بوابة الوفد:
2025-02-02@01:54:21 GMT

استثمار النفاق

تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT

ولاء أكثرنا للتفكير المادى هو سبب المصائب والكوارث التى تضج مجتمعاتنا تحت سطوتها صباح مساء، ولا تزال هنالك هوة وسيعة بين ما يقال وما يفعل، أو بين النظر والتطبيق، أو بين الخطاب الأيديولوجى والممارسة العمليّة. ولن يخلو مجتمع قط من أوْضَار وآفات تقدح فى كل قيمة وتسقط معها كل فضيلة، ويعلو فيها الإجرام والاستغلال وترقية الباطل والوصول بغير استحقاق.


يتغلغل التفكير المادى فى أوساطنا الاجتماعية حتى ليكاد يخنق ما تبقى منها من أنفاس، الأمر الذى جَرَّد المجتمعات من إنسانيتها وأسقطها فى أتون الغفلة والجهالة والشرور والانحطاط. 
عقمت إرادة الأفراد فعقمت معها إرادة الشعوب، ففقدت روح المقاومة وخضعت للزيف والخذلان، واتصفت بالسلبية والاستكانة، لكن أخطر آفات التفكير المادى فى الدين والأخلاق هو النفاق، يقضى على البقيّة الباقية من قيم الوجود الروحى والسكينة النفسية، ويضرب إنسانية الإنسان فى مقتل ليحيله إلى حيوان أعجم تقوده الشراهة والطفاسة إلى أخس من سلوك الحيوان: إجرام تعجز عنه الشياطين. 
ربما وجدت من حولك أسوأ خلق الله ممّن يجيدون حيل النفاق، وأسوأ منهم من يستثمرونه، يتنافسون على من يختص منهم بأكبر عدد من المطبلاتية، لا حباً فى التطبيل بل حباً فيما وراءه من حطام الفوائد والمكاسب. فالذى يفوز بعدد كبير منهم هو يعرف جيداً كيف يستثمرهم لنفسه، لأنه يعرف أنهم ينافقونه للوصول إلى مصالحهم، وبمجرّد أن تنتهى المصلحة يتحول التطبيل إلى سب وقذف علناً، إضافة إلى لعن اليوم الذى رأى فيه كل واحد منهم الآخر. 
أذكياء هؤلاء الذين يستثمرون المنافقين، يعرفون كيف يستفيدون منهم، ويعلمون أن المنافق ضعيف، وله فى الضعف نسبٌ عريق، بمجرَّد الضغط عليه ينهار أمام مصلحته، فيستسلم لمطالب المستثمرين،  فهو لا يطلق لسانه بالكلمات المعسولة، ولا يلح بها على أسماع من هم فوقه إلا لأنه ضعيف، ويتصوّر أنه بما يجيد من هذه الكلمات أو تلك، وبما يوظف منها فى سبيل ما يحتاجه، يمكنه الوصول، بما يجيد ويوظف، إلى هدفه مباشرة، لكن الأذكى منه هو من يعرف كيف يستخدمه، ويستثمر نفاقه فى تحقيق أكبر فائدة تعود عليه من الربح المضمون. 
إذا عُرفَ المنافق بضعفه، فهو معروف أيضاً بجهله، فليس أجهل ولا أشر ممّن يكتم الحق ويداري؛ لتكون قبلة الباطل طريقه، وما ترك من الجهل شيئاً من أراد يقدّم الكذب والتطبيل على الصدق والأمانة. والمنافق ذليل مقهور بالضعف والجهالة، والذين يستثمرونه، يعرفون منه هذا الخُلق الوضيع، وما ضاعت فضيلة قط إلا تحت مطارق النفاق، أليسوا سواء فى وضاعة الخلق: من ينافق ومن يستثمر النفاق؟ 
النفاق آفة دالة على مرض نفسى عقيم فوق دلالته على اعوجاج خُلق قلما ينصلح صاحبه إذا اعتاد على النفاق وأسس حياته عليه، والنفس الضعيفة عرضة للانهيار النفسى والخلقى وإهدار الكرامة، وموت الضمير، واصطناع الحيل المعوجة، والتلاعب بالقيم والأخلاق، وفقدان القدرة على العمل الجاد المنظم. 
فى حديث شريف يقول سيدنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: (اطلبوا الأشياء بعز الأنفس فإنّ الأمور تجرى بالمقادير) يجعل الحديث للمرء كرامة إذا هو طلب الأشياء بعزة النفس لا بحيل النفاق المعوجة، فما من سبب يخلق مظاهر الاستغلال إلا إهدار الكرامة فى سبيل طلب الدّون من المنافع والمكاسب غير المشروعة، إذا عرف المنافق أن الأمور تجرى بالتقدير الإلهى ولا سبيل لجريانها بالحيل المعوجة والألاعيب الصبيانية وأساليب النصب والاحتيال، لم يعد بحاجة إلى اصطناع حيل النفاق مع رؤسائه فى العمل ولا مع من يصطاد منهم منفعة أو يكتنز مغنماً تافهاً مصيره الزوال. 
وربما يعرف هذا كله جيداً، ولكنه مع ذلك يسلك سلوكاً يناقضه، كمن يعرف طريق الخير ولا يأتيه، ويعرف سبيل الشر ويقع فيه، الأمر الذى يؤكد أن المعرفة فى مجال الأخلاق ليست شرطاً فى استقامة السلوك. فالمنافق يعرف أن مآل نفاقه إلى احتقار، ومع ذلك ينافق ويجيد من النفاق حيله الكبار، فلم تعد المعرفة تستقيم به إلى سلوك قويم؛ لأن قوام الخلق القويم مرهون بالإرادة، والمنافق يعجزه تقرير الإرادة فى نفسه كما تعجزه تقريرها فيمن حوله، وبفقدان الإرادة ينهار صرح الأخلاق.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د مجدى إبراهيم

إقرأ أيضاً:

شاهد التحضيرات الضخمة لمشهد الحارة في "شباب امرأة"... استثمار فني غير مسبوق في قلب الحارة المصرية!

