عين ليبيا:
2024-07-29@04:37:59 GMT

ليبيا وطن وتاريخ

تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT

تاريخ ليبيا لا شك أنه يحمل صفحات مضيئة، به رجال سطروا أحرف عديدة كتب بها تاريخ المجد والعطاء والنضال وتاريخ العطاء الفكري والفقهي من علماء قد يذكرهم غيرنا ولا نتذكر تاريخهم نحن، فقد ابتلينا في صفحاتنا السوداء بأعداء الحرية والثقافة والفكر، ممن عملوا على مسح ذاك التاريخ ولم تكن جهودهم في فيلم عمر المختار إلا لطمس كل الآخرين وليس لإبراز شيخ الشهداء فقط وهو يستحق كل ما ناله من مكانة رفعته إلى أن يكون دليل الشعوب للحرية ولكنها أخفت رجال حوله منهم عبد الحميد العبار والفضيل بوعمر وبورحيل وأخفت تلك القامة العظيمة والتي آثرت بيع ما تملك لشراء تذاكر سفر للوفد الذي يسعى إلى استقلال ليبيا في الأمم المتحدة والذي رسم علم الاستقلال بيده عمر فائق شنيب وحاولوا أن يوصموا الشارف الغرياني بالخيانة كذبا وزورا وقد برئه الشيخ عبد الحميد العبار من ذلك وليوقعوا الفتنة وأهلها في كل حين جاهزون وأخفت جهود الليبيين الذين أسسوا الجيش الليبي بمصر جيش التحرير وغيبوا كل خير وفضل للحركة السنوسية وجامعتها الشامخة بمدينة البيضاء ضياء الجبل على بلادنا وأخفوا رجال الغرب الليبي ونضالهم ورجال فكرهم وثقافتهم أمثال الباروني وفكيني والسويحلي وبشير السعداوي والطاهر الزاوي والشيخ الشارف، أخفت تراثا فكريا وثقافيا وتراثا فقهيا حملته الزوايا المباركة في زليتن ومصراتة ومسلاتة وجبل نفوسة، وأخفت تاريخ مدينة طرابلس والتي لا يعلم الكثير أنها تسبق القاهرة وبغداد في التاريخ.

فمن يذكر اليوم رجال الدولة الدكتور محي الدين فكيني الذي استقال لأجل دماء أبناء بنغازي مطالبا بالقصاص ممن قتلهم ومن يذكر عبد الحميد البكوش وسعيه لبناء الهوية وصناعة مجتمع متمدن وجعلوها مدينة يذكرها الناس بالسجون ومجزرة بوسليم وهي في الأصل مدينة الياسمين أرض الزهر والحنة والمتاحف والمكتبات العريقة وأين تاريخ بنغازي ورجالها من يدركه اليوم، أين جميعة عمر المختار ورجالها وأين الشيخ مصطفى بن عامر وشعرائها رفيق والشلطامي وأين جريدة الحقيقة وأين سوق الظلام وسوق الحدادة والشيخ الصفراني ومكتبة الخراز وكلية الحقوق وكلية الآداب من يعرف كل ذلك من أبنائنا.

لقد زوروا تاريخ الجهاد.. نعم مسحوا كل تاريخنا المشرف ليعلموا الآجيال أنهم بداية التاريخ وأن اتصال وطننا بالفكر والثقافة يبدأ منهم ومن ترهاتهم وهرطقاتهم وتفاهاتهم هم وصبيانهم لقد شنقوا وقتلوا وعذبوا ورموا بجثث الشرفاء في البحر وزورا مناهج الدراسة وفعلوا كل ما يجول في عقل الشيطان بل وتجاوزوه ولكن شعبنا داسهم بأقدامه وسيدوس كل معتد أثيم تلك شهدناها نحن وستقرأ الأجيال كيف انتفض شعبنا لكرامته يوما.

لنا تاريخ يجب أن ننزع عنه الغبار لا بد أن نعيد الثقة إلى شعبنا المحبط الذي حاول البعض أن يوهمه أنه شعب جاهل متخلف وأنه عبئ على البشرية بينما هذا الشعب عذب ونكل به واحتقر واستعبد بطريقة ربما لا تصدق، في أكثر من خمسين عام حاولوا أن يرسخوا فيه قناعات أنه شعب قبلي متخلف لا يستطيع أن يساير الحياة وليس لديه قيم أو أعراف بل ويحتاج انتداب واستدعو لذلك أراذل الناس وحقرائهم وهم نسبة في كل شعب وجعلوا أعزة أهلنا أذلة لقد نشروا الرعب وتعلم الناس الذل والرضوخ قصرا فشعبنا لم يكن يوما ذليلا، تحمل المعتقلات البعض قاوم بالسلاح والبعض قاوم بعدم الرضوخ.

اقول إننا بالرغم مما نحن فيه من مأساة عظيمة بلادنا مفككة ومستقبلنا غامض إلا أننا بخير في قيمنا وفي أعرافنا وديننا بالرغم من الحرب الضروس والمؤامرات التي تخوضها كل القوى الدولية ضدنا والتي لا ترى مصلحة لها في استقرارنا وساء بنا الحال حتى أصبحت بعض دويلات الخليج التافهة التاريخ والمحتوى تتدخل في شؤوننا وكذلك بعض الأبواق المحلية المتخلفة والتي تذكي الفتنة بيننا تارة بسبب الكرة وتارة باسم التوجهات الدينية العبثية وثالثة باسم القبلية والجهوية وانتقلت حتى داخل الجهويات والقبائل حرب إعلامية ضد أهلنا شرقا وغربا وجنوبا إذاعات تنشر الفتن وتكفر البعض.

نحن اليوم نحتاج هدوء ونحتاج دعم قيمنا والتجاوز عن أخطاء بعضنا وأن ننشر الحب والأخوة بيننا وأن نقاوم أعداء الحرية أنصار الاستبداد أدعياء القبلية والجهوية وأن نصدع بكلمة حق ضد من يعمل لخراب عشنا وإضاعة وطننا.. ألا نتخذ من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في التسامح والعفو منهجا لنا ألا يكون ميثاق الحرابي هديا لنا ألا نتمثل بأولئك الذين اجتمعوا في مسلاتة ليعلنوا أول جمهورية في العالم العربي أليس جهاد أحمد الشريف وتراث السنوسية وعمر المختار ورجال كل قبائل الجبل الأخضر ورجال مصراتة وزليتن وغريان وجبل نفوسة وبن وليد وتضحيات بشير السعداوي ومصطفى بالاسعاد تراثا يجب أن نرتفع به عن الصغائر فلا ينظر بعضنا لبعض بالدونية.

أيها العقلاء وطنكم في خطر فالذئاب تحيط بنا وكلاب الحي تنبح علينا في حلف مع الذئاب.. ليس لنا صديق إلا أنفسنا ألا نستيقظ فنحن يجب أن نعترف أننا لسنا نيام بل على مشارف الموت.. لكن إرادتنا يجب أن تنتصر بإذن الله.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: یجب أن

إقرأ أيضاً:

التاريخ قد يحل مشكلة حروب المياه في العالم

رومان كرزناريك

ترجمة: أحمد شافعي

في ظهيرة كل خميس، أمام الباب الغربي لكاتدرائية فالنسيا، يقف تسعة أشخاص في عباءات سود، على رأس أحدهم قلنسوة مخططة وفي يده حربة شعائرية، مجتمعين في لقاء أسبوعي معهود منذ مئات السنين. تلك هي (محكمة المياه)، ولعلها أقدم مؤسسة للعدالة في أوروبا.

قد تبدو تلك المحكمة أثرا من ماض بعيد، لكن الحقيقة أن هذه المحكمة- في ظل أزمة المياه العالمية- أهم من ذي قبل. ذلك أن حضارتنا معرضة لخطر إبادة مائية. فبسبب حالات الجفاف الناجمة عن تغير المناخ، والتوسع في الزراعة الصناعية، وزيادة الزحف المدني، فإن شخصا من كل أربعة سوف يتأثر بندرة المياه خلال العقود القادمة، مع تعرض المدن من لوس أنجلوس والقاهرة إلى ميلبورن وساوباولو لمواجهة حالات نقص حاد في المياه. تتصاعد صراعات المياه، سواء داخل البلاد أو فيما بينها، ويزداد القتال بيننا على المياه أكثر منه على النفط والأرض. فضلا عن ذلك، ترفع شركات المياه الخاصة في بلدان من قبيل المملكة المتحدة الأسعار وتراكم الأرباح في حين أنها تتخلص من مياه الصرف في الأنهار.

غير أنه بوسعنا العثور على أمل في تلك المحكمة الإسبانية. فكل عضو في محكمة المياه ممثل لإحدى قنوات الري المحلية التي توفر المياه للأراضي الزراعية الخصبة في المدينة، وكل عضو فيها تم انتخابه انتخابا ديمقراطيا من مزارعي المنطقة. وتضمن هذه المحكمة عدالة اقتسام المياه النادرة وتقيم جلسات استماع عامة قد تنتهي إلى تغريم الفلاحين الذين يجورون فيحصلون على أكثر من نصيبهم المخصص أو يعجزون عن رعاية قناتهم.

تحتل المحكمة مكانة ضمن أبرز أمثلة الإدارة الذاتية الديمقراطية للموارد في العالم، برغم أن نشأتها محاطة بالغموض. ومثلما قال لي أحد العاملين فيها حينما زرتها في الفترة الأخيرة فإن جذورها قد تمتد إلى أنظمة إدارة المياه المتطورة التي نشأت في فالنسيا عقب الفتح الإسلامي لإسبانيا في القرن الثامن، عندما شق المزارعون قنوات الري لزراعة الزيتون والبندق والباذنجان والفاكهة. وعندما قام المسيحيون مرة أخرى بغزوها في عام 1238، تبنوا القواعد القائمة في تسوية نزاعات المياه، وبحلول القرن الخامس عشر، كانت الاجتماعات الدورية المنعقدة أمام باب الحواريين قد ترسخت تماما.

وليس هذا بالطبع نظاما مثاليا. ثمة دعم للمحكمة من حرس مستأجرين لضمان عدم عدوان أحد على مياه جيرانه. وحينما سألت الحاجب عن السر في أن جميع أعضاء المحكمة رجال وشيوخ- لدرجة أنه صعب على البعض منهم صعود درج الكاتدرائية- أجابني بنبرة دفاعية بعض الشيء قائلا: إن أولئك المزارعين مستودعات عظيمة للمعرفة وإن امرأة انتخبت لعضوية المحكمة للمرة الأولى سنة 2011.

غير أن طول بقاء محكمة المياه علامة على نجاحها. ففي كل مرة تنعم فيها بقضم برتقالة فالنسية ريانة، عليك أن تتذكر أنك تنتفع بألف عام من الحكم المائي العرفي المخلص.

احتلت المحكمة نصيبا كبيرا من اهتمام إلينور أوستروم، الحاصلة على جائزة نوبل في الاقتصاد سنة 2009، إذ اعتبرتها نموذجا مثاليا لـ«المشاعات»، إذ تقوم المجتمعات الصغيرة في شتى أرجاء العالم باستنباط قواعد لتقاسم وإدارة مواردها النادرة على نحو مستدام، سواء قنوات المياه أو مناطق صيد السمك أو الغابات. فذلك نقيض مباشر لفكرة «مأساة المشاعات» الخاطئة التي ترى أن المشاعات إذا ما تركت لأهوائنا فإن المصلحة الذاتية سوف تدفعنا بالضرورة إلى إنهاك هذه الموارد. إن نماذج من قبيل فالنسيا، وكذلك لجان المياه التي تدير القنوات في هولندا ونظام السوباك الذي يعمل على تقسيم المياه على مزارعي الأرز في بالي منذ ألف عام، تكشف أن هذا الاعتقاد محض أسطورة.

وإذن ما الدروس المستفادة للحاضر؟ تقول حكومة حزب العمال في بريطانيا: إنها لن تؤمم شركات المياه الفاشلة لكنها سوف تفرض عليها فقط «إجراءات خاصة». فلماذا لا يجري النظر في حلول أكثر إبداعا من قبيل الإدارة العرفية للمياه على الطريقة الفالنسية، أو على أقل تقدير؟ لماذا لا يجري النظر في منح أصحاب المصلحة مقعدا في مجالس إدارات الشركات؟

فضلا عن أن هذه المحكمة نموذج قابل للتطبيق على نطاق واسع. وانظروا على سبيل المثال إلى اللجنة الدولية لحماية نهر الدانوب التي تعمل من أجل واحد وثمانين مليون شخص في تسعة عشر بلدا على إدارة حوض نهر الدانوب من منابعه في الغابة السوداء إلى البحر الأسود. في حين تقوم اللجنة بدور نافع في جمع المسؤولين الحكوميين والعلماء ومنظمات المجتمع المدني للسيطرة على التلوث والفيضانات، فمن الممكن إعطاؤها تصميما عرفيا ديمقراطيا حقيقيا بإدخال جمعية مواطنين إقليمية لمحاسبتها.

وقد تمثل محكمة المياه الفالنسية درسا لبلاد الشرق الأوسط الجافة. فقبل أكثر من عقد من الزمن اقترح عالم المياه الفلسطيني البارز عبد الرحمن التميمي أنه «ينبغي استيراد وتعديل نموذج محكمة المياه... وليس ذلك فقط من أجل حل صراعات المزارعين، ولكن أيضا لتقليل التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين والأردنيين». ورأى أنه من دون هذه الآليات ما من فرصة لغرس الثقة الجذرية والحوار لإدارة ندرة المياه إدارة فعالة. وقال التميمي: «إن بوسعنا أن نتصارع على المياه أو أن نتعاون فيها، الأمر يرجع إلينا. فالخطوة الأولى هي أن يثق بعضنا في بعض». ولو أن الصراع الحالي أكد شيئا فهو الحاجة إلى تعاون مائي طويل المدى.

قد يكون 71% من كوكبنا الأزرق مغطى بالمياه، لكن هذه النسبة خادعة: فمن كل عشرة آلاف قطرة ماء على وجه الأرض، فإن أقل من نقطة واحدة هي التي تعد ماء عذبا يسير المنال يجري في أنهار أو بحيرات. والتاريخ الحي لمحكمة المياه قد يمدنا بأمل نحتاج إليه في العدالة المائية العالمية للإنصاف في توزيعها والحفاظ عليها بوصفها موردا ثمينا يمثل كنزا مشتركا لنا جميعا.

مقالات مشابهة

  • فلم السرقة الاكبر في التاريخ…!!
  • 100 يوم على الانتخابات.. أميركا على موعد مع التاريخ
  • التاريخ يحل مشكلة حروب المياه في العالم
  • التاريخ قد يحل مشكلة حروب المياه في العالم
  • عُمان بلد متفرد
  • التاريخٌ مُشْتَرَكْ.. والقَضيةُ مَقْدِسٌ ومُعتَرَك
  • إندريك: أبحث عن التاريخ مع ريال مدريد
  • "خلعت زوجي..فهل لي عدة وأين أقضيها؟".. مجمع البحوث يُجيب
  • خواطر حول حفل افتتاح الأولمبياد الباريسي
  • بيان لقادة المظاهرات: سيتذكر التاريخ أن الكونغرس رحب بمجرم حرب