الضفة الغربية - صفا

رغم الفاصل الجغرافي، لم تكن الضفة الغربية المحتلة بعيدة عن التأثر بالحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة منذ 9 أشهر، واكتوت الضفة بحرب اقتصادية شنتها إسرائيل ضد سكان الضفة، بالتوازي مع عدوان عسكري وإجراءات تضييقية طالت مختلف المدن والبلدات والمخيمات بالضفة.

وتسببت الإجراءات الإسرائيلية منذ بداية الحرب في تدهور أسواق الضفة، وارتفاع نسبي في معدل البطالة، وتراجع مستوى الأجور.

وأظهر مسح اقتصادي نشرت نتائجه مؤخرا، أن 70% من العائلات بالضفة لجأت إلى مدخراتها للتكيف مع تراجع أو انقطاع مصادر الدخل، فيما قال 35% من المستطلعة آراؤهم إنهم فقدوا وظائفهم، فيما قال مثلهم إنهم تعرضوا للخصم من أجورهم.

ويبين الباحث الاقتصادي مؤيد عفانة أن أزمة الاقتصاد الفلسطيني قديمة، لكن في أعقاب الحرب على غزة في أكتوبر الماضي، أصبحت الأزمة مركبة وعميقة، فقطاع غزة خرج بالكامل من دائرة الاقتصاد بعد تدمير كل موارده الاقتصادية.

أما الضفة، فخضعت لحصار محكم على المدن والقرى وعمل الاحتلال على خنق المناطق وتقطيع أوصالها، وهذا أدى لانكماش في الدورة الاقتصادية بسبب خوف الناس من أجواء الحرب وصعوبة التنقل.

ويضاف إلى ذلك أن 205 ألف عامل كانوا يُدخلون إيرادا شهريا بنحو 1.5 مليار شيكل يتم ضخها في أسواق الضفة، لكنها توقفت بعد الحرب.

ومن أهم أسباب التدهور الاقتصادي قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر باقتطاع مخصصات قطاع غزة من أموال المقاصة وهي 275 مليون شيكل شهريا، ويضاف إليها 51 مليون شيكل هي مخصصات أسر الشهداء والأسرى التي يتم اقتطاعها شهريا منذ العام 2019، ما يعني ارتفاع المبلغ المقتطع إلى 326 مليون شيكل.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل أن حجم المقاصة تراجع بفعل الانكماش الاقتصادي إلى نحو 600-700 مليون شيكل، وبهذا أصبح ما يتوفر من المقاصة محدودا جدا.

وزاد من سوء الوضع الاقتصادي تراجع زيارات فلسطينيي الداخل لأسواق الضفة، خاصة وأن بعض المحافظات كانت تعتمد عليهم بشكل كبير بسبب قدرتهم الشرائية.

وبسبب تدني مدخولات السلطة، خاصة وأن المقاصة تشكل 68% من إيراداتها، تراجعت قدرتها على دفع رواتب الموظفين، وهذا أدى لانكماش آخر في الدورة الاقتصادية الداخلية.

الضربة الأكبر

وبعد اعتراف عدد من الدول الأوروبية بدولة فلسطين في مايو/ أيار، وبسبب التوجه لمحكمة العدل الدولية، قرر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش وقف تحويل كامل إيرادات المقاصة ابتداء من أبريل كعقاب للفلسطينيين.

وهذه كانت الضربة المالية الأكبر للسلطة، لأنه لم يعد بيدها سوى الإيراد المحلي الذي انكمش هو الآخر وتراجع من 32% إلى حوالي 25%.

وفي نهاية يونيو الماضي، وافقت إسرائيل على الإفراج عن أموال المقاصة ابتداء عن شهري أبريل ومايو، بمبلغ تراكمي 430 مليون شيكل، ثم عن إيرادات يونيو بمبلغ 530 مليون شيكل، ما أعطى الحكومة مرونة لدفع رواتب موظفيها.

وبعد دفع نسبة من رواتب شهر مايو يوم الأربعاء، بمبلغ 850 مليون شيكل، يتوقع الخبراء أن ضخ هذه الأموال سينعش السوق المحلي، لأن هذه الأموال لن تذهب للادخار، بل ستذهب جميعها لسداد ديون الموظفين ولشراء احتياجات عائلاتهم، ما سينعكس على كل القطاعات بشكل مباشر أو غير مباشر.

ويؤكد عفانة أن المشكلة الأساسية مرتبطة بتحكم الاحتلال بأموال المقاصة، خاصة وأن الإيراد المحلي للسلطة ويقدر حاليا بنحو 300 مليون شيكل يذهب للنفقات التشغيلية الطارئة، في حين أن المقاصة في الوضع الطبيعي لا تقل عن 250 مليون دولار شهريا، أي حوالي مليار شيكل.

ويضيف أنه إذا بقي مصير المقاصة بيد سموتريتش، فسيظل الوضع الاقتصادي الفلسطيني هشّاً للغاية، باعتبارها المكون الأكبر للإيرادات العامة.

أداة ابتزاز

ويعتبر أن الخنق الاقتصادي باستخدام أموال المقاصة، هو ضمن مخططات الحكومة الإسرائيلية، وفي نفس الوقت يحقق أجندة سموتريتش الخاصة.

ويبين أن حكومة نتنياهو لديها رؤية واضحة بتقويض إمكانية قيام الدولة الفلسطينية، لذا فمن أولى الأولويات تجفيف موارد السلطة المالية بحيث تبقى سلطة ضعيفة.

