه بعد هيكلة العمل المدني والسياسي للقوات، ونقل مسؤولية إدارته إلى عبد الرحيم دقلو، إلى جانب أسباب أخرى وعد بكشفها لاحقا.
ويكشف عزت أنه "منذ شهر أبريل/نيسان الماضي، وبعد ورشة عقدت في أوغندا، تمت هيكلة العمل المدني والسياسي ونقل مسؤولية إدارته، تحت مسمى مجلس التنسيق المدني لقوات الدعم السريع".
ويوضح في تغريدة أخرى أنه لا يمكنه العمل تحت قيادة عبد الرحيم دقلو بحكم تجربته وقناعاته، ولأنه شخص مدني ويعمل من موقع لا يخضع فيه للأوامر العسكرية، وليس جزءًا من هياكل قوات الدعم السريع، حسب تعبيره، وقال "طلبت إعفائي لأن تكليفي مرتبط بعلاقة شخصية قبل أن تكون أسرية ربطتني بالأخ محمد حمدان دقلو منذ أزمنة الطفولة".
وأشار إلى أن قائد قوات الدعم السريع هو من طلب حضوره من المنفى إلى السودان عام 2011، للمساهمة معه في التعامل مع العمل السياسي وتعقيداته في ظل ظروف تلك الفترة.
خلافات مكتومةمن جانبه، يكشف الباحث في شؤون دارفور والمحلل السياسي علي منصور أن عزت لم يكن على وفاق مع عبد الرحيم دقلو منذ فترة طويلة، لكن الخلافات تفاقمت في الأشهر الأخيرة، بعدما بدأ دقلو خطوات للتفكير في إيجاد حاضنة سياسية للدعم السريع وعدم الاعتماد على قيادات في تحالف القوى المدنية والديمقراطية "تقدم".
وحسب حديث الباحث للجزيرة نت، فإن دقلو يعتقد أن قوى الحرية والتغيير التي صارت جزءًا من تحالف "تقدم" خانت حلفاءها من الحركات المسلحة في دارفور، التي كانت ضمن تحالفها قبل أن توقع اتفاق جوبا للسلام، ولذا يمكن أن تغدر بقوات الدعم السريع أيضا، فشرع في خطوات لإيجاد كيان سياسي يعبر عنهم، مما أثار غضب عزت.
وتعمقت الخلاقات بين عزت ودقلو بعد ورشة عقدت في باريس، وناقشت مستقبل الدعم السريع بعد الحرب، مما زاد من مخاوف الثاني، ولم يستطع عزت إقناعه باستمرار التعاون مع تحالف "تقدم"، حسب ما يرى الباحث، الذي يعتقد أيضا أن التحالف هو الخاسر الأكبر من عزل مستشار "حميدتي".
ويرجح المتحدث ذاته، أن دعوة عزت إلى إشراك الإسلاميين في العملية السياسية وعدم إقصائهم من المشهد السياسي، أثارت غضب قوى إقليمية داعمة لقوات الدعم السريع، فأوعزت إلى "حميدتي" بإبعاد مستشاره.
غير أن مصادر في الدعم السريع قالت للجزيرة نت، إن عزت لديه رؤى سياسية وتنظيمية تتقاطع مع مواقف القوات، وبات يتحرك ويعبر عن مواقف وتقديرات شخصية، مما جعله يغرد "خارج السرب" وصارت مواقفه تحدث قدرًا من التشويش وتوجه رسائل خاطئة، وأن عزله لا يعكس صراعا أو خلافات داخلية خاصة. إنه هو أبدى عدم رغبته بالاستمرار في موقعه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات قوات الدعم السریع عبد الرحیم دقلو
إقرأ أيضاً:
زمزم مخيم للنازحين بدارفور يموت فيه طفل كل ساعتين
مخيم زمزم أحد أكبر مخيمات النازحين داخليا في السودان، يقع في ولاية شمال دارفور، على بعد 12 كيلومترا جنوب مدينة الفاشر، وبلغ عدد سكانه نحو 400 ألف نسمة بحلول منتصف عام 2023.
أنشئ عام 2004، عقب اندلاع الحرب في إقليم دارفور، وواجه أزمات إنسانية حادة، منها تفشي المجاعة وسوء التغذية والأوبئة، وتفاقم معاناة سكانه بعد اندلاع القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان 2023.
الموقع والسكانيقع مخيم زمزم في ولاية شمال دارفور، على بعد نحو 12 كيلومترا جنوب مدينة الفاشر، عاصمة الولاية، وهو أحد أكبر مخيمات النازحين داخليا في السودان.
وقد توسع المخيم على مدار السنوات، وينقسم إلى 4 أقسام تضم ما يقرب من 30 مدرسة و5 عيادات ثابتة و3 متنقلة، وقدمت وكالات الإغاثة الدولية خدماتها الإنسانية لسكان المخيم أعواما عدة.
وضم المخيم في بداية إنشائه حوالي 12 ألف شخص نزحوا إليه بسبب القتال في إقليم دارفور، وتضاعف العدد حتى بلغ 400 ألف نسمة بحلول منتصف عام 2023.
وينحدر معظم النازحين في المخيم من مناطق هشابة وأبو زريقة وترني وجبل مرة، إضافة إلى مناطق في جنوب دارفور مثل مهاجرية وأم شجيرة وشنقل طوباي وخزان جديد وغيرها.
