تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كشف الدكتور مصطفى حسن الأقفهصي، في كتابه "مقالات الإسلاميين في العصر الحديث" أنَّ جماعة الوهابية هي منبع فكر الخوارج، الذي تشربته بعد ذلك جماعة الإخوان، التي تعد البذرة الحقيقية التي نبتت منها الجماعات الإسلامية المتطرفة؛ من تنظيم القاعدة، والتكفير والهجرة، إلى تنظيم داعش.

وأكد أن بدايات تطرف هذه الجماعات يبدأ بالحماس الجارف والاندفاع الطائش الذي ينتج عنه اقتراحات وحلول وإجراءات يزعم قادتهم أنها السبيل لتطبيق الإسلام، الأمر الذي مكنهم من السيطرة الكاملة والاستحواذ المطلق على عقول أتباعهم، وسيادة ثقافة القطيع، تحت زعم "قانون السمع والطاعة".

وتضمن كتاب "مقالات الإسلاميين في العصر الحديث.. دراسة نقدية لأفكار بعض الجماعات الإسلامية المتطرفة الموافقة لمنهج الخوارج في ضوء معتمد المدرسة الأزهرية" أهم سمات هذه الجماعات المتطرفة، والتي من أبرزها ضعف المنطق، واعتماد الكذب والاحتيال.

وأشار إلى أنها خلطت خلطًا مُشِينًا بين السياسة والدين؛ حيث جعلت من الدين مطية لخدمة تطلعاتها السياسية وأغراضها الحزبية، مؤكدًا أن هذا أضرَّ بالوطن وأساء للشرع، وساعد على إنشاء تنظيمات سياسية، تخدم أغراضها باسم الدين، وتنادي بتمكينها على نطاق دولي، بزعم الخلافة أو أستاذية العالم.

وأوضح الأقفهصي أن تعصب الجماعات الإسلامية المتطرفة انتقل من مرحلة الفكر إلى مرحلة الممارسة، بارتكاب أعمالٍ إرهابية وأفعالٍ إجرامية، حيث جعلوا الإرهاب وسيلة لتحقيق أهدافهم؛ مؤكدًا أن أدبياتهم تنص على أنَّ "الإرهاب فريضة دينية"، مستغلين في ذلك عاطفة البسطاء وعوام الناس لإيهامهم بأنَّ ذلك هو شعار الإسلام؛ حيث إن تمجيد ثقافة الاستشهاد يفيد التنظيم الإرهابي في تجنيد المزيد من العناصر للانضمام إلى الجماعة.

وأشار إلى أنَّ الفكر الخارجي يمثل خطرًا على الدول والمجتمعات، لأنه بمثابة الداء السرطاني الذي أصاب عقل الأمة وشبابها، لافتًا إلى أن خطورته نكمن في اعتقاده بضرورة إقامة دولة الخلافة الإسلامية، وأن الأمة تأثم إذا لم تسع في ذلك.

بالإضافة إلى تكفيرهم لجميع الحكومات الموجودة، باعتبارها لا تمثل دولة الخلافة؛ لكفر الراية التي تعلوها -حسب معتقدهم الفاسد، مشيرًا إلى نوع من أنواع التكفير عند هذه التنظيمات وهو التكفير بالتبعية، أي أن كفر الحكام في العالم الإسلامي يتبعه ويترتب عليه كفر من يعمل معهم أو يساندهم، وحتى من يدعو لهم.

وهو ما سعى الكاتب لكشفه، حيث أوضح أنَّ قادة الجماعات الإسلامية المتطرفة ترى كفر الجيوش الحامية للأنظمة، ويسمونهم "طواغيت"، وأن جيوش الطواغيت من حكام المسلمين هي بعمومها جيوش ردة وكفر، وإن القول اليوم بكفرها وردَّتها وخروجها من الدين، وفي مقدمتها الجيش المصري لهو القول الذي لا يصح في دين الله خلافه؛ لأنَّ الحكام المسلمين فاقوا اليهود في كثيرٍ من خصال الكفر والجحود والطغيان، مما يجعل التوقف في تكفيرهم جريمة كبيرة بحق دين الله تعالى، وحق أمة الإسلام -على حد تفكيرهم الضيق المنافي لصحيح للإسلام الحنيف.

واستطرد الكتاب في بيان أوجه التشابه بين هذه الجماعات المتطرفة وبين الخوارج الأوائل وذلك من خلال استعراض أدبيات وسلوكيات هذه التنظيمات المختلفة، مؤكدًا أنهم تفوقوا على الخوارج القدامى، وزادوا عليهم، وأضافوا لأفكارهم؛ حيث اختزلت مفاهيم الإصلاح والتقويم في الاستيلاء على السلطة وانتزاع الحكم ولو بالقتل وسفك الدماء.

