قبل شهر ونصف من الان تقريباً تفاجأ الحوثيون بصدور القرار رقم 20، الذي اتخذه البنك المركزي اليمني في عدن، بوقف التعامل مع 6 من أكبر البنوك اليمنية العاملة في مناطق سيطرة الميليشيا.

ومنذ عام 2016 إبان نقل مقر البنك المركزي من صنعاء بعد سيطرة الحوثيين عليها بقوة السلاح، والمحاولات مستمرة لإقناع الجماعة للإيفاء بالتزامات البنك المركزي وتوفير الشروط الملائمة لممارسة النشاط المصرفي بكل حيادية وشفافية في المناطق التي يسيطرون عليها، وفقاً لمحافظ البنك المركزي أحمد المعبقي.

يقول المعقبي: البنك المركزي صبر على كثير من التجاوزات والاستفزازات والانتهاكات لعل الطرف الآخر يسمع لنصح محبيه، وهم كثر في المجتمع الدولي، ويوفر الحد الأدنى من الظروف الملائمة لعمل القطاع المصرفي.

لكن المعبقي، الحاصل على بكالوريوس في العلوم المالية والاقتصادية من جامعة البترول والمعادن قبل نحو 4 عقود، يعبِّر عن أسفه لعدم التزام ميليشيات الحوثيين، ويقول: «للأسف الميليشيا تجاوزت كل الخطوط الحمراء، التي لا يمكن السكوت عليها، التي باتت تهدد الاقتصاد الوطني والنظام المصرفي بأكمله، وتهدد تعاملاتنا مع العالم».

وشمل قرار وقف التعامل البنوك التالية: «التضامن»، و«اليمن والكويت»، و«اليمن البحرين الشامل»، و«الأمل للتمويل الأصغر»، و«الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي»، و«اليمن الدولي».

تبعات القرارات  

قال خبير اقتصادي يمني، إن قرار البنك المركزي اليمني بشأن إلغاء تراخيص البنوك الستة الرئيسية في البلد؛ كان متوقعا في ظل عدم الاستجابة لقرار البنك المركزي اليمني نقل مقراتها الرئيسية إلى العاصمة المؤقتة عدن والخضوع للقوة الغاشمة من قبل جماعة الحوثي بعدم السماح لها بتلبية قرارات مركزي عدن.

وكان البنك المركزي قد أصدر مؤخرا قرارا يقضي بإلغاء تراخيص البنوك الستة الرئيسية في البلد: التضامن، الكريمي، اليمن والكويت، اليمن والبحرين الشامل، وبنك الامل للتمويل الأصغر وبنك اليمن الدولي.

وأضاف رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، أن القرار خطير ومحوري في تأثيره على النشاط المصرفي في مناطق سيطرة جماعة الحوثيين، حيث سيعمل على " عزل القطاع المصرفي في مناطقها".

وأوضح مصطفى نصر في منشور له على "فيسبوك"، أن السماح لفروع البنوك الستة بالعمل في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا يعطيها فرصة نجاة جزئية من الانهيار الكامل والاستمرار في تقديم التزاماتها للمواطنين.

ويتوقع نصر أن يتجه البنك المركزي اليمني إلى استهداف شركات الصرافة و شبكة التحويلات غير المرخصة في مناطق سيطرة الحوثي وهي الشبكات التي تعتمد عليها الجماعة في التمويل أكثر من البنوك.

وأشار إلى أن القرار الحالي للبنك المركزي في عدن وما اتخذته جماعة الحوثي من قرارات كقانون منع المعاملات الربوية وسك عملة جديدة يجعلنا أمام حرب اقتصادية شاملة لن تتوقف عند البنوك وشراكة الصرافة.

ولفت إلى أنه سبق وقال بأن هذا القرار لن يعالج مشكلة تدهور الريال اليمني أمام العملات الصعبة بصورة مباشرة، وإنما يأتي في سياق استعادة البنك المركزي للسيطرة والتحكم بالسياسة النقدية، ويمكن ان يشكل عاملا مساعدا يمكن البنك من القدرة على ضبط سعر الصرف.

وأضاف: لكن البنك بحاجة إلى معطيات أخرى تتمثل بحصوله على واردات من النقد الأجنبي الذي يكاد شبه منعدم بسبب وقف تصدير النفط وعدم ديمومة الدعم الخارجي.

