طوت وزارة التعليم العالي، الخميس، صفحة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في تطوان، مصطفى الغاشي، بعد سلسلة من الأحداث المثيرة للجدل التي طبعت فترته.

وأعلنت الحكومة تعيين الطيب الوزاني، عميدا لهذه الكلية، متخطيا عقبة في طريقه إلى هذا المنصب، بعدما حل ثانيا في ترتيب الأسماء التي زُكيت لهذا المنصب. بيان لنقابة التعليم العالي في هذه الكلية أشار في السابق إلى وجود خطط لإعاقة وصول الوزاني إلى منصب العميد.

بشكل ملخص، فإن لجنة الترشيحات « صُممت على النحو الذي تفضي فيه نتائجها إلى أن يؤول المنصب إلى نائب العميد المنتهية ولايته ». رغم أن النتيجة كانت تسير في هذا الاتجاه، إلا أن وزارة التعليم العالي لم تقبل بها.

وتنتظر الوزاني مهام كبيرة، أولها النظر في ما سيفعله في قضية عضو هيئة التدريس بهذه الكلية، أنس اليملاحي، الذي يقبع في السجن، مدانا بثلاثة أشهر بتهمة النصب. يتوقع محيط هذا الشخص أن يعود إلى وظيفته في هذه الكلية بمجرد مغادرته سجنه في غشت.

لنتذكر أن اليملاحي كان عضوا في ديوان وزير العدل السابق، محمد بنعبد القادر، ومسؤولا كبيرا في حزبه، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (معارضة)، وأيضا مسؤولا في جماعة تطوان حيث ينوب عن الرئيس في الشؤون الثقافية.

يشار إلى أن العميد السابق، الغاشي، كان باعتباره مقربا من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قد عانى من تبعات هذه القضية، ولطالما واجهته الانتقادات منذ أن عُين اليملاحي في منصبه أستاذا في ظروف مثيرة للجدل، وبعدها، في قضية السرقة العلمية المزعومة التي لم يستطع اليملاحي الرد عليها، لكن جرى تغطيتها داخل كليته.

الوظيفة الغامضة

في عهد العميد السابق، كان الجدل يلاحقه في كل شيء. فالوظيفة التي سيحاول البملاحي، العودة إليها بعد خروجه من السجن، لم يكن نيلها بالأمر السلس.

جدل كبير خلفه قبول اليملاحي في عملية الانتقاء التي تسبق مباراة لتوظيف أستاذ مساعد بكلية الآداب ومقرها بمارتيل، بينما توحي الانتقادات بأن المسؤول، وهو في الثلاثينيات من عمره، قد استفاد بشكل من أشكال المحاباة في هذه المرحلة من المباراة، حينما جرى وفق المزاعم نفسها، في مرحلة الانتقاء، إقصاء مرشحين آخرين يملكون خلفية تخصص أكثر تفضيلا من حيث الشروط المقررة لهذه المباراة. كان المتشككون يعزون ذلك إلى طبيعة الوظيفة نفسها: أستاذ مساعد في آداب التواصل والإعلام، وهي وظيفة استُحدثت هذا العام فقط، وكأنها « فصلت على مقاسه »، بحسب الادعاءات.

حصل اليملاحي على إجازة في الإعلام بكلية الحقوق بتطوان، عام 2010، وعام 2012، حاز على ديبلوم ماستر في الاتصال من معهد فهد للترجمة بطنجة، ولاحقا، نال درجة الدكتوراه، عام 2019، من كلية الآداب نفسها، حول موضوع « السياسة الاستعمارية بتطوان وعلاقتها بالصحافة ». عمل قبل ذلك، وبالتحديد في عام 2015 مدرسا بالحصص في كلية الآداب نفسها في مارتيل بوصفه « أستاذا زائرا ».

