الطاقة المتجددة.. الانتقال المسؤول
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
طه حسيب (أبوظبي)
ماهي الطاقه المتجددة؟
تؤكد الأمم المتحدة أن مصادر الطاقة المتجددة المتوفرة بوفرة في كل مكان حولنا، والتي توفرها الشمس والرياح والمياه والنفايات والحرارة من الأرض تتجدد بطبيعتها، ولا تنبعث منها إلا القليل من الغازات المسببة للانحباس الحراري الكوكبي أو الملوثات في الهواء. لا يزال الوقود الأحفوري يمثل أكثر من 80% من إنتاج الطاقة العالمي، لكن مصادر الطاقة النظيفة تكتسب المزيد من الأرض.
مصادر الطاقة المتجددة
وتشير منصة العمل المناخي بالأمم المتحدة إلى أن مصادر الطاقة المتجددة موجودة في كل مكان حولنا، ما يعني أن استثمارها خيار لا بد من اللجوء إليه للحد من الانبعاثات والمضي نحو تصفيرها؛ ومن ثم تحقيق الأهداف الخاصة باتفاقية باريس للمناخ. 80% من سكان العالم يعيشون في بلدان مستوردة صافية للوقود الأحفوري - أي حوالي 6 مليارات شخص يعتمدون على الوقود الأحفوري من بلدان أخرى، مما يجعلهم عرضة للصدمات والأزمات الجيوسياسية. وفي المقابل، تتوفر مصادر الطاقة المتجددة في جميع البلدان، ولم يتم بعد استغلال إمكاناتها بالكامل.
أنواع الطاقة المتجددة
تقديرات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) تشير إلى أن 90% من الكهرباء في العالم يمكن، بل ينبغي، أن تأتي من الطاقة المتجددة بحلول عام 2050. طاقة متجددة بتكلفة أرخص الطاقة المتجددة خيار الطاقة الأرخص في معظم أنحاء العالم اليوم، ذلك لأن أسعار تكنولوجيات الطاقة المتجددة تنخفض بسرعة. وحسب بيانات الأمم المتحدة، انخفضت تكلفة الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية بنسبة 85 في المائة بين عامي 2010 و2020.
وانخفضت تكاليف طاقة الرياح البرية والبحرية بنسبة 56 في المائة و48 في المائة على التوالي. وتشير التقديرات إلى أنه من الممكن أن توفر الكهرباء الرخيصة من المصادر المتجددة 65% من إجمالي إمدادات الكهرباء في العالم بحلول عام 2030. وهذه المصادر يمكن أن تؤدي إلى إزالة الكربون من 90% من قطاع الطاقة بحلول عام 2050، مما يؤدي إلى خفض انبعاثات الكربون بشكل كبير والمساعدة على التخفيف من تغير المناخ.
أقرأ أيضاً.. الألمان يشجعون «الطاقة الشمسية»
على الرغم من أنه من المتوقع أن تظل تكاليف الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أعلى في عامي 2022 و2023 مقارنة بمستويات ما قبل الوباء؛ بسبب الارتفاع العام في أسعار السلع الأساسية والشحن، إلا أن قدرتها التنافسية تتحسن فعلياً بسبب الزيادات الحادة في أسعار الغاز والفحم، حسبما تقول وكالة الطاقة الدولية. الطاقة المتجددة وجودة الهواء ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن حوالي 99 في المائة من الناس في العالم يتنفسون هواء يتجاوز حدود جودة الهواء ويهدد صحتهم، كما أن أكثر من 13 مليون حالة وفاة حول العالم كل عام ترجع إلى أسباب بيئية يمكن تجنبها، بما في ذلك الهواء.
تنشأ المستويات غير الصحية من الجسيمات الدقيقة وثاني أكسيد النيتروجين بشكل رئيسي من حرق الوقود الأحفوري. وفي عام 2018، تسبب تلوث الهواء الناجم عن الوقود الأحفوري في تكاليف صحية واقتصادية بقيمة 2.9 تريليون دولار، أي حوالي 8 مليارات دولار يومياً.
