فى وقت شديد الدقة والخطورة ملىء بصراعات اقتصادية وعسكرية بالمنطقة العربية ودول العالم، تسعى مصر جاهدة لمجابهة كافة التحديات التى تواجهها، باعتبارها رمانة الميزان لأمن واستقرار المنطقة، حيث تكثف القاهرة جهودها ممثلة فى دبلوماسييها وقياداتها الاستثمارية والصناعية، لحجز مقعد ضمن الدول الأكثر أهمية على المستوى الدولى، وهو ما فعلته مع الاتحاد الأوروبى، الذى يضم 27 دولة اقتصادية، لبناء شراكة استراتيجية شاملة تعتبر هى الأقوى منذ عقود.

وتعقد مصر آمالًا واسعة على نجاح هذه الشراكة فى إنقاذ الاقتصاد، خاصة أن العلاقات المصرية الأوروبية شهدت خلال السنوات الماضية، تطورًا على المستويات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية والتى تستند إلى تاريخ طويل من العلاقات، حرصت القيادة السياسية على تنميتها وتعزيز أطر التعاون المشترك بين الجانبين فى مختلف المجالات وعلى مختلف الأصعدة خاصة أنَّ الاتحاد الأوروبى يعد أحد الداعمين الرئيسيين لمصر إقليميًا ودوليًا.

ورغم أن الطابع الاستراتيجى كان هو الغالب على العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى، خاصة أن مصر تُعد ركيزة للاستقرار فى الشرق الأوسط وبوابة لأفريقيا، إلا أن مصر تتطلع إلى تعزيز وتوسيع نطاق التعاون مع الاتحاد خلال المرحلة القادمة فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية.

هذا الملف يرصد آفاق التعاون المشترك مع أوروبا ومجالات الاستثمار وأهم المعوقات وسبل حلها.

 

«الشباك الواحد».. حلم طال انتظاره

تفاقمت الأزمة الاقتصادية فى مصر خلال الـ10 أعوام الأخيرة، خاصة مع توسع الاقتراض تارة لمعالجة الاختلالات المالية وسد العجز المزمن فى الموازنة العامة للدولة، أو لإصلاح البيئة الاستثمارية والصناعية وتنفيذ مشاريع كبرى تارة أخرى، والعمل على تحقيق رؤية مصر للتنمية المستدامة خلال 2030، بجانب تداعيات الأزمات العالمية كجائحة كورونا، والصراعات العسكرية الدولية والإقليمية، وعلى رأسها حرب روسيا وأوكرانيا، والعدوان الإسرائيلى على غزة، والتوتر السودانى، فضلا عن التخبطات الجيوسياسية التى تمر بها المنطقة نتيجة لتلك الصراعات.

ونتيجة لكل هذه الملابسات أصبحت مصر فى وضع حرج، والأمل الوحيد معقود على التنمية الاقتصادية فهى الملاذ لخروج مصر من عثرتها، وهذا يتطلب جذب المستثمر الأجنبى بشتى الطرق والوسائل.

وفى السياق نفسه، قال الدكتور عبدالرحمن عليان، أستاذ التجارة والاقتصاد بجامعة عين شمس، وعميد كلية الاقتصاد والإدارة جامعة بدر سابقا، أن التحديات الاقتصادية التى تواجهها مصر تكمن فى تحديد الأولويات، حيث أن الأزمة لا تُخلق بقلة الإمكانيات بل بتوظيفها، بالإضافة إلى استغلال الموارد بالطريقة الرشيدة لتحقيق أكبر عائد منها.

وأضاف أستاذ التجارة والاقتصاد بجامعة عين شمس، فى تصريحات لـ«الوفد»، أن الصناعة والزراعة هما التحديان الأكبر أمام مصر، باعتبار أن الصناعة هى المخرج الأول لانتعاش وتعزيز الاقتصاد الوطنى، حيث الإنتاج والاكتفاء الذاتى ومن ثم التصدير الذى يعد أهم عوامل جلب العملة الصعبة لمصر بجانب السياحة وتحويلات المصريين بالخارج، كما تقوم الزراعة بدور تحقيق الأمن الغذائى الذاتى للدولة وتخفيف عمليات الاستيراد، وعلى رأسها القمح والذرة.