هل فعلا، كان هذا المسؤول يستخدم صلاته السياسية لتغيير مسار نتائج مباراة توظيف؟ بغض النظر عن مجموع المسؤولين الاتحاديين في منطقة تطوان، الذين يدافعون عن زميلهم في هذه القضية (وصلت درجة ذلك إلى تهديد محام من الحزب باستعمال موارد مكتبه لملاحقة أي شخص يقوم بالتشكيك في المباراة لدى المحاكم)، فإن عميد هذه الكلية كان يدعو بإلحاح إلى تجاهل كل الاتهامات.

العميد، الذي عين في منصبه أواخر عام 2019، وبعد تردد، أجاب عن قائمة أسئلة بعثها إليه موقع « اليوم 24″، وهو يقول: « لم يجر إقصاء أي مرشح؛ وكل ما في الأمر أن المباراة اعتمد فيها على منصة رقمية يُدخل  فيها المرشحون جميع معطياتهم وشهاداتهم والوثائق المطلوبة، إلا أن هناك عددا كبيرا من المرشحين لم يدلوا بالوثائق الضرورية فتم استبعادهم »، بحسبه، فإن هذه الوثائق تشمل شهادة الدكتوراة، والأطروحة، والمعادلة في حالة كان الدبلوم المحصل عليه مصدره جامعة من خارج المغرب، أضف إلى ذلك رخصة تطلب بالنسبة للموظفين الذين يرغبون في الترشح لهذه المباراة.

لكن، لمَ أحدثت الكلية منصب أستاذ لمادة « آداب التواصل والإعلام »، فجأة هذا العام؟ يجيب العميد: « المنصب الذي أحدثته كلية الآداب بتطوان جاء في إطار مشروع البكالوريوس، حيث تقوم الحاجة إلى مواد جديدة مرتبطة بالمهارات واللغة والتواصل، مع الانفتاح على الإعلام كمجال أصبح يفرض نفسه بقوة في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، وتستقبل العديد من الخريجين للعمل في حقل الصحافة والإعلام ». ويضيف موضحا: « المسألة مرتبطة بتصور ومشروع، ولا علاقة لها بالاختيار السياسي ».

ألقت بعض المزاعم اتهامات على العميد نفسه في هذه القضية، باعتباره شخصا مقربا من هذا الحزب. فقد نشر « خطابا تأبينيا » عقب رحيل مسؤول اتحادي، اسمه محمد الملاحي، وقد كان نائبا في البرلمان. وبالرغم من أن الملاحي لم يكن زميله في الجامعة، إلا أن العميد كتب حينئذ « إننا (برحيله) نعزي أنفسنا ». وقد وصفه لاحقا بـ »الصديق العزيز ». يشار إلى أن هذا العميد كان قد ألغى في دجنبر عام 2019، مناقشة لرسالة دوكتوراه، تقدم بها طالب يساري، حول « الخطاب السياسي لعبد الإله بنكيران »

رغم ذلك، فإن العميد يقول لـ »اليوم 24″: « لست من حزب الاتحاد الاشتراكي، وأحترم هذا الحزب الوطني مثل باقي الأحزاب الوطنية الأخرى ». لاحقا، سيصبح هذا العميد أكثر قربا من حزب التجمع الوطني للأحرار.

يخلص الغاشي إلى أن الجدل المحيط بمباراة المنصب الذي أحدثه، « معتاد »، ويضيف: « لقد تعودنا خلال مناسبات مباريات التوظيف، على الاحتجاج ضد النتائج حتى قبل الإعلان عنها »، مع ما يصاحب ذلك من « خلق الكثير من الأخبار الزائفة، وغير الصحيحة بغية التشويش على المباراة ونتائجها ».

كما يشدد على أن مباراة توظيف أستاذ مساعد في مادة آداب التواصل والإعلام، « احترمت فيها الشروط والضوابط القانونية في هذا المجال، وقد تبارى الجميع بناء على شبكة للتقييم لا وجود فيها للاعتبارات الحزبية أو السياسية؛ وجميع المتبارين مرشحون مغاربة متساوون في الحقوق وتكافؤ الفرص ».

