برنامج الحكومة يجب أن يُطبق على أرض الواقع
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
استمعنا جميعا لبيان الحكومة أمام نواب البرلمان، والحقيقة انه جاء معبراً عن كل المشاكل والملفات والقضايا التى تهم المواطن، ولكن العبرة ليست فى بيان يتقدم به رئيس الحكومة ويلقى قبولا من المجلس الموقر خاصة أن هذه الحكومة جاءت لتواجه تحديات فعلية على أرض الواقع.
العبرة الحقيقية من برنامج عمل الحكومة فى الفترة القادمة، ليست بما ورد فى الخطة التفصيلية التى اعدتها هذه الحكومة وقامت بعرضها على مجلس النواب ولكن العبرة فعلا التى ننتظرها وينتظرها الشعب هى أن تبادر الحكومة بالاعلان عن جدول زمنى محدد بالحلول التى سوف تلتزم بتوفيرها للمشكلات والازمات التى تطحن حياة الناس، وفى مقدمتها مشكلات التضخم والغلاء وارتفاع الاسعار والرقابة على الاسواق، لحماية المستهلكين من جشع واستغلال التجار الذى تجاوز كل الحدود، ويأتى ذلك من منطلق ان الحكومة هى وحدها التى تستطيع توفير هذه الحماية الاجتماعية لمواطنيها بما تملكه من ادوات الردع القانونى بكافة صورها واشكالها، وهذا هو دورها وواجبها تجاه مجتمعها، واذا كان للمجتمع المدنى من دور يساعد به فى ضبط حركة الاسواق والاسعار وفى كبح جماح التضخم والحد من الغلاء، فهو دور داعم ومساند لهذا الدور الحكومى الذى يبقى دائما هو الدور الاهم والاكثر فاعلية على الاطلاق ، فالحكومة تقف فى المقدمة تقود وتوجه وتقرر وتفرض بما تملكه من صلاحيات وادوات، بينما يقف المجتمع المدنى وراءها يستقبل منها ويرسل اليها، فبالجهود الحكومية والشعبية معا تنجح السياسات وتحل المشاكل وتجد القرارات طريقها الى التنفيذ.
ومن هنا أتصور أن خطاب رئيس الحكومة يجب ان يكون موجها مباشرة وبالاساس الى الشعب، خطاب يحدد فيه ما سوف تقدمه حكومته له خلال الفترة المقبلة وما يجب على الشعب ان يفعله او يدعمها فيه للتغلب به على المشكلات التى يشكو منها وتؤرقه وتنغص عليه حياته، ومثل هذا التواصل المباشر بين الحكومة والمجتمع بلا طبقات عازلة من الوسطاء والانتهازيين، وغيرهم من أصحاب المصالح والاغراض والاهواء ممن يجملون الواقع ولا ينقلونه الى دوائر اتخاذ القرار على حقيقته لكى تعرف طريقها الى التعامل معه بالفاعلية المنشودة متى تعرفت على اسبابه، أقول إن هذا التواصل أمر مهم وضرورى للغاية وأولوية قصوى يجب ان تسبق كل الاولويات فى برنامج عمل هذه الحكومة وبدونه، يفقد التعديل الوزارى الاخير هدفه ومغزاه ويصبح مجرد تكرار لكل التعديلات الوزارية التى سبقته.
الحكومة أمام اختبار كبير سوف يكون الاساس فى الحكم على مدى جديتها ومصداقيتها كحكومة صاحبة موقف والايام القادمة هى وحدها التى سوف تحكم، فدعونا لا نحكم عليها قبل بدء العمل ومشاهدة النتائج الملموسة على أرض الواقع والتى حتما سيشعر بها المواطن..
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ارتفاع الأسعار الرقابة على الأسواق رئيس الحكومة
إقرأ أيضاً:
هذا هو المطلوب من حزب الله
نتيجة واحدة يمكن استخلاصها من الحرب الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة ولبنان بجنوبه وبقاعه وضاحيته الجنوبية بالتزامن مع سقوط نظام البعث في سوريا. وقد لا تكون هذه النتيجة هي الوحيدة من بين نتائج كثيرة ربما ستبدأ بالظهور تدريجيًا. وقد يُفاجأ المرء عندما ينظر إلى مفاعيل هذه النتيجة بموضوعية وبانتفاء حاجة اللجوء إلى البصارين والعرافين والضاربين بالرمل وقارئي الكفّ ليدرك حقيقة واحدة مجردة، وهي أن تكرار "عملية 7 أكتوبر" لم تعد متاحة بعدما تمّ تدفيع فلسطينيي القطاع ثمنًا باهظًا، وبعدما قبل "حزب الله" بالتسليم باتفاق وقف النار، الذي لم تأتِ بنوده، وبالأخص ما جاء في البندين السادس والسابع منه بالنسبة إلى تخّليه عن سلاحه بهذه البساطة، التي فصّلها اتفاق وقف النار، الذي سينسحب أيضًا على القطاع بعدما بلغت المفاوضات بين الإسرائيليين وحركة "حماس" مرحلة متقدمة.
