سوريا دخلت حرب حزب الله.. هل ستهاجم دمشق إسرائيل؟
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
منذ بدء قصفه الجولان المحتل قبل أشهر عديدة في إطار حربه ضدّ الجيش الإسرائيلي، أدخلَ "حزب الله" سوريا في إطار معركتهِ من البوابة العريضة، فكان التأثيرُ واضحاً على الإسرائيليين لقاء ذلك وتحديداً من خلال صرخات مستوطنين إسرائيليين هناك، طالبوا بلجمِ الحزب "عسكرياً" بعد الضربات القاسية التي سدّدها الحزب.
المسألة هذه استراتيجية نوعاً ما، فـ"حزب الله" ضمّ الجولان إلى معادلته من خلال فيديو "الهدهد 2"، لكنه في الوقت نفسه لم يجعل سوريا بعيدة عن الإستهدافات التي تطالها وتحديداً في مناطق يُفترض أن تكون خارج إطار الإشتباك.
السؤال الذي يُطرح أمام كل ذلك: هل دخلت سوريا الحرب فعلاً؟ وهل يُعتبر إنخراط دمشق في المعركة أولوية بالنسبة لها؟
خبراء عسكريون على معرفة بحيثيات "حزب الله" العسكرية يقولون لـ"لبنان24" إنّ سوريا لم تكن يوماً بعيدة عن الحرب، لكن دورها فيها لم يكُن مباشراً، إذ كان لوجستياً بدرجة كبيرة. هنا، يقول الخبير الإستراتيجي ناجي ملاعب لـ"لبنان24" إنّ سوريا مندمجة على خطّ المواجهة إلى جانب "حزب الله"، في حين أن الإستهدافات التي تطالها سابقة وغير جديدة، ومعظمها كان يستهدف الحزب والإيرانيين.
الأمر هذا يوافق عليه الخبير الإستراتيجي عمر معربوني الذي قال لـ"لبنان24" إنَّ "سوريا لم تكن يوماً بعيدة عن حزب الله"، مشيراً إلى أن حرب الحزب ودمشق "واحدة".
إذاً، ما يتبين هو أن سوريا "سبقت" حزب الله على المواجهة الفعلية والمفتوحة مع إسرائيل وتحديداً بعد حرب تمّوز عام 2006، فالأمرُ هذا يُعتبر مؤثراً بشدة لأن دمشق تُشكل القاعدة الخلفية لـ"حزب الله" وعبرها يأتي "خط الإمداد الفعليّ".
ولكن، كيف ستتعزز المواجهة السورية مع إسرائيل في الوقت الراهن؟ عملياً، فإنّ إستهداف إسرائيل للقيادي في الحزب ياسر نمر قرنبش، الثلاثاء، يعني أن إسرائيل نقلت ضرباتها ضد الجولان وغيرها إلى الداخل السوري وليس فقط إلى الداخل اللبناني، ما يعني أن تل أبيب تريد الضغط على "حزب الله" في سوريا أيضاً طالما لجأ إلى استهدافِ قواعدها وعسكرييها ضمن سوريا. بمعنى آخر، ما يتبين هو أن إسرائيل فتحت جبهة أخرى لضرب الحزب، وهذه المرة ستكون الأمور أقسى من السابق. ففي الفترات الماضية، كانت إسرائيل تستهدف الإيرانيين و"حزب الله" داخل سوريا، وقد كانت معظم الضربات "غامضة". أما الآن، فإنّ ما يظهر هو أن الإسرائيليين "خفضوا وتيرة المواجهة مع الإيرانيين بشكل مباشر"، ونقلوها نحو "حزب الله" بشكل خاص وتحديداً عندما يشن هجمات ضد الجولان المحتل.
وعليه، تقول المصادر تعليقاً على هذا الطرح، إنّه من المتوقع أن يزداد القصف الإسرائيلي داخل سوريا أكثر من السابق، على أن يكون المستهدف هذه المرة قواعد أساسية ومناطق يتواجد فيها "حزب الله". كذلك، فإن الهجمات التي شنتها إسرائيل، أمس الأربعاء، ضدّ منشآت للجيش السوري بدعوى تجاوزها المنطقة العازلة في هضبة الجولان، يعتبر مؤشراً واضحاً على أن سوريا، كدولة ونظام، ستكون عرضة لاستهدافات جديدة تحت عنوانين: إنتهاكات مزعومة من قبل الإسرائيليين، ومساعدة "حزب الله" عسكرياً ولوجستياً.