من جهة أخرى، اكتفى المرشح لهذه المباراة، أنس اليملاحي، ردا على ما يلاحقه من لغط، بالقول: « هذه المسألة لا تخصني، بل تخص الإدارة… ما عندي حتا شي حاجة في هذا الموضوع، والإدارة لها كل المسؤولية »، كما قال وقتئذ. حصل اليملاحي على وظيفته هذه، لكن مشاكله لم تنته.

الدكتوراه « المزعومة »

جدل آخر نشب في هذه الكلية، أطلقه أستاذ بهذه الكلية، بعدما اتهم اليملاحي نفسه، بسرقة 80 صفحة من محاضراته، وإخفائها في أطروحة دوكتوراه.

عبد العزيز الطريبق، وهو أستاذ محاضر في هذه الكلية، أنجز في الماضي بحثا بالفرنسية، حول الصحافة الوطنية في الشمال خلال الحماية الإسبانية، لنيل دبلوم الدراسات العليا في المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، سنة 1998، ثم أصدر كتابا في الموضوع، بالفرنسية كذلك، مشتقا من هذا البحث الجامعي، وذلك سنة 2017. وعلاوة على ذلك، كما يقول، أخرج من بحثه بعض الأجزاء وترجمتها للعربية قصد تدريسها في سلك الماستر بالمعهد العالي فهد للترجمة بطنجة، وسلمها لطلبته منذ أكثر من عشر سنوات.

ما حدث بحسب الطريبق، أن من أصبح زميله الآن، أستاذا في الكلية، هو من كان طالبا عنده في ذلك الماستر: أنس اليملاحي، قام بكل بساطة، بـ »نقل حرفي لما يفوق ثمانين صفحة أثث بها أطروحته لنيل الدكتوراة (حوالي الثلث) ووضعها على شكل باب ثالث هو الأهم في بحثه »، كما يتهمه الطريبق. مشددا  « تكفي إطلالة واحدة على أطروحة اليملاحي ومقارنتها بدروسي التي كنت أدرسها وأسلمها لطلبتي، للتأكد من ذلك ».

أدان الطريبق « هذه السرقة »، مطالبا بـ »اعتذار لم يصله » من لدن زميله.

على خلاف رواية الطريبق، ينفي اليملاحي بشدة، الاتهامات الملقاة على كاهله. بشكل مختصر، فإن الطريبق « لم يقدم لطلبة مدرسة الملك فهد ما مجموعه 80 صفحة على شكل محاضرات ». موضحاأن « الدروس التي يتحدث عنها الأستاذ غير منشورة لا في كتاب ولا في مجلة علمية حتى نتمكن من الاعتماد عليها وتوثيقها » في بحث جامعي.

محبطا من زميله، يعتبر اليملاحي الاتهامات ضده بـ »الزائفة.. والكيدية كذلك »، ملمحا إلى « خلفيات سياسية ».

في نهاية المطاف، لم يحدث أن عانى اليملاحي من أي عواقب في هذه القضية. فقد أجري تحقيق سريع خلص ضدا على كل الدلائل التي قدمت، إلى أن اليملاحي لم يرتكب مخالفات جدية. طويت القضية شهرا، إلا أن هذا الأستاذ سيجد نفسه مسجونا في قضية احتيال حقيقي.

الوزاني في نبذة 

الطيب الوزاني، الذي ولد في 21 دجنبر 1964 بمكناس، يعد من أبرز الأكاديميين في مجال الأدب العربي، حيث يحمل درجة الدكتوراه من جامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس، كما حصل على الماجستير من جامعة محمد الخامس بالرباط.

للوزاني العديد من الأبحاث العلمية المنشورة، من بينها: “بلوغ القصد والمرام في مناقب القطب سيد الحاج عبدالسلام الوزاني”، و”المولد النبوي في العصر السعدي باعتباره محفزًا على الإبداع الشعري”، و”التواصل الثقافي والعلمي والصوفي بين المغرب وإفريقيا الغربية جنوب الصحراء”، بالإضافة إلى دراسات هامة حول بنية القصيدة النبوية في عهد العلويين والسعديين.

