بقلم بدر موسى
ماجستير برامج دعم التنمية في دول العالم الثالث (2000)، جامعة أيوا، الولايات المتحدة
يدرس حالياً في ماجستير التدريس والتعليم، جامعة أيوا، الولايات المتحدة
bederelddin@yahoo.com

"والتبشير بالإسلام أمر يتطلب أن يكون المبشِّر، من سعة العلم بدقائق الإسلام، وبدقائق الأديان، والأفكار، والفلسفات المعاصرة، بحيث يستطيع أن يجري مقارنة تبرز امتياز الإسلام على كل فلسفة اجتماعية معاصرة، وعلى كل دين، بصورة تقنع العقول الذكيَّة".


محمود محمد طه، 1972

تعريف مختصر بالكتاب: هيكل الكتاب
العبودية هي غاية الحرية

ذكر المؤلف بأن الأستاذ محمود كان أسبق من البروفيسور أمارتيا فقد طرح رؤيته في كتبه منذ خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي، بينما جاءت رؤية سن في العام 1999. وفي الوقت الذي لا يعطي فيه سن اعتباراً للجانب الروحي، فإن طه يرى بأن البيئة التي يعيش فيها الإنسان هي بيئة روحية ذات مظهر مادي. وأن الاضطرابات التي يشهدها عالم اليوم، ترجع إلى سبب أساسي، وهو مدى التخلف بين تقدم العلم التجريبي، وتخلف الأخلاق البشرية. ويرى بإن العلم التجريبي الحديث رد مظاهر المادة المختلفة، التي تزخر بها العوالم جميعها، إلى أصل واحد، هذا الاكتشاف الجديد، كما يرى طه، يواجه الإنسان المعاصر بتحد حاسم، فالعلم المادي التجريبي، والعلم الروحي التجريبي، التوحيدي، اتحدا اليوم في الدلالة على وحدة الوجود. ولهذا فإن عليه أن يوائم بين حياته وبين بيئته هذه القديمة الجديدة، وبهذه المواءمة والتناسق يكون الرجوع إلى الله بعقولنا، بل وبكل كياننا، حتى نحقق العبودية لله. والعبودية لله، عند طه، هي غاية الحرية، وكلما زاد العبد في التخضع لله، كلما زادت حريته. فبالعلم المادي التجريبي لا نستطيع الرجوع إلى الله، وإنما أسرع الطرق للرجوع لله يكون عن طريق الفكر، النابت في البيئة الروحية. والفكر، كما يرى طه، أسرع من الضوء، وبالطبع أسرع من الآلة التي ينجزها العلم التجريبي. ولهذا فإن قواعد الأخلاق البشرية إذا لم ترتفع إلى هذا المستوى فترد جميعها إلى أصل واحد، الأصل الروحي، كما ردت ظواهر الكون المادي إلى أصل واحد، فإن التـواؤم بين البيئـة، وبيـن الحيـاة البشرية، سيظـل ناقصاً، وسيبـقى الاضطراب الذي يعيشه عالم اليوم مهدداً الحياة الإنسانية على هـذا الكوكب بالعجـز، والقصـور، في أول الأمر، ثم بالفناء والدثور، في آخر الأمر.

