يواجه حزب العمال البريطاني أول امتحان أخلاقي له في السلطة بعد الفوز بالانتخابات، ويقف حاليا أمام خيار حماية رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من المحاكمة أمام محكمة الجنايات الدولية.

ونشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للمحامي البريطاني المعروف ومؤسس "داوتي ستريت تشامبرز"، جيفري روبرتسون بعنوان: "هل يجب محاكمة بنيامين نتنياهو؟"، قال فيه إن حكومة ريشي سوناك السابقة حاولت منع حدوث هذا، ولكن يجب على إدارة كير ستارمر أن تحدد موقفها.



وفي أيار/مايو الماضي، تقدم مدعي عام الجنائية الدولية بطلب لقضاتها من أجل مذكرة اعتقال ضد نتنياهو لارتكابه جرائم حرب وقصف لا يميز المدنيين في غزة، حيث استشهد حتى الآن أكثر من 15,000 طفلا إلى جانب استخدام التجويع كوسيلة حرب ضد المدنيين.

ويعود الأمر إلى المحكمة كي تقرر فيما إن توفرت أدلة كافية لتقديم نتنياهو إلى المحكمة.

وجاء في المقال أن "حكومة سوناك وبالإنابة عن بريطانيا حاولت وبهدوء وقف المحكمة، عندما أعلنت عن نيتها تقديم جدال قانوني يشي بأن إسرائيل تتمتع بحصانة في غزة ويمكنها ارتكاب أي جريمة تريد، وهذه مبادرة مشينة، لكن المحكمة الجنائية الدولية منحت حكومة ستارمر فرصة لكي تقرر إن كانت تريد مواصلة التدخل أو عدمه، ولو قررت المواصلة، فستكون قد ارتكبت أول خطأ أخلاقي".


وتضمن المقال أن فلسطين "هي عضو في المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2015، وقررت الجنائية في 2021 أن لديها مجال اختصاص قانوني ( سلطة قانونية) للتحقيق ومعاقبة جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في فلسطين".

واعترضت بعض الدول الأعضاء على هذا القرار، مع أن بريطانيا لم تكن واحدة منها. إلا أن بريطانيا تحاول إفشال المحاكمة بالزعم أن اتفاقا غامضا في 1995 يمنع محاكمة الإسرائيليين بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة، ولا يمنع محاكمة أحدا أخر، بمن فيهم قادة حماس التي وجهت المحكمة اتهامات لثلاثة من قادتها.

وتقدمت بريطانيا بالطلب في أيار/مايو، إلا أن وزارة الخارجية استفاقت على حقيقة عقد انتخابات عامة في بريطانيا، وربما لم تشعر الحكومة ارتياحا به، ولهذا طلبت تمديدا لتقديم جدالها القانوني حتى نهاية تموز/يوليو الحالي.

وحتى ذلك الحين، فيجب على وزير الخارجية أن يقرر فيما إن كان يريد المضي بجداله والقول إن إسرائيل تتمتع بحصانة في غزة.

وأشار المحامي روبرتسون إلى أن مجادلة بريطانيا هي تكرار للأقوال الإسرائيلية وهي أن اتفاقيات أوسلو بين ياسر عرفات وإيهود باراك في الفترة ما بين 1993- 1995 وبمساعدة من الوسطاء النرويجيين تمنع فلسطين من محاكمة الإسرائيليين. 

وناقشت محكمة الجنايات الدولية في حالة عام 2021 أن هذا الكلام "غير ذي صلة" لحقها في محاكمة ومعاقبة جرائم الحرب، ففلسطين هي دولة عضو وأي جريمة في أراضيها تقع ضمن اختضاص الجنائية الدولية.

