تحقيق طويل عن تهريب نفط كردستان.. متاهة غير مفهومة ومعظمه من خلال إيران
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
بغداد اليوم -
رويترز
تنطلق المئات من الشاحنات المحملة بالنفط يوميا من مواقع بالقرب من أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق إلى تركيا شمالا وإيران شرقا، مسببة حالة شلل مروري على طرق سريعة جبلية متعرجة في المنطقة.
وتمثل الشاحنات الجانب الأكثر وضوحا في عملية ضخمة لنقل النفط من الإقليم العراقي شبه المستقل إلى إيران وتركيا في صفقات غامضة وغير رسمية استشرت منذ إغلاق خط أنابيب للصادرات الرسمية العام الماضي.
وجمعت رويترز تفاصيل عن هذه التجارة من خلال مقابلات مع أكثر من 20 شخصا من بينهم مهندسو نفط عراقيون وأكراد وتجار ومسؤولون حكوميون وسياسيون ودبلوماسيون ومصادر في قطاع النفط.
ورسمت هذه التفاصيل صورة لتجارة مزدهرة تحمل فيها أكثر من 1000 شاحنة ما لا يقل عن 200 ألف برميل من النفط منخفض الأسعار يوميا إلى إيران وكذلك إلى تركيا -لكن بكميات أقل- وهي تجارة تدر 200 مليون دولار شهريا تقريبا.
وقال مسؤولون عراقيون إن حجم الصادرات غير الرسمية، التي لم يُعلن عنها من قبل، هو أحد أسباب عدم قدرة العراق على الالتزام بتخفيضات الإنتاج المتفق عليها في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) هذا العام.
ولم يرد مسؤولون إيرانيون وأتراك على طلبات للتعليق.
وقال عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط العراقية إن التجارة الكردستانية لم تحصل على موافقة الحكومة العراقية، وإن شركة تسويق النفط العراقية الحكومية (سومو) هي الجهة الرسمية الوحيدة المصرح لها ببيع الخام العراقي.
وذكر أن الحكومة ليس لديها أرقام دقيقة عن كميات النفط التي يتم تهريبها إلى إيران وتركيا.
وقال جيم كرين الخبير بمعهد بيكر في جامعة رايس بمدينة هيوستن الأمريكية “أوبك الآن أقل صبرا على التهريب، ومن المعروف أنها تفرض إجراءات عقابية على الأعضاء المخالفين. أشك في أننا سنرى أي رد فعل ضد بغداد لأنه من المعروف أن المنطقة الكردية لا تخضع لسيطرة السلطات المركزية”.
وأشار مسؤول أمريكي إلى أن هذه التجارة أيضا يمكن أن تضع كردستان على مسار تصادمي مع حليفتها الوثيقة واشنطن التي تجري تقييما حول ما إذا كانت هذه التجارة تنتهك أي عقوبات اقتصادية أمريكية على إيران.
* “لا أثر لعائدات النفط”
وفقا لمصادر ومسؤولين في قطاع النفط ودبلوماسيين، فإن الشاحنات سرعان ما بدأت في نقل النفط الكردستاني إلى البلدين المجاورين وتسارعت وتيرة التجارة هذا العام بعد تعثر محادثات إعادة فتح خط الأنابيب.
وقال مسؤولون محليون إنه ليس هناك حصر ولا تسجيل لأي عائدات من هذه التجارة في خزائن حكومة إقليم كردستان التي تعاني لدفع رواتب الآلاف من موظفي القطاع العام.
وقال النائب علي هوما صالح الذي كان رئيسا للجنة النفط في برلمان كردستان قبل حله في عام 2023 “لا أثر لعائدات النفط”. وقدر حجم التجارة بأكثر من 300 ألف برميل يوميا، وهو أعلى من معظم التقديرات الأخرى.
وقال هيوا محمد المسؤول الكبير في الاتحاد الوطني الكردستاني، أحد الحزبين الحاكمين في الإقليم، إن النفط يمر عبر المعابر الحدودية بعلم سلطات الإقليم والسلطات العراقية.
ولم يرد مسؤولون في حكومة إقليم كردستان على طلبات للتعليق. وليس هناك متحدث رسمي باسم وزارة الثروات الطبيعية في حكومة الإقليم، وهي الوزارة التي تشرف على تجارة النفط في كردستان.
