يمانيون – متابعات
طوال العقود الماضية، شنت الولايات المتحدة الأمريكية حرباً نفسياً استخدمت فيها كل أساليب الإرهاب والترهيب، حتى جعلت من نفسها، دولة لا تعرف الهزيمة، فأخضعت الشعوب والحكومات، واستفردت بالتحكم في النظام العالمي، ووصل بها الحال، إلى السيطرة التامة على أغلب الدول، خاصة العربية منها والإسلامية.
مع انطلاق معركة ” طوفان الأقصى” وما تسببت به من هزيمة منكرة للكيان الصهيوني سارعت الولايات المتحدة الأمريكية ف نجدة الكيان، ومن منطلق الغرور والكبرياء أعلنت بشكل واضح وقوفها المطلق مع الكيان الإسرائيلي في حربه العدوانية على الشعب الفلسطيني، معتقدة أن الظروف مناسبة والأجواء مهيأة لتفعل ما تشاء وتريد، فأتاها العذاب من حيث لم تحتسب، حين جاء ذو القوة والبأس الشديد، ليقفوا في وجه الطغيان الأمريكي.
10 أشهر من المواجهة البحرية، حشدت الولايات المتحدة ومن في صفها أفتك الأسلحة من بارجات وحاملات للطائرات واستعرضوا بإمكاناتهم وهددوا وأرعدوا، وحين برز لهم شعب الإيمان والحكمة انقلبت المعادلة، فمن وصفوا بالضعف والفقر والجوع، باتوا أسياد البحار يطاردون بصواريخهم وطائراتهم “آيزنهاور” رمز القوة والتفوق الأمريكي، وتحول صوت أمريكا لإذاعة بيانات النصر، إلى بيانات شجب وتنديد واعتراف بالفشل وصعوبة المعركة وقلة المعلومات والبحث عن حلول أخرى لمواجهة شراسة المعركة مع اليمنيين، وهذا مصداق لوعد الله بالتمكين لعباده المؤمنين الصادقين.
خلال الأيام القليلة الماضية خرج قادة التحالف الأمريكي البريطاني الأوروبي لعترفوا صراحة بالعجز والفشل أمام اليمن، وسنستعرض بعضاً منها حتى يتضح لنا مدى الهزيمة النكراء التي تجرعتها الولايات المتحدة الأمريكية.
قائد أمريكي: نواجه صواريخ بسرعة ماخ
وكشف قائد المدمرة الأمريكية ” كارني” في تصريح له في 1 يوليو عن حجم الصعوبات التي تواجهها البحرية الأمريكية جراء العمليات العسكرية اليمنية المناصرة لغزة.
وصرح قائد المدمرة الأمريكية “يو إس إس كارني” لقناة سي بي إس نيوز الأمريكية قائلا: “عندما وصلنا البحر الأحمر، واجهنا في أول عملية نحو 35 طائرة مسيّرة وصواريخ كروز اُطلقت من اليمن باتجاه “إسرائيل”، وتتبعنا وواجهنا فقط الأهداف التي جاءت ضمن نطاق المدمرة”.
وأوضح أن البحرية الأمريكية لم يحدث لها أن خاضت معركة مثل معركة البحر الأحمر منذ الحرب العالمية الثانية.
وأكد أن الصواريخ الباليستية التي تنطلق من اليمن بسرعة تفوق سرعة الصوت كانت أكثر ما يقلقه، وأضاف: ”ليس لدى حراس المراقبة في المدمرة إلا ما بين 15 إلى 30 ثانية للتعامل مع صاروخ باليستي قادم من اليمن بسرعة 5 أو 6 ماخ”.
وأضاف قائد المدمرة الأمريكية “يو إس إس كارني” لقناة سي بي إس نيوز: ”أكبر كابوس كان يقلقنا هو أي خطأ للدفاع الجوي في التعامل مع صاروخ باليستي يفوق سرعة الصوت، مع وجودنا في منطقة تحلق فيها طائرات الركاب التجارية”.
وأكد أن المدمرة “كارني” والسفن الحربية البحرية الأخرى التي كانت تقوم بدوريات في البحر الأحمر لم تتمكن من حماية كل السفن التجارية من هجمات اليمن، وقد غرقت سفن تجارية.