وبالطبع، يمكن لنتنياهو أن يطرح هذا السؤال أثناء محاكمته، إلا أن قرار بريطانيا طرحه الآن هو لغز. ولم يقدم ديفيد كاميرون (وزير الخارجية السابق) تفسيرا لهذا، وهناك اقتراحات بأن طلب الجدال القانوني قدم بطلب من البيت الأبيض. ذلك أن الولايات المتحدة ليست دولة عضو في الجنائية الدولية، وتتوقع من بريطانيا النظر في مصالحها بالمحكمة.


وشجب الرئيس جو بايدن قرار المحكمة طلب مذكرة اعتقال ضد نتنياهو مع أنه كال الثناء عليها بعدما أصدرت مذكرة اعتقال ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهم ارتكاب جرائم في أوكرانيا.

ويعتقد بايدن أن السبب الواضح وراء ضرورة تخلي وزير الخارجية عن هذه المبادرة الجاهلة هو أنها سخافة قانونية.

فاتفافيات أوسلو ميتة، وكانت هناك محاولات لتحقيق حل الدولتين قبل عدة سنوات وانتهت بالفشل في كامب ديفيد أثناء إدارة بيل كلينتون. وخرق الطرفان بنود الإتفاق، وبخاصة "إسرائيل" التي شجعت المستوطنات غير الشرعية. 

علاوة على هذا لم تكن الجنائية الدولية قائمة في 1995، فقد أعلن عنها عام 2002، وفكرة منعها بموجب بند مؤقت عفا عليه الزمن وتم التفاوض عليه قبل 30 عاما، من التحرك ضد انتهاكات القانون الدولي الجنائي، تدعو على الضحك.

ويقوم جدال "إسرائيل" الذي تبنته بريطانيا (حتى الآن) على فكرة أن فلسطين ممنوعة من محاكمة الإسرائيليين، وهذا يعني أنها لا تستطيع "تفويض" هذه المحاكمة للمحكمة الجنائية الدولية. وهذا خطأ، يقول روبرتسون لأن مدعي عام الجنائية الدولية ليس مندوبا عن فلسطين. 

فكريم خان، مدع عام مستقل يقوم بجمع الأدلة وتقديمها إلى المحكمة ويطلب منها إصدار مذكرة اعتقال، ولا علاقة له بالسلطة الوطنية.

يضاف إلى هذا، فالجنائية الدولية تعمل على مستوى القانون الجنائي الدولي ولا تتعامل مع القوانين المحلية بما تتضمنه من عفو وحصانة وقيود على المحاكمة. 

وكون عدم محاكمة سلطات غزة الإسرائيليين لا يمنع الجنائية الدولية من عمل هذا في مجال القانون الجنائي الدولي، ولو كان الجدال القانوني البريطاني صحيحا، فلن يمنع هذا الجيش الإسرائيلي من وضع الأطفال الفلسطينيين في صف وإعدامهم من نقطة قريبة. ولن يكون هناك حساب ضد أي جريمة ارتكبت ضد الإنسانية، بحسب المقال.

وأضاف المقال "لهذا السبب فالجدال القانوني خطأ وهناك حاجة لتقديم توضيح ولماذا أخبرت بريطانيا المحكمة الشهر الماضي أنها تنوي بالمضي به. 

ومن المفترض أن الطلب القانوني البريطاني جاهز، وكان سيقدم هذا الأسبوع، إلا أنه مدد لأسبوعين، ودفعت كلفته من المال العام، حيث أعده محام مختص. 
ويجب على النائب العام الجديد (محامي القانون الدولي الفاهم) وبشكل عاجل، مراجعة الطلب، وكذا وزير الخارجية ديفيد لامي ثم سحبه.


وقالت وزارة الخارجية في الأسبوع الماضي لـ "الغارديان" إنها تحركت نظرا لأهمية تعامل المحكمة مع اتفاقيات أوسلو.

