في أول زيارة له منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، وصل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الثلاثاء، إلى بورتسودان، المدينة الساحلية التي اتخذها قادة الجيش السوداني عاصمة لإدارة شؤون البلاد، وأجرى مباحثات مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان.

وجاءت زيارة آبي أحمد بعد يوم واحد من زيارة نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي إلى بورتسودان، الاثنين.

وقال البرهان إن “زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي تأتي للدلالة على عمق العلاقات بين شعبي البلدين، مبيناً أنها “امتداد لصدق القيادة الإثيوبية وحسن نواياها تجاه السودان”، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السودانية.

وذكرت الوكالة الرسمية أن البرهان شرح لرئيس الوزراء الإثيوبي الوضع في السودان “على خلفية التمرد الذي قادته مليشيا الدعم السريع الإرهابية ضد الدولة ومؤسساتها”، موضحاً أن “المليشيا ارتكبت جرائم ضد الشعب السوداني فضلا عن تدمير البنية التحتية للدولة”.

وبحسب وكالة الأنباء السودانية، فقد أكد آبي أحمد أن “زيارته للسودان تأتي للتضامن مع الشعب السوداني”، قائلا إن “الأصدقاء الحقيقيين يظهرون وقت الشدة”.

وأضاف أن “هذه الحرب ستنتهي وستبقى العلاقات بين البلدين راسخة ووطيدة”، مشيراً لأهمية السلام باعتباره أساس التنمية، ومؤكدا أن “مشكلات الدول يجب أن تُحل داخليا دون تدخل خارجي”.
“مسار أمني”

يرى نقيب الصحفيين السودانيين، عبد المنعم أبو إدريس، أن “زيارة آبي أحمد جاءت لمناقشة أهداف وأجندة أمنية بامتياز”، مشيرا إلى أن القضايا الأمنية في حدود البلدين كانت حاضرة في المباحثات.

وقال أبو إدريس، المختص في شؤون القرن الأفريقي، لموقع الحرة، إن “التوترات الأمنية في إقليم أمهرا الإثيوبي، والاشتباكات التي تحدث بين ميليشيا فانو المنتسبة للأقليم والجيش الفيدرالي الإثيوبي تعتبر من الشواغل الرئيسية لدى آبي أحمد”.

وأضاف أن “ميليشا فانو الإثيوبية تنشط بالقرب من الحدود السودانية، ويمكن أن تتسرب إلى داخل تلك الحدود، ويبدو أن آبي أحمد يريد تنسيقا أكثر من الجيش السوداني للسيطرة على تلك الميليشيا”.

ولفت نقيب الصحفيين السودانيين إلى أن “التقدم الميداني الذي أحرزته قوات الدعم السريع بالسيطرة على مدن رئيسية بولاية سنار، واقترابها من الحدود الإثيوبية، يمثل أحد أهداف زيارة آبي أحمد”.

وأضاف “يخشى رئيس الوزراء الإثيوبي من تدفق اللاجئين السودانيين إلى أراضي بلاده، حال هاجمت قوات الدعم السريع ولاية القضارف الحدودية مع إثيوبيا، كما يخشى من توترات أمنية على الحدود”.

وهرب نحو 21 ألف سوداني إلى إثيوبيا، بعد اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، إذ جرى استقبالهم في معسكر “ترانزيت” بواسطة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بحسب تنسيقية اللاجئين السودانيين.

ويواجه أكثر من 6 آلاف لاجئ سوداني، بينهم أكثر من ألفي طفل، “واقعا مريرا” في غابات “أولالا” الإثيوبية، بعد أن غادروا معسكر “ترانزيت” في طريقهم إلى بعض المدن الإثيوبية، إذ منعتهم السلطات هناك من الوصول إلى تلك المدن، مما اضطرهم للمكوث في الغابات، وفق التنسيقية.

وكان آبي أحمد دعا في يوليو 2023 إلى “إجراءات فورية تتضمن فرض منطقة حظر طيران ونزع المدفعية الثقيلة”، مما اعتبره الجيش السوداني موقفا داعما لقوات الدعم السريع.

وتصاعد التوتر بين الحكومة السودانية وبين الحكومة الإثيوبية، عقب زيارة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي” إلى إثيوبيا، في ديسمبر الماضي.

ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، عز الدين المنصور، أن “زيارة آبي أحمد جاءت بعد معلومات ترددت عن مشاركة قوات إثيوبية بالقتال إلى جانب قوات الدعم السريع”.

وقال المنصور لموقع الحرة، “من الراجح أن يكون آبي أحمد جاء إلى بورتسودان، إما لنفي مشاركة قوات إثيوبية حكومية في القتال السوداني، أو أن يكون جاء لاستجلاء معلومات أكثر عن تلك القوات، إذ أن بعض الصحفيين السودانيين أشاروا إلى أن القوات المعنية تتبع ميليشيا فانو التي تعادي الجيش الإثيوبي”.

وأضاف: “إذا ثبت أن ميليشيا فانو تقاتل إلى جانب قوات الدعم السريع، فإن ذلك من شأنه أن يؤثر سلبا على علاقة آبي أحمد الراسخة مع “حميدتي”، وربما يتجه لتحالف أكبر من الجيش السوداني”.
“مسار سياسي”

ولا تقتصر زيارة آبي أحمد إلى السودان على الملفات الأمنية، وحدها، إذ أن القضايا السياسية حاضرة أيضا في أجندة وأهداف الزيارة، وفق ما يرى أبو إدريس، مشيرا إلى أن “رئيس الوزراء الإثيوبي يطمح لإعادة طرفي الحرب إلى طاولة التفاوض”.

وأضاف أن “آبي أحمد يريد التنسيق مع الجيش السوداني في ما يخص القمة التي يخطط الاتحاد الأفريقي لعقدها في 15 يوليو، بمشاركة القوى السياسية السودانية، بخصوص الأوضاع في السودان”.

ولفت أبو إدريس إلى أن “تحركات آبي أحمد في هذا المسار، يُنظر لها في إطار التنافس بين إثيوبيا ومصر، التي تمكنت من حشد قوى سياسية مؤثرة، في مؤتمر بالقاهرة مطلع الأسبوع الحالي، خاصة أن أديس أبابا هي المركز الرئيسي لنشاط القوى السياسية السودانية”.

ويتفق المنصور مع الوجهة التي مضى إليها أبو إدريس، عن أن آبي أحمد يهدف لضمان دعم الجيش لتحركات الاتحاد الأفريقي، الساعية لجمع القوى السياسية السودانية.

وأضاف “هذه التحركات، حال تمكنت مع جمع القوى السياسية المساندة للجيش، إلى جانب القوى الأخرى التي تقول إنها تقف على الحياد، يمكن أن تساعد في تلافي الخلافات التي برزت بين القوى السياسية السودانية بعد مؤتمر القاهرة”.

ورفضت قوى سياسية داعمة للجيش السوداني التوقيع على البيان الختامي في مؤتمر القوى السياسية المدنية الذي استضافته العاصمة المصرية، بحجة أن “البيان لم يتضمن إدانة صريحة للانتهاكات التي تقوم بها قوات الدعم السريع”.

وأدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، إلى مقتل أكثر من 14 ألف شخص وإصابة آلاف آخرين، بينما دفعت سكان السودان إلى حافة المجاعة.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، في يونيو الماضي، إن عدد النازحين داخليا في السودان وصل إلى أكثر من 10 ملايين شخص.

وأوضحت المنظمة أن العدد يشمل 2.83 مليون شخص نزحوا من منازلهم قبل بدء الحرب الحالية، بسبب الصراعات المحلية المتعددة التي حدثت في السنوات الأخيرة.

وأشارت المنظمة الأممية إلى أن أكثر من مليوني شخص آخرين لجأوا إلى الخارج، معظمهم إلى تشاد وجنوب السودان ومصر.

ويعني عدد اللاجئين خارجيا، والنازحين داخلياً، أن أكثر من ربع سكان السودان البالغ عددهم 47 مليون نسمة نزحوا من ديارهم.

الحرة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: القوى السیاسیة السودانیة رئیس الوزراء الإثیوبی قوات الدعم السریع الجیش السودانی زیارة آبی أحمد أبو إدریس أکثر من إلى أن

إقرأ أيضاً:

دفعات الجيش السوداني تسقط مسيرات استهدفت مدينتي الدامر وربك

 

أسقطت المضادات الأرضية للجيش السوداني طائرات مسيرة ليل الإثنين استهدفت مقار حكومية بعاصمة ولاية نهر النيل الدامر شمالي السودان، فيما استهدفت «4» أخرى مقرا للجيش بمدينة ربك عاصمة ولاية النيل الأبيض جنوبي البلاد.

