مصر وأوروبا.. رهان الكبار لاستقرار شرق المتوسط
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
فى وقت شديد الدقة والخطورة ملىء بصراعات اقتصادية وعسكرية بالمنطقة العربية ودول العالم، تسعى مصر جاهدة لمجابهة كافة التحديات التى تواجهها، باعتبارها رمانة الميزان لأمن واستقرار المنطقة، حيث تكثف القاهرة جهودها ممثلة فى دبلوماسييها وقياداتها الاستثمارية والصناعية، لحجز مقعد ضمن الدول الأكثر أهمية على المستوى الدولى، وهو ما فعلته مع الاتحاد الأوروبى، الذى يضم 27 دولة اقتصادية، لبناء شراكة استراتيجية شاملة تعتبر هى الأقوى منذ عقود.
وتعقد مصر آمالًا واسعة على نجاح هذه الشراكة فى إنقاذ الاقتصاد، خاصة أن العلاقات المصرية الأوروبية شهدت خلال السنوات الماضية، تطورًا على المستويات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية والتى تستند إلى تاريخ طويل من العلاقات، حرصت القيادة السياسية على تنميتها وتعزيز أطر التعاون المشترك بين الجانبين فى مختلف المجالات وعلى مختلف الأصعدة خاصة أنَّ الاتحاد الأوروبى يعد أحد الداعمين الرئيسيين لمصر إقليميًا ودوليًا.
ورغم أن الطابع الاستراتيجى كان هو الغالب على العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى، خاصة أن مصر تُعد ركيزة للاستقرار فى الشرق الأوسط وبوابة لأفريقيا، إلا أن مصر تتطلع إلى تعزيز وتوسيع نطاق التعاون مع الاتحاد خلال المرحلة القادمة فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية.
هذا الملف يرصد آفاق التعاون المشترك مع أوروبا ومجالات الاستثمار وأهم المعوقات وسبل حلها.
«الشباك الواحد».. حلم طال انتظاره
تفاقمت الأزمة الاقتصادية فى مصر خلال الـ10 أعوام الأخيرة، خاصة مع توسع الاقتراض تارة لمعالجة الاختلالات المالية وسد العجز المزمن فى الموازنة العامة للدولة، أو لإصلاح البيئة الاستثمارية والصناعية وتنفيذ مشاريع كبرى تارة أخرى، والعمل على تحقيق رؤية مصر للتنمية المستدامة خلال 2030، بجانب تداعيات الأزمات العالمية كجائحة كورونا، والصراعات العسكرية الدولية والإقليمية، وعلى رأسها حرب روسيا وأوكرانيا، والعدوان الإسرائيلى على غزة، والتوتر السودانى، فضلا عن التخبطات الجيوسياسية التى تمر بها المنطقة نتيجة لتلك الصراعات.
ونتيجة لكل هذه الملابسات أصبحت مصر فى وضع حرج، والأمل الوحيد معقود على التنمية الاقتصادية فهى الملاذ لخروج مصر من عثرتها، وهذا يتطلب جذب المستثمر الأجنبى بشتى الطرق والوسائل.
وفى السياق نفسه، قال الدكتور عبدالرحمن عليان، أستاذ التجارة والاقتصاد بجامعة عين شمس، وعميد كلية الاقتصاد والإدارة جامعة بدر سابقا، أن التحديات الاقتصادية التى تواجهها مصر تكمن فى تحديد الأولويات، حيث أن الأزمة لا تُخلق بقلة الإمكانيات بل بتوظيفها، بالإضافة إلى استغلال الموارد بالطريقة الرشيدة لتحقيق أكبر عائد منها.
وأضاف أستاذ التجارة والاقتصاد بجامعة عين شمس، فى تصريحات لـ«الوفد»، أن الصناعة والزراعة هما التحديان الأكبر أمام مصر، باعتبار أن الصناعة هى المخرج الأول لانتعاش وتعزيز الاقتصاد الوطنى، حيث الإنتاج والاكتفاء الذاتى ومن ثم التصدير الذى يعد أهم عوامل جلب العملة الصعبة لمصر بجانب السياحة وتحويلات المصريين بالخارج، كما تقوم الزراعة بدور تحقيق الأمن الغذائى الذاتى للدولة وتخفيف عمليات الاستيراد، وعلى رأسها القمح والذرة.