الحرية غاية التنمية وهدفها الأسمى ووسيلتها الأساسية

قدم الكتاب مقاربة بين المفكر السوداني الإنساني محمود محمد طه، صاحب الفهم الجديد للإسلام، الذي حُكم عليه بالإعدام وتم تنفيذ الحكم في العاصمة السودانية، الخرطوم في 18 يناير 1985، وعالم الاقتصاد والفيلسوف الهندي أمارتيا كومار سن، الحائز على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية عام 1998، وأستاذ الاقتصاد والفلسفة، حالياً، بجامعة هارفارد، الولايات المتحدة. تمحورت المقاربة حول رؤية كل منهما للتنمية. جاءت رؤية سن في كتابه الذي نُشرت نسخته العربية بعنوان: التنمية حرية: مؤسسات حرة وإنسان متحرر من الجهل والمرض والتخلف، 2004. ويقول عبدالله إن البروفيسور أمارتيا "يرى بأن الحرية هي غاية التنمية وهدفها الأسمى ووسيلتها الأساسية، وأن التنمية ما هي إلا عملية توسيع في الحريات الحقيقية التي يتمتع بها الناس، وأن الإنسان هو محورها وغايتها". والتنمية عند أمارتيا، كما كتب عبدالله،"لا تتحقق بزيادة الدخل فحسب، وإنما عبر تعزيز قدرات الناس. فالقدرات تُمكن من فرص الاختيار وصنع الحياة، والحرمان منها هو مقياس للفقر أكثر اكتمالاً من مقياس الدخل". وأوضح عبدالله بأن العالم احتفى احتفاءً واسعاً بالكتاب، "إذ وصفه البعض بأنه أول كتاب في تاريخ الفكر الإنساني يجمع في طرحه بين التنمية والحرية. ورأى البعض الآخر أن سن نجح في تحرير التنمية من الاتجاهات المسيطرة والمفاهيم السائدة، بعد أن اختزل السياسيون والاقتصاديون التنمية في وحصروها في حيز التنمية الاقتصادية، ووصفوها بتعابير الدخل والناتج المحلي الإجمالي". وبيَّن عبدالله بأن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تبنى أفكار سن "ووصفه برائد الاقتصاد الأخلاقي، كونه خرج بمفهوم التنمية من الفاعلية الاقتصادية، إلى مفهوم التنمية بوصفها حرية، وأن الإنسان محورها. وظل الإطار المفاهيمي لتقارير الأمم المتحدة ومشاريعها عن التنمية، يستند إلى فكر سن وأعماله".
لقد انتبه الكثير من القراء من خلال هذه المقاربة التي قدمها عبدالله، إلى فكر الأستاذ محمود، وقد تنبأ بعض المثقفين، خاصة بعض تلاميذ الأستاذ محمود، بأن هذه المقاربة ستتيح الفرصة للتعرف على فكر الأستاذ محمود، ومن بين هؤلاء على سبيل المثال، لا الحصر، الأستاذ قسم السيد عمر المأمون، وهو من الإخوان الجمهوريين، الذي كتب، قائلاً:
"انتهيت الآن من الاطلاع للمرة الثانية من كتاب المقاربة بين فهم الأستاذ محمود ود. امارتيا كومار سن... حقيقة استمتعت بهذه المقاربة وما زلت أجد أن نفسي تواقة للمزيد من الاطلاع...لعل هذه المقاربة كما ذكرت في خاتمتها تلفت إلي فكر الأستاذ وإلى عمقها ليس في الاقتصاد فحسب ولكن في مناحي الحياة الإنسانية جميعها وتطورها وبالأخص المنظمة العالمية التي من أعز وأغلى مطالبها تحقيق السلام والعدل على هذا الكوكب ولعلها تعرف ويعرف كل الناس وكذلك د. سن أن كل مشاكل هذه الإنسانية الحائرة إن هي إلا المشاكل المكبوته داخل نفس الفرد البشري ولا سبيل لتحقيق السلام معها إلا بمنهاج علمي وعملي مجسد في الدم واللحم حقيقة استوقفتني عبارة د. سن بأنه غير ديني فذكرتني بعبارة المفكر الماركسي روجيه غارودي التي تعرض لها الأستاذ في كتاب طريق محمد في مقدمة الطبعة الثامنة باعترافه (بأنه طبعا ملحد) وتعليق الأستاذ على عبارته ما معناه بأن شخصا يصف نفسه بذلك يعاني من مشكلة يحتاج لحلها قبل أن ينشغل بمحاضرة الآخرين فحدثي أن د.سن له حظ من ذلك عند اعترافه بأنه (غير ديني) فما قدمه في أطروحته عمل كبير دون شك ولكن ينقصه لينال به مرتبة الكمال نفس مشكلة غارودي عندما كان ماركسيا ولعله اهتدى بضلاله عندما اعترف في إحدى لقاءاته عن سبب اسلامه بأنه في تجربته الماركسية شعر أنهم عندما يجاهدون في تغيير النظم الرأسمالية المستغلة وعندما تؤول السلطة للنظم الثورية أجد أن الذين هم في قمة السلطة تهزمهم نفوسهم ويركنون للدعة وينسون المسحوقين فشعر أن المشكلة هي مشكلة داخل النفس البشرية فوجد في تراجم ابن عربي توكيد ذلك وأنه علينا بأنفسنا لا يضره من ضل(عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل...) فعكف على تراجم ابن عربي حتى أنه زار ضريحه...على كل أذكر أنني اطلعت منذ زمن طال كثيرا على الروبرتاج معه...فلعل د. سن قد استرق السمع بصدقه إذا وصلته مقاربتك هذه لعلها تحدث أمرا في نفسه.. أصدقك د. عبد الله كنت دائما أتساءل في نفسي أما اطلع هؤلاء القائمون على جائزة نوبل والمنظمات الإنسانية على فكر الأستاذ محمود محمد طه الذي يقيني أن لا منجاة للعالم وتحقيق السلام إلا به...د. عبد الله أرجو ألا أكون أسهبت وشغلت وقتك الغالي وأرجو صادقا ألا يكون ذلك...ولك مني معزتي وكل الأماني الطيبة...
نواصل في الحلقة القادمة.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الأستاذ محمود محمود محمد طه هذه المقاربة

إقرأ أيضاً:

نائب رئيس حزب المؤتمر: تعديل قانون صندوق مصر السيادي خطوة لتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة

قال اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر أستاذ العلوم السياسية، إن تعديل بعض أحكام القانون رقم 177 لسنة 2018 بشأن إنشاء صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية خطوة مهمة نحو تعزيز دور الصندوق في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها الدولة.


