بيروت- في مشهد يعكس واقعا بات مألوفا في لبنان حيث يتقاطع التصعيد العسكري والتهديد المتزايد على الجبهة الجنوبية مع موسم السياحة والحياة المليئة بالفرح في مناطق لبنانية عدة، تبرز تناقضات هذا البلد بين الحرب والحياة.
الثابت أن المواجهات المتصاعدة الحدودية لم تقف عائقا أمام موسم السياحة في لبنان، فعلى الرغم من بيانات بعض السفارات العربية والأوروبية وتوصياتها لرعاياها بالمغادرة ونصائحها لمواطنيها بعدم السفر إلى لبنان فإن هذه الظروف لم تؤثر على نشاط الموسم السياحي أو على عودة المغتربين اللبنانيين إلى بلدهم.
وسجل مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت أعلى أرقام منذ بداية عام 2024 خلال يونيو/حزيران الماضي، وشمل هذا الارتفاع عدد المسافرين من وإلى لبنان، وكذلك الرحلات الجوية لشركات الطيران الوطنية والعربية والأجنبية التي تستخدم هذا المرفق الحيوي.
السياحة في لبنان بالأرقامبلغ عدد الوافدين إلى لبنان منذ مطلع العام وحتى نهاية يونيو/حزيران الماضي مليونا و545 ألفا و666 زائرا، وبلغ عدد المغادرين مليونا و452 ألفا و996 مغادرا، وفقا لبيانات المطار.
بلغ عدد الوافدين إلى لبنان منذ مطلع العام وحتى نهاية يونيو/حزيران مليونا و545 ألفا و666 زائرا (الجزيرة)كما بلغ عدد الوافدين إلى لبنان 406 آلاف و396 وافدا مقارنة بـ427 ألفا و854 وافدا في يونيو/حزيران 2023، بتراجع بلغت نسبته 5%.
في المقابل، سجل عدد المغادرين 300 ألف و362 مغادرا مقارنة بـ280 ألفا و366 في الشهر ذاته من العام الماضي، بزيادة قدرها 7.13%.
وتحت شعار "مشوار رايحين مشوار" أطلقت وزارة السياحة حملتها لموسم 2024، وأكد وزير السياحة وليد نصار خلال حفل إطلاقها أن السياحة تساهم في توفير فرص العمل وزيادة النشاط الاقتصادي، مما ينعكس إيجابا على حياة الأفراد والمجتمع، وأشار إلى أنه على الرغم من التحديات المتزايدة فإنه لا يزال هناك أمل.
الانتعاش السياحيوبدأت بوادر الانتعاش السياحي تظهر من خلال المطاعم والمقاهي المكتظة، ويقول خالد نزهة نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري للجزيرة نت إن "الوضع السياحي في لبنان يعتبر مقبولا حتى الآن، مع تفاؤل بزيادة عدد الوافدين المغتربين اللبنانيين من دول عربية وأفريقية، والذين يشكلون دعما اقتصاديا للبنان".
وأضاف نزهة "في مناطق بيروت وساحل المتن والبترون وجبيل ومناطق الجبل تشهد الحركة حاليا نشاطا ممتازا، ويميز هذا العام افتتاح 50 مطعما جديدا، بالإضافة إلى زيادة في حركة الأفراح والأعراس داخل لبنان، ومن المتوقع أن تنعكس هذه المؤشرات بشكل إيجابي في دعم قطاعي السياحة والاقتصاد بالبلاد".
وأشار إلى أن يوليو/تموز وأغسطس/آب يعدان من أشهر الذروة للسياحة رغم التحديات الراهنة، وتوقع أنه في حال تحسنت الأوضاع الأمنية سيشهد القطاع زيادة كبيرة في عدد الزوار، مما سيعزز النشاط السياحي بشكل كبير.
موسم المهرجاناتومع بداية يوليو/تموز الحالي اتضحت صورة المهرجانات في مختلف المناطق لهذا الموسم، فقد أعلنت أغلبية المهرجانات عن برامجها، مثل مهرجان أعياد بيروت، ومهرجانات بيبلوس الدولية، ومهرجان إهدنيات الدولي، بالإضافة إلى مهرجانات جبيل والبترون وغيرهما، كما تم التخطيط للعديد من الحفلات الضخمة خلال الشهرين المقبلين، والتي ستجمع العديد من النجوم اللبنانيين والعرب من الصف الأول.
بوادر الانتعاش السياحي بدأت تظهر في معظم مناطق لبنان (الجزيرة)وتقول عايدة الأحمد -التي جاءت إلى لبنان من الكويت- إنها تحب قضاء العطلة الصيفية في لبنان.
وتضيف "الوضع الأمني لا يمنعني من زيارة بلدي ومقابلة أهلي وقضاء وقت معهم، نحن شعب يستحق الحياة الجميلة والاستمتاع بكل لحظة فيها".
وتتابع في حديثها للجزيرة نت "لبنان يقدم لنا أجواء وتجارب لا تُنسى، نحن نعمل طوال السنة لنأتي إلى لبنان للاستمتاع بهذا البلد الجميل".