فوائد الطاقة المتجددة
إن التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، لا يساعد على معالجة تغير المناخ فحسب، بل يساعد أيضاً على معالجة تلوث الهواء والصحة. قدرة كبيرة على التشغيل حسب توقعات وكالة الطاقة الدولية، فإن كل دولار يُسْتَثْمَر في مصادر الطاقة المتجددة يخلق فرص عمل أكثر بثلاث مرات من تلك الموجودة في صناعة الوقود الأحفوري.
وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن التحول نحو صافي الانبعاثات الصفرية سيؤدي إلى زيادة إجمالية في وظائف قطاع الطاقة: في حين يمكن فقدان حوالي 5 ملايين وظيفة في إنتاج الوقود الأحفوري بحلول عام 2030، سيتم إنشاء ما يقدر بنحو 14 مليون وظيفة جديدة في الطاقة النظيفة، مما أدى إلى مكاسب صافية قدرها 9 ملايين وظيفة. بالإضافة إلى ذلك، ستحتاج الصناعات المرتبطة بالطاقة إلى 16 مليون عامل إضافي، على سبيل المثال، لتولي أدوار جديدة في تصنيع السيارات الكهربائية والأجهزة عالية الكفاءة، أو في التقنيات المبتكرة مثل الهيدروجين.
وهذا يعني أنه من الممكن خلق أكثر من 30 مليون فرصة عمل في مجالات الطاقة النظيفة والكفاءة والتكنولوجيات المنخفضة الانبعاثات بحلول عام 2030. آفاق استثمارية واعدة ربما تكون التكلفة الأولية لدخول مجال الطاقة المتجددة مرهقة بالنسبة للعديد من البلدان ذات الموارد المحدودة، وسوف يحتاج العديد منها إلى دعم مالي وفني لتحقيق التحول.
لكن استثمارات الطاقة المتجددة ستؤتي ثمارها، ذلك لأن الحد من التلوث وتأثيرات المناخ وحده يمكن أن يوفر للعالم ما يصل إلى 4.2 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2030. تم إنفاق حوالي 7 تريليونات دولار على دعم صناعة الوقود الأحفوري في عام 2022، وبالمقارنة، نحتاج إلى استثمار نحو 4.5 تريليون دولار سنوياً في الطاقة المتجددة حتى عام 2030 بما في ذلك الاستثمارات في التكنولوجيا والبنية الأساسية حتى نتمكن من الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050. علاوة على ذلك، يمكن لتقنيات الطاقة المتجددة الفعالة والموثوقة أن تخلق نظاماً أقل عرضة لصدمات السوق، وتحسين القدرة على الصمود وأمن الطاقة من خلال تنويع خيارات إمدادات الطاقة.
أهمية الطاقة المتجددة
الطاقة عصب الحياة والمحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي. منذ اكتشاف النار واستخدام الحطب في الطهي والتدفئة، والبشرية تتطور يوماً بعد يوم في استخدام الطاقة، فمن المصادر التقليدية كالفحم والنفط والغاز الطبيعي، إلى مصادر متجددة كالرياح والطاقة الشمسية والطاقة النووية، وطاقة الهيدروجين، وربما مصادر جديدة سنشهدها قريباً. كيفية استخدام الطاقة مسألة جوهرية في عالم يزداد احتراراً.. عالم يتطلع إلى تصفير الانبعاثات والوفاء بالتعهدات الواردة في اتفاق باريس للمناخ، من أجل منع زيادة ارتفاع درجة حرارة الأرض عن 1.5 درجة مئوية مقارنة بمرحلة ما قبل الثورة الصناعية. الآن يُجمعُ العالم على المضي قُدماً في انتقال آمن وعادل للطاقة من المصادر التقليدية إلى المتجددة. تسريع التحول ومن الإمارات، وتحديداً في 13 ديسمبر 2023، توصلت ما يقرب من 200 حكومة في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب28» إلى اتفاق رئيسي بشأن الطاقة والمناخ، والذي يشار إليه غالباً باسم «إجماع الإمارات العربية المتحدة»، والذي حدد أهدافاً عالمية جديدة لعام 2030 تتمثل في تسريع التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري، وزيادة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة التقدم في كفاءة استخدام الطاقة، والحد بشكل كبير من انبعاثات غاز الميثان.
