ما هي أخطر مادة كيميائية في العالم؟
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
إنجلترا – تمتلئ الحياة الحديثة بالمواد الكيميائية، ولكن عندما يتعلق الأمر بتحديد “أخطر مادة كيميائية على وجه الأرض”، فإن الإجابة قد لا تكون واضحة.
وبطبيعة الحال، هناك الكثير من المواد الخطيرة التي تتنافس على هذا اللقب، مثل غاز الأعصاب “في إكس” (VX)، الذي ابتكره الجيش البريطاني.
وبحسب الخبراء، فإن فقط 10 مغ من هذا السائل الزيتي ذو اللون الكهرماني تكفي للتسبب في الوفاة في غضون دقائق.
والمنافس الآخر على اللقب الشرير هو ثلاثي فلوريد الكلور. وهذا الغاز عديم اللون شديد التآكل، شديد التفاعل لدرجة أنه ينفجر تلقائيا عند ملامسته للمواد اليومية بما في ذلك الماء والرمل.
وعلى الرغم من كون هذه المواد الكيميائية “مرعبة”، إلا أنه لا يمكن تصنيفها باعتبارها الأكثر خطورة لأنها في الواقع تلحق الضرر بقلة قليلة من الناس، وبالتالي فإن ترتيب المواد الكيميائية حسب خطورتها يمكن أن يكون معتمدا بشكل رئيسي على مدى احتمال مواجهتنا لمادة كيميائية معينة.
مخاطر منزلية
يتعرض أكثر من 100 ألف شخص للتسمم العرضي في الولايات المتحدة وحدها كل عام بسبب المواد الكيميائية المنزلية الشائعة مثل مواد التبييض والمطهرات، كما يشير موقع Live Science، وهذا على الرغم من أن هذه المواد أبطأ في المفعول وأقل سمية بكثير من أمثال غاز الأعصاب (VX).
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن بعض المواد الكيميائية المنزلية يمكن أن تكون قاتلة عند خلطها مع بعضها. على سبيل المثال، يؤدي الجمع بين منظف الصرف والمبيض إلى إطلاق غاز الكلور السام.
وكل هذا يوضح التحدي الذي يواجهه العلماء عند ترتيب المواد الكيميائية حسب خطورتها. ففي نهاية المطاف، يجب عليهم أن يأخذوا في الاعتبار ليس فقط قوة المادة نفسها، بل أيضا احتمالية تعرض الناس لها.
الفرق بين الخطر (Hazard) والمخاطرة (Risk)
يعرف الخطر بأنه المسبب لحدوث ضرر ما، أما المخاطرة فهي احتمالية وقوع الضرر نتيجة للتعرض للخطر، بحسب ريتشارد ويب، مسؤول الصحة والسلامة والبيئة والرفاهية في كلية الكيمياء بجامعة كارديف.
وبعبارة أخرى، يشير الخطر إلى خصائص المادة الكيميائية، بينما تختلف المخاطرة حسب كيفية استخدامها.
ولتوضيح هذه النقطة، استشهد ويب بمثال سكين المطبخ. وأشار إلى أن الشفرة الحادة يمكنها قطع الأشياء، بما في ذلك الأشخاص، في الظروف المناسبة، ولكن كيفية استخدامها وتخزينها تحدد التهديد الذي تشكله.
وبتطبيق هذا المنطق نفسه على المواد الكيميائية، قال متحدث باسم الوكالة الأوروبية للمواد الكيميائية لموقع “لايف ساينس”: “حتى المادة الكيميائية شديدة الخطورة لا تشكل أي خطر إذا لم يكن هناك تعرض لها”.
وأضاف أن “بعض المواد الكيميائية الخطرة ضرورية أيضا لصحتنا بجرعات صغيرة، في حين أنها قد تكون قاتلة في حالة التعرض العالي لها”.
ويعد ملح الطعام العادي مثالا جيدا على ذلك: استهلاك كميات صغيرة أمر حيوي للحفاظ على التوازن الأيوني الصحيح داخل أجسامنا، ولكن الكثير منه يمكن أن يسبب مشاكل صحية خطيرة، مثل ارتفاع ضغط الدم وفشل القلب.
وعلاوة على ذلك، يؤكد الكيميائيون أيضا على أن تحديد المواد الأكثر خطورة يمثل تحديا نظرا لوجود طرق متعددة يمكن أن تسبب بها الضرر.
وببساطة، يعتمد الأمر غالبا على شكل المادة الكيميائية والسياق الذي يتم نشرها فيه.
على سبيل المثال، في حين يُستخدم الكلور بشكل شائع كمطهر في حمامات السباحة اليوم، فإن الغاز المركز كان سلاحا كيميائيا فعالا بشكل وحشي في الحرب العالمية الأولى.
