كلام الناس
نورالدين مدني
*عندما شرعت في متابعة مسلسل عفاريت عدلي علام الذي ألفه يوسف معاطي وأنتجه تامر يوسف وأخرجه رامي إمام كنت أمني نفسي بجرعات كثيفة من الضحك التي نحتاجها جميعاً، خاصة في هذه الأيام الموحشة .. لكنني فوجئت بمسلسل جاد طرح بجرأة بعض قضايا الفساد وضعف الإنسان تجاهها.
*لن أتناول التفاصيل الغريبة التي صبرت عليها دون أن أجد ما تمنيته من ترويح، كما صبرت على الخرافات والخزعبلات التي حشدها الكاتب والمنتج والمخرج وأفلح الممثلون هالة صدقي وغادة عادل وعزب أبو عوف وأحمد حلاوة ومي عمر في تجسيدها في مشاهد فنية مثيرة للإعجاب والدهشة والجدل.
*لا يخفى عليكم أن الذي شجعني على مشاهدة هذا المسلسل بطله الكوميدي الأشهر عادل إمام الذي جسد باقتدار شخصية "عدلي علام" المواطن النقي في بحر متلاطم من المكائد والأطماع والمغريات، على أمل الترويح عن النفس كما أسلفت، لكنه بدلاً من تقديم جرعات من الضحك قدم جرعات من التنوير الديني والأخلاقي والذهني، والبركة بالطبع في الكاتب يوسف معاطي.
*لابد من تحية مستحقة أوجهها للممثلة الكبيرة هالة صدقي التي تفوقت على نفسها وهي تجسد دور الزوجة النكدية المزعجة لبطل المسلسل عدلي علام رغم المبالغة المقصودة التي قدمها بها المخرج، و تحية أخرى للنجمة المتألقة غادة عادل التي أجادت دور الجنية التي جننت عدلي علام هي وعفاريته الأخرى الذين إستعان بهم فزادوه رهقا.
*هكذا حرك مسلسل عفاريت عدلي علام دواخلي وقلبي وذهني وهو يتناول بجرأة مشحونة بالسخرية المعضلة القديمة المتجددة المتمثلة في الصراع بين الخير والشر في النفس البشرية، خاصة وسط الذين يتولون مناصب قيادية في الدولة والحياة العامة.
*لا يهم التفاصيل التي دوختنا فيها عفاريت عدلي علام الرجل الطيب الذي يعمل بعيداً عن الأضواء ويكتب ويؤلف الكتب للاخرين، إلى ان أُقحم في دوامة الأطماع التي كادت عفاريته ان توقعه فيها بمساعدته في الفوز بمقعد في البرلمان بل وتعيينه رئيساً للحكومة!!.
دون الدخول في تفاصيل كل ذلك أتوقف بكم عند الحلقة الأخيرة من المسلسل عندما وقف عدلي علام لأداء القسم رئيساً للحكومة لكنه بدلاً من أداء القسم فاجأ الجميع بأن أقسم أنه لن يتولى هذا المنصب لانه لا يستطيع حل المشاكل التي تواجه المواطنين وهو يقول بسخرية حادة : لا أنا ولا الجن والعفاريت نستطيع حلها.
*في ختام المسلسل وجه الكاتب على لسان عدلي علام رسالة واضحة وهو يقول : أدوها للشباب لكن بعد تنظيف البلد من المفسدين، وأن يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وأن تعود الطيور المهاجرة للإسهام في إعادة بناء بلدهم.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
شوقي علام: الإفتاء دون علم يضر بالمجتمع ويؤدي إلى انتشار الفوضى
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، ان الوسطية في الفتوى ضرورة شرعية للحفاظ على مقاصد الشريعة ومصالح الناس.
ولفت فى تصريح تليفزيونى الى أن تحقيق الوسطية يتطلب عدة ضوابط وشروط أساسية.
أوضح أن الفتوى المنضبطة لا تخرج إلا من أهل العلم الموثوق بهم، فليس كل من ادعى العلم يكون مؤهلًا للإفتاء، بل يجب أن يكون عالمًا متخصصًا، امتثالًا لقول الله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".
واشار الى أهمية أن يكون المفتي تقيًا يخشى الله في أقواله وأحكامه، لأن الخوف من الله يضمن العدل والإنصاف في الفتوى، كما أن المستفتي ينبغي أن يكون هدفه معرفة الحكم الشرعي بصدق، وليس التعنت أو الجدال.
ونوه إلى أن إخلاص النية في الفتوى من الأمور الأساسية، فالمفتي الحقيقي هو من يبتغي توجيه الناس إلى الحق وإرشادهم إلى الصواب، بعيدًا عن السعي وراء الشهرة أو تحقيق مكاسب دنيوية.
كما أن حسن صياغة السؤال والجواب عامل مهم في تحقيق الوسطية، حيث يجب على المستفتي أن يعبر عن سؤاله بوضوح، وعلى المفتي أن يكون دقيقًا في جوابه، مقدمًا الأهم فالمهم.
الفتوى المنضبطةوأكد على ضرورة الرجوع إلى أهل العلم المتخصصين، لأن الفتوى المنضبطة لا تصدر إلا عن علماء درسوا الفقه وأصوله بشكل متعمق، مشيرًا إلى أن الرجوع لأهل العلم من الأمور التي يجب نشرها في المجتمعات، خاصة في ظل انتشار الفتاوى غير الموثوقة، موضحا أن المستفتي ليس ملزمًا بالرجوع إلى نفس المفتي في كل مسألة، بل يمكنه استفتاء أي عالم مؤهل آخر، لأن الفقهاء قد تختلف اجتهاداتهم في بعض المسائل، وهذا التنوع رحمة بالأمة.
وشدد على ضرورة تجنب الجدال مع المفتي طالما أنه مؤهل علميًا، فالفتوى ليست مجالًا للمماحكات، بل هي وسيلة للوصول إلى الحكم الشرعي الصحيح. كما أشار إلى أهمية تفهم اختلاف الفقهاء والمفتين، موضحًا أن الاختلاف الفقهي هو تنوع في الاجتهادات وليس تضادًا، ومن المهم نشر ثقافة تقبل هذا الاختلاف دون تعصب لرأي معين.
وذكر أن عدم الاعتداء على النصوص الشرعية من أهم شروط تحقيق الوسطية في الفتوى، فلا يجوز تحريف دلالات النصوص أو تأويلها بما يخالف مقاصدها، مشددًا على أن المفتي يجب أن يستند إلى أدلة واضحة عند إصدار فتواه، وأن يكون تفسيره للنصوص متسقًا مع القواعد الشرعية.
وبين، أن تحقيق الوسطية في الفتوى لا يكون إلا بتجرد المفتي عن الأهواء، وعدم محاباة أي طرف على حساب الشرع، موضحًا أن الفتوى مسؤولية عظيمة تتطلب التأني والتدقيق، لأن التسرع في الإفتاء دون علم يضر بالمجتمع ويؤدي إلى انتشار الفوضى.