الجزيرة:
2024-10-08@08:44:20 GMT

عندما تفقد النقود قيمتها بغزة

تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT

عندما تفقد النقود قيمتها بغزة

غزة- "نحن لا نختار طعامنا واحتياجاتنا" يقولها رامي حماد وقد عبثت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ببرنامجه الغذائي ونمط حياته الرياضي والصحي، لعدم توفر ما يحتاجه في الأسواق، نتيجة احتلال إسرائيل لمعبر رفح البري مع مصر والقيود المشددة التي تفرضها على معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد.

بحزن شديد يتحدث رامي للجزيرة نت عن السنوات التي قضاها ملتزما بممارسة الرياضة في صالة لياقة وكمال أجسام بمدينة خان يونس جنوب القطاع، وقد لحق بها الدمار إبان الشهور الأربعة من الاجتياح البري الإسرائيلي للمدينة مطلع العام الجاري.

يقول رامي إن الرياضة بحاجة إلى لحوم وفواكه وأطعمة صحية، متسائلا كيف له أن يمارسها في ظل هذا الواقع المرير نتيجة الحرب والحصار؟ وهو يشير إلى جسده الذي اكتسب وزنا غير صحي بسبب انقطاعه عن الرياضة واضطراره لتناول المتوفر من الطعام خلال أشهر الحرب التسعة الماضية.

كما يتساءل هذا الرجل الأربعيني (متزوج ولديه 4 أطفال) "ما قيمة المال واحتياجاتك غير متوفرة في الأسواق؟ وحتى المساعدات الإنسانية شحيحة للغاية بسبب احتلال معبر رفح وتحكم الاحتلال بمعبر كرم أبو سالم".

رامي حماد يفتقد لحياته الرياضية والصحية قبل الحرب وقد اكتسب وزنا بسبب سوء التغذية (الجزيرة) أسواق بلا بضائع

يعمل رامي موظفا في السلطة الفلسطينية برام الله فيما زوجته معلمة مدرسة، وكان دخلهما يوفر لأسرتهما حياة كريمة قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية عقب يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، غير أن هذه الأسرة تواجه الآن تحديات لتوفير احتياجاتها الحياتية.

يوم الجمعة الماضي، ذهب رامي إلى السوق لشراء "دجاج مجمد" يقول إنه لم يكن يأكله أو يدخله إلى بيته قبل الحرب، لكن هذا ما تسمح إسرائيل بدخوله بين الحين والآخر، ورغم ذلك وجد السوق فارغا منه، فاضطرت زوجته إلى إعداد فطائر باللحم المعلب ممن كان يوزع ضمن الطرود الإغاثية، حيث تخلو الأسواق تماما من اللحوم الطازجة.

وتقول أم يزن زوجة رامي للجزيرة نت "نحن نعاني في كل شيء، المال في جيبك مجرد ورق إذا لم يساعدك لشراء ما تحتاجه"، كما كانت لها تجربة خاصة في السوق عندما بحثت عن "بندانة"، وهي قطعة قماش تضعها المرأة المحجبة تحت الحجاب لتغطية الشعر، وتقول "تخيلوا أن هذه القطعة البسيطة غير موجودة في الأسواق، وسعرها لا يتجاوز دولارا أو دولارين قبل الحرب" فكثير من الأشياء والسلع عندما نحتاجها نبحث عنها ولا نجدها.

ثلاجة أم يزن تحولت إلى مخزن للمعلبات حيث لا كهرباء في غزة منذ اندلاع الحرب (الجزيرة) شح الأدوية ومواد التنظيف

ومن هذه الأشياء الصابون السائل للاستحمام "الشامبو"، والذي عانت سلوى أبو مصطفى في البحث عنه في الأسواق من أجل ابنتها ولم تجده، وتقول هذه المعلمة الستينية المتقاعدة والتي عملت لسنوات طويلة في مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" إنهم صبروا على قلة الأكل وتدني جودته، لكن حتى مواد النظافة الشخصية غير متوفرة.

وتقيم سلوى مع عدد من أبنائها في خيمة داخل مخيم نزوح لذوي الشهداء في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس، حيث استشهد زوجها في غارة جوية إسرائيلية قبل بضعة أشهر.

لا ينقص سلوى المال، فلديها مدخراتها من التعليم، لكنها تفتقد الكثير من احتياجاتها وأبنائها، وهي مفقودة من الأسواق بسبب الحصار الخانق، ومنها الملابس والأحذية، وتقول "الحياة مريرة داخل الخيام، حيث الحر الشديد وتكدس النفايات وانتشار الأمراض المعدية، وقد بحثت عن أنواع من الشامبو ومستحضرات نظافة شخصية لحماية أنفسنا قدر الإمكان ولم أجد في الصيدليات وعلى البسطات المنتشرة بالشوارع".