في المُقابل، ماذا يُقال عن الموقف السوري من شملها بخط الإشتباك؟ يقول مصدرٌ سياسي مقرّب من دمشق لـ"لبنان24" إنّ سوريا قد لا تُعارض أي عملٍ عسكري يستهدف إسرائيل في الجولان، معتبراً أن دمشق على علمٍ بأن الجبهة الحالية ستطالها، لكنها تسعى قدر الإمكان لتجنب الإنخراط المباشر بها.
الدليل الأوضح على ذلك هو أنه لم يجرِ حتى الآن لمس أي تحرك عسكري من داخل سوريا باتجاه الجولان، فلا إشتباكات هناك، ولا محاولات تسلل ولا عمليات سوى الرشقات الصاورخية الآتية من لبنان. لكن في المقابل، فإن تحرك "حزب الله" باتجاه تلك المنطقة يعني تثبيتاً مركزياً لانخراطها الفعلي خلال أي مواجهة شاملة، وبالتالي هناك إمكانية لأن يكون الجولان عرضة لهجمات مباشرة من داخل سوريا وعبر المسلحين الذين يُقال أنهم سينتقلون من العراق واليمن لمساندة "حزب الله"، بحسب ما تقول المصادر.
إزاء ذلك، فإن الجبهة الجديدة ستكون "عابرة"، وما يمكن أن يحدث هو أن الجولان سيكون عنواناً لعمليات مشتركة تقودها غرفة عمليات "محور المقاومة".. عملياً، السيناريو هذا غير مُستبعد ووارد، وأصلاً فإن مرور المقاتلين إلى لبنان لن يحصل إلا عبر سوريا، في حين أن الجولان بحاجة إلى هؤلاء عند نشوب الحرب الشاملة. لهذا السبب، كلّ الأمور واردة، ومن غير المستبعد أن ترفض سوريا ذلك باعتبار أن أي خطوة تخدمُ "حزب الله" عبر أراضيها، لن يتم توفيرها أبداً. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: داخل سوریا حزب الله
إقرأ أيضاً:
بين تصعيد إسرائيل وعمليات حزب الله.. هل سقطت التسوية؟!
لعلّه "السيناريو" نفسه يتكرّر مرّة أخرى، حيث ترمي إسرائيل بتسريبات مكثّفة حول "تسوية" مع لبنان، تنهي الحرب العبثية والوحشية المتواصلة منذ أكثر من شهر ونصف، وتذهب عبر إعلامها لحدّ الكشف عمّا تسمّيه بـ"مسودة الاتفاق"، متحدّثة عن وضع "اللمسات الأخيرة" عليه، لكنّها لا تقرنها بأفعال تثبت "حسن النوايا"، بل على النقيض، ترفع من مستوى اعتداءاتها، بما يفرغ "التسوية الموعودة" من مضمونها، فتأتي الخيبة مُضاعَفة.
وعلى الرغم من أنّ هناك ما يدفع إلى الاعتقاد بأنّ شيئًا ما مختلفًا هذه المرّة، أقلّه من حيث التوقيت، بعد إنجاز الانتخابات الأميركية، وفوز المرشح دونالد ترامب بالرئاسة، إلا أنّ مؤشرات الساعات الأخيرة لم توحِ بما يبعث فعليًا إلى التفاؤل، بدءًا من مصادقة رئيس أركان جيش الاحتلال على "توسيع" العملية البرية في جنوب لبنان، بعدما ساد اعتقاد بأنّها تقترب من النهاية، وصولاً إلى القصف المتواصل على العديد من المناطق اللبنانية.
أما الموقف اللبناني، فبدا ميّالاً إلى "الحذر"، استنادًا إلى التجارب السابقة التي كشفت عن ممارسة إسرائيل لأسلوب "الخديعة"، كما حصل يوم أوهمت الناس بفرص الحلّ، قبل أن تغتال "غدرًا" الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، علمًا أنّ الحزب لم يُعِر هذه المرّة التسريبات الإسرائيلية اهتمامه، بل صعّد في عملياته المضادة، مع تسجيل رشقات صاروخية تكاد تكون الأكبر منذ بدء الحرب، فهل يمكن القول إلى "التسوية" سقطت عمليًا؟!