تجفيف العرض النقدي

 يؤكد رشيد الآنسي، وهو خبير اقتصادي، أن قرارات البنك المركزي اليمني الأخيرة قطعت اتصال الحوثيين بالعالم من الناحية المالية، كما أدت إلى تجفيف العرض النقدي الدولاري الذي كان يتدفق عبر الحوالات الدولية لمناطق سيطرتها سابقاً.

وقال إن إجراءات البنك المركزي في عدن لم تكن تستهدف البنوك بحد ذاتها، بل اقتصاد الجماعة، وأفاد أن الحوثيون يعلمون أنهم استفادوا من القطاع المصرفي منذ انقلابهم حتى الآن استفادةً كبيرةً في تهريب الأموال وتمويل السلع، وحتى في استيراد قطع غيار الأسلحة والطائرات المسيّرة.

وأضاف الآنسي: سحب البساط من المليشيا بالنسبة للبنوك له تبعات عدة، من ناحية أولى قطع الاتصال مع العالم من الجانب المالي، وأصبح لا يمكنهم الاتصال مع العالم أو إجراء حوالات قانونية ضمن النظام المالي العالمي.

وتابع: الأمر الثاني، هو أن معظم الحوالات الواردة من الخارج كانت تصل إلى مناطق سيطرة الحوثيين التي تضم وكلاء التحويلات الدولية الرئيسيين مثل ويسترن يونيون وموني غرام وغيرهما، الآن بعد هذه العقوبات ومنع الحوالات الدولية سوف تتحول كل الحوالات الواردة لمناطق الشرعية، وبالتالي لن يكون لدى الحوثيين أي عرض نقدي من الدولار سوى ما يتم تحويله من مناطق الحكومة الشرعية، ولذلك نسمع هذا الصراخ من الحوثيين لأنهم يعرفون مدى تأثير ذلك فيهم.

ووصف الآنسي القرارات الأخيرة بـالقوية والاستثنائية، وقال: منذ الانقلاب الحوثي ونقل البنك المركزي إلى عدن، لم تُتَّخذ مثل هذه القرارات بعد تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية والقرصنة في البحر الأحمر واستهداف السفن تَغيَّر المزاج الدولي.

وفي معرض تفسيره لهذه القرارات الحاسمة، أشار المعبقي إلى أن تصنيف جماعة الحوثيين إرهابيةً خلق وضعاً صعباً للقطاع المصرفي برمته، وليس البنوك الواقعة تحت سيطرة الميليشيا فقط، مما حتَّم على البنك المركزي التحرك لتوفير الحد الأدنى من المعايير المصرفية، التي يقبل بموجبها العالم التعامل مع أي بلد.

قرار سيادي

وشدد المعبقي الذي عُيِّن محافظاً للبنك المركزي في ديسمبر 2021، خلال حديث إعلامي في عدن فور إصدار القرار رقم 20، على أن القرار يمني سيادي، ذو طابع نقدي ومصرفي، ولا علاقة له بالوضع الإقليمي أو الدولي.

وأشار إلى أن أخطر الانتهاكات والتجاوزات الإقدام على سك عملة مزورة بواسطة كيان غير شرعي ولا قانوني وإنزالها للتداول، وهنا بات محتماً على البنك المركزي وضع حد لهذه الانتهاكات الصارخة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهو ما لقي تفهماً ودعماً إقليميَّين ودوليَّين على حد تعبيره.

وتابع: البنك المركزي يعمل وفقاً للقانون وليس وفقاً للتوجيهات والتوجهات، محذراً الحوثيين بقوله: ماضون في تنفيذ القرار بكل مراحله، وفقاً للخطة المقررة، كما أننا منفتحون للحوار للوصول إلى حلول، ولا نرغب في التصعيد ولا التعقيد، ولكن لن نسمح باختراق المعايير وتجاوز الخطوط الحمراء.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: البنک المرکزی الیمنی فی مناطق سیطرة جماعة الحوثی إلى أن فی عدن

إقرأ أيضاً:

حلف قبائل حضرموت يدعو للقاء عام لتدارس الموقف من زيارة العليمي للمحافظة

دعا حلف قبائل حضرموت، الأحد، للقاء عام لقبائل المحافظة، لتدارس الموقف تجاه زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى المحافظة.