وتصنف المنظمات الإنسانية ما يقرب من نصف سكان المخيم منذ سنوات ضمن فئة انعدام الأمن الغذائي، ويعاني العديد من الأطفال من سوء التغذية.
وقد تحول المخيم بسبب التهميش وضعف الدعم إلى بيئة حاضنة للأوبة، إذ تفشت فيه حمى الضنك والملاريا، وعزفت معظم المنظمات الإنسانية عن العمل فيه.
إعلان السياق التاريخيتأسس مخيم زمزم للنازحين في عام 2004، عقب اندلاع الحرب في إقليم دارفور بعد إعلان حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة عام 2003 تمردهما على نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير، متهمتين إياه بتهميش الإقليم.
وقد تعاونت مع الجيش السوداني حينها "مليشيا الجنجويد"، التي تشكلت منها لاحقا قوات الدعم السريع، واتُّهمت بارتكاب عمليات قتل على أساس عرقي وحرق القرى والسلب والنهب وتشريد الأهالي.
وبحسب منظمات دولية، فقد أدت الحرب في الإقليم بين عامي 2003 و2005 إلى مقتل نحو 200 ألف مدني بسبب العنف والمرض والمجاعة، بينما فر مليونا شخص من منازلهم.
وفي عام 2004، صنفت الولايات المتحدة الأحداث في إقليم دارفور على أنها "إبادة جماعية"، واتهمت الحكومة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وقد أنشئت عام 2007 قوة مشتركة لحفظ السلام في دارفور تابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي عُرفت بـ"يوناميد".
وقد حظيت الأزمة في الإقليم باهتمام شعبي ودولي كبير، وأبرمت اتفاقيات عدة بين المتحاربين، لكنها انتكست في كثير من الأحيان بسبب عودة المتمردين إلى حمل السلاح بعد اتهامهم للحكومة بالتنصل في تنفيذ الاتفاق.
وأحال مجلس الأمن الدولي عام 2005 قضية السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي استصدرت مذكرة توقيف بحق الرئيس البشير بتهم تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في إقليم دارفور.
وفي أغسطس/آب 2020، وبعد الإطاحة بالبشير، وقع ممثلو الحكومة الانتقالية في السودان مع الجبهة الثورية السودانية، وحركة تحرير السودان-جناح أركو مناوي، وفصائل مسلحة أخرى، اتفاقية "جوبا للسلام" التي دعت إلى وقف الحرب في إقليم دارفور، وجبر الضرر، واحترام التعدد الديني والثقافي في المنطقة.
حرب 2023في 15 أبريل/نيسان 2023، اندلع قتال عنيف بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، ونتج عنه نزوح ما يقرب من 3 ملايين شخص داخل السودان وخارجه، وفقا لتقارير الأمم المتحدة.
إعلانلم يكن مخيم زمزم بمنأى عن تداعيات الحرب، فقد شهد توافدا متزايدا للنازحين الباحثين عن الأمان والغذاء والخدمات الأساسية، خاصة بعد حصار الدعم السريع مدينة الفاشر.
وبسبب اشتداد العنف، أصبحت منظمات الإغاثة الدولية عاجزة تماما عن الوصول إلى المخيم وتقديم المعونات والرعاية الصحية.
وفي فبراير/شباط 2024، دقت منظمة "أطباء بلا حدود" ناقوس الخطر، مؤكدة وفاة طفل كل ساعتين بسبب سوء التغذية في مخيم زمزم، ودعت إلى استجابة عاجلة وشاملة من أجل إنقاذ الأرواح.
وفي مطلع أغسطس/آب من العام نفسه، أُعلن عن تفشي المجاعة في أجزاء من ولاية شمال دارفور، لا سيما مخيم زمزم.
وأوضح تقرير نشرته لجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أن الصراع المستمر "أعاق بشدة وصول المساعدات الإنسانية، ودفع بمخيم زمزم للنازحين إلى براثن المجاعة".
وأوضح التقرير أن سبب انتشار المجاعة في المخيم هو الصراع، وعدم وصول المساعدات الإنسانية، والقيود المفروضة على منظمات الإغاثة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أعلن برنامج الغذاء العالمي وصول أول قافلة مساعدات غذائية إلى مخيم زمزم منذ تأكيد المجاعة فيه.
وفبراير/شباط 2025، تزايدت هجمات قوات الدعم السريع على مخيم زمزم ومحيطه، وأشارت تقارير إلى استخدام الأطراف الأسلحة الثقيلة في المعارك، فضلا عن تدمير منطقة السوق الرئيسية.
وأدى العنف إلى وقوع خسائر بشرية كبيرة بين المدنيين، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني، وسط زيادة المخاطر في عمليات الإغاثة الطارئة.
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فقد أجبرت نحو 10 آلاف أسرة على الفرار من مخيم زمزم للنازحين بعد اقتحامه من قبل قوات الدعم السريع، التي كثفت هجماتها على الفاشر ومحيطها في محاولة لتعزيز قبضتها على إقليم دارفور.
وفي 24 فبراير/شباط من العام ذاته، أوضحت منظمة "أطباء بلا حدود" أنها اضطرت إلى تعليق جميع أنشطتها في مخيم زمزم بسبب تصاعد الهجمات والقتال داخله وفي محيطه.
إعلان