وأكد الأقفهصي أنَّ الجماعات الإسلامية المتطرفة في العصر الحديث تأسست على نمطٍ جديدٍ مخالف لِما عليه الجمعيات أو الأحزاب الأخرى، موضحًا أنه ليس من أغراضها الدعوة وهداية الناس، بل اتَّخذت مرحلة الدعوة في بدايات أمرها كوسيلة للإعداد وتهيئة لإعلان الأمر وخوض لجاج الحرب، كما فعل الوهابية والإخوان، ولم يمنعهم من التضلع بالعنف في البداية إلَّا عدم القدرة عليه وافتقاد الاستعداد له.

وتحول عمل هذه الجماعات حسبما أفاد الكتاب إلى أعمال حزبية بحتة، حلَّ التنظيم فيها محل الدين، وقدموا الحق السياسي على الحق الشرعي، وحولوا ميادين الإصلاح إلى خصومات سياسية، على أنَّ هذه الجماعات المتطرفة ترى أنَّ الإسلام يدعو إلى القتل وسفك الدماء، وقطع الرقاب، استنادًا لبعض الأحاديث -والتي لها سياقاتها- ومن ثمَّ يقررون أنَّ مخالفيهم لا ينفعهم إلاَّ منطق الذبح والقتل والدم؛ الذي هو من الدين.

وأكد أن الأحداث الجسيمة التي مرت بها الأوطان العربية والإسلامية، كانت كاشفةً للخبايا المستترة، والأفكار التدميرية، عند هذه التنظيمات، التي استحقت عن جدارة أوصاف الخوارج التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديثه عن هذه الطوائف المارقة، وحذَّر منها السلف الصالح أشدَّ التحذير.

وأشار الباحث في كتابه إلى آراء العلماء والأدباء والمثقفين عبر العقود الماضية، وكذلك تقريرات الحكومات والهيئات والجهات الرسمية؛ الدينية منها وغير الدينية، التي اتفقت جميعها على الرفض المطلق لهذه الجماعات المتطرفة، الذين أعادوا فكر الخوارج الأُوَل بعينه، بل وزادوا على أصولهم، وطوَّروا أساليبهم.

ينقسم الكتاب إلى قسمين؛ الأول: استعرض عددًا من الجماعات الإسلامية المتطرفة، مُبيِّنًا نشأتها، وتطورها، وعلاقتها بغيرها من الجماعات، وأهم أُطروحاتها ومقولاتها.

وتناول القسم الثاني أهم المسائل الأصوليَّة التي قامت عليها الجماعات الإسلامية؛ من مكونات علمية، وأصول فكرية، وسمات وأمراض سلوكيَّة، مستدلًا على ذلك بأقوال قادة ومنظري هذه الجماعات في كل مسألة من المسائل.

وركز الباب الأول من الكتاب على الدور المتشابك الذي أحدثته جماعة الإخوان المسلمين على وجه الخصوص (تأثُّرًا وتأثيرًا)؛ حيث أوضح تأثرها بالحركات الإسلامية السابقة، وتأثيرها في كل ما جاء بعدها من حركات، حتى وصفها المُحللون والمثقفون بأنها أم الجماعات الإسلامية وكبرى الحركات الإرهابية.

وتناول الباب الثاني عددًا من المحاور الفكرية المتطرفة التي قامت عليها الجماعات الإسلامية في العصر الحديث، والتي وافقت فيها منهج الخوارج، مؤكدًا أن تحليل الشخصية المتطرفة المنتمية لإحدى الجماعات الإسلامية والغوص في عقلها، والتدقيق في سلوكها وتصرفها، والوقوف عند مقالاتها يكشف المحاور الفكرية لها، ووجود أنماط متعددة ومتشابكة من القضايا؛ منها ما يرجع إلى الأصول الفكرية، ومنها ما يرجع إلى المكونات المعرفية، ومنها ما يرجع إلى الأمراض السلوكية، ومنها ما يرجع إلى السمات الشخصية.

والكتاب في الأصل عبارة عن رسالة دكتوراة في الفلسفة من كلية الآداب – جامعة المنصورة، لذا يتسم الكتاب بالمنهج العلمي، ويقوم على النهج التكاملي؛ وذلك من خلال الجمع بين المنهجين التحليلي، والنقدي، على مقولات بعض الجماعات الإسلامية المتطرفة، وما نهضت عليه من محاور فكرية.

بالإضافة إلى (المنهج التاريخي الاستردادي)، وذلك باسترداد الأحداث المماثلة والوقائع المتشابهة، وكذلك (المنهج الاستقرائي)، بتتبع أوجه الاتفاق والاختلاف بين مقولات هذه الجماعات، وأيضًا (المنهج المقارن)، من خلال المقارنة بين مقولات هذه الجماعات وآرائها، وبين مقولات الخوارج الأُوَل، مُبيِّنًا أوجه الشبه والاختلاف بينهما، والتطوير الذي طرأ عليها في هذا العصر.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الخوارج الوهابية الجماعات الإسلامية المتطرفة الجماعات الإسلامیة المتطرفة هذه الجماعات المتطرفة فی العصر الحدیث مؤکد ا أن

إقرأ أيضاً:

قرارت مفاجئة م̷ـــِْن روسيا حول شطب طالبان من قائمة الجماعات الإرهابية

 

بدأت روسيا بوضع اللمسات الأخيرة على قرار يمهد لشطب حركة طالبان الأفغانية من قائمة المنظمات الإرهابية، وفقا لما أعلن عنه الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى أفغانستان، زامير كابولوف، وذلك في خطوة مهدت لها روسيا بإقامة علاقات دبلوماسية مع كابل، وتسعى من خلالها لتعزيز حضورها في منطقة آسيا الوسطى سياسيا واقتصاديا بحسب خبراء.