و أضاف نائب رئيس حزب المؤتمر أن التعديلات المقترحة، والتي وافق عليها مجلس النواب مبدئيا، تؤكد على أهمية إعطاء السلطة التقديرية لرئيس مجلس الوزراء في تحديد الوزير المختص لتطبيق أحكام القانون، مما يمنح مرونة أكبر في إدارة الملفات المختلفة المتعلقة بالصندوق وفقا للتغيرات في اختصاصات الوزارات لافتا إلى  أن نقل تبعية الصندوق إلى مجلس الوزراء سيضمن متابعة دقيقة لأداء الصندوق والمهام الموكلة إليه، مما يساهم في تحقيق أهدافه الاقتصادية بشكل أكثر فعالية.

وأوضح نائب رئيس حزب المؤتمر أن الصندوق السيادي المصري قد حقق ترتيبا متقدما على مستوى العالم، حيث أصبح ضمن أفضل 50 صندوقا سياديا على مستوى العالم، بفضل إدارته المتقدمة واستراتيجياته الاستثمارية التي تعتمد على أفضل المعايير الدولية و يلعب دورا حيويا في استغلال أصول الدولة وإدارتها بشكل استثماري يحقق عوائد مالية مرتفعة، وهو ما انعكس على الاقتصاد المصري بشكل إيجابي مشيرا إلى أن الصندوق يقوم باستغلال أمواله وأصوله وأصول الجهات التابعة للدولة وفقا لضوابط محددة، تهدف إلى تحقيق الاستغلال الأمثل لتلك الأصول، بما يسهم في تحسين كفاءة استثمارات الدولة وزيادة إيراداتها.

واضاف أستاذ العلوم السياسية أن التوازن بين الرقابة البرلمانية والتطبيق الحكومي الفعال للقانون يجب أن يكون أحد أهم أولويات النقاشات البرلمانية و نقل التبعية إلى مجلس الوزراء لا يعني إلغاء الرقابة، بل يهدف إلى تحسين التنسيق بين الصندوق والمؤسسات الحكومية بما يتماشى مع أهداف التنمية كما أشار الدكتور فرحات إلى أهمية استغلال المقرات الخاصة بالوزارات والمؤسسات الحكومية التي تم نقلها إلى العاصمة الإدارية الجديدة، كفرصة ذهبية لتحقيق عوائد إضافية من هذه الأصول غير المستغلة بعد انتقال الموظفين إلى العاصمة الجديدة معتبرا أن الاستثمار في هذه الأصول سيعزز من دور الصندوق السيادي في دعم الاقتصاد الوطني.

وأكد الدكتور رضا فرحات أن التعديلات التي أقرها مجلس النواب من حيث المبدأ تمثل تطورا طبيعيا لدور الصندوق، خاصة وأن الصناديق السيادية حول العالم أثبتت نجاحها في تعزيز الاقتصادات الوطنية وتوفير مصادر تمويل طويلة الأجل مشيدا بالدور الذي يلعبه الصندوق في تذليل العقبات أمام المستثمرين، سواء كانوا من القطاع الخاص أو الجهات الحكومية.

وشدد نائب رئيس حزب المؤتمر على ضرورة أن يستمر الصندوق في التركيز على تحقيق أهدافه التنموية، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والمستثمرين الدوليين لتحقيق أقصى استفادة من الأصول المتاحة وأكد أن حسن إدارة الصندوق واستغلال أمواله وأصوله بمرونة وكفاءة سيساهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في مصر على المدى الطويل.

مقالات مشابهة

  • انطلاق التشغيل التجريبي لقطار التنمية في سيناء «صور»
  • انطلاق التشغيل التجريبي لقطار التنمية في سيناء.. تصوير جوي
  • البرلمان يوافق على تعديلات قانون صندوق مصر السيادي.. ونواب: يحقق التنمية الاقتصادية المستدامة
  • حدث في 8 ساعات| السيسي يوجه الحكومة بترشيد الإنفاق.. وانطلاق التشغيل التجريبي لقطار التنمية في سيناء
  • قطار التنمية يصل إلى ربوع سيناء.. بدء التشغيل التجريبي لخط سكة حديد «الفردان – بئر العبد».. وكامل الوزير: قطار الركاب مجانًا لمدة أسبوع
  • نائب رئيس حزب المؤتمر: تعديل قانون صندوق مصر السيادي خطوة لتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة
  • تفاصيل انطلاق التشغيل التجريبي لقطار التنمية في سيناء.. الركوب مجانا لمدة أسبوع
  • انطلاق التشغيل التجريبي لقطار التنمية في ربوع سيناء.. النقل تشارك الشعب احتفالات أكتوبر -صور
  • انطلاق التشغيل التجريبي لقطار التنمية من جديد في ربوع سيناء
  • انطلاق برنامج "تعزيز دور نواب الولاة في التنمية الاقتصادية"