وزير العدل استقبل وفداً عراقياً.. وهذا ما تم بحثه
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
استقبل وزير العدل القاضي هنري الخوري ظهر اليوم في مكتبه في الوزارة، وفداً عراقياً ضمَّ رئيس الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد ورئيس هيئة النزاهة في جمهورية العراق القاضي حيد حنون، رئيس بعثة جمهورية العراق في لبنان أمين النصراوي، المدير العام للعلاقات مع المنظمات غير الحكومية معتز فيصل العباسي، مدير مكتب الإعلام والاتصال الحكومي علي محمد عبد الرحمن ومسؤولة الملف القانوني في السفارة العراقية زينب كباشي.
بعد الاجتماع، تحدث الوزير الخوري فقال: " رحبتُ بالوفد العراقي الذي زارنا اليوم، والجميع يعرف جيداً بالعلاقة الطيبة والراقية والأخوية بين لبنان والعراق، وقد شعرت فعلا أن العراق من البلدان القريبة جدا منا وهو يتفهم أوضاع لبنان وظروفه، خصوصا الوضع القضائي حيث كان الزملاء القضاة هم الأوائل في تنفيذ قرار مجلس وزراء العدل العرب منذ فترة". أضاف: "تباحثت مع الوفد الذي يضم رئيس هيئة النزاهة، وهو قاضٍ سابق وزميل كريم، في أمور كثيرة منها تحصيل الأموال من الخارج واسترداد بعض الموقوفين، الى شؤون أخرى من الطبيعي أن نتباحث بها مع الأخوة العراقيين، آملين أن نلتقي مجددا في وقت قريب".
بدوره، قال القاضي حيدر حنون : "لقد تشرفنا بلقاء معالي وزير العدل وهو من أسرة قضائية يملك عادة أعضاؤها رؤية واضحة حول مواضيع تتعلق بانتشار الجرائم ومنها جرائم الفساد، وقد تناولنا خلال الاجتماع موضوع مكافحة الفساد وهو ما يتصل بعمل هيئات رقابية وذلك عبر هيئة النزاهة الاتحادية في العراق والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في لبنان، وهذا العمل يتصل بالقضاء و بوزارات العدل وفي شقٍّ منه ما يتعلق باسترداد وتسليم المتهمين، وكذلك تفعيل الاتفاقيات القضائية المشتركة".
وتابع: "بحثنا أيضاً مع معالي الوزير في تسريع الخطى في إطار تسليم المتهمين واسترداد الأموال بين العراق ولبنان إن شاء الله، ونحن في العراق نتعامل مع أشقائنا في لبنان تعامل الإحساس وليس تعامل العقل ونشعر بما يحيط بالجمهورية اللبنانية من مشكلات وضائقة اقتصادية وغيرها".
اضاف:" :وفي موضوع استرداد الأموال نتمنى أن تكون الأمور مسهلة وميسرة وقابلة للتطبيق ونصل الى قناعات مشتركة، ولدينا حاليا في لبنان إثنان من المتهمين الخطيرين بجريمة سرقة الأمانات الضريبية وهي ما تسمى ب"سرقة القرن"، ونحن نسعى للوصول اليهما واستردادهما ان شاء الله بدعم إخواننا اللبنانيين". وتابع: كذلك لدينا رؤية واضحة لوضع أسسٍ لعلاقة مستقبلية مستمرة مع وزارة اللبنانية لكي نضع قواعد جديدة في إطار هذا التعاون المستقبل، ومن ضمن هذه القواعد تبادل الوفود والعمل المشترك في كافة القطاعات القانونية وغيرها، وعلى مستوى وزارة العدل العراق ومجلس القضاء الأعلى، مع العلم أنه بالأساس فإن عملية مكافحة الفساد هي عمل جماعي لا يتعلق بالهيئات الرقابية ومكافحة الفساد فقط بل يجب أن تشارك فيه سلطات أخرى منها الحكومة والمؤسسات التشريعية، وبالتالي فإن كل هذه الجهات اذا لم تعمل بخط واحد ومتوازن وجهد جماعي فلن يتم تحقيق أية إنجازات، وإن تحققت فستكون إنجازات سطحية وقليلة وغير صحيحة، وعليه فإن جمع هذه الجهود مع رؤى مشتركة ولاسيما التعاون لمكافحة جرائم الفساد العابرة للحدود ومنها ما بين العراق ولبنان مما سيقلص مساحة الفساد ويعطي انطباعا جديدا للفاسدين الذين يسرقون أموال بلدانهم ويهربون الى دول أخرى بأن يد العدالة ستصل اليهم والقصاص أينما وجودوا، وسيكون هذا التعاون مع دول أخرى خطوة نحو تقليص هذه المساحات وان شاء الله سنعيد هؤلاء الى منصة العدالة ليحاكموا وفق القانون واسترداد الأموال منهم من خلال الجهود الخيرة الداعمة، وكذلك على مستوى دعم الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد اللبنانية من قبل هيئة مكافحة الفساد العراقية".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الخيار الإيراني ليس قدراً عراقياً!
