جاء الله فى محكم آياته «وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ. أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ. وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ» وقلت لنفسى هذا الحكم يقع على كل شاعر وإنهم جميعًا يهيمون على وجوههم ويخوضون فى كل شىء كذبًا وزورًا ولا حدود لهم، هجاؤهم لأهل الحق وولاؤهم ومدحهم لأهل الباطل، ورجعت لمن أعرفهم من الشعراء فوجدت فيهم الذين دفعوا حريتهم ثمنًا لما كتب، وكانت كلماتهم كالسيف الذى فرق بين الحق والباطل، وقالوا للحكام «لا» فى وجه من قالوا «نعم» إذا هم كانوا يقولون قولًا كريمًا فيه مصلحة لله والعباد، واستمررت أبحث عن من هم المقصودون من تلك الآيات هؤلاء الذين ينقصون أهل الحق ويمدحون أهل الباطل.
لم نقصد أحدًا!!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حسين حلمى
إقرأ أيضاً:
لا تنخدعوا بالأقنعة
نغزتنا الأنباء قبل أيام بقيام «هيئة تحرير الشام» بالاستيلاء على مدينة حلب السورية، فلم نعُد قادرين على الحكم قطعيًا إن كان ذلك نبأ سارًا أم مُحزِنا.
ذلك لأن الأحداث تتخفى تحت مُسميات ومُصطلحات ولافتات مُضللة. لاحظوا معى مُصطلح «هيئة تحرير الشام» لتدركوا أن كل فعل يتم تحت ستار من التضليل والتزييف.
فمثلما لمعت «داعش» وارتكبت فظائع وبشائع إنسانية تحت مُصطلح «تنظيم الدولة الإسلامية»، ومثلما مارست فصائل سياسية عديدة فى العالم العربى، أحط الأعمال وأقذرها تحت لافتات حسنة، تتفتت سوريا الآن تحت وهم التحرير، وتنسلخ من الخريطة تدريجيا مثلما جرى الأمر فى السودان، والعراق، وليبيا.
يبدو الزمن موغلا فى الكذب، إذ تُرسم فيه بطولات مُزيفة، وتسطع فيه رموز من سفلة البشر. ما البطولة وما الخيانة وما الحقيقة وما الزيف فى كُل هذا العالم المُلطخ بالدم؟
هل يُمكن أن نصدق مثلا أن حزب الله، هو حزب الله بالفعل.. بمعنى أنه يسير بأمر الله مُحققا مراده وخاضعا لأحكامه؟
وهل جبهة النصرة تسعى لنُصرة الحق؟ وبالمثل كيف كانت الجماعة الإسلامية فى مصر جماعة إسلامية، وهى تمارس الغدر والقتل ضد خصومها وغير خصومها؟
لو عمّمنا السؤال لانمحت أسماء معظم الجماعات والميليشيات التى تاجرت بدم الناس عقودا طويلة مثل حركة أمل، الجهاد الإسلامى، التحرير الإسلامى، الناجون من النار، مجاهدى خلق، جبهة الإنقاذ، طالبان، بوكو حرام، وغيرها من عصابات القتل.
تبدو الحقيقة فى زماننا غائبة. لا يقين بشأن إنسان، أو حدث. لا تصدق كُل ما تراه، ولا نصف ما تسمع. وإن صدقت فحكِّم عقلك أولًا، واضبط عاطفتك كى لا تدفعك بعيدًا عن الحق.
إن كثيرين فى عصرنا ضلوا، وأضلوا، وهُم يطلبون الحق. فالحيرة ديدن هذا الزمن. والزور يحكم هذا العالم المُتسع كسماء، والمُزدحم كعنبر سجن. صخبٌ وضجيجٌ ومتناقضات فى كل ساعة، فكما قال صلاح عبدالصبور واصفًا حيرته فيما يدور» هذا زمن الحق الضائع/ زمنٌ لا يعرفُ مقتولٌ مَن قاتله، ولم قتله/ فرؤوس الناس على جُثث الحيوانات/ ورؤوس الحيوانات على جُثث الناس/ فتحسس رأسك».
تروى لنا كُتب التاريخ الإسلامى أن أحد أبناء الصحابة، وهو عبدالله بن خباب، راع عندما علم أن الخوارج دخلوا قريته، فذهب إليهم، ففرحوا به. وسألوه إن كان سمع حديثاَ من أبيه عن النبى «ص» ليُخبرهم به. فقال لهم ناقلا عن والده أن النبى»ص» حدثهم عن فتن قادمات، القاعد فيها خيرٌ من القائم، والقائم فيها خيرٌ من الماشى، والماشى فيها خيرٌ من الساعى إليها. وقال لهم إن أدركها أحدكم فليكن عبدالله المقتول لا القاتل. فقال له أحد الخوارج: أأنت سمعت هذا عن أبيك، يُحدث به عن رسول الله؟ فقال: نعم. فأخذوه إلى حافة النهر وضربوا عنقه.
وكم قطرة دم سًفحت ظُلما.. وكم بشرًا جعلناهم أبطالًا وهم مُجرمون.
والله أعلم
[email protected]