وفي الوقت نفسه، يريد سموتريتش كسب أصوات المستوطنين لصالحه، فيستغل وجودة كوزير للمالية وكمسؤول للإدارة المدنية في وزارة الجيش، لربط المقاصة بأجنداته الخاصة ومساومة الغرب ونتنياهو.

ولفت إلى أن سموتريتش عندما قرر الإفراج عن أموال المقاصة، كان ذلك في اجتماع انتزع فيه الموافقة على قرار من الحكومة بشرعنة 5 بؤر استيطانية في الضفة، كما أجّل تطبيق قرار الانفكاك البنكي مع السلطة الذي كان مقررا في نهاية يونيو، لمدة 3 أشهر مقابل انتزاع قرار شرعنة الاستيطان والعمل في مناطق (ب).

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: الاقتصاد الفلسطيني الاحتلال الإسرائيلي أموال المقاصة ملیون شیکل

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تشكو: حقائب أموال إيرانية تصل حزب الله عبر بيروت وإسطنبول

أفاد مسؤول دفاعي أمريكي وأشخاص مطلعون بأن إسرائيل قدمت شكوى إلى اللجنة التي تقودها الولايات المتحدة والمشرفة على وقف إطلاق النار في لبنان، متهمةً دبلوماسيين إيرانيين وغيرهم بنقل عشرات الملايين من الدولارات نقداً إلى حزب الله، بهدف تمويل إعادة إحياء الجماعة.

يحتاج حزب الله إلى المال وهو يحاول التعافي من الصراع

بحسب الشكاوى الإسرائيلية، يسافر مبعوثون إيرانيون من طهران إلى مطار بيروت بحقائب مليئة بالدولارات، كما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال.

وادعت إسرائيل أيضاً أن مواطنين أتراكاً يشاركون في نقل الأموال جواً من إسطنبول إلى بيروت.

ورغم أن اللجنة المشرفة على وقف إطلاق النار لا تحكم في الانتهاكات المزعومة، فقد أكدت نقل الشكاوى إلى الحكومة اللبنانية.

وتضم اللجنة ممثلين من إسرائيل ولبنان والولايات المتحدة وفرنسا والأمم المتحدة.

#Israel has complained to the U.S.-led committee overseeing the cease-fire in Lebanon that #Iran regime diplomats and others are delivering tens of millions of dollars in cash via Beirut Airport to #Hezbollah to fund the group’s revival.https://t.co/StJmu9owsk

— Jason Brodsky (@JasonMBrodsky) January 31, 2025 مزاعم ذات مصداقية.. ولبنان مُطالب بضبط الحدود

أكد مسؤولون من بعض الحكومات الممثلة في اللجنة أنهم على علم باستخدام إيران لمطار بيروت لتهريب الأموال، واعتبروا المزاعم ذات مصداقية.

وتنص اتفاقية وقف إطلاق النار على تأمين موانئ الدخول إلى لبنان ومنع تدفق الأسلحة إلى حزب الله، لكنها لا تتطرق إلى تحويلات الأموال.

ورغم ذلك، لم ترد الحكومة والقوات المسلحة اللبنانية على طلبات التعليق، كما التزمت البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة وحزب الله الصمت.

إيران وتركيا تنفيان.. ولبنان يواجه تداعيات خطيرة

نفت طهران تهريب الأموال عبر طائرات الركاب، بينما أكد مسؤولون أتراك أن أي مبالغ كبيرة تمر عبر مطار إسطنبول يمكن كشفها عبر أجهزة الأشعة السينية، وأنه لم يتم إثارة الأمر رسمياً مع أنقرة.

وفي 2 يناير (كانون الثاني)، فتشت السلطات اللبنانية ركاب طائرة تابعة لـ"ماهان إير" بعد تقارير عن تهريب أموال إلى حزب الله. ورفض دبلوماسي إيراني على متن الطائرة الامتثال، ودخل لبنان بحقيبتين قالت إيران إنهما تحتويان على وثائق وأموال للسفارة. 

حزب الله يسابق الزمن لإعادة بناء قوته

يحتاج حزب الله إلى المال لدفع رواتب مقاتليه، وتجنيد عناصر جدد، وتعويض مؤيديه عن الخسائر، إضافةً إلى تمويل برامجه الاجتماعية، وفقاً لما نقلته وول ستريت جورنال.

لكن استمرار تدفق الأموال قد يهدد الهدنة الهشة بين إسرائيل ولبنان، ويفتح الباب أمام تصعيد جديد في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • 50 مليون جنيه.. الداخلية تكشف تفاصيل قضية غسيل أموال في الإسكندرية
  • قبل لقائه مع ترامب..سموتريتش يدعو نتانياهو لبسط السيادة على الضفة الغربية
  • ضبط عاطلين غسلا أموال تجارة المخدرات بـ 50 مليون جنيه
  • استشهاد مواطن فلسطيني في اعتداء إسرائيلي بالضفة
  • سموتريتش يدعو نتنياهو لفرض السيادة على الضفة الغربية
  • وزارة الداخلية تكشف قضية غسل أموال بقيمة 50 مليون جنيه
  • الداخلية تضبط قضية غسيل أموال جديدة بقيمة 50 مليون جنيه
  • وزارة الداخلية تكشف قضية غسل أموال بقيمة 60 مليون جنيه
  • إسرائيل تشكو: حقائب أموال إيرانية تصل حزب الله عبر بيروت وإسطنبول
  • سموتريتش: إسرائيل ستعود للحرب في غزة بعد انتهاء المرحلة الأولى لصفقة الرهائن