ليس طبيعياً أن يتغيّر الشرق الأوسط كله وأن تفقد “الجمهوريّة الإسلاميّة” أوراقها في لبنان وسوريا وأن يبقى العراق على ما هو عليه. الطبيعي أن يتغيّر العراق من داخل، وأن يعود للعب دوره على الصعيدين العربي والإقليمي كونه عامل توازن في المنطقة وليس مجرّد “ساحة” إيرانية.
توجد حاجة إلى العودة إلى العراق الذي عرفناه لسنوات وجيزة عندما كان مصطفى الكاظمي رئيساً للوزراء. تميزت تلك السنوات القصيرة، بين ما تميّزت به، باتباع حكومة العراق لسياسة خارجية معقولة توازي بين التعاون مع إيران من جهة وبين الانفتاح على دول الخليج العربي، إضافة إلى مصر والمملكة الأردنية الهاشمية من جهة أخرى.
عاد الكاظمي إلى بغداد للمرّة الأولى منذ ما يزيد على عامين. تذكّر عودة الرجل الذي تعرّض لكل أنواع الهجمات، بما في ذلك محاولة اغتيال عن طريق استهداف منزله بواسطة مسيّرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، بأن لا خيار آخر أمام العراق سوى التصالح مع نفسه أوّلاً. إنّه تصالح بين كل مقومات المجتمع من شيعة وسنّة وأكراد وتركمان، واستعادة للعمق العربي للبلد ثانياً وليس أخيراً. يكون ذلك عبر خلق توازن مختلف داخل العراق، توازن مشابه لما كانت عليه الحال أيام حكومة الكاظمي الذي سعى إلى استعادة الدولة العراقيّة لهيبتها بعيداً عن النفوذ الذي مارسته ميليشيات “الحشد الشعبي” التي لم تكن يوماً سوى أداة في يد “الحرس الثوري” الإيراني. لا هدف للميليشيات المذهبيّة التي يتكوّن منها “الحشد” سوى لعب الدور المطلوب في إخضاع العراق للإرادة الإيرانيّة ورغبات “المرشد الأعلى”.
لم يكن مطلوباً، في طبيعة الحال وفي يوم من الأيام، أن يكون العراق معادياً لإيران. من غير المنطقي لعبه هذا الدور على الرغم من أن الهدف الأوّل للنظام الذي قام في طهران منذ العام 1979 إخضاع العراق من منطلق مذهبي. الدليل على ذلك الحرب العراقيّة – الإيرانية بين 1980 و1988. في أساس تلك الحرب التي اتخذت طابعاً كارثياً على البلدين، الرغبة التي راودت الخميني، منذ سيطرته على إيران، في “تصدير الثورة” إلى البلدان المجاورة. كان العراق الهدف الأوّل للخميني من منطلق أنّ فيه أكثريّة شيعية. أكثر من ذلك، كان لديه حقد ذو طابع شخصي على العراق وكلّ ما هو عراقي.