أخبار ذات صلة
«كوب 28» وطفرة الطاقة المتجددة
وخلال «كوب28» تعهدت أكثر من 110 دول بزيادة الطاقة المتجددة بمقدار 3 أضعاف بحلول عام 2030، في حين اتفقت 20 دولة على رفع الطاقة النووية بالنسبة ذاتها، لكن في 2050. لكنَّ تقريراً صدر في مارس الماضي عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا)، استنتج أن تحقيق الهدف العالمي الذي حدده مؤتمر «كوب28»، والمتمثل في مضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030، يعتمد على ضرورة تهيئة الظروف المواتية لتنفيذه، والذي يعدُّ أمراً قابلاً للتنفيذ ومجدياً من الناحية التقنية والاقتصادية، ولكنه يتطلب التخطيط المدروس، فضلاً عن السياسات الداعمة له والاستثمار على نطاق واسع.
وحسب تقرير صادر عن الوكالة بعنوان «تتبع مخرجات كوب28: مضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030»، فإن عام 2023 سجل رقماً قياسياً جديداً في نشر مصادر الطاقة المتجددة، والتي ساهمت بإضافة 473 جيجاواط إلى إجمالي المزيج العالمي من الطاقة، لكن مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات متوقف على إمكانية التغلب على عوائق منهجية وهيكلية تَحوْل دون تحوّل الطاقة. «الطاقة الدولية» وتثبيت الأولويات وفي 20 فبراير الماضي، استضافت فعالية وكالة الطاقة الدولية، حدثاً شارك فيه معالي الدكتور سلطان الجابر، رئيس مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، مع قادة المناخ والطاقة الآخرين، من أجل التأكيد على الإجراءات ذات الأولوية لتحقيق نتائج «كوب 28»، خاصة ما يتعلق بـ «اتفاق الإمارات»، وركزت المناقشة في حدث اليوم على كيفية تحقيق هذه الأهداف الضرورية لتنفيذ استحقاقات اتفاق باريس المتمثل في الحد من متوسط الارتفاع في درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية.
الدكتور «فاتح بيرول»، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، أكد أن الإجماع الذي تُوُصِّل إليه في دبي مهم للغاية بالنسبة للتحول العالمي للطاقة النظيفة، فمن خلال الدعوة إلى انتقال عادل ومنظم ومنصف بعيداً عن الوقود الأحفوري، مع تسارع العمل في هذا العقد، فإنه هذا لإجماع يحدد اتجاه قطاع الطاقة العالمي بشكل واضح للغاية للمرة الأولى.
أقرأ أيضاً.. الإمارات تعزز استثماراتها في الطاقة النظيفة والمتجددة
بيرول وصف «إجماع الإمارات» بأنه قرار تاريخي، لكنه سيتطلب أيضاً الكثير من العمل الشاق في التنفيذ والتحليل المستمر والمتواصل للتقدم المحرز ووسائل تحقيق هذه الأهداف.
ولدى «بيرول» قناعة بأن الوكالة الدولية للطاقة مستعدة لقيادة هذه الجهود، والعمل في شراكة مع البلدان في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى الرئاسات الحالية والمستقبلية لمؤتمر الأطراف، لتحويل الرؤية إلى واقع ملموس. الماء والطاقة تشير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أن مصدر 87% من الكهرباء العالمية يتمثل في الوقود الأحفوري والطاقة النووية والمائية والحرارية التي تعتمد على الماء للتبريد، ويوجد ما يصل إلى ثلثها في مناطق تعاني إجهاداً مائياً مرتفعاً. ولذلك فإن التنبؤ بحالات الجفاف وتدفقات الأنهار وتوافر المياه أمر حيوي للحفاظ على إمدادات الطاقة. يتم الترحيب بالانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة باعتباره أحد أكثر الطرق فعالية لمكافحة تغير المناخ. تستمد الطاقة المتجددة من المصادر التي تتجدد بشكل طبيعي، مثل أشعة الشمس والرياح والمياه والحرارة الأرضية.
