ربّما بات دوران الأرض حول محورها من البديهيات التي تستند عليها الكثير من التكنولوجيا الحديثة، مع وجود تجارب عديدة أجريت على قياس سرعة الدوران تلك، إلا أنّ دراسة حديثة تكشف تفاصيل دقيقة لا مثيل لها باستخدام مستشعرات لقياس تداخل الموجات ودمجها بفيزياء الكم.

ما تقنية قياس التداخل؟

يعد تداخل الموجات من الظواهر الشائعة ضمن العديد من الميادين البحثية مثل علم الفلك والألياف البصرية وعلوم البحار والزلازل وفي ميكانيكا الكم كذلك، ويستفيد العلماء من هذا التداخل عند انطباق موجتين أو أكثر على بعضهما لاستخراج خواص موجة أو مجموعة من موجات الضوء التي تتكون من فوتونات، أو أي من الجسيمات الأخرى مثل الإلكترونات، والتي تمتلك سمات موجية كذلك.

ويمكن قياس الموجات المتداخلة المتأثرة بحركة دوران الأرض باستخدام مستشعرات ضوئية التي تعتمد على ما يسمى تأثير "سانياك" وهي الأكثر حساسية على الإطلاق. وعلى مرّ التاريخ، ساهمت هذه المستشعرات الدقيقة في التحقق من نظرية النسبية الخاصة لألبرت أينشتين، واكتسبت شهرة واسعة في هذا النطاق بسبب دقة حساباتها التي لا مثيل لها، مما يجعلها تتربّع على هرم أجهزة قياس سرعات الدوران للأجسام.

غير أنّ هذه الدقة الفائقة كانت تواجه عراقيل بسبب نمط مبادئ الفيزياء الكلاسيكية، وهو ما دفع العلماء إلى إقحام قوانين فيزياء الكم (أحد أعمدة الفيزياء الحديثة) التي تغوص في العوالم الدقيقة للجسيمات دون الذرية والتي لا يمكن إدراكها بالعين المجرّدة ولا بالمجاهر البصرية.

وقد استعان العلماء بنظرية التشابك الكمّي (أحد مبادئ فيزياء الكم) لقياس سرعة دوران الأرض بأعلى دقّة ممكنة، متجاوزين بذلك جميع التجارب السابقة التي أجريت خلال القرن الماضي.

والتشابك الكمي ظاهرة تصبح فيها الجسيمات مرتبطة بطريقة تجعل حالة جسيم واحد معتمدة على حالة جسيم آخر مهما كانت المسافة الفاصلة بينهما، ودون وجود تواصل فيزيائي مباشر.

يشير اصطلاح التشابك الكمي إلى علاقة تنشأ بين جسيمين على أية مسافة (ويكيبيديا)

 

حساب دوران الأرض بالتشابك الكمّي

وقد أجرى مجموعة من الباحثين من جامعة فيينا دراسة رائدة لقياس أثر دوران الأرض على جسيمات فوتونية متشابكة كميًا، وكان ابتكار الفريق البحثي يتمحور حول مستشعر تداخل ضوئي عملاق يعتمد على تأثير سانياك.

وأجرى الباحثون تجربتهم لعدّة ساعات، مما سمح لهم باكتشاف أزواج فوتونات متشابكة عالية الجودة تدور مع دوران الأرض، وكانت النتائج أفضل ألف مرّة من التجارب التقليدية السابقة.

وبشكل عام، فإنّ المستشعرات الضوئية لقياس تداخل الموجات تعتمد على حركة زوجين من الجسيمات يتحركان باتجاهين متعاكسين في مسار حَلَقي مغلق، بحيث يصلان إلى نقطة البداية في أوقات مختلفة، ويجري دراسة اختلاف الوقت وعلاقة دوران الأرض على هذا الاختلاف.

وفي الدراسة، التي نشرت بدورية ساينس أدفانسز، أطلق العلماء اثنين من الفوتونات المتشابكة عبر ألياف بصرية بطول 1.6 كيلومتر ملفوفة في مسار كبير، مما أعطى مقياس تداخل الموجات مساحة فعالة تزيد على 700 متر مربع، وهو ما يزيد من دقة الأرصاد.

ولا يمكن تنفيذ هذه التجربة دون الاعتماد على إطار مرجعي مستقر بحيث تنطلق الفوتونات في مسار ثابت لا يؤثر عليه دوران الأرض، ولأنّ إيقاف الأرض عن الدوران غير ممكن، فقد اعتمد العلماء على حيلة ذكية لتنفيذ ذلك، إذ قسّموا الألياف البصرية إلى مسارين متساويين في الطول مع ربطهما بمفتاح ضوئي للتشغيل والإغلاق.