وتابع «عليان»، أن مصر كانت تمتلك مصانع كبيرة ومتعددة، تم توقف الكثير منها أثناء ثورة 25 يناير، حيث أغلق حينها ما يقرب من 1000 ألف مصنع، تنوعت بين المصانع الخفيفة والثقيلة، وفيما يخص مصانع العاشر من رمضان فلها دور مهم، ولكنها لا تلبى احتياجات الاقتصاد المصرى، باعتبارها صناعات خفيفة الإنتاج والمنتجات.

وأكد عليان أن تعزيز قطاع الصناعة يستوجب تجديد وعودة الصناعات القديمة المهمة مثل مناجم الذهب، الفوسفات، والحديد والصلب، بجانب التركيز على الصناعات الصديقة للبيئة، التى لا ترفضها دول الاتحاد الأوروبى أثناء التصدير، حيث أن هناك بعض الصناعات المرفوضة لديهم مثل الأسمدة والمبيدات والأسمنت، لأن لديها اكتفاء ذاتى منها وتضعها فى خانة «غير مرغوب فيها».

أولويات

وحول أولويات المشاريع وقضية الدين الخارجى والداخلى، أكد عليان أن هناك مشاريع قومية مثل الطرق والنقل ساهمت فى نقل مصر لمركز وترتيب عالمى، حيث القطار الكهربائى الخفيف، والخطوط الجديدة لمترو الأنفاق، وشبكة الطرق والكبارى، والتى تعتبر شرايين مصر، كل هذه المشروعات تم استخدام القروض بمردود إيجابى فيها، ولكن هذا لا ينفى أنه كان يجب النظر فى تخصيص نصيب أكبر للصناعة والزراعة فهما المخرج الأول لمواجهة التحديات الخارجية والداخلية لمصر.

وذكر أستاذ التجارة والاقتصاد بجامعة عين شمس، أن مشروع منخفض القطارة ومشروع النهر الصناعى بالصحراء الشرقية كان أولى من قناة السويس الثانية، فمشروع منخفض القطارة يقضى بتوصيل مياه البحر المتوسط إلى هذا المنخفض الصحراوى الكبير الذى ينخفض مستواه عن سطح مياه البحر بنحو 133 مترا، الأمر الذى سيكفل توليد الكهرباء، فضلا عن تغيير مناخ المنطقة إلى مناخ مطير وتحول مساحات شاسعة حول البحيرة الجديدة إلى أعشاب خضراء ونشوء فرص سياحية كبيرة وصيد أسماك، بجانب أن المنطقة ستتحول إلى منطقة رعوية مطيرة وستتيح القناة والبحيرة الضخمة إمكانيات سياحية كبيرة ونقل بحرى رخيص وفرص لتحلية مياه البحر، فضلا عن المكسب الأكبر وهو توليد الكهرباء.

الاستثمار

وحول الاستثمار، أكد أن الدولة أجرت طفرة فى ذلك المجال، وعلى رأسها مشاريع رأس الحكمة ورأس جميلة، والتى تسعى الدولة جاهدة للاستفادة من الاستثمارات الأجنبية فيها، وشدد على أهمية توفير المناخ اللازم للمستثمر الأجنبى من تسهيل الإجراءات، عن طريق «الشباك الواحد»، والذى يتم من خلاله توفير جميع الخدمات بغرفة واحدة ممثلة من كل وزارة أو جهة منوطة بتلك الخدمة، مما يكون لها مردود إيجابى على راحة المستثمر وتعزيز عملية جذب الاستثمار الأجنبى لمصر خاصة الاستثمار الأوروبى، واختتم حديثه مؤكدا أن ارتفاع الدين الخارجى، أزمة خطيرة ما لم تكن هناك خطة سداد من قبل الدولة، باعتباره «خط أحمر» لا يمكن التهاون به.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي العلاقات المصرية الأوروبية القيادة السياسية جامعة عين شمس الاتحاد الأوروبى

إقرأ أيضاً:

محافظ البحيرة تُؤكد دعم الاستثمار الجاد وتذليل العقبات أمام المستثمرين

أكدت الدكتورة جاكلين عازر، محافظ البحيرة، على التواصل المستمر مع المستثمرين والاستماع لمطالبهم والعمل على تقديم التيسيرات اللازمة للبدء في مشروعاتهم وتذليل ما يعترضهم من معوقات إن وجدت.

