سواليف:
2024-07-30@09:40:40 GMT

مهند الرفوع يكتب .. “يا حبسَ النشامى”

تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT

“يا حبسَ النشامى”

“أنِي” أحمد حسن الزعبي، أكتب إليكم من وراء قضبان الوطن، من خلف سياج الكلمات، ومن داخل السجون المكتظّة بالآمال والآلام. أكتبُ إليكم بحبر القمع وعلى صفائح ديمقراطيتنا الرخوة التي تنهار سريعاً أمام “دزينة” كلمات. أكتب إليكم الآن وليس في الأفق إلا “بساطير” العساكر وظلام “العنابر”.

– أحمد حسن عياده، مهجع 3، تابع مسيرك، جُوّا.

أرى الآن “شبّاحات” بيضاء مُتدلية الحواف كأنما نتشتها أسنان الإبل تنسدلُ على أجساد هاربة الوجوه. عتمةٌ سائدة زاخرة بالأضداد؛ لِحية غزيرة يبيضُ فيها “فِرّي” وغير بعيد منها سحنةٌ عارية وذابلة. ثرثار هنا وأخرس هناك، شريرٌ يجول وضعيفٌ مُستكين. أفّ، ما هذا كله يا أحمد! صورةٌ لم أرَ مثيلاً لها إلا في روايات السجون والبرامج الوثائقية. أمشي مُتثاقلاً كما لا يحلو لي، ومع كل خطوة إلى الداخل تتهادى إليّ روائح الأقفال السمينة ويرحب بحضوري صرير الأبواب العنيدة. يضجّْ المكان بتلويحات الرجاء وانبعاثات الندم، وفي مقدمة راسي تنشط رائحة عرَقٍ راشحٍ ورطب.

مقالات ذات صلة الصبيحي .. لو قرأ الرئيس هذا المثال لسحبَ نظام الموارد البشرية 2024/07/11

مُفعمة وشهيّة تجربة الإنسان الأولى؛ أول نظرة مُشاكِسة، أول “مَطْقَه” لآيس كريم تجاوز ثمنها 40 قرشاً، أول حبة كرز أخضر بالحلال، أول زغلول سقسَق من قاع “تنكة” العائلة. وهنا أول التجارب تفيض بآلاف التفاصيل الطازجة، “شاويش” المهجع وحده حكاية؛ نظراته الماكرة، كرشه المرصوص، فرحته بربع دينار كسبها بالسلبطة، أذنه “الشافطة” للأخبار والهمسات.

عالمٌ جديد لا حدود فيه للأسئلة التي تفقَعُ بكثافة. شلالٌ من أسئلة “المعازيب” غمرني كأنما هم بانتظاري منذ سنوات؛ حُكمك؟ قضيتك؟ مُحاميك؟ المادة 15 من الدستور؟ شو بقربلك فلان؟ شو نوع دخانك؟ كيف بطيخ هالسنة؟

لطالما فرّ جسدي إلى الظلّ خارج أسوار السجن، لكنه هنا كئيب الملمس، لئيم الوخز، مُتشبعٌ برائحة رطوبةٍ ثقيلة تلتصق بالحلق؛ إنّه كالظّل المحشور داخل “نتّافة جاج” ضيّقة.

يا أحمد، ما الذي فعلته لتنام هنا؟ أسيفكَ مع الأعداء؟ أبيتكَ من أموال الشهداء؟ أكلماتكَ “بلدية” أم مستوردة من “SHEIN”؟ أطعنتَ القوانين أم هي التي طعنتك؟ أسألُ نفسي وبين عينيّ تتأرجح صور أطفالي، أقسم أنني أهدرتُ نصف طاقتي لكي أمنع دمعةً ملتهبة من الفوران. أنا أصلاً من الذين يُسمح لهم بالبكاء، لكنه هنا من المحرمات. آآخ، لماذا أُدفعُ بعيداً عن سِكّتي الطبيعية؟ أنا كاتب، أتعلمون ماذا يعني أن أكون كاتباً؟ أن أكتب يعني أن أقشّر مشاعري كلما رأيتُ صورة حزينة، أن أكتب يعني أن أكشط الحروف من بشرة الوجدان لتصل إلى الناس حارّة رصينة. أفّ، سجن! سجن مرة وحدة يا أحمد! وَلّ! هو أنِي “فاعِط” ميزانية البلد؟!