ولو لم يسقط نظام بشار الأسد بهذه السهولة والسرعة غير المتوقعين لكان أمكن القول إن ما تلقته كل من حركة "حماس" و"حزب الله" من ضربات موجعة لم تضعفهما بالقدر الذي أدّعت تل أبيب بأنها قد وصلت إلى مبتغاها وأهدافها. إلاّ أن هذا السقوط المفاجئ قد أفقد "الحركة" و"الحزب" سندًا أساسيًا أقله بالنسبة إلى ما يؤمنّه هذا النظام من جسر تواصل وعبور السلاح من إيران عبر العراق وسوريا وصولًا إلى لبنان، ومنه إلى قطاع غزة بطرق لا تزال حتى هذه اللحظة مجهولة.
وحيال هذا الواقع الجديد في منطقة الساحات الموحدّة يرى كثيرون في لبنان وخارجه أنه لا بدّ للقيادة الجديدة في "حزب الله" التعامل مع هذا الواقع بطريقة تضمن لها حضورًا سياسيًا فاعلًا بعد أن يتخّلوا عن منطق "فائض القوة". وفي اعتقاد أكثر من طرف على علاقة جيدة مع "الضاحية الجنوبية" أن هذا الانتقال من حالة إلى أخرى تتطلب بعض الوقت. إلاّ أن ما حصل مؤخرًا أمام قصر العدل في بيروت لا يوحي بأن "الحزب" مقبل على التعاطي مع الواقع الجديد بخلفيات سياسية بعيدًا عن تأثير السلاح.
فهذا السلاح، كما يعتقد كثيرون من اللبنانيين، لم يستطع أن يردع إسرائيل في تدمير أجزاء كبيرة من لبنان، ولم تكن لديه القدرة على رفض الشروط الإسرائيلية الواردة في اتفاق وقف النار. وإذا لم يتخلَ "حزب الله" عما تبقّى لديه من سلاح بموجب موافقته على اتفاق وقف النار بكل فاصلة واردة فيه فإن تكرار تجربة "حرب الاسناد" تبقى واردة في الحسابات المشتركة لوحدة الساحات في أي وقت.
فالمطلوب من "حزب الله" اولًا وأخيرًا، وفق ما تلقاه من نصائح، التأقلم مع هذا الواقع الجديد في المنطقة، ومحاولة "هضمه" بإعادة قراءة المشهد السياسي الجديد، قليل من التواضع، وذلك لكي يتمكّن من الانخراط في الحياة السياسية من بوابتها الرئيسية وفي شكل طبيعي ومن دون حاجته إلى السلاح مثله مثل أغلبية اللبنانيين.
وقد يكون المطلوب من "حزب الله" كبداية تلقائية لانخراطه بالعمل السياسي الطبيعي مثله مثل حركة "أمل" ألاّ يستمر في تعطيل نصاب الجلسات الانتخابية، خصوصًا إذا لم يكن متيقنًا بأن المرشح الأوفر حظًّا للوصول إلى بعبدا بعد طول انتظار ومعاناة لن يطعن "المقاومة" في ظهرها.
وما هو مطلوب من "حزب الله" بالتحديد مطلوب من جميع القوى السياسية لكي تقبل برئيس للجمهورية لا يكون طرفًا منحازًا لأي جهة سياسية معينة، وتكون لديه الخبرة الكافية في لتعاطي مع القضايا الحسّاسة. وقد يكون قائد الجيش العماد جوزاف عون من بين عدد من المرشحين الأوفر حظًا للوصول قبل غيره إلى نقطة نهاية السباق الرئاسي، خصوصًا إذا اعتبره "حزب الله" أحد أبرز المرشحين المحتملين، الذين لن يطعنوا أي مكون من المكونات اللبنانية في الظهر.
المصدر: خاص لبنان24