أقرأ أيضاً.. وزراء ومسؤولون: الإمارات تلعب دوراً مهماً في مشهد الطاقة الصديقة للبيئة
وعلى عكس الوقود الأحفوري، فإن هذه المصادر لا تنبعث منها غازات دفيئة عند توليد الكهرباء، مما يجعلها بديلاً مستداماً وصديقاً للبيئة. الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة التأثير الأكثر إلحاحاً والأكثر أهمية للطاقة المتجددة هو قدرتها على الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. تعمل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية، من بين أمور أخرى، على إنتاج الكهرباء دون انبعاث ثاني أكسيد الكربون أو أي ملوثات ضارة أخرى. ومن خلال تحويل إنتاج الطاقة لدينا بعيداً عن الوقود الأحفوري ونحو مصادر الطاقة المتجددة، يمكننا تقليل البصمة الكربونية لقطاع الطاقة لدينا بشكل كبير. يعزز الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة استقلال الدول وأمنها في مجال الطاقة.
ولا شك أن تنويع مزيج الطاقة يجعل الدول في مأمن بعيداً عن تقلبات الأسواق، أو تعثر سلاسل التوريد، ناهيك عن الصراعات الدولية وتداعياتها.
فرص العمل كأي قطاع جديد، تأتي الطاقة المتجددة بمشروعات وفرص استثمارية واعدة، وتمنح رجال الأعمال مسارات جديدة للتنمية المستدامة. لنا أن نتخيل قطاع ألواح الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح وغيرها من القطاعات الجديدة الواعدة التي تحمل معها فرصاً استثمارية، وفي الوقت نفسه تمتص البطالة، وتستوعب المتخصصين الجدد في الطاقة المتجددة وتخزينها وتوزيعها، وتدشن تخصصات مهنية جديدة لم تكن موجودة من قبل، ما يترك مساحة هائلة للابتكار في المساقات التعليمية والتدريبية.
الانتقال المسؤول من الضروري تأهيل المجتمعات للانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، فلا مناص من استيعاب العاملين في الطاقة التقليدية وتأهيلهم كي ينخرطوا في مسار الطاقة المتجددة، وفي الوقت نفسه ضمان توفير إمدادات الطاقة للمستهلكين، حتى لا ترتفع الأسعار، وتزداد حدة التضخم. «إجماع الإمارات» الصادر عن «كوب28» يقدم رؤية للعالم، تحفزه على الانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري، لكن هذا الانتقال يتطلب خطوات واثقة نحو الطاقة المتجددة مع استيعاب قطاعات الطاقة التقليدية وتجهيزها لطاقة المستقبل المتجددة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الطاقة الشمسية الانبعاثات الكربونية الوقود الأحفوري طاقة الرياح الطاقة المتجددة مصادر الطاقة المتجددة وکالة الطاقة الدولیة عن الوقود الأحفوری المتجددة ثلاث مرات للطاقة المتجددة الطاقة النظیفة الطاقة الشمسیة بحلول عام 2030 قطاع الطاقة تغیر المناخ من المصادر فی الطاقة من الطاقة فی المائة أکثر من الحد من إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف تحاول سوريا الجديدة تأمين إمدادات النفط وسط العقوبات الدولية؟
تسعى الحكومة السورية بشكل متسارع لتأمين شحنات نفطية إضافية لمواجهة أزمة الطاقة الحادة التي ورثتها عن نظام الأسد المخلوع إلا أن الخيارات المتاحة أمامها لا تزال محدودة، خاصة في ظل العقوبات الغربية التي تفرض قيودًا صارمة على قطاع النفط السوري.
وبحسب تقرير لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط فإن محاولة الاتحاد الأوروبي تعليق بعض الإجراءات التقييدية في قطاعات الطاقة، وتقديم الإدارة الأمريكية السابقة إعفاءات مؤقتة لبعض المعاملات الإنسانية، تبقى الشركات الكبرى ومالكو السفن مترددين في التعامل مع سوريا خوفًا من مخالفة العقوبات الغربية.
في هذا السياق، أشارت نعوم ريدان في التقرير إلى أنه قد يلجأ بعض التجار ومشغلي السفن إلى التعامل مع سوريا بشكل غير قانوني، بما في ذلك روسيا، التي تواصل دعمها للنظام السوري، خاصة بعد تقليص وجودها العسكري في البلاد. وقد تم رصد ناقلات نفط مرتبطة بروسيا أثناء توجهها إلى الموانئ السورية، مما يثير التساؤلات حول مستقبل النشاط النفطي الروسي في سوريا في مرحلة ما بعد الأسد.