كما أكدت الدكتورة جاكلين عازر، أن البحيرة تعد واحدة من أكبر المحافظات ذات الآفاق الاستثمارية الواعدة لما تمتلكه من إمكانات كبيرة في مختلف المجالات بالإضافة إلى الموقع الجغرافي الإستراتيجي، والبنية التحتية الجيدة والموارد الطبيعية المتنوعة مما يجعل منها وجهة استثمارية جاذبة لمختلف الاستثمارات والمستثمرين الجادين.

وأضافت أن المناطق الصناعية تعد محركا أساسيا لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، بما تضمه من قلاع صناعية قادرة على المنافسة محليًا عالميًا.

جاء ذلك خلال الجولة التفقدية التي قامت بها بالمنطقة الصناعية بحوش عيسى وكذا تفقد الطرق المؤدية للمنطقة وشبكة الطرق الداخلية.

حيث تفقدت الدكتورة جاكلين عازر خلال جولتها، مصنعا للأعلاف باستثمارات صينية ويعمل وفق أحدث النظم والتقنيات والتكنولوجيا الحديثة، وآخر للصناعات الغذائية ويضم خطوط إنتاج الأغذية المجمدة والزيتون والمخللات والطعام المعلب والألبان ويصدر إنتاجه للخارج.

وتابعت محافظ البحيرة، خطوط الإنتاج بكلا المصنعين وأشادت بالمستوى التكنولوجي وخطوط الإنتاج المتقدمة وتأثيرها الإيجابي على كفاءة الإنتاج وتحسين الجودة مؤكدة على الدور الكبير والبناء لجميع المصانع العاملة على أرض البحيرة في دفع عجلة البناء والتنمية وتوفير فرص العمل لأبناء المحافظة.

في نهاية الجولة عقدت الدكتورة جاكلين عازر، محافظ البحيرة، اجتماع مع عدد من المستثمرين بالمنطقة، للوقوف على أهم الاحتياجات والعمل على حلها وذلك بحضور علاء قريطم، عضو مجلس النواب، المهندسة نورهان عقدة، مدير المنطقة، المهندسة هبة السنهوري، مدير فرع البحيرة لهيئة التنمية الصناعية، ونائب رئيس المدينة.

ووجهت المحافظ، بوضع خطة لرصف الطرق الداخلية بالمنطقة على أن يتم تنفيذها خلال الفترة القريبة القادمة على عدة مراحل.

مقالات مشابهة

  • حسن مصطفى: الإمارات قادرة على تنظيم الأولمبياد.. ونسخة 2032 كانت قريبة لمصر
  • مجلسُ الأمن.. إخلالٌ بالواجبات القانونية وزعزعةٌ لاستقرار الإنسانية
  • النائب علاء عابد: زيارة رئيس الإمارات لمصر تمثل أهمية كبيرة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدَين
  • محافظ البحيرة تُؤكد دعم الاستثمار الجاد وتذليل العقبات أمام المستثمرين
  • هل ينذر الارتفاع الكبير على حرارة مياه شرق البحر المتوسط بتشكل عواصف متوسطية تؤثر على المنطقة؟
  • فلسطيني يفوز بلقب بطل العالم للفنون القتالية (شاهد)
  • أحمد موسى يكشف أهمية التسويق لمصر سياحيًا (فيديو)
  • أنغام.. القائمة الكاملة لأغاني ألبوم "تيجي نسيب"
  • بدء اختبارات محو الأمية دورة يوليو في المنوفية
  • عاجل| هشام العسكري يكشف تطور مهم بشأن سد النهضة خلال السنوات القادمة