الكتابة في زمن الحرب (30): حول أسباب فشل المجتمعات
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
في هذا النص سوف نتناول موضوعًا هامًا عن أسباب فشل المجتمعات وسبل العلاج. وسوف نحاول قدر المستطاع ان يكون النص مبسط عله يكون مدخلاً يقود الي حوار اوسع واشمل يفيد في توعية الاجيال للحفاظ على مجتمعاتهم.
ماهي أسباب فشل المجتمعات:
من المعروف أن نجاح المجتمعات وفشلها يتوقف على بنيتها الأساسية. وهناك عدة عوامل تسهم في فشل المجتمعات، منها:
1.
عندما تسود الأمية الفكرية ويزداد التعصب للرأي الواحد، تتعطل فرص التفكير النقدي والإبداع.
2. الفساد الإداري والسياسي:
الفساد يضعف مؤسسات الدولة، ويحول دون تحقيق العدالة والمساواة.
3. الاقتصاد المتدهور:
ضعف الاقتصاد يؤدي إلى بطالة وفقر، مما يزيد من معدلات الجريمة ويؤثر على الاستقرار الاجتماعي.
4. التعليم الضعيف:
نظام تعليمي فاشل يؤدي إلى جيل غير قادر على مواجهة التحديات، بالإضافة
5. غياب القيم والأخلاق:
فقدان القيم المجتمعية والأخلاقية يؤدي إلى تدهور العلاقات الاجتماعية وزيادة الفوضى.
6. التبعية والتقليد الأعمى:
التبعية للخارج وتقليد النماذج الفاشلة دون مراعاة السياق المحلي، والتكاسل عن العمل والإنتاج.
7. الإعلام المضلل:
وسائل الإعلام غير المسؤولة تساهم في نشر الشائعات والمعلومات المغلوطة، مما يزيد من الارتباك والفوضى وتصديق الدجل والخرافة.
كيفية علاج الفشل
1. تعزيز التعليم والتوعية:
الاستثمار في التعليم والتأكيد على أهمية التفكير النقدي والابتكار. العمل على تشجيع البحث العلمي ودور النشر والمكتبات وتوفير الكتاب لكل أعضاء المجتمع.
2. مكافحة الفساد:
وضع قوانين صارمة لمكافحة الفساد وضمان الشفافية في جميع المؤسسات والعمل على مبدأ معاقبة الشريف والوضيع.
3. تحقيق العدالة الاجتماعية:
توفير فرص متساوية للجميع وتحقيق توزيع عادل للموارد، مما يشجع على تخفيف الضغط على المدن من خلال تنمية المجتمع الريفي.
4. تنمية الاقتصاد:
تنويع الاقتصاد وتحفيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة لخلق فرص عمل.
5. تعزيز القيم والأخلاق:
التأكيد على القيم الأخلاقية والدينية والاجتماعية من خلال الأسرة والمدرسة والإعلام ودور العبادة والدعوة إلى الخير.
6. الإعلام المسؤول:
تنظيم الإعلام بكل أنواعه وتشجيع الصحافة الاستقصائية والمستقلة لنشر الوعي والمعرفة. تشجيع إنشاء مراكز الشباب والمسارح والسينما، وكذلك المكتبات العامة ومكتبات المدارس ولو باليسير من الكتب التي تشجع الجيل على القراءة والمعرفة.
7. الاستقلال الفكري:
تشجيع التفكير المستقل وعدم الاعتماد الكلي على الأفكار المستوردة أو تبنيها، مع مراعاة الظروف المحلية.
تحقيق هذه الخطوات يتطلب جهودًا جماعية من الحكومة والمجتمع المدني والأفراد، والعمل على تعزيز الوعي بأهمية التغيير الإيجابي والتعاون لتحقيقه.
مع كامل احترامي وتقديري،
عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة
osmanyousif1@icloud.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
العملاق مصطفى بيومي.. أديب عشق الكتابة وموسوعي أدمن القراءة وناقد يزن حروفه بميزان الذهب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
فقيرة تلك اللغة التى لا تٌنبت صبارًا أو ريحانًا على قلوب تآلفت، تحابت، انصهرت واندمجت حتى صارت قلبًا واحدًا ثم تفتتت على صخرة يسمونها سنة الحياة، مزقها جبروت الذى يطلقون عليه "الحقيقة الوحيدة" فى هذه الدنيا! أحببت الأستاذ مصطفى بيومى كما لم أحب أحدًا بعد والدي، واستمعت إليه بشغف، تتلمذت على يديه دون أن يقصد هو ذلك أبدًا. أستمع إليه عبر الهاتف فأدون ما يقول بالحرف، اجتمع معه فى صحبة دون ثالث، يشاطرنا المحبة والأنس والسمر، فتتحول ذاكرتى الهشة إلى حافظة واعية لكل كلمة نبس بها أستاذي، فأعود إلى بيتى ناثرًا كل ما رٌزقت به من اللآلئ والنفائس على صفحات أجندتى الأثيرة فلا تضيع هذه الكنوز أبدًا.
