اوساط ديبلوماسية :غموض يلف المشهد في غزّة وثلاثة عوامل ستؤثر في مسار الحرب
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
كتبت" البناء":أوضحت مصادر مطلعة أن السيد حسن نصرالله رسم في خطابه امس خطوط تعامل المقاومة في لبنان في المرحلة المقبلة وضوابطه وسقوفه.. في حال نجاح المفاوضات والتوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة سيوقف الحزب العمليات العسكرية في الجنوب إلا أذا استمر العدو بقصفه، حينئذ سترد المقاومة وفق طبيعة العدوان ومستواه ولن تسمح بفرض قواعد اشتباك جديدة على الجبهة الجنوبية أو تعويض الفشل والإحفاقات في غزة في الجنوب، أما بحالة الفشل واستمرار الحرب وربما توسعها الى جبهات أخرى فإن المقاومة استعدّت لكافة الاحتمالات، أما الانتقال إلى المرحلة الثالثة فإن المقاومة في لبنان تترقب طبيعة هذه المرحلة والمسار الميداني وتنتظر تقدير حركة حماس والمقاومة الفلسطينية لتبني على الشيء مقتضاه.
ولفتت أوساط دبلوماسيّة لـ”البناء” الى أن المشهد في غزة يلفه الغموض ومن غير الواضح أي مسار سيسلك في ظل تضارب المصالح والحسابات بين أركان الحكومة ومجلس الحرب في “إسرائيل” وبين الحكومة والمعارضة الإسرائيلية من جهة، وبين الحكومة الإسرائيلية ونتنياهو تحديداً والإدارة الأميركية من جهة ثانية، ولذلك ستسيطر المراوحة على المشهد في غزة لما بعد إلقاء نتنياهو كلمته أمام الكونغرس الأميركي في 23 الشهر الحالي ليتضح الى أي الخيارات سيتخذ ومدى انعكاسها على غزة وبالتالي الجنوب، وأوضحت الأوساط إلى أن الأميركيّين لا يريدون للحرب أن تتوسّع وتتحوّل إلى حرب إقليمية لأنها ستهدّد أمن “إسرائيل” والمصالح الأميركية، إضافة الى استمرار الحرب في غزة بهذه الوتيرة ستؤثر على نتائج الانتخابات الأميركية لغير صالح بايدن. لذلك فإن ثلاثة عوامل ستؤثر في مسار الحرب: الأول هو التفاوض بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركيّة، حيث سيلعب نتنياهو على وتر الحزبين الجمهوري والديمقراطي ويحاول التأثير في الحسابات الانتخابية للطرفين وفي النتائج لضمان الدعم الأميركي بعد مجيء الإدارة والرئيس الجديد في الولايات المتحدة، والعامل الثاني قدرة الجيش الإسرائيلي على تحمل تبعات الاستمرار في القتال على كافة الجبهات في ظل النزيف الذي يواجهه، والثالث صمود المقاومة في غزة وتصعيد جبهات الإسناد”.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
معركة غزة وعقيدة كلاوزفيتر
قبل قرنين ونصف تقريباً قرر الجنرال البروسي كلاوزفيتر مبدأً مهماً في العلوم العسكرية، وهي أن الحرب أداة من أدوات السياسة، وامتداد لها، وإلا فإن الحرب في هذه الحالة ستكون ضرباً من ضروب قطاع الطرق، لا تختلف عن عقلية العصابات.
ومنذ اليوم الأول لحرب غزة كانت مطالبة من أطلق عملية طوفان الأقصى: الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ووقف عاصفة التطبيع الصهيوني مع بعض البلدان العربية، وفي ثنايا العملية كان الهدف الاستراتيجي إعادة القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث العالمية، بحيث أن أي تطبيع أو مصالحة دون التنازل للشعب الفلسطيني، والاعتراف بحقوقه سيكون مآله الفشل.
وعلى الرغم من التوحش الصهيوني العسكري المدعوم غربياً طوال خمسة عشر شهرا من الحرب الهمجية الصهيونية المدعومة غربياً على أهلنا في غزة، إلا أن الصمود الذي أبدته المقاومة الفلسطينية أذهل الجميع، في الوقت الذي انهارت ساحات أخرى مثل ساحة حزب الله في غضون أيام.
