كيف جعلت إدارة بايدن الصين الغائب الحاضر في قمة الناتو؟
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
واشنطن- "لم يتخيل أحد في قارتنا الأوروبية أن تدفع واشنطن ذات يوم حلف شمال الأطلسي "الناتو" لتشمل دائرة اهتمامه المخاطر الصينية، إن اسم الحلف الرسمي كاف للتدليل على هويته الحقيقية ونطاقه الجغرافي، وإن كان الأميركيون لا يرون في روسيا خطرا وجوديا لريادتهم العالمية التكنولوجية والاقتصادية، لكنهم يعتبرون الصين كذلك، ويريدون منا أن ندعم جهودهم باحتواء الصين، وهي مهمة شديدة التعقيد للأوروبيين".
بهذه الكلمات، للجزيرة نت، رد أحد المعلقين الأوروبيين المشاركين في العديد من الفعاليات المتعلقة بقمة حلف الناتو المنعقدة بواشنطن، تعليقا على دعوة اليابان وكوريا الجنوبية للمشاركة في فعاليات القمة.
وفي السياق ذاته، أكد مايكل كاربنتر، المسؤول عن شؤون أوروبا في مجلس الأمن القومي، وجود المزيد من الشركاء الذين يشكلون قيمة كبيرة لحلف شمال الأطلسي، "وسنسعى إلى توسع الناتو وضم شركاء آخرين في المستقبل"، واصفا شركاء الناتو في منطقة المحيطين الهادي والهندي بأنهم "مهمون بشكل لا يصدق".
من جهتها، أصدرت بكين تحذيرا صارما، وقالت إن توسع "الناتو" وخرق حلف شمال الأطلسي لحدودها، يعدان المصدر الحقيقي للمخاطر التي تهدد السلام والاستقرار العالميين.
قمة شنغهايوقبل انعقاد قمة الناتو بأيام، اجتمع قادة عشرة دول فيما يعرف بقمة منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) في كازاخستان، وقال الخبير الأوروبي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إنه "ليس من قبيل المصادفة أن اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون جاء قبل أسبوع من قمة التحالف، ولكن ربما كان من قبيل المصادفة أنه كان في الرابع من يوليو، عيد الاستقلال الأميركي".
وخلال القمة، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ إنه يتعين على أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون تعزيز الوحدة ومعارضة التدخل الخارجي بشكل مشترك، وحذر من "عقلية الحرب الباردة الغربية".
في حين طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ"بنية جديدة من التعاون والأمن غير القابل للتجزئة والتنمية في أوراسيا"، وأن تكون مصممة لتحل محل النماذج الأوروبية المركزية والأوروبية الأطلسية القديمة، والتي أعطت مزايا أحادية الجانب لدول معينة فقط.
ورغم عدم ذكر الولايات المتحدة بالاسم، فإن قادة روسيا والصين، قصدوا مهاجمة المواقف الأميركية المسيطرة على توجهات حلف الناتو.
يُذكر أن منظمة شنغهاي توسعت إلى ما هو أبعد من أعضائها الـ5 الأصليين، الصين وروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان، لتشمل الهند وإيران وباكستان وأوزبكستان أيضا، وفي الأسبوع الماضي، انضمت روسيا البيضاء بوصفها العضو العاشر، كما أن هناك 16 شريكا ومراقبا آخر.
وترى واشنطن أنه من الخطأ تجاهل النية الكامنة وراء طموح منظمة شنغهاي للتعاون في أن تكون ثقلا موازنا لحلف الناتو، وجزءا من الأهداف الكبرى للرئيسين، الصيني والروسي، لاستبدال النظام العالمي الحالي الذي أسست له واشنطن، بنظام آخر بديل يصب في مصلحتهما.