والفرق هنا هو أن كمية قليلة فقط من الكلور تستخدم في حمامات السباحة، وهي تذوب في الماء.
وأوضح ويب أن “الشيء الذي يجعل الأمر شديد الخطورة هو حقيقة أنه غاز”.
وخلص إلى أن أي شيء يمكن أن يصبح خطيرا إلى حد ما إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح، ولكن هناك خطوات يمكننا اتخاذها للحفاظ على سلامتنا.
المصدر: indy100.com
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: المواد الکیمیائیة یمکن أن
إقرأ أيضاً:
ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
ما دمنا لم نفارق بعد نظام القطب الواحد المهيمن على العالم تظل النظرية القديمة التي نقول إن الشعب الأمريكي عندما يختار رئيسه فهو يختار أيضا رئيسا للعالم نظرية صحيحة. ويصبح لتوجه هذا الرئيس في فترة حكمه تأثير حاسم على نظام العلاقات الدولية وحالة الحرب والسلم في العالم كله.
ولهذا فإن فوز دونالد ترامب اليميني الإنجيلي القومي المتشدد يتجاوز مغزاه الساحة الداخلية الأمريكي وحصره في أنه يمثل هزيمة تاريخية للحزب الديمقراطي أمام الحزب الجمهوري تجعله عاجزا تقريبا لمدة ٤ أعوام قادمة عن منع ترامب من تمرير أي سياسة في كونجرس يسيطر تماما على مجلسيه.
هذا المقال يتفق بالتالي مع وجهة النظر التي تقول إن اختيار الشعب الأمريكي لدونالد ترامب رئيسا للمرة الثانية ـ رغم خطابه السياسي المتطرف ـ هو دليل على أن التيار الذي يعبر عنه هو تيار رئيسي متجذر متنامٍ في المجتمع الأمريكي وليس تيارا هامشيا.
فكرة الصدفة أو الخروج عن المألوف التي روج لها الديمقراطيون عن فوز ترامب في المرة الأولى ٢٠١٦ ثبت خطأها الفادح بعد أن حصل في ٢٠٢٤ على تفويض سلطة شبه مطلق واستثنائي في الانتخابات الأخيرة بعد فوزه بالتصويت الشعبي وتصويت المجمع الانتخابي وبفارق مخيف.
لكن الذي يطرح الأسئلة الكبرى عن أمريكا والعالم هو ليس بأي فارق من الأصوات فاز ترامب ولكن كيف فاز ترامب؟ بعبارة أوضح أن الأهم من الـ٧٥ مليون صوت الشعبية والـ٣١٢ التي حصل عليها في المجمع الانتخابي هو السياق الاجتماعي الثقافي الذي أعاد ترامب إلى البيت الأبيض في واقعة لم تتكرر كثيرا في التاريخ الأمريكي.
أهم شيء في هذا السياق هو أن ترامب لم يخض الانتخابات ضد هاريس والحزب الديمقراطي فقط بل خاضه ضد قوة أمريكا الناعمة بأكملها.. فلقد وقفت ضد ترامب أهم مؤسستين للقوة الناعمة في أمريكا بل وفي العالم كله وهما مؤسستا الإعلام ومؤسسة هوليوود لصناعة السينما. كل نجوم هوليوود الكبار، تقريبا، من الممثلين الحائزين على الأوسكار وكبار مخرجيها ومنتجيها العظام، وأساطير الغناء والحاصلين على جوائز جرامي وبروداوي وأغلبية الفائزين ببوليتزر ومعظم الأمريكيين الحائزين على نوبل كل هؤلاء كانوا ضده ومع منافسته هاريس... يمكن القول باختصار إن نحو ٩٠٪ من النخبة الأمريكية وقفت ضد ترامب واعتبرته خطرا على الديمقراطية وعنصريا وفاشيا ومستبدا سيعصف بمنجز النظام السياسي الأمريكي منذ جورج واشنطن. الأغلبية الساحقة من وسائل الإعلام الرئيسية التي شكلت عقل الأمريكيين من محطات التلفزة الكبرى إلي الصحف والمجلات والدوريات الرصينة كلها وقفت ضد ترامب وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم ينحز منها صراحة لترامب غير موقع إكس «تويتر سابقا». هذه القوة الناعمة ذات السحر الأسطوري عجزت عن أن تقنع الشعب الأمريكي بإسقاط ترامب. صحيح أن ترامب فاز ولكن من انهزم ليس هاريس. أتذكر إن أول تعبير قفز إلى ذهني بعد إعلان نتائج الانتخابات هو أن ترامب انتصر على هوليوود. من انهزم هم هوليوود والثقافة وصناعة الإعلام في الولايات المتحدة. لم يكن البروفيسور جوزيف ناي أحد أهم منظري القوة الناعمة في العلوم السياسية مخطئا منذ أن دق أجراس الخطر منذ ٢٠١٦ بأن نجاح ترامب في الولاية الأولى هو مؤشر خطير على تآكل حاد في القوة الناعمة الأمريكية. وعاد بعد فوزه هذا الشهر ليؤكد أنه تآكل مرشح للاستمرار بسرعة في ولايته الثانية التي تبدأ بعد سبعة أسابيع تقريبا وتستمر تقريبا حتى نهاية العقد الحالي.