باتَ الليل لي وحدي، فقد نامَ رفاق المهجع جميعاً. أعرفه جيداً عندما كان يسامرني في الرُمثا وفي “نزول صافوط”، ويعرفني منذ أن استَجَرتُ به مرّات عديدة لاُكمل مسرحية حَبَكتها أوجاعي. ينكمش الشاويش في نومه حتى إنه بدا مثل مدفع عثماني على وشك الإطلاق. أراقبُ باهتمامٍ وحذر خليةً نشطة من النائمين؛ أفواهٌ تتلمّظ، وأرجل لا تتوقف عن الرفس، شخيرٌ مُتصاعد أقرب إلى الثُغاء، وسائقٌ قديم مُنهمكٌ في تبديل السرعات ببراعة حتى في منامه.

تعال إليّ، أخبرني أيها الليل، سامِر من يُسجن على عشر كلمات لا يجرحنَ دعسوقة. تعال، قل لي، هل انخفضت مديونية البلد إلى النصف من بعد أن زجّوا بي في باص الشرطة؟ هل أصبح “عِرق الفليتو” حاضراً على موائد الشعب من بعد إدراج اسمي في كشوفات السجناء؟ هل أصبح راتب الموظف مقروناً “بقَصّة عجوة” ورطل سمن؟ هل شُطبت “المجدّرة” من قائمة طعام الأردنيين منذ منحي “فرهول” ارتداه قبلي “قطّاع طرق”؟ هل عرفَ الناس آلية تسعير المحروقات؟ هل اختفت عصابات “الفاليه” في عمّان؟ هل علِمَ الشعب بقيمة فاتورة الألعاب النارية التي أطلقتها أمانة عمان في آخر سنتين؟ هل حدث شيء من ذلك من بعد تذويب حريتي؟ سُولِف يا ليل، إهرج، آآآخ بس. بعرفك يا ليل، على قد ما أنت شاسع وكبير ما فيك فايدة. طول عُمرك ساكت ومنبطح. يا الله شو بتشبه ناس بعرفهم!

غطّيني يا بطانية السجن، بلّش الشاويش يرمي.

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

شاهد بالفيديو.. “التيك توكر” السوداني الشهير أبو أحمد يعود لإثارة الجدل بمقطع مع إحدى الفتيات: (أنا بسوق بنمرة خمسة والجربوكس فل) والفتاة ترد عليه: (وانا المكنة بتاعتي فل أوبشن)

عاد التيك توكر السوداني الشهير أبو أحمد, لإثارة الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو مع إحدى الفتيات.

وبحسب ما شاهد محرر موقع النيلين فقد أثار التيك توكر الذي يلقب نفسه بالصاروخ الصيني, والفتاة سخط وغضب الجمهور.

وتبادل الثنائي خلال مشاركتهما في جولة على تطبيق “تيك توك” الشهير, الحديث بطريقة وصفها المتابعون بالغير لائقة.

ووفقاً لما شاهد محرر موقع النيلين فقد قال الصاروخ الصيني للفتاة (أنا بسوق بنمرة خمسة والجربوكس فل) لترد عليه الفتاة: (وانا المكنة بتاعتي فل أوبشن).

وبعد تلقيهما عدد من التعليقات المنتقدة, حاول أبو أحمد والفتاة التمويه, حيث أكدت الفتاة أن “الونسة” كانت عن السيارات.

محمد عثمان _ الخرطوم

النيلين

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • صابرين تردّ على منتقدي “الملحد”: أمر طبيعي
  • في العدد (94) من “الشارقة الثقافية” سلطان الصحافي.. عنوان الحقيقة وقيمة الكلمة
  • كشف لغز تعامد الشمس مع “هرم القمر”
  • علي يوسف السعد يكتب: فاس.. مرة أخرى
  • أحمد الشيخ يكتب: شهادة عدم الإلتباس التجاري.. بين هيئة الاستثمار ووزارة الاستثمار
  • أحمد حاتم “ملحد وكافر” في لقطات تحبس الأنفاس من فيلم “الملحد”.. وعرضه بهذا الموعد
  • أحمد ياسر يكتب: ما وراء "تحصين ترامب".. أعداء الناتو الحقيقيون
  • شاهد بالفيديو.. “التيك توكر” السوداني الشهير أبو أحمد يعود لإثارة الجدل بمقطع مع إحدى الفتيات: (أنا بسوق بنمرة خمسة والجربوكس فل) والفتاة ترد عليه: (وانا المكنة بتاعتي فل أوبشن)
  • «في طريقهم إليكم».. منصة شاهد تروج لـ«عمر أفندي» قبل عرضه
  • أحمد شعراني يكتب: تامر حسني.. فرصة واحدة كفيلة بأن تغير العالم