وقال مسؤول أمريكي إن واشنطن تدقق في تجارة النفط لتقييم مدى الالتزام بالعقوبات المفروضة على إيران.
وأحجمت وزارة الخزانة الأمريكية عن التعقيب.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية “العقوبات الأمريكية على إيران لا تزال قائمة، ونتواصل بشكل دوري مع شركائنا فيما يتعلق بتنفيذ العقوبات، لكننا لا نكشف تفاصيل تلك المحادثات”.
وذكر مسؤول كبير في وزارة الثروات الطبيعية في كردستان أن إنتاج النفط في الإقليم يبلغ 375 ألف برميل يوميا، يتم نقل 200 ألف منها بالشاحنات إلى إيران وتركيا وتكرير الباقي محليا.
وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه نظرا لحساسية الأمر “لا أحد يعرف ما مصير عائدات 200 ألف (برميل يوميا) يتم تهريبها إلى الخارج، أو المشتقات النفطية المباعة لمصافي الإقليم”.
* أسعار مخفضة للنفط الخام
قالت مصادر سياسية وفي قطاع النفط إن الشركات النفطية في كردستان تبيع النفط الخام إلى مشترين محليين بأسعار مخفضة تتراوح بين 30 و40 دولارا للبرميل، أي حوالي نصف السعر العالمي لخام برنت، ما يعادل إيرادات لا تقل عن 200 مليون دولار شهريا.
وتسيطر ثماني شركات نفط عالمية على غالبية إنتاج النفط في كردستان هي دي.إن.أو وجينيل إنرجي وشركة جلف كيستون بتروليوم وشاماران بتروليوم وشركة إتش.كيه.إن إنرجي وويسترن زاجروس وشركة كاليرجان التابعة لإم.أو.إل وشركة هنت أويل.
وأجحمت شركة هنت أويل ومقرها الولايات المتحدة عن التعليق. ولم ترد الشركات السبع الأخرى بعد على طلبات للتعقيب، كما لم ترد مجموعة كار (كار جروب) المحلية، وهي لاعب رئيسي في كردستان.
وبينما توقف معظم إنتاج النفط عندما أغلق خط الأنابيب، قالت بعض الشركات، منها دي.إن.أو وكيستون وشاماران، في بيانات إنها بدأت منذ ذلك الحين في إنتاج النفط الخام لبيعه لمشترين داخل كردستان.
وذكرت شركة شاماران أن متوسط سعر النفط الخام الذي باعته في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024 بلغ 36.49 دولار للبرميل، بينما قالت كيستون في يونيو حزيران إن مبيعات الخام من حقل شيخان هذا العام تحقق نحو 28 دولارا للبرميل.
وقالت المصادر في القطاع إن المشترين المحليين المعتمدين يأخذون الخام من شركات النفط ويبيعونه من خلال وسطاء للتصدير، دون علم المنتجين.
وأوضحت معظم المصادر السياسية وفي قطاع النفط أن الغالبية العظمى من النفط المنقول بالشاحنات يذهب إلى إيران عبر المعابر الحدودية العراقية الرسمية، منها معبر حاج عمران أو من خلال بنجوين في الجنوب.
وقالت مصادر سياسية ودبلوماسية وفي القطاع إن النفط الخام يتم تحميله من هناك على متن سفن في موانئ إيرانية بالخليج في بندر الإمام الخميني وبندر عباس، وهو طريق تجاري كان يستخدم في الماضي لصادرات النفط الكردية، أو ينقل برا إلى أفغانستان وباكستان.
ولم تتمكن رويترز من تحديد كيف تستفيد إيران، التي تواجه صعوبات في بيع منتجاتها النفطية بسبب العقوبات، من هذه التجارة، ولا من الذي يحصل على النفط في إيران.
وقال محمد المسؤول الكبير في الاتحاد الوطني الكردستاني إنه يتم إرسال النفط إلى إيران لتكريره وتحويله إلى بنزين.
وأحجمت وزارة النفط الباكستانية عن التعليق. ولم يرد مسؤولون أفغان على طلبات للتعقيب.