سلوى أبو مصطفى تقيم مع أسرتها في مخيم لذوي الشهداء ولا تجد بالأسواق العديد من احتياجاتهم الشخصية (الجزيرة)

ويكرر الصيدلي محمد سحويل عبارة "للأسف غير موجود" مرارا في اليوم الواحد، على مسامع مرضى ومراجعين لصيدليته، حيث لا تتوفر مجموعة من أنواع الأدوية وأصنافها، ويقول للجزيرة نت "كثير من الأدوية لا تتوفر حتى داخل المستشفيات بسبب الحرب والحصار".

ويمتلك هذا الصيدلي صيدلية منذ نحو 40 عاما تعتبر من الأقدم في مدينة رفح جنوب القطاع، ويقول "لم تمر علي أيام أسوأ من هذه الأيام".

وحرص سحويل على النزوح بكمية من الأدوية افتتح بها صيدلية على رصيف مقابل لمجمع ناصر الطبي، ويقول "غالبية الناس يعانون الفقر والعدم بسبب فقدانهم أعمالهم، لكن هناك فئة قليلة تمتلك المال ولا تجد احتياجاتها، ورأينا خلال الحرب فئات مختلفة تقف على طوابير المساعدات، وحتى هذه المساعدات لم تعد متوفرة".

الكثير من الأدوية لا تتوفر في الصيدليات أو في المستشفيات العاملة بالقطاع (الجزيرة) مجاعة وغلاء

تبدو الصورة أكثر قتامة في شمال القطاع، كما بدت في صوت أبو كريم عوكل في حديثه للجزيرة نت عبر الهاتف المحمول من منطقة "أرض الشنطي" في شمال مدينة غزة، ويقول "نحن نعاني ابتداء من العمولة الكبيرة التي ندفعها للتجار من أجل الحصول على أموالنا ورواتبنا من حساباتنا بالبنوك، وبعد حصولنا عليها نعاني من ارتفاع الأسعار وعدم توفر غالبية السلع والبضائع".

ونتيجة إغلاق المصارف وعدم توفر السيولة النقدية في القطاع برزت خلال الحرب ظاهرة تجار يتاجرون بالسيولة، حيث يصرفون أموالا للموظفين وغيرهم، في مقابل نسبة عالية تتراوح ما بين 16 إلى 25% من إجمالي المبلغ بحسب المنطقة.

في شمال القطاع "تساوت الرؤوس"، بحسب وصف أبو كريم، ويقول إنه لا يوجد غني وفقير، فالمجاعة نالت من الجميع، وإن كان من يمتلك المال قادرا على شراء الكميات الشحيحة من السلع المتوفرة في الأسواق وبأسعار فلكية للغاية، كالفلفل الأخضر الذي وصل سعر الكيلو منه 400 شيكل (حوالي 110 دولارات).

وتطل المجاعة في شمال القطاع برأسها من جديد، جراء العزلة والقيود المشددة التي تفرضها قوات الاحتلال على دخول السلع والبضائع والمساعدات الإغاثية، ويقول أبو كريم إنه أمن أسرته بنحو 100 علبة من الفول والحمص والأطعمة المعلبة عندما توفرت في أسواق الشمال قبل بضعة أشهور، وقد اختفت حاليا من الأسواق، والمتوفر منها أسعاره باهظة ولا تناسب غالبية السكان الذين فتكت بهم شهور الحرب الطويلة.

واتهم مدير عام "المكتب الإعلامي الحكومي" إسماعيل الثوابتة، إسرائيل بالعمل على تصعيد "سياسة التجويع في قطاع غزة وبشكل عميق في محافظتي غزة والشمال، من خلال إغلاق المعابر واستهدافها لمخازن الأغذية ومرافق إنتاجها، في خرق واضح لكل المواثيق الدولية التي تشترط الحق في الغذاء كحق أساسي من حقوق الإنسان".

ولليوم الـ65 على التوالي تغلق إسرائيل المعابر بشكل كامل، وحذر الثوابتة من "ارتفاع أعداد الوفيات بسبب الجوع، خاصة في صفوف الأطفال، جراء منع إسرائيل إدخال المساعدات والغذاء".