الدامر ــ التغيير

في أول تعليق رسمي قالت لجنة أمن ولاية نهر النيل، إن الدفاعات المتقدمة تمكنت من إسقاط مسيرتان إنتحاريتان هاجمتا مدينة الدامر حاضرة الولاية ومبنى الحكم المحلي.

ومنذ أبريل الماضي تزايد اعتماد مليشيا الدعم السريع على الطائرات المسيرة حيث قتل أكثر من 10 أشخاص في هجوم مسيرة انتحارية استهدفت افطارا رمضانيا لكتيبة البراء بن مالك التي تقاتل إلى جانب الجيش بعطبرة.

و أوضحت لجنة أمن ولاية نهر النيل في بيان انه سقطت الأولى أعلى المبنى والثانية في السور دون وقوع أية إصابات أو خسائر بشرية ونتج عن الهجوم إشتعال نيران محدودة تعاملت معها شرطة الدفاع المدني بصورة سريعة وتمكنت من إخمادها.

وقالت “تثبت مليشيا آل دقلو المتمردة بهذا الهجوم إستمرارها في نهج العدوان والارهاب الذي لن تجني من وراءه سوى الهزيمة الساحقة بعزيمة القوات النظامية والمقاومة الشعبية ووحدة الشعب السوداني وصلابته “.

وفي 9 يونيو الماضي أسقطت الدفاعات الجوية للجيش السوداني في شندي شمال البلاد، الأحد، خمس مسيرات لمليشيا السريع استهدفت مقر قيادة الجيش بالمدينة التي تبعد حوالي 160 كيلومتر شمالي الخرطوم.

وفي 24 يونيو استهدفت طائرة مسيرة أمسية استقبالاً نظمه قيادي أهلي لوفد من قبيلة الرزيقات بمدينة شندي بولاية نهر النيل شمال السودان دون وقوع ضحايا.

و أمس الإثنين أسقطت المضادات الأرضية التابعة للقاعدة العسكرية بكنانة وسط السودان 4 طائرات مسيرة لقوات الدعم السريع اليوم الاثنين، دون أن تصيب أي هدف.

وقالت مصادر عسكرية لـ (التغيير) إن قوات الدعم السريع استهدفت قاعدة كنانة العسكرية بولاية النيل الأبيض بأربع طائرات مسيرة فجر اليوم.

وأوضحت المصادر أن اثنتين من الطائرات أُسقطتا في (هنجر المطار)، بينما أُسقطت الطائرتان الأخريان في المبنى الإداري للقاعدة الجوية.

وأشارت ذات المصادر إلى أن الطائرات المسيرة التي أُسقطت تسببت في إصابة أ4 أفراد بإصابات طفيفة، مما أدى إلى تقييد قدرتهم على أداء عملهم بشكل جيد.

سابقًا، هاجمت قوات الدعم السريع عدة أهداف عسكرية في ولاية النيل الأبيض بأربع طائرات مسيرة.

 

الوسومالدامر الدعم السريع دفعات أرضية ربك طائرات مسيرة

مقالات مشابهة

  • عادت مجددا.. ماذا تفعل الطائرات المسيرة في شمال السودان؟
  • مسيرات الدعم السريع تصل “الدامر” في نهر النيل وتهاجم مقر الجيش في ربك
  • بإشراف مباشر من واشنطن .. هل تنهي مباحثات جنيف صراع السودانيين ؟!.
  • دفاعات الجيش السوداني تسقط مسيرات استهدفت مدينتي الدامر وربك
  • دفعات الجيش السوداني تسقط مسيرات استهدفت مدينتي الدامر وربك
  • “استرقاق جنسي” لفتيات واغتصاب رجال وفتيان.. تقرير لهيومن رايتس ووتش يكشف الوضع المروع في السودان
  • قطع بحرية إرترية تصل الساحل السوداني.. ما وراء “الزيارة”؟
  • مبارك الفاضل: الحركات المسلحة دُمجت في الجيش و أخذت قيمة عرباتها وأصولها من الخزينة العامة
  • “أطباء السودان”: 22 قتيلا بمدينة الفاشر إثر قصف مدفعي للدعم السريع
  • امريكا لن تتدخل ولكنها ستدفع المجتمع الدولي