عين ليبيا:
2025-02-03@03:23:38 GMT

ليبيا وطن وتاريخ

تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT

تاريخ ليبيا لا شك أنه يحمل صفحات مضيئة، به رجال سطروا أحرف عديدة كتب بها تاريخ المجد والعطاء والنضال وتاريخ العطاء الفكري والفقهي من علماء قد يذكرهم غيرنا ولا نتذكر تاريخهم نحن، فقد ابتلينا في صفحاتنا السوداء بأعداء الحرية والثقافة والفكر، ممن عملوا على مسح ذاك التاريخ ولم تكن جهودهم في فيلم عمر المختار إلا لطمس كل الآخرين وليس لإبراز شيخ الشهداء فقط وهو يستحق كل ما ناله من مكانة رفعته إلى أن يكون دليل الشعوب للحرية ولكنها أخفت رجال حوله منهم عبد الحميد العبار والفضيل بوعمر وبورحيل وأخفت تلك القامة العظيمة والتي آثرت بيع ما تملك لشراء تذاكر سفر للوفد الذي يسعى إلى استقلال ليبيا في الأمم المتحدة والذي رسم علم الاستقلال بيده عمر فائق شنيب وحاولوا أن يوصموا الشارف الغرياني بالخيانة كذبا وزورا وقد برئه الشيخ عبد الحميد العبار من ذلك وليوقعوا الفتنة وأهلها في كل حين جاهزون وأخفت جهود الليبيين الذين أسسوا الجيش الليبي بمصر جيش التحرير وغيبوا كل خير وفضل للحركة السنوسية وجامعتها الشامخة بمدينة البيضاء ضياء الجبل على بلادنا وأخفوا رجال الغرب الليبي ونضالهم ورجال فكرهم وثقافتهم أمثال الباروني وفكيني والسويحلي وبشير السعداوي والطاهر الزاوي والشيخ الشارف، أخفت تراثا فكريا وثقافيا وتراثا فقهيا حملته الزوايا المباركة في زليتن ومصراتة ومسلاتة وجبل نفوسة، وأخفت تاريخ مدينة طرابلس والتي لا يعلم الكثير أنها تسبق القاهرة وبغداد في التاريخ.

فمن يذكر اليوم رجال الدولة الدكتور محي الدين فكيني الذي استقال لأجل دماء أبناء بنغازي مطالبا بالقصاص ممن قتلهم ومن يذكر عبد الحميد البكوش وسعيه لبناء الهوية وصناعة مجتمع متمدن وجعلوها مدينة يذكرها الناس بالسجون ومجزرة بوسليم وهي في الأصل مدينة الياسمين أرض الزهر والحنة والمتاحف والمكتبات العريقة وأين تاريخ بنغازي ورجالها من يدركه اليوم، أين جميعة عمر المختار ورجالها وأين الشيخ مصطفى بن عامر وشعرائها رفيق والشلطامي وأين جريدة الحقيقة وأين سوق الظلام وسوق الحدادة والشيخ الصفراني ومكتبة الخراز وكلية الحقوق وكلية الآداب من يعرف كل ذلك من أبنائنا.

لقد زوروا تاريخ الجهاد.. نعم مسحوا كل تاريخنا المشرف ليعلموا الآجيال أنهم بداية التاريخ وأن اتصال وطننا بالفكر والثقافة يبدأ منهم ومن ترهاتهم وهرطقاتهم وتفاهاتهم هم وصبيانهم لقد شنقوا وقتلوا وعذبوا ورموا بجثث الشرفاء في البحر وزورا مناهج الدراسة وفعلوا كل ما يجول في عقل الشيطان بل وتجاوزوه ولكن شعبنا داسهم بأقدامه وسيدوس كل معتد أثيم تلك شهدناها نحن وستقرأ الأجيال كيف انتفض شعبنا لكرامته يوما.

لنا تاريخ يجب أن ننزع عنه الغبار لا بد أن نعيد الثقة إلى شعبنا المحبط الذي حاول البعض أن يوهمه أنه شعب جاهل متخلف وأنه عبئ على البشرية بينما هذا الشعب عذب ونكل به واحتقر واستعبد بطريقة ربما لا تصدق، في أكثر من خمسين عام حاولوا أن يرسخوا فيه قناعات أنه شعب قبلي متخلف لا يستطيع أن يساير الحياة وليس لديه قيم أو أعراف بل ويحتاج انتداب واستدعو لذلك أراذل الناس وحقرائهم وهم نسبة في كل شعب وجعلوا أعزة أهلنا أذلة لقد نشروا الرعب وتعلم الناس الذل والرضوخ قصرا فشعبنا لم يكن يوما ذليلا، تحمل المعتقلات البعض قاوم بالسلاح والبعض قاوم بعدم الرضوخ.

اقول إننا بالرغم مما نحن فيه من مأساة عظيمة بلادنا مفككة ومستقبلنا غامض إلا أننا بخير في قيمنا وفي أعرافنا وديننا بالرغم من الحرب الضروس والمؤامرات التي تخوضها كل القوى الدولية ضدنا والتي لا ترى مصلحة لها في استقرارنا وساء بنا الحال حتى أصبحت بعض دويلات الخليج التافهة التاريخ والمحتوى تتدخل في شؤوننا وكذلك بعض الأبواق المحلية المتخلفة والتي تذكي الفتنة بيننا تارة بسبب الكرة وتارة باسم التوجهات الدينية العبثية وثالثة باسم القبلية والجهوية وانتقلت حتى داخل الجهويات والقبائل حرب إعلامية ضد أهلنا شرقا وغربا وجنوبا إذاعات تنشر الفتن وتكفر البعض.

نحن اليوم نحتاج هدوء ونحتاج دعم قيمنا والتجاوز عن أخطاء بعضنا وأن ننشر الحب والأخوة بيننا وأن نقاوم أعداء الحرية أنصار الاستبداد أدعياء القبلية والجهوية وأن نصدع بكلمة حق ضد من يعمل لخراب عشنا وإضاعة وطننا.. ألا نتخذ من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في التسامح والعفو منهجا لنا ألا يكون ميثاق الحرابي هديا لنا ألا نتمثل بأولئك الذين اجتمعوا في مسلاتة ليعلنوا أول جمهورية في العالم العربي أليس جهاد أحمد الشريف وتراث السنوسية وعمر المختار ورجال كل قبائل الجبل الأخضر ورجال مصراتة وزليتن وغريان وجبل نفوسة وبن وليد وتضحيات بشير السعداوي ومصطفى بالاسعاد تراثا يجب أن نرتفع به عن الصغائر فلا ينظر بعضنا لبعض بالدونية.

أيها العقلاء وطنكم في خطر فالذئاب تحيط بنا وكلاب الحي تنبح علينا في حلف مع الذئاب.. ليس لنا صديق إلا أنفسنا ألا نستيقظ فنحن يجب أن نعترف أننا لسنا نيام بل على مشارف الموت.. لكن إرادتنا يجب أن تنتصر بإذن الله.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: یجب أن

إقرأ أيضاً:

قصة مايتا ـ ماريوباراغاس يوسا.. مقاربات مع التاريخ الطهراني للثورات في الأردن

-1-

يفتتح يوسا روايته العظيمة بمشهد الزبالة في ضواحي ليما، حيث يصور روتين حياته اليومية ككاتب روائي. ويختتمها بنفس المشهد. وفي هذا رمزية واضحة المعالم تتخذ من الواقع المعاش لغة فجة تغلف مقولة الكاتب ووجهات نظره. وكأنه يضع هذه التحفة الروائية كإستعارة بين قوسين يضعان هذه السردية التي يختلط فيها الخيال بالتاريخ أمام تحديات الواقع المعاش/ وقت كتابة الرواية سنة 1982 حيث تبدأ سلسلة من الصراعات المسلحة في بلده البيرو وتمتد لسنة 2000

يجيد هذا الكاتب لعبة التعاطي الخادع مع التاريخ وهو لمن خبر مغامراته الروائية أفضل من ابتدع هذه المحاوره الماكرة مع هذا الصنم المصمت المسمى تاريخا.. إذ يتلمس بعناية الخبير مفاصله الباردة ثم يلج إليها محاورا ومجيدا في اعادة صياغة ما غمض منه وهو ما يفتأ يذكرك بمناسبة وبدون مناسبة أنه لا يكتب تاريخا وإنما يستلهمه في صياغة رواية فيها الكثير من الخيال والقليل من الأحداث التي حدثت بالفعل.

لماذا يلجأ روائي مثل يوسا إلى هذه الطريقة في مناقشة قضايا محورية في التاريخ قررت مصائر بلد بأكمله. وبهذه الخفة التي تكاد السخرية تنظم حباتها ويكاد الماضي يطوي صحائفه هل يحاول إعادة صياغة الأحداث بأن يكون جزءا محوريا منها؟

الطهرانية الثورية.. هي جل ما يبحث عنها الكاتب في شخصية مايتا.. هذه الطهرانية التي نتوهم واثقين إمساكها في راحتينا ثم ما تلبث أن تتحول إلى محض سراب غير موجود إلا في خيالاتنا التي تنسج بفطرتها المريضة بالكمال ومع ذلك. فهو ما يلبث إلا أن يضعنا في مقام الحيرة الخابطة.. مسلطاً علينا شمس السؤال الحارقة.. متوازنين من غير يقين ولا تأكيد.

بعد سلسلة من النهايات التي لا تليق ببطل طهراني.. سنظل نتساءل هل كان مايتا مناضلا ثوريا منزوعا من أية نوازع غير ثورية أم أنه مجرد لص سارق يمارس السطو المسلح على البنوك ويقضي فترة حكمه مستكينا هادئا ومتصالحا مع قدره. هل كان ساذجا.. غدره أصدقاؤه أم أنه كان ثائرا حقيقيا.. خذلته الظروف ثم واصل حياته دون أن يرمش له جفن في تذكر ما مضى.. هل المشكلة بالفكرة أم بتداعياتها.

في التاريخ، الحديث للبيرو.. فإن اليخاندرو مايتا قام بتمرد على نطاق ضيق في منطقة خاوخا.. ولم يكن معه سوى أربعة من الرجاال البالغين.. وبضعة تلاميذ من المدرسة المحلية.. كانت مجموعة من التروتسكيين الشيوعيين... وسرعان ما تم القضاء على هذا التمرد بسهولة ويسر وفي ظرف اثني عشر ساعة . تم قتل اثنان من الثوار واعتقال الباقي. هذا التمرد لا يكاد يذكر في تاريخ التمردات في البيرو تلك الفترة. يتتبع يوسا هذا التمرد ويناقش الافكار الشيوعية  التي كانت سائده في تلك الاثناء حول الثورة والتغيير.. هذه ببساطة خلطة يوسا الأولية لهذه الرواية والتي تتفرع ويزداد حجمها فتصبح علامة بارزة في مشواره الروائي.. ويتم قراءتها سياسيا من حيث هجاء يوسا لتاريخه وللحركات اليساريه ومشروعها بشكل عام . وهذا ما يدعوه لان يصرح بأكثر من مقابلة بأن هذه الرواية هي أكثر كتاب له ظلم من ناحية القراءة المتعسفة له .

ـ 2 ـ

بتاريخ 22 ـ 4 ـ 1987 وفي قرية صغيرة في الجنوب الأردني اسمها ذات رأس ضمن محافظة الكرك كانت حشود من المناضلين الشيوعيين الأردنيين تجتمع لدفن فتى نهاية العشرينات أسمه حمدان الهواري.. ويبدو أننا سنعرف فيما بعد أن القوم قد دفنوا أحلامهم الأممية ـ آنذاك ـ معه تحت شجرة وارفة كان يتفيأ ظلالها قبر والده المحامي من قبله.

حمدان الهواري.. ولدى البحث عن سيرته سنجد نزرا يسيرا من حياته الحقيقية و الكثير من ظلاله واشعاعه في كتابات من عاصروه.. ويتأكد لدى المتتبع لأخباره إنه من أولئلك الثوريين الطهرانيين الذين عاشو الحلم وربما تجرعو انكساره..

ظلال كثيرة.. وتأثيرات لايمكن لنا تجاوزها.. أدت بشاعر أردني كبير مثل حبيب الزيودي إلى تخليد ذكراه بقصيدتين أولاهما بعد موت حمدان  بسنة ( عام 1988)   والثانيه قبل موت الشاعر نفسه بأشهر من عام 2012 وما بينهما الكثير من المقالات والأحاديث.

طالب في الجامعة الأردنية في أواخر السبعينات يؤسس حزب العمال الشيوعي الفلسطيني فيحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات .. ثم في سجنه يغير رفاقه في الحزب البوصلة ويتقربون من حركة فتح .. فيقرر الانتماء للحزب الشيوعي الأردني .. وفي أخر أيامه يصاب بمرض السرطان فيخرج بعفو انساني وينتهي به المطاف مسجى في قريته الصغيرة في جنوب الأردن.

تنتهي به الأحلام الكبرى والجدوى.. خارجا من سجن المحطة.. ويترك رئته الممزقة للريح وللمراثي.. هل خذله الرفاق.. هل وشو به.. هل تركوه نهبا لأفكار تتنازعه حول الجدوى.. أين كان يقف في لحظة خروجه من سجن المحطة. هل تقاسم رفاقه مخصصات وزارة الداخلية في دعمها للأحزاب المرخصة بعد موته بعام في ظل الانفتاح الديمقراطي الذي شهده الأردن . ماذا كان سيقول لو انه شهد تجمع القوى اليسارية المدعوم من الحكومة ؟؟ هل كان لابد له من الموت ببساطة لأن النظام العالمي الجديد بعد 1991 لا يمكن له استيعاب الطهرانيين.. أم أنه كان مجرد طالب جامعي تمور في رأسه كل طواحين الأردن التي ظلت تستجدي الرياح .

ستظل الأسئلة التي طرحها يوسا في روايته تلاحق كل الثوار الطهرانيين.. منذ الحسين عليه السلام وحتى حمدان الهواري.. ولكن من يجرؤعلى هذا الطرح سوى كاتب كبير مثل يوسا.. لا يأبه للتابوهات..

مقالات مشابهة

  • التلفون أعظم اختراع في التاريخ بعد ميسي والكهرباء ..
  • التليفون هيبقى حتة حديدة..وقف هذه الهواتف رسميًا في مصر بدءًا من هذا التاريخ
  • صلاح يدخل التاريخ مرتين في مباراة!
  • تزييف التاريخ
  • تاريخ مشترك وإبداع متجدد.. ندوة تسلط الضوء على العلاقات الثقافية بين ليبيا والجزائر بمعرض الكتاب
  • «تاريخ مشترك وإبداع متجدد».. ندوة العلاقات الثقافية بين ليبيا والجزائر بمعرض الكتاب
  • تاريخ مشترك وإبداع متجدد.. بمعرض الكتاب العلاقات الثقافية بين ليبيا والجزائر
  • مناقشة في حضرة التاريخ والمؤرخين لـ زكريا الشلق بمعرض الكتاب
  • في هذا التاريخ... حزب الله سيُشيّع نصرالله وصفي الدين
  • قصة مايتا ـ ماريوباراغاس يوسا.. مقاربات مع التاريخ الطهراني للثورات في الأردن