كتب نقولا ناصيف في" الاخبار": منذ اجتماعهم الاخير في مقر السفارة الاميركية في عوكر في 15 ايار، يعقد سفراء الدول الخمس لقاءات، كل على حدة، مع شخصيات متشعبة الاهتمامات والاختصاصات معنية بانتخاب رئيس الجمهورية، بعضها بناء على طلب الزوار والبعض الآخر بناء على طلب المضيفين. فُهِم من بينهم انها للتشاور في المعضلة، ومن آخرين محاولة سبر شخصية.
يُسمع من السفيرين المصري علاء موسى والقطري سعود بن عبدالرحمن آل ثاني ملاحظة مؤداها انهما لا يشعران بحماسة كالتي عندهما لدى نظيرهما السعودي وليد البخاري في وجهة انتخاب الرئيس، دونما ان يعنيا انه يعرقل او يقف في طريقه. بيد ان ما يلفتهما مغالاته في التريث.
وحده السفير السعودي وليد بخاري دون سائر زملائه السفراء الأربعة يمسك بالثلث المعطل لنصاب جلسة الانتخاب في مجلس النواب (86 نائباً على الاقل) من خلال كتل تعد نفسها حليفة للمملكة تتأثر بموقفها من المواصفات التي تفضّل ان تراها في الرئيس الجديد. في احسن الاحوال تقول الكتل هذه انها تتقاطع معها. ينضوي في هذا الثلث معظم النواب السنّة ونواب احزاب مسيحية الى نواب مستقلين. المعلوم في ما يجتمع عليه هؤلاء كتلاً ونواباً مستقلين مع المملكة معارضتهم انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه.
فيما الشائع عن المعيار الاميركي لانتخاب الرئيس اللبناني انه غير معني بالاسم ما دام اي رئيس سينتخب مرغماً على تجنب معاداة واشنطن، تولي الرياض اهتماماً للاسم مقدار اهتمامها بموقع المرشح الافضل حظوظاً في المعادلة الداخلية ومدى اقترابه من حزب الله او ابتعاده عنه. ذلك ما يحمل البخاري على التحدث باستمرار امام زواره عن مواصفات المرشح المقبول. هي المواصفات التي سبق ان وضعها الاجتماع الثاني للخماسية في الدوحة في 17 تموز 2023 - وكانت المرة الاولى ينضم اليها الموفد الفرنسي جان ايف لودريان - وأعاد تأكيدها اجتماعها الاخير في السفارة الاميركية في بيروت في 15 ايار عن «رئيس يوحّد الامة ويضع مصالح البلاد في المقام الاول (...) ويشكل ائتلافاً واسعاً وشاملاً لتنفيذ الاصلاحات الاقتصادية الاساسية». اول مَن لا تدل عليه المواصفات هذه هو رئيس تيار المردة. على ان من الصعب التكهن بأنها تدل على اي من الاسماء الحالية المتداولة.
رغم وجود سفير للمملكة في بيروت متشعب النشاط والتحرك وعضو اساسي في الخماسية، ليس ثمة ما يوحي ان السعودية التقليدية، وهي اليوم اقرب ما تكون الى السعودية الجديدة، عادت او تريد العودة الى لبنان في الوقت الحاضر بشروط الماضي. يروي العالمون ببواطن الموقف السعودي ان الرياض سمعت ولا تزال بلا انقطاع «نصائح» تدعوها الى العودة الى لبنان والاضطلاع بدور ايجابي في انتخاب الرئيس والمساعدة عليه. من الداعين اميركيون وفرنسيون وايرانيون حتى، في مرحلة الانفتاح الجديد بين الدولتين بعد اتفاق بكين. فحوى الرد السعودي ان الرياض طلبت من طهران في مرحلة علاقتهما الطبيعية بين عامي 2010 و2016 قبل تدهورها، التدخل لدى حزب الله لوقف تدخّله في شؤون دول الخليج العربي. جواب طهران لها انها غير معنية، وطلبت بدورها من المملكة التحدث مباشرة مع حزب الله. الجواب نفسه تعيد الرياض تأكيده انها غير معنية بدورها بما يجري في لبنان وغير مستعجلة العودة اليه.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: انتخاب الرئیس
إقرأ أيضاً:
العماد في الرياض رئيس توافقي أم وفاقي؟
كتب صلاح سلام في" اللواء": زيارة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى الرياض مؤشر آخر على جدية الإستعدادات الخارجية لإنجاز الإنتخابات الرئاسية في جلسة ٩ كانون الثاني المقبل، بخلاف ما يقوم به بعض الأطراف السياسية اللبنانية، من محاولات تمييع وتلاعب بهذا الاستحقاق الدستوري والوطني بإمتياز، في مناورات مكشوفة لقطع الطريق بين اليرزة وبعبدا، والحؤول دون وصول قائد المؤسسة العسكرية إلى سدة الرئاسة الأولى.لقد حاولت السعودية مع دول لجنة الخماسية مساعدة الأطراف اللبنانية في إنجاز الإستحقاق الرئاسي في أقرب فرصة ممكنة، وفي أجواء هادئة وبعيدة عن عمليات الشحن والإستفزاز.
لم تدخل المملكة ودول الخماسية في زواريب السياسة المحلية الموحلة والضيقة، بل عمدت إلى الترفع عن الحزازات الداخلية في تحديد المواصفات الأساسية التي يجب توفرها في شخصية الرئيس العتيد، وفي مقدمتها أن يكون رئيساً وفاقياً، في حال عدم التوصل إلى التوافق بين الكتل النيابية على أسم مرشح واحد.
سقوط محاولات التوصل إلى الرئيس التوافقي، بسبب تمسك الأطراف السياسية بمواقفها المتباعدة، يرجح كفة قائد الجيش كمرشح وفاقي، لأنه يتمتع بإلتفاف شعبي واسع حوله وحول المؤسسة العسكرية، فضلاً عن علاقاته الجيدة مع معظم الأطراف والأحزاب السياسية، بإستثناء طبعاً التيار الوطني الحر ورئيسه.
العماد عون في الرياض، والرئاسة والإستقرار في لبنان في صميم المحادثات مع كبار المسؤولين السعوديين، يعني أن الجلسة الإنتخابية جدّية، ومستمرة حتى خروج الدخان الأبيض من المجلس النيابي.