الأستاذ مصطفى بيومى هو الإنسان البسيط؛ "إنسان" بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان عظيمة وسمو جعل الله الملائكة تسجد له! إنسان لا حد لوضوحه، لا نهاية لعطائه، أديب عشق الكتابة، موسوعى أدمن القراءة، ناقد يزن حروفه بميزان الذهب، جاد حد الصرامة، متواضع دون ابتذال، اعتاد السكينة، يعشق الجمال، معطاء، ربما يجور على نفسه وحقه كثيرًا!
يقرأ ويكتب فى خلوته المقدسة، ناسكًا متعبدًا، لا يروم إلا الصفاء والهدوء، لا يرجو من دنياه إلا أن يظل ممسكًا بقلمه، ليكتب حتى يلقى ربه! الكتابة شغفه، عشقه الأول والأخير، لا يسعى إلى مجد أو شهرة، يحترف الصمت، ينصت باهتمام، ينصح بإخلاص، لا يريد جزاءً ولا شكورًا.
لا أستطيع أن أضع "كان" فى جملة على شرفها يتربع الأستاذ هادئًا مطمئنًا. فليس إنصافًا أن نتجاوز فى حق مَن أعطى كل سنوات عمره للفكر والإبداع والثقافة والوطن دون انتظار لمردود أو مكاسب أبدًا فنعده من "الأموات" وننكر خلوده!
"ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون".. وأنا "على حسن" أشهد الله على أن هذا الإنسان العظيم جاهد فى سبيل الكلمة، بذل جٌل ماله من أجل الكتاب والثقافة، عمل بكل طاقته من أجل أمة يؤمن إيمانًا راسخًا بأنها "الأمة المصرية" تستحق كل ما هو أفضل وأعظم مما هى فيه.
لم يكتف العملاق مصطفى بيومى بطاقاته الجبارة فى المثابرة والمداومة المذهلة على القراءة والكتابة فى صومعته، فإذا به يتجاوز طاقته هذه إلى الحد الذى لم يحتمل بنيانه الضعيف وجسده الضئيل وعزوفه عن الطعام لساعات طويله، واكتفائه بالتدخين والكافايين من شاى وقهوة فانهار هذا الجسد ولم يصمد طويلًا أمام أحلام جبارة ورغبات مهولة يريدهما صاحبه الجبار، ويطوق إلى تحقيقهما!
إنه الأستاذ مصطفى بيومي؛ الذى كتب الله لى أن أصبح أحد تلاميذه المخلصين، وهو ينكر أن له تلاميذ!
ليس لأنه لم يكن أستاذًا لكل الذين اقتربوا منه، ينهلون من علمه وأدبه وثقافته الموسوعية، وإنما لتواضعه، حد إنكاره أنه أستاذ، له حواريون!
ينكر أستاذيته فيقول: (.... ليس لى تلاميذ أبدًا. لم أفكر يومًا فى هذا، بل ليست مطروحة فى مخيلتى نهائيًا، بل العكس صحيح، لو أن هناك علاقة تجمع بينى وبين شخص، يصغرنى بثلاثين عامًا فى المجال الثقافي، فإنى أتعلم منه، التعليم المتبادل هو الأصح والأهم. إذا تفوقت على هؤلاء الشباب بالقراءة والثقافة بحكم السن، فإن هؤلاء الصغار على وعى عظيم بإيقاع الحياة، لأنهم الأصغر سنًا، والأقدر على التكيف، وهى ميزة مهمة، ربما لا نستفيد منها. إن فكرة الأستاذية فى المجال الأدبى أو النقدي، غير جيدة؛ ربما تكون مقبولة فى المجال الأكاديمي، حين تناقش رسالة الماجستير أو الدكتوراة مع أستاذك، فتتأثر به وبفكره، مثل شكرى عياد، لويس عوض، عز الدين إسماعيل، عبد المحسن طه بدر، كل هذه الأسماء العظيمة، تستطيع بحكم وظيفتها الأكاديمية، أن تمارس الأستاذية على طلابها داخل الجامعة، لكن نجيب محفوظ مثلًا، وهو مَن هو فى الأدب والرواية، هل له تلاميذ؟ الحقيقة أن نجيب محفوظ أب كبير، والحقيقة أيضًا أنه يُخَرِّج لنا أبناء كثر، لكنهم مختلفون عنه، وهذا أعظم ما فيه. الخراب العظيم حين يحب الابن والده فيقلده؛ الأستاذ يعلم تلاميذه منهجًا، أساسه هو أنك لابد أن تكون مختلفًا عني. هذه هى تجربتى مع الأستاذ نجيب محفوظ، الذى أحبه جدًا، ولكن لم أفكر لحظة واحدة فى تقليده.).