الناتو يواجه تحديا منذ بدء روسيا الحرب على أوكرانيا عام 2022 (شترستوك) العين على آسياتاريخيا، ركز حلف شمال الأطلسي "الناتو" على القارة الأوروبية في نطاقه الجغرافي، وكان هناك عدة استثناءات دفع إليها غزو الولايات المتحدة أفغانستان والعراق.
وقبل عام، قام سكرتير عام حلف الناتو ينس ستولتنبرغ بزيارة فريدة إلى اليابان وكوريا الجنوبية، وهدفت الزيارة إلى تطوير علاقات الحلف مع أهم وأقوى حلفاء لواشنطن في شرق آسيا، واتسق هذا التوجه مع ما بدأه الرئيس الأميركي جو بايدن منذ وصوله للحكم من تبني خطوات تهدف لتطويق الصين عسكريا في إطارها الإقليمي، عن طريق بناء شبكة تحالفات عسكرية متعددة ومتداخلة.
ويرى بعض المحللين أن "الناتو" يعمل على إقامة علاقات أوثق مع الدول ذات التفكير المماثل، وتدرك اليابان وكوريا الجنوبية تماما أوجه التشابه بين الغزو الروسي لأوكرانيا والقلق المتزايد في منطقة المحيطين الهندي والهادي من صراع مماثل إذا قررت الصين غزو تايوان.
فبعد الحرب الروسية على أوكراينا في فبراير/شباط 2022، بدأت طوكيو وسيول إرسال معدات إضافية غير عسكرية لكييف، مثل الإمدادات الطبية والدروع والخوذات والمولدات ومعدات الاتصالات، لكنهما لم تتجاوزا توفير الأسلحة التي تحتاجها أوكرانيا لصد الهجمات الروسية، مثل الدبابات أو المدفعية أو أنظمة الصواريخ.
وترى صون يون خبيرة العلاقات الصينية الأميركية بمركز "ستيمسون" في واشنطن أن كوريا الجنوبية واليابان شريكان لحلف شمال الأطلسي في منطقة المحيطين الهندي والهادي، إلى جانب أستراليا ونيوزيلندا، وليس من المستغرب أن تتم دعوتهما إلى القمة، كما أن هذه ليست المرة الأولى التي يحضرون فيها.
وقالت صون للجزيرة نت، إن الصينيين يرون دائما أن استمرار حلف شمال الأطلسي يعد مؤامرة أميركية للتوسع نحو شرق آسيا ومواجهة الصين، مع وجود حليفي واشنطن اليابان وكوريا الجنوبية كداعمين في الخطوط الأمامية لمثل هذه السياسة.
الضغط على أوروباتسلط واشنطن الضوء على أن الأزمة الأوكرانية ليست أزمة أوروبية، بل أزمة عالمية وتحديا للنظام القائم على القواعد، وهذا هو السبب في ضغط واشنطن على أعضاء الناتو لمراجعة علاقتهم بالصين، لتقليص إمدادها بالتكنولوجيا المتطورة، والمشاركة في الجهد الأميركي لحفظ الأمن في منطقة جنوب وشرق أسيا، وسبق أن تبنى حلف الناتو خلال قمة مدريد 2022 وثيقة إستراتيجية، وصفت الصين بأنها "تحد منهجي للأمن الأوروبي الأطلسي".
ويدفع الضغط الأميركي على أوروبا إلى طرح سؤال جوهري لا توفر واشنطن بعد إجابة واضحة عليه، ويتعلق بطبيعة الدور الأمني الذي يجب على أوروبا لعبه في منطقة المحيطين الهندي والهادي، في ضوء انشغالها بضمان أمنها في مواجهة التهديد الروسي، إضافة لقيد وسائلها وقدراتها العسكرية المحدودة.
بدوره، رأى ماثيو والين الرئيس التنفيذي لمشروع الأمن الأميركي، وهو مركز بحثي يركز على الشؤون العسكرية، في حديث للجزيرة نت، معقبا على مشاركة اليابان وكوريا الجنوبية في قمة واشنطن، أن الدولتين تدركان تماما خطورة الروابط العسكرية المتزايدة بين الصين وكوريا الشمالية وروسيا.