 

في خطوة جريئة وبتحقيق حلم جماهيري، كشفت الجهة الإنتاجية عن الصور الأولى لموقع تصوير مسلسل "شباب امرأة"، والذي يُعد من أكثر الأعمال المنتظرة في موسم رمضان 2025. 

ولكن ما لفت الأنظار حقًا هو حجم التحضيرات غير المسبوقة التي تراوحت بين الديكورات الفخمة، والتفاصيل الدقيقة التي ستعيد الجمهور إلى أجواء الحارة المصرية القديمة كما لم يروها من قبل.

حارة ضخمة بأدق تفاصيلها

استغرق بناء الحارة ما يقرب من عام كامل، ليتمكن فريق العمل من إنشاء هذا العالم المذهل بأدق تفاصيله. 

الحارة ليست مجرد ديكور، بل هي مكان ينبض بالحياة يضم الشوارع الضيقة والممرات المعقدة التي تذكرنا بالأزقة التقليدية في قلب القاهرة، مع واجهات خشبية مزخرفة، مشربيات وأبواب قديمة، إضافة إلى المحلات الشعبية الصغيرة والمقاهي التي يحيط بها كل ما يخص الحياة المصرية الأصيلة.

 في هذا المكان، التفاصيل الصغيرة تكمل الصورة الكبيرة، من المفروشات التقليدية على الشرفات، إلى الزخارف التي تزين الحوائط والأزقة، في مشهد يكاد يكون حيًّا للزمن القديم.

إنتاج ضخم يعكس واقعًا حقيقيًا

المسلسل يأتي في إطار إنتاجي ضخم، حيث تم تكريس الجهود لتقديم أجواء واقعية وعالية الجودة.

 الحارة التي تم بناؤها تجسد تمامًا الطابع التراثي الشعبي الذي عُرفت به الحارات المصرية لعدة أجيال، ويُتوقع أن تصبح من أبرز معالم الموسم الرمضاني المقبل. المسلسل يهدف إلى نقل الجمهور إلى الماضي، حيث الحياة البسيطة التي تغلفها البهجة والأصالة.

غادة عبد الرازق في طلة جديدة... من هي البطلة في "شباب امرأة"؟

وفيما يتعلق بالأبطال، يتصدر مسلسل "شباب امرأة" النجمة غادة عبد الرازق التي تواصل إثارة الجدل بطلتها الجديدة، والتي من المتوقع أن تثير اهتمام الجميع في العمل الرمضاني. يشارك في البطولة مجموعة من النجوم اللامعين، منهم محمد محمود، رانيا منصور، أحمد فتحي، محمود حافظ، چوري بكر، حسن أبو الروس، داليا شوقي، ويوسف عمر، ما يجعل العمل واحدًا من الأعمال الجماهيرية المتكاملة التي تجمع بين القصة المؤثرة والأداء الرائع.

قصة حية عن الحارة المصرية

المسلسل من تأليف الكاتب محمد سليمان عبد الملك، الذي يعتبر من أفضل الكتاب في صناعة الدراما المصرية، وأخرجه أحمد حسن، المخرج الذي حقق نجاحات مميزة في أعماله السابقة. القصة تدور في إطار درامي مميز حيث تتداخل مصائر الشخصيات مع أحداث الحياة اليومية في الحارة المصرية التي ستكون بطلًا في حد ذاتها، مع تسليط الضوء على قصص الحب، الصراع الاجتماعي، والصراعات الداخلية التي تواجه الشخصيات في هذه البيئة الحياتية الفريدة.

في الختام، ينتظر الجمهور في رمضان 2025 عرض "شباب امرأة" الذي يبدو أنه سيكون تجربة مشاهدة استثنائية لا مثيل لها، تجمع بين الأصالة والحداثة، بين الدراما الراقية والحياة الشعبية المتجددة.

مقالات مشابهة

  • الإدارية العليا تمنح عضو هيئة قضائية المقابل المادى عن رصيد أجازتها عن 448 يوما
  • الوزيرة الفرنسية السابقة نجاة بلقاسم لـRue20: المغرب يعرف تحولات عميقة (فيديو)
  • قاصر غادر ولم يعُد.. هل من يعرف عنه شيئًا؟
  • المغرب يعلن عن استثمار ضخم بـ27 مليار درهم لتعزيز شبكة الكهرباء
  • العملات الرقمية استثمار عالي المخاطر.. كيف تحمي أموالك؟
  • مستشار أمريكي: الرئيس ترامب يعرف العراق شارعا شارعا!
  • شاهد التحضيرات الضخمة لمشهد الحارة في "شباب امرأة"... استثمار فني غير مسبوق في قلب الحارة المصرية!
  • معرض القاهرة الدولي للكتاب يقترب من 3 ملايين زائر
  • التيار الوطني الحر في موضوع الحكومة: نقدم كل التسهيلات والتيار يعرف حجم حضوره
  • معرض بغداد الدولي.. استثمار حقيقي أم دعاية إعلامية؟