وتابع «عليان»، أن مصر كانت تمتلك مصانع كبيرة ومتعددة، تم توقف الكثير منها أثناء ثورة 25 يناير، حيث أغلق حينها ما يقرب من 1000 ألف مصنع، تنوعت بين المصانع الخفيفة والثقيلة، وفيما يخص مصانع العاشر من رمضان فلها دور مهم، ولكنها لا تلبى احتياجات الاقتصاد المصرى، باعتبارها صناعات خفيفة الإنتاج والمنتجات.
وأكد عليان أن تعزيز قطاع الصناعة يستوجب تجديد وعودة الصناعات القديمة المهمة مثل مناجم الذهب، الفوسفات، والحديد والصلب، بجانب التركيز على الصناعات الصديقة للبيئة، التى لا ترفضها دول الاتحاد الأوروبى أثناء التصدير، حيث أن هناك بعض الصناعات المرفوضة لديهم مثل الأسمدة والمبيدات والأسمنت، لأن لديها اكتفاء ذاتى منها وتضعها فى خانة «غير مرغوب فيها».
أولويات
وحول أولويات المشاريع وقضية الدين الخارجى والداخلى، أكد عليان أن هناك مشاريع قومية مثل الطرق والنقل ساهمت فى نقل مصر لمركز وترتيب عالمى، حيث القطار الكهربائى الخفيف، والخطوط الجديدة لمترو الأنفاق، وشبكة الطرق والكبارى، والتى تعتبر شرايين مصر، كل هذه المشروعات تم استخدام القروض بمردود إيجابى فيها، ولكن هذا لا ينفى أنه كان يجب النظر فى تخصيص نصيب أكبر للصناعة والزراعة فهما المخرج الأول لمواجهة التحديات الخارجية والداخلية لمصر.
وذكر أستاذ التجارة والاقتصاد بجامعة عين شمس، أن مشروع منخفض القطارة ومشروع النهر الصناعى بالصحراء الشرقية كان أولى من قناة السويس الثانية، فمشروع منخفض القطارة يقضى بتوصيل مياه البحر المتوسط إلى هذا المنخفض الصحراوى الكبير الذى ينخفض مستواه عن سطح مياه البحر بنحو 133 مترا، الأمر الذى سيكفل توليد الكهرباء، فضلا عن تغيير مناخ المنطقة إلى مناخ مطير وتحول مساحات شاسعة حول البحيرة الجديدة إلى أعشاب خضراء ونشوء فرص سياحية كبيرة وصيد أسماك، بجانب أن المنطقة ستتحول إلى منطقة رعوية مطيرة وستتيح القناة والبحيرة الضخمة إمكانيات سياحية كبيرة ونقل بحرى رخيص وفرص لتحلية مياه البحر، فضلا عن المكسب الأكبر وهو توليد الكهرباء.
الاستثمار
وحول الاستثمار، أكد أن الدولة أجرت طفرة فى ذلك المجال، وعلى رأسها مشاريع رأس الحكمة ورأس جميلة، والتى تسعى الدولة جاهدة للاستفادة من الاستثمارات الأجنبية فيها، وشدد على أهمية توفير المناخ اللازم للمستثمر الأجنبى من تسهيل الإجراءات، عن طريق «الشباك الواحد»، والذى يتم من خلاله توفير جميع الخدمات بغرفة واحدة ممثلة من كل وزارة أو جهة منوطة بتلك الخدمة، مما يكون لها مردود إيجابى على راحة المستثمر وتعزيز عملية جذب الاستثمار الأجنبى لمصر خاصة الاستثمار الأوروبى، واختتم حديثه مؤكدا أن ارتفاع الدين الخارجى، أزمة خطيرة ما لم تكن هناك خطة سداد من قبل الدولة، باعتباره «خط أحمر» لا يمكن التهاون به.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي العلاقات المصرية الأوروبية القيادة السياسية جامعة عين شمس الاتحاد الأوروبى
إقرأ أيضاً:
«مصير الكبار» يُطارد السيتي وجوارديولا!