لا شك فإن التضحيات جسام، وهي قريبة من التضحيات التي قدمها الشعب السوري على مدار 13 عاماً، وكان الكثير يلومون الشعب السوري على القيام بثورة غير محسوبة حسب تعبير البعض، وكأن الثورات من صنيع جهات محددة تتحمل مسؤوليتها، وليست انتفاضة شعب بكامله، لم يعد يطيق صبراً، وما كشفته باستيلات سوريا، ومصانع كبتاغونها تحكي بعض جذور الغضب الشعبي، وإن كان الغضب أكبر من هذين السببين مرده إلى قهر عمره نصف قرن، لم تَسلم شريحة ولا بيت سوري من ظلمه وقهره.
مقاومة الاحتلالات عبارة عن سلسلة فقرات من مشهد طويل يورثه الآباء للأولاد، والأجداد للأحفاد، ولذلك كان رفع المقاومة الفلسطينية مطلب تحرير السجناء قد تحقق بعد 15 شهراً يوم رضخ الاحتلال للاتفاقية الأخيرة، ونزل من شجرة غروره وكبريائه، ومعه تحقق وقف أشكال التطبيع الصهيوني مع بعض الدول العربية، إذ غدا من المستحيل على الدولة العبرية أن تعود قريباً على الاقل إلى سابق عهدها في الاتفاقيات الإبراهيمية التي روجت لها طويلاً وواسعاً، بعد هذه البحور من الدماء التي تجاوزت الخمسين ألف شهيد غزي، وبالتالي فإن الخسارة المعنوية التي لحقت الكيان الصهيوني داخلياً، بتأخره طوال هذه الفترة في عملية تبادل أسراه التي كان بإمكانه عقدها منذ أشهر، فيُنقذ بذلك عدداً من أسراه الذين قتلوا بفعل قصفه، خلال هذه الفترة، ستُلقي بظلالها الكئيبة على الشارع العبري، وتُحمل حكومة نتنياهو المسؤولية في قتلهم.
على صعيد العالم الغربي ظهر بشكل واضح تحول المزاج فيه ضد الدولة العبرية، وقد تجلى ذلك في المظاهرات التي اجتاحت العواصم الغربية، ووصلت إلى مخازن الفكر والرأي، في الجامعات الغربية العريقة، الأمر الذي سيُعيد التفكير بالعقلية العبرية في طريقة التعاطي مع الجامعات الغربية، والشارع الغربي بشكل عام.
وبالمناسبة الصفقة التي وافق عليها نتنياهو أخيراً، هي نفس الصفقة التي عُرضت عليه ووافقت عليها المعارضة في 24 مايو/ أيار الماضي، ومع هذا رفضها، فتأخره طوال هذا الوقت يعني باختصار أنه رضخ لشروط كان يكابر على رفضها، بعد أن رأى إصرار المقاومة وثباتها في الميدان، على الرغم من الخسائر التي مُنيت بها المقاومة على صعيد رحيل قادتها، أو جنودها، ولكنها الحرب.
بلا شك فإن الدولة العبرية فشلت في تدمير قدرات حماس كاملاً، وفشلت معه في رغبتها ورغبة بعض حلفائها بترحيل قادة المقاومة إلى خارج فلسطين كما فعلت في بيروت 1982، وتمنته خلال الحرب على غزة، ومعها تمنيات كثير من خلفائها، لكن بقيت حماس في داخل غزة تتبختر بالأمس بمقاتليها وأسلحتها، لتقول للغزيين ولكل العالم أنها لا تزال في الميدان، وما فعلته إنما هو جولة من جولات المقاومة، والحرب عبارة عن سلسلة معارك وليست معركة واحدة.
نعم فشلت إسرائيل في البقاء في غزة، والآن ستضطر الدولة العبرية للانسحاب من كل غزة بما فيها محور نتساريم وفيلادلفيا، بعد أن فشلت في البقاء في الشمال التي كانت تخطط للبقاء فيه، مع تهجير أهله.
اللافت والمؤسف أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومحوره، يتصرف وكأن شيئاً لا يعنيه، فعوضاً عن تحرك الرئيس الفلسطيني في هذه الأوقات باتجاه عواصم العالم لحشد العالم ضد الهولوكوست الفلسطيني، كان ينتظر أن يقتسم الضحية وهو الشعب الفلسطيني.
الشرق القطرية