وفي بيان للمكتب الإعلامي طالب الثوابتة بتكثيف الجهود الدولية لرفع الحصار عن قطاع غزة، حيث يعاني الغزيون من شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی الأسواق للجزیرة نت فی شمال

إقرأ أيضاً:

من «جنة» على المتوسط إلى «أطلال».. صور تكشف ما فعلته الحرب بغزة

365 يومًا مرّت على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والألم ما زال يعتصر قلوب الجميع، الذي كان يومًا ما قطعة من الجنة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، تحوّل إلى مشهد من الدمار الذي لا يمكن أن يمحى من الذاكرة، الشوارع التي كانت تعج بالحياة أصبحت الآن كأنها أشباح لما كانت عليه، والمباني التي كانت تلامس السماء تحولت إلى أكوام من الرماد.

آلاف الشهداء والمصابين تركوا وراءهم قصصًا لا تنسى، لتصبح غزة، بدلًا من كونها مدينة مليئة بالحياة، مقبرة جماعية للأبرياء، مشاهد لن ينساها التاريخ، وجرح لا يلتئم في قلب الأمة، تكشفها الصور التالية التي هي جزء من ملامح المدينة قبل وبعد الحرب، رصدها مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية لمساحة 365 كيلومترًا مربعًا من الأرض. 

 

تغير ملامح قطاع غزة بعد طوفان الأقصى 

بعد نجاح عملية طوفان الأقصى بهجوم حركة حماس بعدة ضربات على القوات الإسرائيلية في السابع من أكتوبر العام الماضي، سرعان ما ردت إسرائيل على تلك الهجمات، ومن ثم استمرت عمليات القصف والإبادة الجماعية للفلسطينيين حتى اليوم، وعلى مدار عام كامل تغيرت ملامح قطاع غزة بصورة كلية. 

وقارن المركز صور الأقمار الصناعية منذ سبتمبر 2024 بالصور الملتقطة قبل بدء الحرب على غزة، ليكشف عن تدمير 52 ألفا و564 مبنى، وتضرر 18 ألفا و913 مبنى بشدة، و56 ألفا و710 مباني متضررة بشكل معتدل، و35 ألفا و591 مبنيا متضررًا بشكل محتمل، وفق شبكة «ndtv» الهندية.

 

وأظهرت صور الأقمار الصناعية التي نشرتها منظمة الأمم المتحدة عبر موقعها الرسمي حجم التغييرات الهيكلية في شمال غزة، وخاصة بالقرب من مخيم جباليا للاجئين الذي جرى تأسيسه عام 1948، أي بعد نشوب حرب فلسطين. 

تأثر المباني والنباتات بعمليات القصف 

الصورة التي التقطها القمر الصناعي سنتينل 2 في 26 سبتمبر 2024، تُظهر منطقة مدمرة خالية تقريبًا من أي نباتات بعد عمليات القصف، وعند مقارنة صورة المنطقة نفسها بصورة التقطت في 16 ديسمبر 2022ـ أي قبل عام من الغزوـ يتضح مدى التغير الهائل.

وتمثل البقعة الرمادية الموضحة المباني، بينما تمثل البقعة الخضراء الأراضي الزراعية، وتعد غزة واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، حيث يعيش أكثر من 2.3 مليون نسمة، وبحلول 26 سبتمبر بالعام الجاري انخفضت الكثافة السكانية بعد قصف المنطقة عدة مرات. 

وبخلاف المباني فإن النباتات الطبيعية أيضًا كانت الأكثر عرضة للضرر أثناء نشوب مثل تلك الصراعات، إذ تؤدي عمليات الاستهداف بالأسلحة والصواريخ إلى تآكل التربة وإلحاق الضرر بالأراضي الزراعية، ما يؤثر على إنتاج الغذاء ويسبب تأثيرات صحية أخرى.

 

 

مقالات مشابهة

  • بآيات من كتاب الله.. بدء تفقد الرئيس السيسي لمقر تفتيش الحرب للفرقة السادسة مدرعة
  • عام من الإبادة.. خسائر فادحة في قطاع التعليم بغزة بسبب العدوان الإسرائيلي
  • بسبب التداعيات الإقليمية.. قناة السويس تفقد 7 مليارات دولار من دخلها.. فيديو
  • من «جنة» على المتوسط إلى «أطلال».. صور تكشف ما فعلته الحرب بغزة
  • وزير المالية الإسرائيلي يحدد 4 أهداف لنهاية حرب تخوضها تل أبيب على أكثر من جهة
  • وزير المالية الإسرائيلي يُحدد أربعة أهداف لانتهاء الحرب
  • عندما رُدعَتْ إسرائيل في حرب أكتوبر 1973
  • أكاديمي أمريكي: أشعر بالإهانة بسبب استخدام قضية السود لتبرير الإبادة بغزة (شاهد)
  • إنريكي يعلق على عودة ديمبلي "المشاغب"
  • كيف يمكن أن تتأثر أسعار النفط بالرد الإسرائيلي على إيران؟