علماء يتحققون من دوران الأرض باستخدام التشابك الكمي
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
ربّما بات دوران الأرض حول محورها من البديهيات التي تستند عليها الكثير من التكنولوجيا الحديثة، مع وجود تجارب عديدة أجريت على قياس سرعة الدوران تلك، إلا أنّ دراسة حديثة تكشف تفاصيل دقيقة لا مثيل لها باستخدام مستشعرات لقياس تداخل الموجات ودمجها بفيزياء الكم.
ما تقنية قياس التداخل؟يعد تداخل الموجات من الظواهر الشائعة ضمن العديد من الميادين البحثية مثل علم الفلك والألياف البصرية وعلوم البحار والزلازل وفي ميكانيكا الكم كذلك، ويستفيد العلماء من هذا التداخل عند انطباق موجتين أو أكثر على بعضهما لاستخراج خواص موجة أو مجموعة من موجات الضوء التي تتكون من فوتونات، أو أي من الجسيمات الأخرى مثل الإلكترونات، والتي تمتلك سمات موجية كذلك.
ويمكن قياس الموجات المتداخلة المتأثرة بحركة دوران الأرض باستخدام مستشعرات ضوئية التي تعتمد على ما يسمى تأثير "سانياك" وهي الأكثر حساسية على الإطلاق. وعلى مرّ التاريخ، ساهمت هذه المستشعرات الدقيقة في التحقق من نظرية النسبية الخاصة لألبرت أينشتين، واكتسبت شهرة واسعة في هذا النطاق بسبب دقة حساباتها التي لا مثيل لها، مما يجعلها تتربّع على هرم أجهزة قياس سرعات الدوران للأجسام.
غير أنّ هذه الدقة الفائقة كانت تواجه عراقيل بسبب نمط مبادئ الفيزياء الكلاسيكية، وهو ما دفع العلماء إلى إقحام قوانين فيزياء الكم (أحد أعمدة الفيزياء الحديثة) التي تغوص في العوالم الدقيقة للجسيمات دون الذرية والتي لا يمكن إدراكها بالعين المجرّدة ولا بالمجاهر البصرية.
وقد استعان العلماء بنظرية التشابك الكمّي (أحد مبادئ فيزياء الكم) لقياس سرعة دوران الأرض بأعلى دقّة ممكنة، متجاوزين بذلك جميع التجارب السابقة التي أجريت خلال القرن الماضي.
والتشابك الكمي ظاهرة تصبح فيها الجسيمات مرتبطة بطريقة تجعل حالة جسيم واحد معتمدة على حالة جسيم آخر مهما كانت المسافة الفاصلة بينهما، ودون وجود تواصل فيزيائي مباشر.
حساب دوران الأرض بالتشابك الكمّي
وقد أجرى مجموعة من الباحثين من جامعة فيينا دراسة رائدة لقياس أثر دوران الأرض على جسيمات فوتونية متشابكة كميًا، وكان ابتكار الفريق البحثي يتمحور حول مستشعر تداخل ضوئي عملاق يعتمد على تأثير سانياك.
وأجرى الباحثون تجربتهم لعدّة ساعات، مما سمح لهم باكتشاف أزواج فوتونات متشابكة عالية الجودة تدور مع دوران الأرض، وكانت النتائج أفضل ألف مرّة من التجارب التقليدية السابقة.
وبشكل عام، فإنّ المستشعرات الضوئية لقياس تداخل الموجات تعتمد على حركة زوجين من الجسيمات يتحركان باتجاهين متعاكسين في مسار حَلَقي مغلق، بحيث يصلان إلى نقطة البداية في أوقات مختلفة، ويجري دراسة اختلاف الوقت وعلاقة دوران الأرض على هذا الاختلاف.
وفي الدراسة، التي نشرت بدورية ساينس أدفانسز، أطلق العلماء اثنين من الفوتونات المتشابكة عبر ألياف بصرية بطول 1.6 كيلومتر ملفوفة في مسار كبير، مما أعطى مقياس تداخل الموجات مساحة فعالة تزيد على 700 متر مربع، وهو ما يزيد من دقة الأرصاد.