* متاهة السوق السوداء
هذه التجارة هي أحدث نسخة من تجارة النفط العراقية طويلة الأمد في السوق السوداء والتي ينظر إليها على نطاق واسع بأنها تعود بالنفع على النخب السياسية المرتبطة ارتباطا وثيقا بالمصالح التجارية.
وقال 12 شخصا إن المسؤولين في الحزبين الحاكمين في كردستان، الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تنتمي إليه عشيرة برزاني والاتحاد الوطني الكردستاني الذي تنتمي إليه عشيرة طالباني، هم المستفيدون.
وذكر مصدر يعمل في تجارة النفط الكردية “هناك متاهة من مندوبي المبيعات في السوق السوداء يحصلون على المال وأشخاص يوافقون على تلك المبيعات. لا يعني ذلك أنهم يغضون الطرف فقط. إنهم يحصلون على حصتهم”.
وقال دبلوماسي كبير في بغداد إن المصالح السياسية مرتبطة بالتجارة لدرجة أن استئناف الصادرات الرسمية عبر خط الأنابيب، الذي كان ينظر إليه ذات يوم على أنه أولوية، تراجع في جدول الأعمال الدبلوماسي.
ولم يرد مسؤولو الحزب الديمقراطي الكردستاني على طلبات التعليق على تجارة السوق السوداء. ولم يعلق محمد، المسؤول في الاتحاد الوطني الكردستاني، على من قد يكون وراء ذلك.
ويقول مسؤولون أكراد إن المنطقة اضطرت إلى هذه التجارة بسبب إغلاق خط الأنابيب، الذي يعتبرونه جزءا من محاولات أوسع تبذلها الأحزاب الشيعية المدعومة من إيران في بغداد للحد من الحكم الذاتي الذي تتمتع به كردستان العراق نسبيا منذ نهاية حرب الخليج الأولى في عام 1991.
وقال مسؤول برلماني عراقي كبير مطلع على شؤون النفط إن بغداد على علم بتفاصيل التجارة لكنها تتجنب الانتقادات العلنية مع سعي المسؤولين إلى حل النزاعات القائمة مع أربيل.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه لحساسية المسألة، أن الضغط على أربيل لوقف تهريب النفط من شأنه أن يحجم الإقليم ويحرمه من كافة مصادر التمويل، ما قد يؤدي إلى انهياره.
وأشار مسؤولون عراقيون إلى تجارة السوق السوداء النفطية في أحاديث خاصة باعتبارها السبب وراء عدم قدرة بغداد على الالتزام بحصص إنتاجها في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وهو ما يشكل نقطة خلاف مع السعودية، الزعيم الفعلي لأوبك.
كما أن العدد الكبير من الشاحنات التي تزحم الطرق السريعة وتتورط في حوادث أحيانا يثير غضب السكان.
وقال رشيد دلك، وهو يزور قبر شقيقه روزكار، الذي قتل في حادث مع شاحنة في مايو أيار الماضي على الطريق السريع بين أربيل والسليمانية المؤدي إلى الحدود الإيرانية “إنه أمر مؤلم للغاية”.
وأوضح “رغم العبور على طرقنا وإتلافها وقتل أحبائنا… لم ير أحد هنا دولارا”.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الوطنی الکردستانی السوق السوداء فی قطاع النفط خط الأنابیب إنتاج النفط تجارة النفط هذه التجارة النفط الخام وقال مسؤول فی کردستان إلى إیران على طلبات النفط فی من خلال ولم یرد
إقرأ أيضاً:
51 ألف شركة جديدة تنضم لعضوية غرفة تجارة دبي خلال تسعة أشهر
سجلت غرفة تجارة دبي، إحدى الغرف الثلاث العاملة تحت مظلة غرف دبي، انضمام 51,561 شركة جديدة إلى عضويتها خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، بنمو 4% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي .
و بلغت قيمة صادرات وإعادة صادرات أعضاء الغرفة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري 224 مليار درهم، لتحقق بذلك نمواً على أساس سنوي بنسبة 7%، في حين أصدرت الغرفة خلال الفترة نفسها 578,268 شهادة منشأ بنسبة نمو سنوية بلغت 7%، كما أصدرت الغرفة واستقبلت الدولة 3,259 دفتر إدخال مؤقت للبضائع بقيمة إجمالية تجاوزت ملياري درهم.