هذا هو فكر الأستاذ؛ الملتزم دائمًا بالإنسان، والمهموم بقيمته وإعلاء شأنه، لم يكن يومًا ملتزمًا بنظرية سياسية، أو قضية دينية، أو مذهب أخلاقي، أو شعارات، إن التزامه الوحيد ككاتب هو التزامه بالإنسان، ويؤمن أشد الإيمان بأن الإنسان مخلوق عظيم، فى قوته وضعفه، جدير بالتعاطف أيًا كان وضعه.
تكمن عظمة الإنسان فى هذا المزيج الفذ، خليط القوة والضعف، فلا يوجد بشر معقمون، ماكينة ألمانية تمشى على قدمين دون خطأ أو عيب، فإذا أردت هذه النوعية من البشر، فأنت تسطح الشخصية الإنسانية!
هذا الأديب العاشق للكتابة، هو فى الحقيقة عاشق للتطهر؛ يرى الأزمات التى يحياها تفجر مجالًا للكتابة الجيدة، هذه الكتابات "الجيدة" تُعد نوعًا من العلاجات زهيدة الثمن. اندماج الكاتب فى عمل أدبى جديد، هو نوع من التطهر، يحدث بالاندماج والكتابة. ربما هذه الكتابة لن تأتى بالمال والشهرة، لكنها تحدث إشباعًا لا مثيل له، يجعل الكاتب متوافقًا مع الحياة، قادرًا على المواصلة. التطهر الحادث بالكتابة، هو حائط صد ضد الأمراض النفسية، ونعمة عظيمة منحها الله لعدد قليل جدًا من الناس، هم الكتاب الحقيقيون، أما هؤلاء الذين لا يكتبون ولا يقرأون، هم مشغولون دائمًا بما يتعرضون له من أزمات، وشعور بالضعف وعدم القدرة على الصمود، على التأثير، على الاستيعاب والتحقق والاستمتاع بالحياة.
كيف سيقضى راهب الفكر والأدب حياته السرمدية دون أن يمارس الشيء الوحيد الذى عشقه فى حياته؟ كيف سيصبر مصطفى بيومى على فراق كتابه وقلمه؟ كيف ستمر عليه الساعات والأيام دون أن يعيد قراءة "المسيح يصلب من جديد" و"الإخوة الأعداء"؟.. أنا على يقين أن اللحظة الأولى للأستاذ مصطفى بيومى فى عالمه الجديد الرحب السماوي، سوف يفتش عن أحبابه وأصدقائه، سوف ينادى على كازانتزاكيس، نجيب محفوظ، تشيخوف، يحيى حقي، النفري، يوسف إدريس، البحتري، صلاح جاهين. سوف يعيش معهم فى صومعتهم، جنتهم، عالمهم السحري، سوف يقدمون إليه نخب الترحيب وسلامة الوصول، والانعتاق من عالم دنيوى أنوى مشوه!
أكاد أجزم بأن هؤلاء الأنبياء الأفذاذ يقودهم "أبو العلاء المعري" سوف يرقصون رقصة "زوربا" ترحيبًا بصديق لهم طال انتظارهم له. إنه حفل استقبال أسطورى لهذا الإنسان الوديع الفذ "مصطفى بيومي"، فى أجواء شتوية يعشقها الأستاذ، وكم تمنى أن يكون العام كله "ديسمبر".
أرى الآن بعينى الدامعتين "الأستاذ" بين أيديهم مرحبين به، يسألونه: "ماذا تحب أيها الصديق الذى طال انتظارنا له وتمنينا قدومه؟".
وها أنا أسمع "الأستاذ" يجيبهم فى خجله المعتاد قائلًا: لنبدأ بسورة "الجن" بصوت صديقى الأثير الشيخ "محمد رفعت" ثم نستمع إلى طقطوقة "يمامة بيضا" التى وضع فيها صديقى المصرى اليهودى "داوود حسني" كل عصير الشجن الممكن تخيله، أسمعها بصوته إن أمكن، أو بصوت الست "منيرة المهدية" أو لصاحب الصوت الأجش الصادق الشيخ "زكريا أحمد".. فأنا أحب "يمامة بيضا" لأنها تعبر عن الفقد الجميل، وأنا تركت فى الدنيا أناس أحببتهم وأحبوني، أعتقد أنهم مثلكم يا رفاق، يشتاقون إليً كما كنتم تشتاقون إليً وزيادة!.