لعب صدّام حسين، للأسف الشديد، اللعبة التي أرادها مؤسّس “الجمهوريّة الإسلاميّة” وعمل من أجلها. كان الهجوم، الذي شنه العراق على إيران في 1980، ردّاً على سلسلة من الاستفزازات التي تعرّض لها. كان الخدمة الأكبر التي يمكن تقديمها للنظام الإيراني الجديد. في الواقع، لعب صدّام بعقله الريفي، من حيث يدري أو لا يدري، دوراً مهمّاً في تمكين الخميني من إثارة الشعور الوطني الفارسي من جهة وفي تمكينه من التخلص من الجيش الإيراني عن طريق إرساله إلى جبهات القتال من جهة أخرى. لم يكن الجيش الإيراني في مرحلة ما بعد سقوط الشاه مواليا للخميني، بل كان مستعداً للانقضاض على نظام الملالي متى أتيحت له الفرصة. جاءت الحرب مع العراق لتسهل عملية إبعاد القوات النظاميّة عن المدن. قدّم صدام حسين للخميني الخدمة التي كان يحلم بها.
منذ قيام النظام الإيراني الذي يؤمن بنظرية الوليّ الفقيه، وُجدت صيغة تعايش وتبادل للمصالح بين الملالي والإدارات الأمريكيّة المختلفة بدءاً بجيمي كارتر وصولاً إلى باراك أوباما. تغيّرت الأمور في حدود معيّنة مع دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض للمرة الأولى قبل ثماني سنوات. مزّق ترامب الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني وسمح لاحقاً باغتيال قاسم سليماني في الثالث من يناير (كانون الثاني) 2020. كان سليماني الرجل الأقوى في النظام الإيراني بعد “المرشد” علي خامنئي، بل كان قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” رأس الحربة في المشروع التوسّعي الإيراني.
ما تغيّر في الوقت الراهن يتجاوز العلاقات الأمريكيّة – الإيرانية التي عرفت طهران في كلّ وقت التحكم بها عن طريق الابتزاز وهو ابتزاز خضع له الرؤساء الأمريكيون بكلّ طيبة خاطر. ذهب جورج بوش الابن في العام 2003 إلى أبعد من التعاون مع “الجمهوريّة الإسلاميّة”؛ ذهب إلى حدّ تسليم العراق على صحن من فضّة إلى إيران!
ما تغيّر في العمق، في أيامنا هذه، خسارة “الجمهوريّة الإسلاميّة” الحروب التي خاضتها على هامش حرب غزّة. مع خسارة هذه الحروب، خسرت سوريا في ضوء فرار بشار الأسد إلى موسكو. خسرت لبنان بعدما هزمت إسرائيل “حزب الله” شرّ هزيمة. لم يبق لإيران في المنطقة سوى العراق. لا أهمّية لليمن والحوثيين سوى في حدود معيّنة، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار أن الاقتصاد المصري، وليس الاقتصاد الإسرائيلي، يعتبر المتضرر الأوّل من سعي الحوثيين إلى تهديد الملاحة في البحر الأحمر.
التقط مصطفى الكاظمي اللحظة الإقليمية ليعود إلى بغداد، على الرغم من كل التهديدات التي يتعرّض لها. من الواضح أنّه بات أمام العراق خيار آخر، غير الخيار الإيراني. قد تكون تلك الرسالة هي التي حملها مصطفى الكاظمي إلى بغداد مع ما تعنيه من إمكان إقامة تحالف عريض يضمّ الشيعة العرب والسنّة والأكراد والتركمان ومجموعات أخرى ترى في العراق المتوازن مشروعا قابلا للحياة بدل أن يكون العراق مجرّد تابع لـ“الجمهوريّة الإسلاميّة”.
أمام العراق فرصة لنزع النير الإيراني والعودة إلى لعب دوره على الصعيد الإقليمي في ظلّ نوع من التوازن لم يستطع المحافظة عليه بعد انتخابات 2022… التي تنكّر مقتدى الصدر لنتائجها بشكل مفاجئ بعد فوز تياره فيها. مرّة أخرى ليس منطقيا أن يكون العراق في مواجهة مع إيران. المنطقي أن يرفض البقاء تحت هيمنة “الحشد الشعبي” من جهة وأن يثبت، من جهة أخرى، أن المشروع الإيراني القاضي بالهيمنة على البلد ليس قدراً.