ولم يختلف الأمر بالنسبة لسارة الخليل القادمة من السعودية، حيث أكدت للجزيرة نت أنها تفضل قضاء إجازتها الصيفية في لبنان.
وقالت "التوتر والعدوان على الحدود اللبنانية لن يمنعاني من زيارة بلدي الحبيب والتمتع بوقتي مع عائلتي، نحن شعب مررنا بالحرب والسلم في لبنان، وفي كل مرة نزداد تمسكا بالعودة إلى وطننا".
ويقول عيسى القادري للجزيرة نت "كنت مترددا بالبداية في النزول إلى لبنان، في كل إجازة أزور لبنان وأقضيها في بيتنا في كفر شوبا، ولكن هذه المرة منعتنا الحرب من قضاء الإجازة في بلدتي، لكنها لم تمنعني من النزول إلى لبنان ولقاء الأحبة، نعيش شعور الفرح والحزن في آن معا".
تجاوز التوقعاتبدوره، أشاد الباحث والخبير الاقتصادي الدكتور محمود جباعي بنجاح القطاع السياحي في لبنان خلال هذا الموسم، من حيث حركة القدوم، خاصة المغتربين اللبنانيين، وحركة الحجوزات والتحركات الكثيفة خلال الشهرين الأخيرين، مؤكدا أنه تجاوز التوقعات بشكل إيجابي على الرغم من الحرب المحدودة التي تشهدها مناطق جنوب لبنان.
وفي حديثه للجزيرة نت قال جباعي "عدد الزوار تجاوز 400 ألف زائر في يونيو/حزيران، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى أكثر من مليون وافد خلال الموسم".
وأضاف أن هذا الوضع خلق نوعا من الطفرة المعتادة في موسم السياحة اللبنانية، خاصة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وتابع جباعي "لبنان يعد وجهة سياحية متميزة على مدار السنة، حيث يجذب السياح في فصول الشتاء والربيع والصيف، ويشهد إقبالا مستمرا خلال مواسم الأعياد من قبل المغتربين اللبنانيين والعرب والأجانب".
وقال "اليوم، ورغم الحرب التي يمكن القول إنها مضبوطة ضمن نطاق الجنوب و50 ضيعة تقريبا يأتي السائح إلى لبنان ويحجز في الفنادق، مما يحقق ضخا ماليا مقبولا جدا، وبالإضافة إلى ذلك تشهد المهرجانات إقبالا ونجاحا عاليا جدا".
وقدّر الإيرادات المتوقعة من السياحة في الصيف فقط بين 3 و3.5 مليارات دولار، مشيرا إلى أنها قد تصل على مدار العام إلى نحو 5 مليارات دولار.
واستدرك جباعي "لكي نكون واقعيين، هناك مناطق تأثرت بالمخاطر الأمنية وتوقفت فيها السياحة، مما أثر بما بين 7 إلى 10% من مجمل الإيراد السياحي في لبنان"، مضيفا "في حال توقفت الحرب سينعكس ذلك إيجابا وترتفع نسبة السياحة أكثر فأكثر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المغتربین اللبنانیین یونیو حزیران عدد الوافدین السیاحة فی للجزیرة نت إلى لبنان فی لبنان
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يواصل انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال أحمد سنجاب، مراسل قناة القاهرة الإخبارية، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل خروقاته لوقف إطلاق النار في لبنان، حيث قام بتفخيخ وتفجير عدد من المنازل في بلدة مركبا القريبة من مرجعيون، مشيرًا، إلى أن التفجير وقع في الساعات الأولى من صباح اليوم، بالإضافة إلى تفجيرات أخرى في بلدتي مارون ويارون في القطاع الأوسط من جنوب لبنان.
وأضاف سنجاب، خلال تغطية خاصة عبر فضائية القاهرة الإخبارية، أن جيش الاحتلال يواصل انتهاكاته بشكل كبير، لاسيما في البلدات الجنوبية، كما أن هناك خروقات لاتفاق وقف إطلاق النار عبر تحليق الطائرات المسيرة في أجواء العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية.
وأوضح أن هذه الانتهاكات المستمرة قد تشكل محور النقاش الرئيسي للجنة المعنية بمتابعة اتفاق وقف إطلاق النار، التي عقدت أول اجتماع لها يوم الاثنين الماضي، ومن المتوقع عقد سلسلة من الاجتماعات خلال الفترة المقبلة لبحث الخروقات الإسرائيلية المستمرة، خصوصًا في الجنوب اللبناني، بما في ذلك تفخيخ وتفجير أحياء سكنية كاملة.
وتابع: "ربما كانت هناك بعض الإشارات الإيجابية خلال الأسبوع الماضي، حيث انسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل من بلدة الخيام، ودخل الجيش اللبناني والقوة الأممية إلى البلدة بعدما كانت تحت سيطرة الاحتلال لفترة طويلة".