ولا يمكن تنفيذ هذه التجربة دون الاعتماد على إطار مرجعي مستقر بحيث تنطلق الفوتونات في مسار ثابت لا يؤثر عليه دوران الأرض، ولأنّ إيقاف الأرض عن الدوران غير ممكن، فقد اعتمد العلماء على حيلة ذكية لتنفيذ ذلك، إذ قسّموا الألياف البصرية إلى مسارين متساويين في الطول مع ربطهما بمفتاح ضوئي للتشغيل والإغلاق.
ومن خلال التلاعب بحركة الفوتونات في المسارين، تمكن العلماء من الوصول إلى محاكاة مسار مستقر حيث يكون تأثير دوران الأرض على الفوتونات غير موجود.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات دوران الأرض
إقرأ أيضاً:
تحديد خلايا جديدة في العين قد تفتح آفاقا لعلاج العمى
الولايات المتحدة – اكتشف فريق من العلماء نوعا جديدا من الخلايا في شبكية العين البشرية، قد يساهم في عكس فقدان البصر الناجم عن أمراض شائعة، مثل التنكس البقعي.
وأظهرت الدراسة أن هذه الخلايا، التي عُثر عليها في أنسجة جنينية متبرع بها، تتمتع بقدرات تجديدية واعدة، ما يفتح آفاقا لعلاج أمراض الشبكية.
تلعب شبكية العين دورا أساسيا في الرؤية، إذ تلتقط الضوء وتحوله إلى إشارات عصبية يفسرها الدماغ. لكن مع التقدم في العمر أو بسبب أمراض مثل السكري والإصابات الجسدية، يمكن أن تتدهور الشبكية، ما يؤدي إلى فقدان البصر. وتتركز العلاجات الحالية على إبطاء تدهور الخلايا الشبكية وحماية السليمة منها، لكنها لا تقدم حلولا فعالة لإصلاح التلف واستعادة البصر.
ولطالما سعى العلماء لاستخدام الخلايا الجذعية لاستبدال الخلايا التالفة في الشبكية، لكن لم يتم العثور على خلايا جذعية مناسبة داخل شبكية العين البشرية لهذا الغرض. ومع ذلك، كشفت الدراسة الجديدة عن نوعين من الخلايا الجذعية الشبكية القادرة على التجدد والتكاثر:
– الخلايا الشبيهة بالخلايا الجذعية العصبية الشبكية البشرية (hNRSCs).
– الخلايا الشبيهة بالخلايا الجذعية الظهارية الصبغية الشبكية (RPE).
ووجد العلماء أن كلا النوعين قادران على استنساخ نفسيهما، لكن الخلايا العصبية فقط تستطيع التحول إلى أنواع أخرى من خلايا الشبكية، ما يجعلها مرشحا محتملا للعلاجات المستقبلية.
وأنتج العلماء نماذج ثلاثية الأبعاد لشبكية العين البشرية تعرف باسم “العضيات”، لمحاكاة تعقيد الأنسجة البشرية بشكل أكثر دقة من النماذج الحيوانية. وأظهرت التحليلات أن هذه العضيات تحتوي على خلايا جذعية عصبية مشابهة لتلك الموجودة في الأنسجة الجنينية.
كما حدد الفريق التسلسل الجزيئي الذي يحوّل هذه الخلايا إلى خلايا شبكية أخرى، وينظم عملية الإصلاح. وعند زرعها في فئران مصابة بمرض مشابه لالتهاب الشبكية الصباغي، تحولت الخلايا الجذعية إلى خلايا شبكية قادرة على التقاط ومعالجة الضوء، ما أدى إلى تحسن بصر الفئران واستمرارية هذا التأثير طوال مدة التجربة التي امتدت 24 أسبوعا.
وتشير هذه النتائج إلى إمكانية استخدام الخلايا الجذعية العصبية الشبكية البشرية (hNRSCs) في تطوير علاجات جديدة لاضطرابات الشبكية لدى البشر. ومع ذلك، يؤكد العلماء الحاجة إلى مزيد من الدراسات السريرية لتأكيد فعاليتها وضمان سلامتها قبل اعتمادها كعلاج لاستعادة البصر.
نشرت الدراسة في مجلة Science Translational Medicine.
المصدر: لايف ساينس