موقف "حزب الله" الثابت
بالنسبة إلى موقف "حزب الله"، يبدو واضحًا أنّه "نأى بنفسه" إن صحّ التعبير، عن كلّ فحوى التسريبات الإسرائيلية حول وقف لإطلاق النار، كما حول الشروط التي حُكي عنها في الإعلام بشأن هذا الاتفاق المحتمل، وهوما تجلّى في المؤتمر الصحافي لمسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب الحاج محمد عفيف، الذي قال إنّ أيّ شيء ملموس لم يصل إلى الحزب، ولا إلى المسؤولين اللبنانيين المعنيّين، الذين تواصل معهم قبل المؤتمر.
وبالفعل، حرص "حزب الله" على أن يعكس هذا الموقف في أدائه الميداني الذي لم يتأثّر بكلّ التسريبات والتسريبات المضادة، إذ إنّ وتيرة عملياته العسكرية بقيت على المنوال نفسه، وربما ارتفعت نسبيًا، مع تسجيل الهجوم الصاروخي الأكبر الذي ينفذه الحزب على حيفا، التي حوّلتها صواريخ الحزب إلى مدينة أشباح إن جاز التعبير، وقد شلّت الحياة فيها إلى حدّ بعيد بعد إطلاق رشقة صاروخية كبيرة من الجانب اللبناني.
ولعلّ "حزب الله" أراد بهذا الهجوم، وسائر العمليات، أن يوصل رسالة مفادها أنّ ما يراهن عليه للوصول إلى وقف إطلاق النار هو "إيلام العدو"، وفقًا للمعادلة التي كان الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم قد أطلقها قبل فترة، إذ إنّ الحزب الذي يشدّد على انفتاحه على المفاوضات، ولا سيما أنّه فوّض القرار بهذا الشأن إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، لن يكون في أيّ حال من الأحوال من يستجدي الاتفاق، بل يريد أن يدفع إسرائيل إلى طلبه.
احتمالات التسوية وآفاقها
ثمّة من يقول إنّ موقف "حزب الله" هذا ناتج في مكانٍ ما أيضًا عن "الضبابية" في الموقف الإسرائيلي، الذي لا يبدو "ثابتًا"، فالإعلام يتحدّث عن اتفاق شبه مكتمل، رغم أنّ أيّ شيء رسمي لم يصل إلى لبنان بشأنه، والقادة العسكريون يتحدّثون في المقابل عن المزيد من التصعيد، كما حصل في ضوء المصادقة على توسيع العملية البرية، ولو أقرنه الإسرائيليون بالقول إنّ القرار يمكن أن يُلغى بمجرد إبرام التسوية أو الاتفاق.
ولكن بمعزل عن موقف الحزب هذا، وعن التصعيد الإسرائيلي الموازي للحديث عن المفاوضات، يقول العارفون إنّ احتمالات التوصّل إلى تسوية تبقى قائمة، ولو أنّها ليست في أوجها كما كانت قبل يومين فقط، إذ هناك من يؤكد أنّ ثمّة قرارًا متّخذًا بضرورة إنهاء الحرب خلال مهلة الشهرين الفاصلة عن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وأنّه أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بذلك، وقد تواصلا عدّة مرات الأسبوع الماضي.
لكنّ الأكيد وفق ما يقول العارفون، إنّ كلّ الأمور تبقى مرهونة بالتفاصيل التي تكمن فيها الشياطين، فالاتفاق الذي يُحكى عنه لم يصل إلى لبنان بعد، كما أنّ ما يروّجه الإعلام الإسرائيلي عمليًا قد لا يكون مقبولاً كما هو، خصوصًا لجهة الحديث عن "حرية الحركة" الإسرائيلية مستقبلاً، بما يحوّل لبنان ربما إلى ما يشبه واقع الضفة الغربية مثلاً، في حين أنّ الموقف اللبناني واضح لجهة الركون إلى القرار الدولي 1701، من دون زيادة أو نقصان.
لم تسقط "التسوية" بعد إذًا، لكنّها في الوقت نفسه، لا تُعتبَر مضمونة بعد. يقول العارفون إنّ مؤشرات هذه التسوية عديدة، لكنّها غير كافية لضمان ألا تكون مناورة إسرائيلية أخرى. لذلك، فالمطلوب التعامل مع ما يروّجه الإعلام الإسرائيلي بحذر حتى إثبات العكس، علمًا أنّ أيّ موقف من التسوية لا يمكن أن يُطلَق بناءً على تسريبات، وبالتالي فما قبل تبلّغ لبنان الرسمي بشيء، وتحديد موعد للمبعوث الأميركي، يبقى كلّ ما يُحكى مجرد حبر على ورق!
المصدر: خاص "لبنان 24"