ومن خلال التلاعب بحركة الفوتونات في المسارين، تمكن العلماء من الوصول إلى محاكاة مسار مستقر حيث يكون تأثير دوران الأرض على الفوتونات غير موجود.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات دوران الأرض

إقرأ أيضاً:

قبطان يرد على شائعات الموجات المدفونة تحت البحر

قال محمد رمضان قبطان بحري، إن ما تم تداوله من معلومات عن وجود موجات مدفونة تحت سطح البحر، والتي أثارت حالة من الفزع بين الناس، غير صحيح على الإطلاق.

وأضاف في مداخلة هاتفية مع الإعلامية بسمة وهبة، مقدمة برنامج "90 دقيقة"، عبر قناة "المحور"، أن كلام الشخص الذي قال هذه الإدعاءات غير مبني على أدلة علمية أو تقنيات رصد حديثة، موضحًا، أنّ الأجهزة البحرية الموجودة لا تستطيع رصد مثل هذه الموجات المدفونة، وأن كل ما يُقال بهذا الخصوص مجرد شائعات تضر بالمصلحة العامة والسياحة.

علوم البحار: اضطراب البحر المتوسط حدث لارتفاع الضغط الجويعلوم البحار يحسم جدل تسونامي البحر المتوسطمفاجأة بشأن تمدد مياه البحر المتوسط وعلاقته بالزلازل وتسوناميموجة زلازل وزيادة حرارة المياه .. معهد الفلك يحسم جدل ما يحدث بالبحر المتوسطفيديو..تحذير من نشاط غير طبيعي في عمق البحر المتوسط

وتابع، أن هناك فهمًا خاطئًا لدى البعض حول طبيعة الأجهزة البحرية التي تعتمد عليها فرق الإنقاذ والمراقبة، والتي تهتم بقياس سرعات الرياح والتيارات البحرية وليست لرصد موجات مدفونة أو تحركات غير طبيعية تحت سطح البحر.

وأوضح أن هذه الأجهزة مهمة للغاية في ضمان سلامة الملاحة ولكنها لا تقدم المعلومات التي يتداولها البلوجر، معتبراً أن هذا النوع من الأخبار غير المدعومة قد يسبب ضررًا كبيرًا للبلد.

وأشار، إلى أنّ إلى أن الفيديوهات صورها أحد الأشخاص في هذا الصدد غير مقبولة، حيث لا يجوز له التصرف بهذا الشكل خلال أداء واجباته، خاصة وأنه لا يوجد مراقب أو مشرف يراجع هذه التصرفات.

ونوه بأن نشر مثل هذه الفيديوهات والأخبار المغلوطة يزيد من حالة الذعر لدى الجمهور دون مبرر، داعيًا إلى التريث والتحقق قبل تداول مثل هذه المعلومات، وحث القائمين على العمل البحري على احترام أصول المهنة وعدم نشر معلومات خاطئة.


 

طباعة شارك القبطان سطح البحر البحر المتوسط المناخ الطقس

مقالات مشابهة

  • قياس كفاءة 14 ألف معلم وتربوي استعداداً لتطوير مهني شامل
  • للمرة الأولى.. علماء الفلك يوثقون "انفجارًا مزدوجًا" لنجم ميت
  • اليوم.. كوكب الأرض يبلغ أبعد نقطة عن الشمس ضمن ظاهرة الأوج
  • فلكية جدة: كوكب الأرض يبلغ أبعد نقطة عن الشمس غدًا ويُعرف علميًّا بـ«الأوج»
  • علماء وخطباء الضالع يؤكدون وجوب اتحاد المسلمين لنصرة غزة
  • هيئة علماء اليمن تدعو اليمنيين للوقوف صفاً واحداً لمواجهة الحوثيين وتدين الجريمة البشعة بحق الشيخ والمربي صالح حنتوس
  • ما قصة السحابة المتوهجة التي ظهرت في السماء الليلة وكيف تشكلت؟
  • غدا.. احتفالية كبرى بالجامع الأزهر لختم كتاب شرح علل الترمذي
  • قبطان يرد على شائعات الموجات المدفونة تحت البحر
  • رنين شومان.. هل له أي علاقة بكوارث قادمة في البحر المتوسط؟