وأضاف أنه في الوقت ذاته هناك إدراك أوروبي متزايد بأن من مصلحة القارة الأوروبية تفهم أن التحديات والصعود الصيني يسهم في إحداث تغييرات في ميزان القوى، في كل من شرق آسيا وأوروبا كذلك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الیابان وکوریا الجنوبیة منظمة شنغهای للتعاون فی منطقة المحیطین حلف شمال الأطلسی حلف الناتو
إقرأ أيضاً:
الصين تعتزم تقديم شكوى ضد واشنطن لدى «التجارة العالمية»
عواصم (وكالات)
أعلنت الصين اعتزامها تقديم شكوى إلى منظمة التجارة العالمية ضد الولايات المتحدة، بسبب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على جميع المنتجات المستوردة منها، فيما فرضت كندا رسوماً مضادة، والمكسيك تتوجه لتنفيذ الخطة «ب».
وأفاد بيان لوزارة التجارة الصينية، أمس، أن قيام واشنطن برفع الرسوم الجمركية من جانب واحد يعد انتهاكاً لقواعد منظمة التجارة العالمية، مشيراً إلى أن هذا القرار سيلحق الضرر بالعلاقات الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة. وأكد أن الصين ستتقدم بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية وستتخذ التدابير اللازمة لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة. بدورها، أكدت الخارجية الصينية في بيان أنه «لا رابح في الحروب التجارية»، مبينة أن هذه الخطوة من قبل الولايات المتحدة لن تحل مشكلاتها الداخلية، كما أنها لن تفيد أياً من الطرفين أو دول أخرى بالعالم. ووقع الرئيس الأميركي، أمس، أمراً تنفيذياً يفرض رسوماً جمركية إضافية على الواردات من كندا والمكسيك والصين.
وذكر البيت الأبيض في بيان أنه سيتم تطبيق تعرفة جمركية إضافية بنسبة 10 % على الواردات من الصين، وبنسبة 25 % على السلع المستوردة من كندا والمكسيك. بدوره، قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، أمس، إن بلاده ستفرض رسوماً جمركية بنسبة 25 % على واردات الولايات المتحدة بقيمة 155 مليار دولار كندي (106.5 مليار دولار أميركي) رداً على الرسوم الجمركية الأميركية. وأوضح ترودو، في مؤتمر صحفي، أن رسوماً جمركية بقيمة 30 مليار دولار كندي ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من غداً، ورسوماً بقيمة 125 مليار دولار كندي ستدخل حيز التنفيذ بعد 21 يوماً. وأضاف رئيس الوزراء الكندي أن رد بلاده سيكون واسع النطاق، وسيشمل منتجات، مثل عصائر الفاكهة والخضراوات والعطور والملابس والأحذية والأجهزة المنزلية والأثاث والمعدات الرياضية والأخشاب والبلاستيك.
وقال ترودو: «ندرس مجموعة متنوعة من التدابير غير الجمركية في معرض ردنا على الرسوم الأميركية الإضافية، بما في ذلك بعض التدابير المتعلقة بالمعادن الحيوية وإمدادات الطاقة والشراكات الأخرى»، مشدداً على أن هذا الوضع من شأنه أن يضر بالكنديين اقتصادياً، بالتوازي مع خلق عواقب كبيرة على الشعب الأميركي. بدورها، قالت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم، إنها وجهت حكومتها لتنفيذ الخطة «ب» بعد فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية إضافية بنسبة 25 % على السلع المستوردة من بلادها.
وشددت في منشور عبر منصة «إكس»، أنه «لا يمكن حل القضايا بالقوة، وإنما بالعقل والقانون»، مضيفة أنها وجهت وزير اقتصادها بتنفيذ خطة بديلة تضمن فرض الرسوم الجمركية وغيرها من التدابير الاقتصادية لحماية مصالح المكسيك.