لم يأتِ نواب المعارضة بالاقتراحين اللذين تقدموا بهما كحلّ للأزمة الرئاسية بجديد. وإذا أُجيز القول بأن ثمة ما يمكن وصفه بـ "الجديد" فهو إصرارهم على "اخراج لبنان من حالة الجمود السياسي الذي اصابه نتيجة التعطيل المستمر لمؤسسات الدولة". إلا أن هذين الاقتراحين يبقيان محصورين في إطار التمنيات ما دام الفريق الآخر مصمّمًا على التمسّك بالحوار، الذي يُفترض أن يسبق أي دعوة نيابية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وإذا لم يبادر أي فريق من فريقي "الصراع الرئاسي" إلى تقديم تنازلات نوعية فإن الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى سيطوي عامه الثاني إن لم يكن ما يُقال في السرّ والعلن من أن المجلس النيابي الحالي لن يتمكّن من انتخاب رئيس قد يصبح واقعًا يؤسف له. وهكذا تكون تجربة الفراغ العام 2014 "دّحة" أمام ما ينتظر اللبنانيين من تعطيل يجرّ تعطيلًا آخر، بحيث تصبح الجمهورية هيكلًا عظميًا لا حياة فيه سرعان ما ينهار عند هبوب رياح التغيير.
وإذا استمرّ كل فريق مقتنعًا بما يراه صحيحًا وصالحًا كخارطة طريق رئاسية مع رفض متبادل للتلاقي عند منصف الطريق فإن ما حذّر منه أكثر من مسؤول دولي زار لبنان مستطلعًا وناصحًا قد يتحوّل مع مرور الوقت إلى واقع يُفرض فرضًا على جميع اللبنانيين وليس على قسم منهم دون الآخرين. وقد يجد اللبنانيون أنفسهم أمام ظاهرة دولية غير مسبوقة تتمثّل بتغييبهم عن أي مفاوضات لإعادة رسم الخارطة السياسية لدول المنطقة، وذلك نتيجة عدم تمكّنهم من انتخاب رئيس لجمهوريتهم، الذي يُفترض أن يشارك طبيعيًا وتلقائيًا في هذه المفاوضات لو كان منتخبًا وفق الأصول الديمقراطية والدستورية مثله مثل أي رئيس آخر في أي دولة ينتخبه شعبه أو ممثلو هذا الشعب من خلال عملية ديمقراطية لا يختلف اثنان على نتائجها إن لم تكن بفعل عمليات غش أو التلاعب بها أو بفعل تحالفات ظرفية ومصلحية، وهي إلى حدّ كبير مشروعة ومعتمدة ومقبولة.
ولكن ما هو غير مقبول هو تزوير إرادة الناس عبر قوانين انتخابية هجينة وغريبة وعجيبة وضعت لمصلحة أشخاص بهدف ضمان ووصولهم إلى الندوة البرلمانية بأي ثمن، سواء عبر اللوائح المغلقة، التي تحرم الناخب من حرية الاختيار بين الجيد والأكثر جودة، ورفض السيء، مع ما سُمّي بـ "الصوت التفضيلي"، وهي بدعة لم يرَ المشرّعون مثيلًا لها في تاريخ الانتخابات البرلمانية.
وبغض النظر عمّا نتج عن القانون الانتخابي اللبناني المركّب، فإن اقتراحي نواب المعارضة يمكن ادراجهما في واحد من إطارين لا ثالث لهما، ويتلخص بالآتي:
أولًا: أن المعارضة قد تلقفت كلام الرئيس نبيه بري عن رفضه الدعوة إلى حوار بمن حضر، وهو الذي لم يقع في هذا الفخّ الذي حاول البعض نصبه له عن طريق تأييده فكرة عزل جميع الذين يرفضون تلبية الدعوة إلى الحوار، الذي يسبق الجلسات الانتخابية المتواصلة بدورات متتالية من دون إقفال محاضر الجلسات، وهي حاولت، من خلال هذين الاقتراحين، قطع نصف الطريق نحو أي شكل من أشكال الحوار من غير أن يأخذ طابعًا عرفيًا، ومن دون تسليم رقبتها لشروط "الفريق الممانع" عبر فرض مرشحه كخيار يترجم الواقع الميداني في صندوقة الاقتراع. وهذا ما ترفضه "القوى المعارضة"، وعلى رأسها حزبا "القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية"، من خلال اقتراحها الثاني، الذي يقوم على فكرة مبادرة رئيس المجلس إلى دعوة النواب إلى جلسات انتخابية مفتوحة. وإذا تعذّر وصول أي من المرشحين إلى الحاصل الذي يمكّنه من الفوز يصار إلى جلسات تشاورية خارج القاعة العامة لا تتعدى مدتها الـ 48 ساعة، على ان يعود النواب الى "القاعة العامة للاقتراع، في دورات متتالية بمعدل 4 دورات يوميا، دون انقطاع ودون اقفال محضر الجلسة وذلك الى حين انتخاب رئيس للجمهورية، ويلتزم جميع الأفرقاء بحضور الدورات وتأمين النصاب". 
ثانيًا: أمّا المنحى الثاني لخارطة طريق "الفريق المعارض" فيعتمد آلية تنسف مضامينها الاقتراح الثاني والقائمة على فكرة "التقاء النواب في المجلس النيابي وقيامهم  بالتشاور في ما بينهم، من دون دعوة رسمية أو مأسسة او إطار محدد حرصاً على احترام القواعد المتعلقة بانتخاب
رئيس للجمهورية المنصوص عنها في الدستور اللبناني، على الا تتعدى مدة التشاور 48 ساعة، يذهب من بعدها النواب، وبغض النظر عن نتائج المشاورات، الى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية وذلك حتّى انتخاب رئيس للجمهورية كما ينص الدستور، من  دون اقفال محضر الجلسة، ويلتزم
جميع الأفرقاء بحضور الدورات وتأمين النصاب".
 فهل تنجح مساعي "المعارضة"، وهل يتمّ التجاوب مع اقتراحها الثاني، وتُعتمد مشاورات الـ 48 ساعة شكلًا من أشكال الحوار؟
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: انتخاب رئیس الذی ی