صواريخ اليمن قاتلة
من جهته، قال قائد مجموعة حاملة الطائرات الأمريكية الثانية الأدميرال مارك ميجويز: ”خلال 7 أشهر في البحر الأحمر وخليج عدن قامت مجموعة حاملة الطائرات آيزنهاور بأكثر من 13000 طلعة جوية – أكثر من 29500 ساعة طيران، وأبحرت كل سفينة من سفن المجموعة أكثر من 65000 ميل بحري”.
ولفت إلى أن الانتشار في البحر الأحمر وخليج عدن كان غير مسبوق بكل معنى الكلمة، وأضاف: ”ما زلنا نتعلم من كل عملية لكي نكتسب خبرة قتالية من شأنها أن تساعد في توجيه الصراعات المستقبلية”، موضحا أن الحرب تتطور باستمرار وقد شهد ضباط البحرية الأمريكية ذلك بشكل مباشر عندما تبنى “الحوثيون” أساليب مختلفة لتحديد مواقع السفن واستهدافها.
وأكد أن الصواريخ والطائرات الهجومية عندما تنطلق من اليمن في أسراب، تصبح المشكلة معقدة للغاية وسريعة للغاية فالصواريخ الباليستية المضادة للسفن التي تنطلق من اليمن قاتلة، ولم يتم استخدامها في تاريخ القتال، إلا في البحر الأحمر.
وأضاف الأدميرال مارك ميجويز:” عندما ينطلق صاروخ كروز أو نظام غير مأهول محمول جوًا بالفعل من اليمن، فإن سرعته وملف طيرانه لا يتيحان سوى القليل من الوقت للرد، ومن الأفضل إيقاف التهديد قبل إطلاقه”، مؤكدا أنه سيتم استخدام دروس الانتشار التاريخي في البحر الأحمر لمعالجة القدرات المضادة للسفن عبر الأسطول، بما في ذلك ضد تهديدات السرعة التي حددتها وزارة الدفاع الأمريكية.
كما أكد الأدميرال مارك ميجويز قائلا: ”كل اشتباك نقوم به في البحر الأحمر وكل صاروخ نكتشفه، وكل طائرة مسيّرة نراها تحلق، نرسل تلك البيانات إلى الخبراء على الشاطئ، حتى يتمكنوا من التحليل وإجراء تحسينات بالنسبة لمن سيتم نشرهم تاليًا في البحر الأحمر”.
لن نرسل حاملات الطائرات مرة أخرى
إثر الإهانة التي تعرضت لها حاملة الطائرات الأمريكية “آيزنهاور” بات التحالف الأمريكي البريطاني حريصا كل الحرص على عدم إرسال أي حاملة طائرات أخرى حتى لا تلقى نفس المصير، ففي الـ4 من يوليو الجاري كشفت صحيفة التلغراف البريطانية أنه ومع عودة حاملة الطائرات الأمريكية “آيزنهاور” إلى الوطن، فلن تكون حاملة الطائرات البديلة “روزفلت” في البحر الأحمر، إلا بعد أسابيع إن لم يكن أشهر، كما أكدت الصحيفة عدم ذهاب أي من حاملات الطائرات البريطانية إلى البحر الأحمر، وهذا اعتراف صريح بصعوبة المعركة وأن “آيزنهاور” أصيبت بأضرار لا يمكن تعويضها بسهولة.
وقالت الصحيفة البريطانية: “المدمرة “HMS Diamond“، في طريقها إلى الوطن، وبديلتها “HMS Duncan“، لم تصل إلى البحر الأحمر بعد، وتخضع ثلاث مدمرات بريطانية أخرى للصيانة”، مضيفة أن التجارة البريطانية تمر عبر باب المندب، قبالة الساحل اليمني، والقدرات البريطانية على السيطرة على البحر وحماية الشرايين الحيوية للمملكة ضعيفة للغاية.
ونقلت التلغراف عن مدير مكتب التقييم والتحديات بوزارة الدفاع البريطانية الذي استقال مؤخرًا من منصبه، معلقًا على الوضع في البحر الأحمر:” لقد وصلت المملكة المتحدة إلى وضع لم تعد فيه قادرة على الدفاع عن المملكة بشكل صحيح”.
وقالت الصحيفة: “عجز وزارة الدفاع البريطانية عن إصدار بيان يطمئن أسر طاقم السفينة “Anvil Point” الذي أعلن “الحوثيون” استهدافها، يرجع إلى تباطئها المؤسسي”.
البحرية البريطانية تقر بالفشل
واعترفت البحرية البريطانية بفشلها الذريع أمام الأسلحة اليمنية والتكتيكات اليمنية المستخدمة في المعركة البحرية.