وجاء في ختام المقال "هذا ليس صحيحا، إلا في حالة استخدام نتنياهو في دفاعه لها أو حالة تدخل دولة أخرى لطرح هذه النقطة السيئة. ولماذا تضيع بريطانيا وقتها وأموالها وتشوه صورتها في مجال حقوق الإنسان، وترتكب هذا الخطأ وتدافع عن هذه الحجة التافهة والتي تقول أنه يجب عدم تحقيق العدالة الدولية لجرائم ضد الإنسانية ارتكبها الإسرائيليون في غزة؟" .

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية نتنياهو ستارمر الجنائية الدولية بريطانيا بريطانيا نتنياهو الجنائية الدولية ستارمر المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجنائیة الدولیة وزیر الخارجیة مذکرة اعتقال إلا أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

ارتفاع عدد الصهاينة المهاجرين إلى 42% بعد تشكيل حكومة نتنياهو

الثورة نت/..

كشفت وسائل إعلام العدو الصهيوني، عن زيادة في أعداد الصهاينة الذين قرروا الهجرة بنسبة 42 في المائة في أعقاب تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو نهاية العام 202م.

وقال موقع “واينت” الإخباري الصهيوني: “كشفت البيانات الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء حكومي عن ارتفاع في عدد الصهاينة الذين اختاروا مغادرة البلاد، حتى قبل اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023م.

وذكر الموقع أنه وفقا لمؤسسة شوريش للأبحاث الاجتماعية والاقتصادية، بالاعتماد على بيانات من المكتب المركزي للإحصاء بـ”إسرائيل”، كانت هناك زيادة حادة بنسبة 42 في المائة في عدد الصهاينة الذين اختاروا العيش خارج حدود “إسرائيل” في الأشهر التي أعقبت تولي الائتلاف “الحكومة” الحالي لنتنياهو السلطة.

وأشارت البيانات إلى أن 24900 صهيونيا غادروا البلاد منذ تشكيل حكومة نتنياهو نهاية 2022 حتى ما قبل السابع من أكتوبر 2023، مقارنة بـ17520 في ذات الفترة قبل تشكيل الحكومة.

وأضاف الموقع: إنه في الوقت نفسه، انخفض عدد الصهاينة العائدين بعد العيش في الخارج بنسبة سبعة في المائة مقارنة بمتوسط العقد الماضي البالغ 12214 مع عودة 11300 فقط في نفس الإطار الزمني من عام 2023م.

وتابع: إن مؤلفي التقرير يحذرون من أن هذا الاتجاه المتصاعد للهجرة قد ينذر بعواقب اجتماعية واقتصادية طويلة الأجل كبيرة، وخاصة إذا استمرت الأزمات السياسية والأمنية السائدة.

وأفاد الموقع الصهيوني بأن الأدلة الإحصائية تشير إلى ضائقة اجتماعية واقتصادية وسياسية أساسية تستدعي التدخل السياسي الفوري.

مقالات مشابهة

  • شاهد: أسير إسرائيلي في غزة يوجه رسالة لوزير في حكومة نتنياهو
  • هآرتس: ائتلاف حكومة إسرائيل يرفض عزل نتنياهو
  • أخبار التكنولوجيا|«ميتا» تواجه محاكمة ضخمة في دعوى ضد الاحتكار.. جوجل تُحدث تغييرات كبيرة في تطبيق الخرائط
  • ما بين مؤيد ومعارض: محاكمة قانون الإجراءات الجنائية الجديد
  • "تجارة ترمب" تواجه اختبار الواقع
  • بسبب شراء واتساب وإنستجرام.. «ميتا» تواجه محاكمة ضخمة في دعوى ضد الاحتكار
  • بقرار صاغته بريطانيا.. مجلس الأمن يمدد العقوبات الدولية على اليمن لعام كامل
  • إسرائيل تشكك بحيادية قاضية في المحكمة الجنائية الدولية
  • الخارجية: دعم وحدة شطري الوطن تحت سلطة المؤسسة الرسمية اختبار حاسم
  • ارتفاع عدد الصهاينة المهاجرين إلى 42% بعد تشكيل حكومة نتنياهو