 

وذكر الحلف في بيان مقتضب على حسابه في منصة فيسبوك، دعوته قبائل حضرموت للقاء عام لقبائل المحافظة لتدارس الموقف من زيارة العليمي بعد أنباء عن ارتباطها بترتيبات تصدير النفط وفقا لاتفاق خفض التصعيد الذي دخل حيز التنفيذ مؤخرا بين الحوثيين والحكومة اليمنية برعاية أممية وترتيبات سعودية.

 

ويوم أمس، عبر مؤتمر حضرموت الجامع، عن رفضه لزيارة مرتقبة لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى محافظة حضرموت شرق البلاد، في ظل تجاهل مطالبه بإشراك حضرموت في مفاوضات الحل السياسي لإنهاء الأزمة في البلاد.

 

وقال مؤتمر حضرموت الجامع في بيان له، إنه تابع الأنباء التي تفيد بزيارة مرتقبة لرئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى حضرموت، والتي تعيش في ظروف معيشية وخدمية مزرية واحتقان مجتمعي واسع بسبب حالة البؤس والمعاناة التي يعيشها أبناء المحافظة.

 

وأضاف أن محافظة حضرموت لم تلاق من هذه الجهات ـ المجلس الرئاسي والحكومة والسلطات المحلية ـ ما تستحقه على مكانتها المستحقة.

 

وأكد البيان، أنه جرى عمدا عدم اشراك محافظة حضرموت كطرف أساسي في أي تعاملات تخص الشأن اليمني أسوة بالأطراف الأخرى، بالإضافة لحالة الإقصاء التي تعيشها في كافة المجالات بالرغم من كل التضحيات والمواقف التي قدمتها حضرموت.

 

وأشار إلى أن مؤتمر حضرموت الجامع يرفض زيارة العليمي للمحافظة، معبرا عن عدم ترحيبهم بزيارته، حتى تنفيذ المطالب واعطاء حضرموت المكانة المستحقة.

 

والثلاثاء الماضي، أعلنت الأطراف اليمنية توصلها لاتفاق برعاية أممية، يقضي بإلغاء قرارات البنك المركزي اليمني التي كان قد أعلنها في مايو الماضي، وتنص على نقل البنوك الواقعة في نطاق سيطرة الحوثيين إلى مدينة عدن، ثم ما أعقبها من قرارات بقطع السويفت عن البنوك الستة لإرغامها على الانتقال.

 

وفي 30 مايو/ أيار المنصرم، أصدر البنك المركزي اليمني في مدينة عدن المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد، قراراً قضى بإيقاف التعامل مع 6 من البنوك والمصارف اليمنية، بعد انتهاء المهلة المحددة بـ60 يوماً لتنفيذ قراره بنقل مراكزها الرئيسية إلى عدن. كما أبلغ نظام الـ "سويفت" بوقف التعامل معها. وهو ما أدَّى إلى تصاعد التوتُّر بين الحوثيين من جهة والحكومة الشرعية والمملكة العربية السعودية من جهة أخرى.

 

وهددت جماعة الحوثي -على إثر هذه القرارات- باتخاذ عمليات عسكرية ضد المصالح السعودية، وهو ما استدعى تدخلًا مِن قبل مبعوث الأمين العام للأمم المتَّحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، حيث طالب بتأجيل تنفيذ هذه القرارات إلى نهاية شهر أغسطس القادم.

 

وهاجم زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، المملكة العربية السعودية، حينها على خلفية التصعيد الاقتصادي، مؤكدا أن البنوك والمطارات والميناء "خطوط حمراء". وقال "البنك مقابل البنك والمطار مقابل المطار".


مقالات مشابهة

  • عالية نصيف: سياسة البنك المركزي تدفع المصارف العراقية نحو الإعدام!
  • ضغوط أمريكية تدفع البنك المركزي العراقي لإغلاق ودمج المصارف المتعثرة
  • الحكومة اليمنية: إجراءات البنك المركزي حققت أهدافها
  • “المركزي الصيني” يضخ 30 مليار دولار سيولة في النظام المصرفي عبر إعادة شراء عكسية
  • الرئيس اليمني يرد على انتقادات تراجعه عن قرارات البنك المركزي
  • ماذا بعد خفض التصعيد الاقتصادي بين الحوثيين والحكومة اليمنية؟
  • البنك المركزي الصيني يضخ 57ر301 مليار يوان في النظام المصرفي
  • الزنداني يبحث مع السفير السعودي جهود السلام في اليمن
  • حلف قبائل حضرموت يدعو للقاء عام لتدارس الموقف من زيارة العليمي للمحافظة
  • تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين