د. مروان المعشر يكتب .. التحديث السياسي الأردني والكاتب أحمد حسن الزعبي
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
#سواليف
#التحديث_السياسي الأردني والكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
كتب .. د. مروان_المعشر*
أطلق الملك عبد الله الثاني قبل ثلاث سنوات عملية تحديث سياسي جاءت لتنقل الأردن إلى حالة جديدة تهدف لتطوير نظامه السياسي، بما يضمن المزيد من المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار وعدم تغول سلطة على أخرى. ونتج عن عملية التحديث هذه إقرار قوانين جديدة للأحزاب والانتخابات، من شأنها زيادة التمثيل الحزبي في البلاد تدريجيا، وصولا لحكومات برلمانية تستمد قوتها من ثقة شعبية، تأخذها عن طريق تقديمها لبرامج سياسية تخدم الوطن وتحاكي تطلعات الناس المستقبلية.
من المفهوم أيضأ ان التحديث السياسي، لا يمكن أن يتم في فترة زمنية قصيرة، أو أن يختزل بتغيير بعض القوانين، من دون تغيير «الحالة السياسية» السائدة التي تحكم عقلية البعض من صناع القرار. إن أردنا ترجمة رغبة الملك عبدالله الثاني ترجمة جادة، فهذا يتضمن على سبيل المثال أن تتم عملية قيام ونضوج الأحزاب بشكل عضوي ينبع من القاعدة وينضج بمرور الزمن، حتى نصل للهدف المنشود، من دون تدخل من أي جهة رسمية تحاول التأثير على مجرى هذه العملية. ليس الهدف المنشود هو فقط تغيير قوانين الأحزاب والانتخاب، فيفترض أن هذه القوانين ما هي إلا وسائل لتغيير «الحالة» السياسية، أما أن يصبح تغيير القوانين هدفا بحد ذاته، من دون ان يلازم ذلك تطور العقلية السياسية السائدة، فلن يؤدي ذلك إلى تحقيق الهدف المنشود الذي يطمح إليه الملك، ويطمح اليه أيضا الشعب الأردني، الذي أعرب عنه ليس قبل ثلاث سنوات فقط، ولكن من خلال عدة مبادرات سابقة كالأجندة الوطنية والأوراق النقاشية التي أجهضتها معارضة محافظة لا تريد المس «بالحالة السياسية» التي أعرب النظام على لسان الملك عبدالله رغبته بتطويرها. مقالات ذات صلة انتقادات لمتحدث الخارجية الأمريكية إثر “ابتسامه” أثناء الحديث عن ضحايا غزة (شاهد) 2024/07/11
حان الوقت لإعادة النظر بقانون الجرائم الإلكترونية، وفي حبس الصحافيين بسبب آرائهم، وضرورة تغيير العقلية الرسمية السائدة لدى البعض، التي تعاملهم كأعداء بدلا من شركاء في إعلام الناس بما يجري
يقودني ذلك للحديث عن حبس الكاتب الشعبي أحمد حسن الزعبي بسبب منشور إلكتروني قديم له تضامن فيه مع إضراب شاحنات النقل في معان قبل عدة سنوات. وقد استند النائب العام في قضيته على الزعبي بقانون الجرائم الإلكترونية، الذي يضع عقوبات صارمة على كل من ينشر مادة إلكترونية تعتبر مخالفة له لما جاء فيه. التهمة التي حبس بموجبها الكاتب أحمد حسن الزعبي هي «إثارة النعرات العنصرية والطائفية والحضّ على النزاع بين مكونات الأمة». هناك شعور شعبي كبير أن أحمد حسن الزعبي يعاقب اليوم ليس بسبب مثل هذه التهم، ولكن بسبب رأيه السياسي حول موضوع شغل بال الأردنيين والأردنيات في فترة من الفترات. بغض النظر عن أية تبريرات قد تقدمها الدولة من أنها تطبق القانون، أو أنها لا تتدخل في شؤون القضاء، يبدو من الواضح أن قانون الجرائم الإلكترونية نفسه لا يتماهى مع الرغبة الملكية بتحديث سياسي جاد يؤدي إلى مناخ جديد، يترك للناس فيه التعبير عن آرائهم السياسية، من دون تسليط قوانين عليهم لا تمت لهذه الحقبة الجديدة من تاريخ الأردن بصلة، وبما يتفق مع ما قاله الملك عبدالله أن «الاختلاف في الرأي ليس شكلا لانعدام الولاء». كان بالإمكان للدولة استبدال عقوبة السجن بغرامة، ولكنها لم تفعل. جل الأردنيين والأردنيات متفقون مع الملك عبدالله حول ضرورة انتقال الأردن في مئويته الثانية نحو نظام سياسي اكثر تشاركية وأكثر انفتاحا. ومن أهم عناصر نظام كهذا ضمان حرية الرأي تطبيقا للمادة الخامسة عشرة من الدستور. لقد حان الوقت لإعادة النظر بقانون الجرائم الإلكترونية، وفي حبس الصحافيين بسبب آرائهم، والأهم ضرورة تغيير العقلية الرسمية السائدة لدى البعض، التي تعامل الصحافيين والصحافيات كأعداء بدلا من شركاء في إعلام الناس بما يجري. هذا ما سيعزز ثقة الناس في التطبيق الأمين لرغبة الملك عبد الله إحداث نقلة نوعية في المناخ السياسي الأردني.
وزير الخارجية الأردني الأسبق
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الجرائم الإلکترونیة أحمد حسن الزعبی الملک عبدالله من دون
إقرأ أيضاً:
أحمد ياسر يكتب: أزمة النازحين تزداد سوءً
هل يمكن أن نتخيل مرور عام في الوقت الحاضر حيث ينخفض عدد اللاجئين والنازحين داخليًا؟
للأسف، يصعب تخيل هذه الظروف….
وفقًا للأمم المتحدة، هناك أكثر من 120 مليون شخص في هذه الفئة، أي 1.5% من سكان العالم، وإذا شكلوا دولة، فإنها ستحتل المرتبة الثالثة عشرة من حيث عدد السكان في العالم.
وهذا ضعف الرقم قبل عقد من الزمان تقريبًا، في عام 2014، كان الرقم 60 مليونًا، وهو رقم مثير للقلق في حد ذاته، وإذا استمرت هذه الوتيرة، فسوف يصل إلى 240 مليونًا بحلول عام 2036.
ما هي دوافع هذا النزوح الهائل؟ في عام 2024، يبرز اثنان: السودان وغزة
لقد أدى القتال المروع في السودان، الذي بدأ في أبريل 2023، إلى 1.2 مليون لاجئ و6 ملايين نازح داخليًا، إن تشاد هي الدولة الوحيدة التي استقبلت العدد الأكبر من اللاجئين، حوالي 700 ألف لاجئ. وهذا يكرر سمة أغلب الصراعات، حيث يبقى اللاجئون داخل نفس المنطقة، ومعظمهم في البلدان المجاورة ولا يصلون إلى دولة أكثر ثراءً.
والواقع أن الفقراء هم الذين ما زالوا يتحملون العبء، وقد يربك هذا نسبة ضخمة من أولئك الذين ينتمون إلى أقصى اليمين في أوروبا، والذين يعتقدون بطريقة أو بأخرى أن بلدانهم تعاني من أزمة لاجئين.
والصراع الآخر الذي يولد أعداداً متزايدة من اللاجئين هو الحرب في الشرق الأوسط، وخاصة في غزة ولبنان، فقد نزح نحو 90% من الفلسطينيين في غزة، وبعضهم نزح عشر مرات. ولابد وأن نذكر الساسة في أوروبا وحتى أولئك الذين يعملون في وسائل الإعلام بأن 70% من سكان القطاع كانوا لاجئين بالفعل قبل أكتوبر 2023. وهذا النزوح قسري!
وفي الضفة الغربية، يتم تهجير الفلسطينيين أيضًا، ومع الضم الإسرائيلي الرسمي المقرر في عام 2025، سيتم تطهير المزيد من الفلسطينيين عرقيًا أيضًا.
أما بالنسبة للبنان، فقد أدى القصف الإسرائيلي وغزو البلاد إلى النزوح الداخلي لنحو 900 ألف شخص قبل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في الشهر الماضي، وعبر أكثر من 550 ألف شخص إلى سوريا ووصل آلاف آخرون إلى العراق. هذه دولة حيث كان ربع السكان لاجئين بالفعل قبل الحرب الأخيرة.
وفي الوقت نفسه، استمرت حرب أوكرانيا الآن لأكثر من 1000 يوم.. وهذا أيضًا لا يزال يدفع النزوح.
إذا ظل المجتمع العالمي منقسمًا ومنغلقًا على نفسه، فأين يمكن العثور على العزم والصبر اللازمين للتعامل مع مثل هذه الحروب؟ وتبدو الأمم المتحدة عاجزة.
يؤدي تغير المناخ إلى تدفقات اللاجئين، وقد أظهرت الأبحاث التي نشرت في نوفمبر أن ثلاثة أرباع النازحين البالغ عددهم 120 مليون شخص ــ نحو 90 مليون شخص ــ يعيشون في بلدان معرضة بشدة لتأثيرات تغير المناخ.
على سبيل المثال، اضطرت بنغلاديش، وهي دولة معرضة للفيضانات، إلى استضافة لاجئين من ميانمار، وما يحدث بعد ذلك هو أن النازحين يشعرون بأنهم مجبرون على الانتقال مرة أخرى نتيجة للفيضانات أو الجفاف أو غيرها من القضايا المتعلقة بالمناخ، كما يجعل هذا من غير المرجح أن يتمكنوا من العودة إذا تأثرت مناطقهم الأصلية بشكل خطير.
ومن المؤكد أن هذا الاتجاه سوف يزداد سوءا إذا لم يتم اتخاذ إجراءات ضخمة.
وقد حسبت المنظمة الدولية للهجرة أنه منذ عام 2014، فُقِد أكثر من 70 ألف شخص أثناء محاولتهم الوصول إلى مناطق أكثر أمانا، ويمثل البحر الأبيض المتوسط وحده أكثر من 30 ألف شخص من هؤلاء.
وإذا استمرت الحرب الإقليمية في الشرق الأوسط، فسوف يسعى المزيد من اللاجئين مرة أخرى إلى عبور بحر إيجه إلى اليونان. ومن الواضح أن المخاطر بعيدة كل البعد عن ردع هؤلاء المهاجرين، وهذا هو اليأس الذي يشعرون به.
المأساة هي أنه من خلال بذل المزيد من الجهود والاستثمار، يمكن للعالم الأكثر ثراء أن يساعد في كبح جماح محركات الهجرة من خلال سياسات فعالة تساعد البلدان المتضررة وتساعد في حل الحروب الطويلة الأمد، ولابد من إيلاء اهتمام أكبر للطرق الآمنة، حيث يمكن للهجرة أن تتم بعيداً عن العصابات الإجرامية وأن تتم إدارتها على نحو أكثر فعالية وأماناً.