وقال معالي عبد العزيز عبدالله الغرير، رئيس مجلس إدارة غرف دبي: “بفضل الرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي “رعاه الله”، تواصل دبي ترسيخ مكانتها الرائدة في صدارة المراكز التجارية والاستثمارية العالمية، بالتزامن مع الارتقاء بتنافسية بيئة الأعمال الجاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر”.
وأضاف معاليه: “نحرص على مضاعفة الجهود المبذولة لدعم مسيرة التنمية الاقتصادية المتكاملة في دبي بالتعاون مع الشركاء من القطاعين العام والخاص، وذلك من خلال تحفيز نمو الشركات ورعاية مصالح مجتمع الأعمال واستقطاب الاستثمارات الخارجية المباشرة وخلق المزيد من الفرص الواعدة للشركات العاملة في الإمارة على المستوى المحلي والدولي لتعزيز نموها وتوسعها على المدى الطويل”.
وقامت غرفة تجارة دبي بالتعاون مع مجموعات الأعمال بمراجعة 154 قانوناً ومشروع قانون خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري بنسبة اعتماد للتوصيات بلغت 46%، في حين تم عقد 146 اجتماعاً مع مجموعات ومجالس الأعمال من بينها الاجتماعات العمومية السنوية للمجموعات والمجالس، فيما نسّقت الغرفة تنظيم 69 اجتماعاً جمع مجموعات ومجالس الأعمال مع الهيئات والدوائر الحكومية المعنية خلال نفس الفترة. وأسست الغرفة خلال هذه الفترة 7 مجالس أعمال جديدة تمثل جنسيات المستثمرين من كوستاريكا واليونان وبولندا والمكسيك وكولومبيا وكازاخستان وجورجيا.
كما استقبلت الغرفة 131 قضية وساطة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2024 مقارنةً بـ 103 قضية وساطة استقبلتها خلال نفس الفترة من العام الماضي، وبنسبة نمو بلغت 27%.
وبهدف الارتقاء بالاستدامة المؤسسية، أطلقت غرفة تجارة دبي خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري علامة جديدة مخصصة لمعايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة.
وتم تطوير علامة غرفة تجارة دبي في معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة من قبل مركز أخلاقيات الأعمال التابع للغرفة، وذلك بهدف مساعدة الشركات والمؤسسات على تقييم جاهزيتها، ومستوى نضوج تبنيها لهذه المعايير، بالإضافة إلى تقدير جهودها المبذولة في هذا المجال بما يعزز النمو المستدام.
و نظمت غرفة تجارة دبي 27 فعالية قانونية خلال أول تسعة أشهر من العام الجاري شارك فيها 2,111 من ممثلي شركات القطاع الخاص العاملة في مجموعة واسعة من القطاعات، بهدف ضمان امتثال الشركات للقوانين والتشريعات الناظمة لكافة مجالات الأعمال وتعزيز قدرتها على تبنّي أفضل الممارسات.
وعزز مركز دبي للشركات العائلية، الذي يعمل تحت مظلة غرف دبي، من جهوده المبذولة لدعم استدامة وتنافسية واستمرارية الشركات العائلية، حيث نظم خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري 4 فعاليات ضمن سلسلة الحوكمة بحضور 201 مشارك ، وتناولت نماذج واستراتيجيات تخطيط التعاقب القيادي في الشركات العائلية بالإضافة إلى استخدامات الوقف والمؤسسات وصناديق العُهد في الشركات العائلية، إلى جانب دور الحوكمة ودور المرأة في استدامة الشركات العائلية.
وأصدر مركز دبي للشركات العائلية 4 أدلة إرشادية حول مكتب العائلة، وميثاق العائلة، وعقد تأسيس الشركات العائلية، والحوكمة المؤسسية للشركات العائلية. كما تم تخريج الدفعة الأولى من برنامج دبي لإدارة الشركات العائلية التي ضمت 31 منتسباً، في حين حصل 10 مستشارين على شهادات ضمن برنامج اعتماد وإصدار شهادات المستشارين التابع للمركز.
وتم أيضاً تدريب 38 منتسباً من الدفعتين الأولى والثانية من برنامج تدريب الجيل الصاعد من أبناء الشركات العائلية.
وأطلق المركز مكتبة إلكترونية تضم حوالي 2,000 مورد تعليمي متنوع .وام