وأوضحت البحرية البريطانية في اـ6 من يوليو أن المدمرة “إتش إم إس دياموند” عادت إلى البلاد بعد مهمة تاريخية شهدت تهديدات جوية في البحر الأحمر و خليج عدن هي الأكبر للبحرية الملكية في العصر الحديث.
وأكدت البحرية البريطانية أنه لم يسبق لسفينة أو طائرة بريطانية أو أي وسيلة أخرى وأن واجهت هدفًا يتحرك بسرعة مثل الصاروخ الذي ينطلق من اليمن، والذي واجهته المدمرة “إتش إم إس دياموند” في خليج عدن.
وأوضحت أن المدمرة “دياموند” قضت أكثر من شهرين في “بوتقة” المناطق ذات التهديدات العالية أو المتوسطة في البحر الأحمر و خليج عدن، بوتيرة عملياتية لا هوادة فيها.
وقد سحبت البحرية الملكية البريطانية السفينة الحربية دايموند من البحر الأحمر في ظل تصاعد الهجمات اليمنية .
وجاء مغادرة السفينة الحربية البريطانية بعد أيام من مغادرة حاملة الطائرات “ايزنهاور” مع مجموعتها الهجومية وعدد من المدمرات الأمريكية والاوروبية لمنطقة البحر الأحمر .
وكان وزير الدفاع البريطاني، جرانت شابس، قد اعلن في يناير الماضي ـ إصابة السفينة الحربية “دايموند”، التابعة للبحرية الملكية، في هجوم شنه الحوثيون في البحر الأحمر.
في ذات السياق ذكر موقع “لويدز ليست” المتخصص في الشحن البحري أن هناك تطور في تكتيكات اليمنيين في البحر الأحمر، والهجمات أصبحت أكثر فتكاً، فيما قال ضابط الصف الفني في الهندسة، للمدمرة “دياموند” المُنسحبة من خليج عدن: “ الآن نعود إلى الوطن، إنه أمر غريب؛ هناك عدم تصديق بأنك ستعود إلى الوطن يومًا ما” .
أما صحيفة ديلي ميل البريطانية فأوضحت طاقم المدمرة “إتش إم إس دياموند” يعود إلى البلاد بعد 6 أشهر مرعبة في البحر الأحمر و خليج عدن، واجهوا فيها صواريخ من #اليمن، هي أسرع أهداف متحركة على الإطلاق.
تطوير تكتيكات اليمنيين
شركة “درياد جلوبال” البريطانية للأمن البحري من جانبها ذكرت أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو التطور الأخير في حرب الاستنزاف للتحالف الغربي في البحر الأحمر، مع تطور تكتيكات “الحوثيين”، باستخدام الزوارق المسيّرة، موضحة أن استخدام مجموعة من الزوارق المسيّرة كما حدث مؤخرًا بالقرب من سفينة في البحر الأحمر، يجعل من الصعب تحديد أي منها تحمل متفجرات، وكذلك تعمل على جمع المعلومات الاستخباراتية.
في ذات السياق، قال مختصون في شركات الأمن البحري: “على الرغم من الأسلحة المتطورة التي يمتلكها حلف شمال الأطلسي، فإن “الضربات الانتقامية” التي يشنها الحلف كانت غير فعالة إلى حد كبير وأن “الحوثيين” يفوزون في حرب الدعاية”، وأكدوا أن القوات الغربية أصبحت في موقف “دفاعي” أكثر من كونها هجومية.
أما شركة “هاباغ لويد” الألمانية للشحن فذكرت أن استخدام مجموعة من الزوارق المسيّرة كما حدث مؤخرًا بالقرب من سفينة في البحر الأحمر، يجعل من الصعب تحديد أي منها تحمل متفجرات، إضافة لاستخدامها في جمع المعلومات الاستخباراتية وإجراء المراقبة على السفن، مضيفة أن الطلب القوي على شحن الحاويات دفع أسعار الشحن للارتفاع على مدى الشهرين الماضيين، متوقعةً أن يزداد نمو الطلب العالمي على مساحة الحاويات بين 3% و40% على أساس سنوي خلال العام 2024.
صنعاء أكبر تجد لواشنطن
من جانبها قالت مجلة “ذا نيشن” الأمريكية إن القوات المسلحة اليمنية تمكنت من تحدي البحرية الأمريكية والنظام العالمي، وامتلكت قدرات متقدمة لا يمكن القضاء عليها بسهولة.
وأضافت مجلة “ذا نيشن” الأمريكية في تقرير لها في 6 يونيو أن القوات المسلحة استطاعت خلق تأثيرات كبيرة على الاقتصاد الإسرائيلي، وعلى القطع الحربية الأمريكية بما في ذلك حاملات الطائرات، مؤكدة أن الوسيلة لتخفيف هذا التهديد هي إنهاء الإبادة الجماعية في غزة.
ونشرت المجلة تقريراً أكدت فيه أن “البحرية الأميركية انخرطت في أشد المعارك البحرية كثافة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وهو ما قد يشكل مفاجأة بالنسبة لمعظم الأميركيين، وهذه المرة، لا تدور المعارك في المحيط الأطلسي أو المحيط الهادئ، بل في البحر الأحمر” ضد اليمنيين الذين “يدعمون الفلسطينيين في غزة ضد الحرب الإسرائيلية الشاملة”.
وأوضح التقرير أنه “في الأشهر الأخيرة، واجه اليمنيون ضربات جوية متكررة من طائرات أمريكية، وردوا بعدة أمور من بينها مهاجمة حاملة طائرات أميركية وسفن أخرى قبالة سواحلهم، وأسلحتهم المفضلة هي الصواريخ والطائرات بدون طيار والقوارب الصغيرة المجهزة بالمتفجرات، و لأول مرة الصواريخ الباليستية المضادة للسفن”.
واعتبر التقرير أنه “من وجهة نظر تاريخية، لا يمكن أن يكون الأمر أكثر إثارة للدهشة، فقد نجح عدد من اليمنيين في إطلاق تحدي للنظام العالمي السائد، على الرغم من كونهم فقراء وضعفاء وذوي بشرة سمراء، وهي الصفات التي تجعل الناس غير مرئيين عادة للمؤسسة الأميركية”.
وأوضح أن اليمن يمتلك قدرات “لا يمكن القضاء عليها بسهولة في الوقت الحالي حتى باستخدام الأسلحة المتطورة التي تمتلكها البحرية الأميركية”.
صنعاء تخترق الدفاعات البحرية الأمريكية
كما نقل تقرير مجلة “ذا نيشن” الأمريكية عن برايان كلارك، الباحث البارز في معهد هدسون، وغواص البحرية السابق، أن هناك “مخاوف من أن “الحوثيين” على وشك اختراق الدفاعات البحرية الأمريكية بصواريخهم، مما يزيد من احتمالية قدرتهم على إلحاق أضرار جسيمة بمدمرة أمريكية، أو حتى حاملة طائرات”.
وأكد التقرير أن “الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية المتكررة ضد مواقع الأسلحة المشتبه بها في العاصمة اليمنية صنعاء وحولها فشلت حتى الآن في وقف الحرب على الشحن، وحتى طائرات (إم كيو – ريبر) الأمريكية عالية التقنية لم تعد مضمونة الهيمنة على المجال الجوي في الشرق الأوسط منذ أن أسقط “الحوثيون” عدداً من تلك الأسلحة التي تبلغ قيمتها 30 مليون دولار”.
وأضاف التقرير أن اليمن “أطلق أيضاً أعدادًا كبيرة من الصواريخ الباليستية على ميناء “إيلات” الإسرائيلي على البحر الأحمر، ما أدى إلى تعطيله منذ نوفمبر، وكانت حوالي 5% من واردات إسرائيل تصل عبر الميناء، والآن، تم إعادة توجيه هذه التجارة إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط بتكلفة أعلى بشكل واضح، في حين تعرض اقتصاد جنوب إسرائيل لضربة كبيرة”.
وذكر التقرير أن “الوضع في البحر الأحمر يمكن أن يصبح واحداً من أخطر الأوضاع في العالم”.
وقال إن “أي ضرر كبير يلحقه الحوثيون بسفينة حربية أمريكية في أي وقت في المستقبل” قد يدفع واشنطن إلى أعمال حربية قد تخاطر بصراع أوسع.
واعتبر أن التخفيف من حدة هذا التوتر يمكن من خلال “التحرك بقوة أكبر لإنهاء الحرب الشاملة التي تشنها إسرائيل على غزة، والتي تعتبر إهانة لا تطاق لمعايير القانون الإنساني الدولي، ولا تؤدي إلا إلى تعزيز يقظة الحوثيين وأمثالهم” حسب تعبيره.