بدأ الوزاني مسيرته الأكاديمية في جامعة عبدالمالك السعدي عام 1995، وتدرج في مناصب أكاديمية مختلفة حتى حصل على درجة أستاذ مشارك في 2003 ودرجة أستاذ في 2007، كما سبق له الاشتغال كأستاذ محاضر بكلية الآداب بجامعة الوصل بالإمارات العربية المتحدة، وقدم محاضرات في الأدب الأندلسي بالجامعة الإفريقية بمدينة أدرار بالجزائر في الموسم الجامعي 2012 / 2013.

 

كلمات دلالية الغاشي المغرب الوزاني جامعات حكومة كليات

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: المغرب الوزاني جامعات حكومة كليات فی هذه الکلیة کلیة الآداب هذه القضیة إلى أن إلا أن

إقرأ أيضاً:

الداخلية تؤكد الإنتهاء من إخماد حرائق خزانات الوقود بالحديدة

الثورة نت/..

أكد متحدث وزارة الداخلية العميد عبدالخالق العجري أن الدفاع المدني والأجهزة والجهات المساندة استكملوا بفضل الله وعونه إطفاء وإخماد جميع الحرائق التي سببها العدوان الإسرائيلي قبل أيام في مدينة الحديدة.
ووجه العميد العجري التحية والشكر الجزيل للأخوة في مصلحة الدفاع المدني وقيادة محافظة الحديدة والأجهزة والوحدات والشركات والجهات المساندة من القطاعين العام والخاص وعلى رأسهم الأخ اللواء إبراهيم المؤيد رئيس مصلحة الدفاع المدني على جهودهم الجبارة وتفانيهم الكبير وعملهم المتواصل رغم خطورة الوضع والتهديدات التي كانوا معرضين لها، حتى استكملوا بعون الله إخماد جميع الحرائق.
وأكد أن العدو الإسرائيلي بقصفه المنشآت الحيوية المدنية والتي هي في الأساس خدمات للمواطنين هو بذلك يؤكد للعالم أن بنك أهدافه هم المواطنون والمنشآت الخدمية والبنى التحتية للشعوب، سواء في فلسطين أو اليمن أو لبنان.
وقال متحدث الداخلية أن العدو الإسرائيلي بإحراقه لخزانات النفط في الحديدة يهدف إلى إهلاك الحرث والنسل والإيغال في تجويع اليمنيين وقتلهم وشل كل مقدراتهم، فتعمد قصفها لعلمه بمدى الضرر الذي ستؤدي إليه حرائق النفط حيث تتسبب بآثار صحية وبيئية خطيرة متعددة منها التأثير على الأحياء البحرية بتسمم وقتل الأعداد الكبيرة منها، وتؤثر على الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية بما يصل إلى تدميرها،
وجدد العميد العجري الشكر لكل من ساهم بعمله الدؤوب في إخماد الحرائق التي سببها العدوان الإسرائيلي الغاشم على بلدنا.

مقالات مشابهة

  • شيمي تسخر من بكاء زوجها في حفل زفافهما
  • 3 أشياء لا ينبغي تركها في السيارة أثناء موجة الحر
  • ندوة بآداب عين شمس تناقش السياسات السكانية فى مصر
  • جمعية تطوان سيتي لكرة القدم تختتم موسمها الكروي
  • 560 حالة حصاد قافلة جامعة الزقازيق الطبية بـ قرية الدميين
  • وفد من نقابة موظفي المصارف في طرابلس يزور منطقة الشمال العسكرية
  • سلطنة عمان تحتفل باليوم العالمي لمكافحة الإتجار بالبشر
  • وزيرة الدولة لشؤون المرأة تبحث مع عميد بلدية طبرق ملفات المرتبات والتعيينات
  • الوزير الميراوي يمدد ولاية عميد بنمسيك الذي رفض تسليم جائزة إلى طالبة ترتدي كوفية "حتى تقاعده"
  • الداخلية تؤكد الإنتهاء من إخماد حرائق خزانات الوقود بالحديدة