وقال المسؤول الروسي إن القرار تم اتخاذه على أعلى المستويات، لكن الإجراءات القانونية اللازمة ما زالت بحاجة إلى استكمالها.

وجاء الإعلان الأولي عن استبعاد حركة طالبان من القائمة الروسية للمنظمات الإرهابية في 4 أكتوبر/تشرين الأول الحالي على لسان مدير الاستخبارات الروسية، ألكسندر بورتنيكوف، خلال الاجتماع الـ55 لمجلس مدراء أجهزة الأمن والمخابرات للدول الأعضاء في رابطة الدول المستقلة.

وقال بورتنيكوف إن المعطيات المتوفرة تشير إلى استعداد الحركة لمحاربة الجناح الأفغاني لتنظيم الدولة والذي يعرف بتنظيم ولاية خراسان، الذي تتهمه روسيا بالمسؤولية عن الهجوم الدموي على مجمع كروكوس في ضواحي موسكو العام الماضي.

إزالة عقبات

وكانت وزارتا الخارجية والعدل الروسيتان أبلغتا الرئيس فلاديمير بوتين في 27 مايو/أيار الماضي بإمكانية استبعاد حركة طالبان من قائمة المنظمات المحظورة. وبعد ذلك بيومين فقط، صرح المتحدث باسم الحكومة الأفغانية التي شكلتها طالبان بأن بلاده تقيم إيجابيا العلاقات مع روسيا، وهي على استعداد لبذل الجهود لإزالة العوائق القائمة.

واليوم، هناك 50 منظمة مصنفة كمنظمات إرهابية في روسيا و108 أخرى مدرجة على قائمة المنظمات المتطرفة المحظورة أنشطتها في البلاد. إعلان وكانت حركة طالبان من بين أولى الجماعات التي تم إدراجها في هذه القائمة، وذلك في عام 2003 بناء على قرار المحكمة العليا.

ومنذ وصول الحركة إلى السلطة في أفغانستان في أغسطس/آب 2021، لم تعترف أي دولة، بما في ذلك روسيا، رسميا بنظام طالبان كحكومة شرعية لأفغانستان. لكن ممثلين عن الحركة زاروا موسكو واجتمعوا بوزير الخارجية سيرغي لافروف.

تلاقي مصالح محلل الشؤون الدولية، سيرغي بيرسانوف، قال للجزيرة نت إن الموقف المناهض للغرب الذي تتخذه السلطات الأفغانية الحالية يتوافق تماما مع أولويات السياسة الخارجية لموسكو. اشترك في النشرة البريدية الأسبوعية: سياسة حصاد سياسي من الجزيرة نت لأهم ملفات المنطقة والعالم.

 ونوه بيرسانوف إلى أنه حتى وفي حال تم الاعتراف الرسمي بطالبان، سيتعين على موسكو أن تأخذ في الاعتبار التناقضات بين الحكومة في كابل والأقليات القومية الأفغانية وكذلك الدول الأخرى في المنطقة، معربا عن اعتقاده بأن روسيا تتصرف نتيجة لهذه الاعتبارات بحذر وخطوات مدروسة.

ويتابع بأن روسيا ليست الدولة الأولى التي غيرت موقفها تجاه حكومة طالبان، فقد فعلت ذلك قبلها كازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان، نظرا لأن أكثر من 3 ملايين من العرق الأوزبكي والطاجيكي يعيشون في أفغانستان، لذا فإن تصرفات هذه الدول مفهومة، حسب تعبيره

مقالات مشابهة

  • أبو عبيدة: عملية طوفان الأقصى الأكثر احترافية ونجاحا في العصر الحديث
  • الأجندة المتطرفة والخطاب العدائي للحزب الشيوعي أثناء فترات الانتقال الديمقراطي: ماذا يريد الحزب الشيوعي في السودان؟
  • خبير: الجماعات المتطرفة تستغل القضية الفلسطينية لتنفيذ عمليات إرهابية
  • مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق: نصر أكتوبر درس لشبابنا في العصر الحديث
  • السعودية تزيل أكثر من 35 مليون محتوى متطرف في 3 أشهر
  • مستشار بالأكاديمية العسكرية: حرب أكتوبر تُدرس ضمن أعظم معارك العصر الحديث
  • ماذا جاء في مقالات البابا شنودة الثالث حول حرب أكتوبر؟
  • قرارت مفاجئة م̷ـــِْن روسيا حول شطب طالبان من قائمة الجماعات الإرهابية
  • الشارقة في العصر الحديث مدينة صديقة لكبار السن
  • معرض وثائقي لمناسبة 80 عاماً على رحيل المفكر عبد العزيز الثعالبي