يعد أحد أبرز التطورات في هذا المجال تغيير مسار ناقلة النفط "بروكسيما" في 23 شباط / فبراير من مدينة مرسين التركية إلى ميناء بانياس السوري.
ومن المتوقع أن تكون هذه السفينة قد حملت شحنة من الديزل، وهو منتج حيوي يحتاجه الاقتصاد السوري بشكل ملح. والجدير بالذكر أن "بروكسيما" هي إحدى السفن المدرجة ضمن قائمة العقوبات الأمريكية، مما يزيد من تعقيد الوضع.
في 26 شباط / فبراير، تم رصد سفينة أخرى تدعى "بروسبريتي" وهي ناقلة نفط مرتبطة أيضًا بروسيا وتحمل شحنة ديزل، وصلت إلى ميناء بانياس في 5 آذار/مارس. هذه الشحنات من المنتجات النفطية تساهم في تلبية احتياجات سوريا الملحة في ظل النقص الحاد في الوقود.
فيما يتعلق بالواردات النفطية، كانت إيران في الماضي المورد الرئيسي للنفط الخام إلى سوريا، ولكن بعد الحرب، أصبح الوضع أكثر تعقيدًا، على الرغم من أن إيران ما زالت تصدر النفط إلى سوريا، إلا أن الكميات لا تكفي لتلبية احتياجات البلاد. وتواجه سوريا صعوبة في إعادة تشغيل مصافيها الكبرى، مثل مصفاة بانياس.
من جهة أخرى، يزداد تدفق شحنات الغاز النفطي المسال (LPG)، الذي يُستخدم بشكل رئيسي في التدفئة والطهي، وكما لوحظ أن ناقلات الغاز النفطي المسال تواصل شحن الوقود من مدينة دورتيول في تركيا إلى سوريا، حيث يُتوقع أن تزداد محاولات تهريب الوقود من لبنان بسبب حاجة السوق السورية.
على الرغم من القيود المفروضة على القطاع النفطي، فقد بدأت دمشق في العمل على استئناف اتفاقيات النفط مع الإدارة الكردية في شمال شرق سوريا، ومن المحتمل أن تساهم هذه الاتفاقات في توفير كميات من النفط الخام، لكنها غير كافية لتغطية احتياجات البلاد.
وفي الوقت نفسه، بدأت الأردن إرسال الغاز النفطي المسال إلى سوريا عبر الشاحنات، وهو ما يعد خطوة مهمة في محاولة سوريا لتلبية احتياجاتها من الطاقة، ولكن، من المتوقع أن يظل الاعتماد على شبكات التهريب مستمرًا في ظل صعوبة تأمين مصادر شرعية كافية.
وكشف التقرير أن تجارب ما بعد الحرب في لبنان والعراق توضح أن قطاع الطاقة في الدول التي تشهد صراعات يكون عرضة لفساد واسع يمكن أن يعوق التنمية الاقتصادية، ولذلك، فإن الحكومة السورية ستحتاج إلى موارد مالية كبيرة لدعم تشغيل الخدمات العامة الأساسية في مرحلة ما بعد الأسد.
إذا لم تتمكن السلطات السورية من إيجاد حلول فعالة لتلبية احتياجات الطاقة والتعامل مع المخاوف المتعلقة بالعقوبات، فإن هناك عدة سيناريوهات غير مواتية قد تظهر. على سبيل المثال، قد يقوم بعض الموردين بالاستفادة من غياب المنافسة لاحتكار إمدادات الطاقة، في حين قد تستغل روسيا هذا الوضع لتعزيز نفوذها في سوريا من خلال صفقات غير مواتية.
إن استمرار الغموض حول تخفيف العقوبات الأمريكية سيمنح الشبكات التجارية غير القانونية فرصة لتكثيف أنشطتها، مما يمثل تحديًا خطيرًا للولايات المتحدة. وفي النهاية، قد يواجه المجتمع الدولي صعوبة في تحقيق توازن بين تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة في سوريا وبين معالجة المخاطر المترتبة على الفساد وتعزيز النفوذ الروسي.