وهذا هو مربط الفرس في السؤال الكبير الأول هل يدعم هذا المؤشر الخطير التيار المتزايد حتى داخل بعض دوائر الفكر والأكاديميا الأمريكية نفسها الذي يرى أن الإمبراطورية ومعها الغرب كله هو في حالة أفول تدريجي؟
في أي تقدير منصف فإن هذا التآكل في قوة أمريكا الناعمة يدعم التيار الذي يؤكد أن الامبراطورية الأمريكية وربما معها الحضارة الغربية المهيمنة منذ نحو٤ قرون على البشرية هي في حالة انحدار نحو الأفول. الإمبراطورية الأمريكية تختلف عن إمبراطوريات الاستعمار القديم الأوروبية فبينما كان نفوذ الأولى (خاصة الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية) على العالم يبدأ بالقوة الخشنة وبالتحديد الغزو والاحتلال العسكري وبعدها يأتي وعلى المدى الطويل تأثير قوتها الناعمة ولغتها وثقافتها ونظمها الإدارية والتعليمية على شعوب المستعمرات فإن أمريكا كاستعمار إمبريالي جديد بدأ وتسلل أولا بالقوة الناعمة عبر تقدم علمي وتكنولوجي انتزع من أوروبا سبق الاختراعات الكبرى التي أفادت البشرية ومن أفلام هوليوود عرف العالم أمريكا في البداية بحريات ويلسون الأربع الديمقراطية وأفلام هوليوود وجامعات هارفارد و برينستون ومؤسسات فولبرايت وفورد التي تطبع الكتب الرخيصة وتقدم المنح وعلى عكس صورة المستعمر القبيح الأوروبي في أفريقيا وآسيا ظلت نخب وشعوب العالم الثالث حتى أوائل الخمسينات تعتقد أن أمريكا بلد تقدمي يدعم التحرر والاستقلال وتبارى بعض نخبها في تسويق الحلم الأمريكي منذ الأربعينيات مثل كتاب مصطفى أمين الشهير «أمريكا الضاحكة». وهناك اتفاق شبه عام على أن نمط الحياة الأمريكي والصورة الذهنية عن أمريكا أرض الأحلام وما تقدمه من فنون في هوليوود وبروداوي وغيرها هي شاركت في سقوط الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشيوعي بنفس القدر الذي ساهمت به القوة العسكرية الأمريكية. إذا وضعنا الانهيار الأخلاقي والمستوى المخجل من المعايير المزدوجة في دعم حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية للفلسطينيين واللبنانيين والاستخدام المفرط للقوة العسكرية والعقوبات الاقتصادية كأدوات قوة خشنة للإمبراطورية الأمريكية فإن واشنطن تدمر القوة الناعمة وجاذبية الحياة والنظام الأمريكيين للشعوب الأخرى وهي واحدة من أهم القواعد الأساسية التي قامت عليها إمبراطورتيها.
إضافة إلى دعم مسار الأفول للإمبراطورية وبالتالي تأكيد أن العالم آجلا أو عاجلا متجه نحو نظام متعدد الأقطاب مهما بلغت وحشية القوة العسكرية الأمريكية الساعية لمنع حدوثه.. فإن تطورا دوليا خطيرا يحمله في ثناياه فوز ترامب وتياره. خاصة عندما تلقفه الغرب ودول غنية في المنطقة. يمكن معرفة حجم خطر انتشار اليمين المتطرف ذي الجذر الديني إذا كان المجتمع الذي يصدره هو المجتمع الذي تقود دولته العالم. المسألة ليست تقديرات وتخمينات يري الجميع بأم أعينهم كيف أدي وصول ترامب في ولايته الأولى إلى صعود اليمين المتطرف في أوروبا وتمكنه في الوقت الراهن من السيطرة على حكومات العديد من الدول الأوروبية بعضها دول كبيرة مثل إيطاليا.
لهذا الصعود المحتمل لتيارات اليمين المسيحي المرتبط بالصهيونية العالمية مخاطر على السلم الدولي منها عودة سيناريوهات صراع الحضارات وتذكية نيران الحروب والصراعات الثقافية وربما العسكرية بين الحضارة الغربية وحضارات أخرى مثل الحضارة الإسلامية والصينية والروسية.. إلخ كل أطرافها تقريبا يمتلكون الأسلحة النووية!!
حسين عبد الغني كاتب وإعلامي مصري