عمرو عبيد (القاهرة)
منذ 10 سنوات، وتحديداً موسم 2014-2015، لم يغب مانشستر سيتي أبداً عن اللعب في دوري أبطال أوروبا، بل إنه بلغ المباراة النهائية في «الشامبيونزليج» مرتين، وفاز باللقب في نُسخة 2022-2023، لكن الوضع الحالي للفريق في جدول ترتيب «البريميرليج» يُنذر بخطر الابتعاد عن المقاعد المؤهلة إلى البطولة القارية الكُبرى، ورغم التراجع الذي يعيشه «السيتي»، إلا أن 4 نقاط فقط تفصله عن «مُربّع الذهب» الإنجليزي، ويبتعد أيضاً بفارق 6 نقاط فقط عن صاحب المركز الثالث، أرسنال، وبالتأكيد لا يزال الوقت مُبكراً جداً لتوقع مثل هذا «المصير المؤلم»، الذي عانى منه جميع «كبار البريميرليج» في السنوات الماضية، باستثناء «السيتي» وحده.
ولم يعرف جوارديولا نفسه عدم اللعب في دوري الأبطال، في أي موسم سابق، ومع أي فريق دربه، بل إنه لم يخُض طوال مسيرته المراحل التمهيدية أو المؤهلة للعب في «الشامبيونزليج» سوى مرتين فقط، في موسمه الأول مع برشلونة، وكذلك نفس الأمر مع مانشستر سيتي، ويُدرك «بيب» أن عليه بذل الكثير من الجُهد مع لاعبيه، لتجاوز الأزمة الحالية، وتحسين وضعه في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي، مع احتفاظه بكامل حقوقه في الفوز بكل البطولات التي لا يزال يُنافس فيها، والتي يُمكنها أن تضمن له الاحتفاظ بوجوده المُستمر المتتالي في «الشامبيونزليج».
عدم اللعب في دوري الأبطال، عرفه ليفربول 3 مرات خلال هذا العقد، رغم بلوغه النهائي القاري مرتين، والفوز بالكأس في إحداهما، حيث شارك «الريدز» في بطولة الدوري الأوروبي مرتين، 2015-2016 و2023-2024، بل إنه لم يلعب في أي بطولة قارية خلال موسم 2016-2017، بعدما احتل المركز الثامن في الدوري الإنجليزي قبلها، تحت قيادة مدربه الكبير، يورجن كلوب.
أما تشيلسي، بطل «الشامبيونزليج» في موسم 2020-2021، فقد غاب هو الآخر عنها 4 مرات، بداية من عدم الظهور «قارياً» في 2016-2017، إذ أنهى الموسم المحلي السابق في المركز العاشر، مروراً باللعب في «يوروبا ليج» بموسم 2018-2019، لكنه فاز باللقب آنذاك، ثم عاد ليغيب تماماً عن اللعب القاري في العام الماضي، بسبب تراجعه إلى المركز الـ12 في «البريميرليج» قبلها، وكان «البلوز» قد أدرك مقعداً في دوري المؤتمر الأوروبي الحالي بصعوبة.
وبعيداً عن التحسن الكبير الذي طرأ على مستوى أرسنال في الموسمين الماضيين، خاصة فيما يتعلق بالمنافسة الشرسة على لقب الدوري الإنجليزي، فإن «المدفعجية» عانى كثيراً، خلال تلك الحقبة، من أجل اللعب في دوري أبطال أوروبا، حيث غاب عنها 6 مرات، مكتفياً بالمشاركة في «يوروبا ليج» 5 مرات، مقابل الغياب التام في موسم 2021-2022، بعدما احتل المركز الثامن محلياً في 2020-2021.
مانشستر يونايتد سار على درب «غريمه القديم»، بالابتعاد عن «الشامبيونزليج» 5 مرات أيضاً، بينها 4 مُشاركات في الدوري الأوروبي كذلك، لكنه فاز باللقب عام 2017، وحصل على الوصافة في 2021 بعد التحوّل إليها، مقابل فقد مقعده الأوروبي، بعدما احتل المركز السابع في موسم 2013-2014، ولم يختلف الأمر مع توتنهام، وصيف دوري الأبطال 2018-2019، حيث لعب في «يوروبا ليج» 4 مرات، وخاض دوري المؤتمر في موسم واحد، بينما اختفى تماماً من المشهد العام الماضي، بسبب إنهاء نُسخة 2022-2023 من الدوري المحلي في المركز الثامن.