إقرأ أيضاً:

ملك المغرب يطرح خارطة طريق لانهاء صراع غزة ويؤكد: لا تهاون في القضايا المصيرية

بغداد اليوم - متابعة

اكد ملك المغرب  محمد السادس، أنه لا مجال لأي تهاون أو تأخير أو سوء تدبير في القضايا المصيرية، مشددا على ان التوصل إلى وقف الحرب في غزة أولوية عاجلة، طارحا خارطة طريق لإيجاد حل نهائي للصراع في غزة والمنطقة.

وقال محمد السادس في خطاب له بمناسبة عيد العرش المجيد الذي يصادف الذكرى الخامسة والعشرين لتربعه على عرش أسلافه، وتابعته "بغداد اليوم"، "أطلقنا الكثير من المشاريع الاقتصادية والتنموية، والبرامج الاجتماعية، لتحقيق التماسك الاجتماعي، وتمكين المواطنين من الولوج للخدمات الأساسية"، مشيرا الى ان "أهم هذه التحديات، إشكالية الماء، التي تزداد حدة بسبب الجفاف، وتأثير التغيرات المناخية، والارتفاع الطبيعي للطلب، إضافة إلى التأخر في إنجاز بعض المشاريع المبرمجة، في إطار السياسة المائية".

وأضاف ان "هنالك ضرورة لاستكمال برنامج بناء السدود، مع إعطاء الأسبقية لمشاريع السدود، المبرمجة في المناطق التي تعرف تساقطات مهمة"، مشددا على انه "يتعين تسريع إنجاز محطات تحلية مياه البحر، حسب البرنامج المحدد لها، والذي يستهدف تعبئة أكثر من 1,7 مليار متر مكعب سنويا".

ودعا "للعمل على تطوير صناعة وطنية في مجال تحلية الماء، إضافة إلى تشجيع إنشاء مقاولات مغربية مختصة، في إنجاز وصيانة محطات التحلية"، مؤكدا أنه "لا مجال لأي تهاون، أو تأخير، أو سوء تدبير، في قضية مصيرية كالماء".

وتابع ان "الاهتمام بالأوضاع الداخلية لبلادنا، لا ينسينا المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني الشقيق حيث عملنا على فتح طريق غير مسبوق، لإيصال المساعدات الغذائية والطبية، لإخواننا في غزة  وبنفس روح الالتزام والمسؤولية، نواصل دعم المبادرات البناءة، التي تهدف لإيجاد حلول عملية، لتحقيق وقف ملموس ودائم لإطلاق النار، ومعالجة الوضع الإنساني".

وبشان حرب غزة والعدوان الإسرائيلي، بين الملك محمد السادس ان "تفاقم الأوضاع بالمنطقة يتطلب الخروج من منطق تدبير الأزمة، إلى منطق العمل على إيجاد حل نهائي لهذا النزاع، وذلك وفق المنظور التالي:

     أولا: إذا كان التوصل إلى وقف الحرب، في غزة، أولوية عاجلة، فإنه يجب أن يتم بموازاة مع فتح أفق سياسي، كفيل بإقرار  سلام عادل ودائم في المنطقة.

     ثانيا : إن اعتماد المفاوضات لإحياء عملية السلام، بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، يتطلب قطع الطريق على المتطرفين، من أي جهة كانوا. 

    ثالثا : إن إرساء الأمن والاستقرار بالمنطقة، لن يكتمل إلا في إطار حل الدولتين، تكون فيه غزة جزءا لا يتجزأ من أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.

المصدر: وكالات

 


مقالات مشابهة

  • ملك المغرب يطرح خارطة طريق لانهاء صراع غزة ويؤكد: لا تهاون في القضايا المصيرية
  • أزمة سياسية تعصف بفنزويلا بسبب انتخابات الرئاسة
  • صراع لا نهاية له.. تفاصيل إعلان أحد مرشحي المعارضة الفنزويلية للرئاسة إعادة انتخاب مادورو
  • 18 سنة على التوالي.. أطول مدة رئاسية في فنزويلا واتهامات بالتزوير
  • نيكولاس مادورو يفوز بولاية رئاسية ثالثة في فنزويلا
  • إعادة انتخاب مادورو رئيسا لفنزويلا لولاية ثالثة بنسبة 51%
  • إعادة انتخاب مادورو رئيسا لفنزويلا بحصوله على 20% من الأصوات
  • انتخابات رئاسية وسط توتر شديد في فنزويلا والرئيس يحذّر من “حمام دم”
  • انتخابات رئاسية في فنزويلا وسط توتر شديد بين النظام والمعارضة
  • الاطار يدعم عقد جلسة انتخاب رئيس النواب في أقرب وقت