واختتم بالقول إنه “في حين ينبغي إنهاء الهجوم الإسرائيلي الجاري لمنع المزيد من الموت والمجاعة الجماعية الوشيكة في غزة، فإنه ينبغي أيضًا إنهاءه لمنع حرب أمريكية أخرى في الشرق الأوسط.
تزايد القلق الصهيوني
وكشفت صحيفة ” معاريف “العبرية مدى القلق الصهيوني من الأسلحة النوعية للقوات المسلحة اليمنية، حيث أوضحت في تقرير لها 6 يوليو أن الجيش اليمني لا يكشف إلا جزءاً من ترسانته العسكرية الفتاكة” .
وقالت صحيفة “معاريف” العبرية نقلا عن دراسة أجراها معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي : ” تم الكشف عن ترسانة أسلحة للحوثيين وهي أسلحة وحشية ، ماهي إلا جزء مما يمتلكوه “.. وأضافت : ” يمتلك الحوثيون ترسانة صواريخ باليستية متوسطة وطويلة المدى، وصواريخ كروز، وصواريخ مضادة للسفن، وطائرات مسيّرة هجومية وانتحارية، وأساطيل من الطائرات بدون طيار “، مؤكدة ” تمتع الحوثيين بقدرات ومهارات في الاستخدام العملي للأنظمة غير المأهولة لتنفيذ هجمات فتاكة “.
وأشارت إلى ” تكبد إسرائيل خسائر اقتصادية كبيرة جراء هجمات البحر الأحمر أبرزها توقف نشاط في ميناء إيلات الذي يواجه أزمة خطيرة ” ..مضيفة أن ” توقف نشاط ميناء إيلات أدى إلى انخفاض التجارة بين إسرائيل ودول العالم، خاصة أن الميناء كان بمثابة نافذة لتصدير العديد من البضائع”.
انتهى عصر حاملات الطائرات
وفي الـ29 من يونيو الماضي أكدت مجلة “إنترناشونال إنترست” الأمريكية في تقرير لها أن عصر حاملات الطائرات البحرية القوية قد انتهى بفعل العمليات العسكرية اليمنية.
وذكرت الصحيفة أن الصواريخ والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت أصبحت هي القاعدة في الحرب الحديثة، موضحة أن تكلفة حاملات الطائرات الباهظة يجعلها أهدافًا مغرية وتدميرها أو إلحاق أضرار جسيمة بها سيكلف أمريكا مليارات الدولارات وستتدهور قدرات البحرية الأمريكية بشكل خطير.
وأوضحت مجلة “إنترناشونال إنترست” أن “الحوثيين” أثبتوا في أواخر عام 2023 أنهم قادرون على إبعاد البحرية الأمريكية بأكملها بما يمتلكونه من صواريخ، لافتة إلى أن تردد البنتاغون في نشر السفن الحربية لوقف هجمات “الحوثيين” أرسل إشارة إلى المنافسين مثل الصين بأنه لا يوجد ما يخشونه من أسطول حاملات الطائرات الذي كان مخيفًا في السابق.
أما موقع “Navy Lookout” البحري البريطاني فذكر أن القوات البحرية في البحر الأحمر مجهدة حاليًا لأن البحرية الأمريكية ليس لديها ما يكفي من حاملات الطائرات المتاحة، كما أن شركاءها الأوروبيين أكثر ضعفًا، مضيفا أن البحرية الأمريكية لديها مدمرتان فقط في البحر الأحمر، بينما تغيب البحرية البريطانية في انتظار وصول المدمرة “إتش إم إس دنكان”، بعد مغادرة “إتش إم إس دايموند”.
في ذات السياق، كشف موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أن موسكو تقفز من الفرح نتيجة الهجمات البحرية من اليمن تضامنًا مع الفلسطينيين المحاصرين في غزة، والتي تشكل تحديًا لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
ونقل موقع “ميدل إيست آي” عن مسؤولين أمريكيين أن السفينة “توتور” غرقت في البحر الأحمر، وأن السفن الروسية كانت قريبة بما يكفي للاستجابة لنداءات الاستغاثة التي أطلقتها السفينة، لكنها لم تفعل.
فقدان سفينة أمريكية
وكشفت وكالة رويترز للأنباء في 3 يوليو عن فقدان سفينة أمريكية قبال سواحل اليمن، معتقدة أنها اختفت وغرقت في البحر الأحمر.
ونقلت الوكالة عن ثلاثة مصادر بحرية وأمنية أن الناقلة “لافانت” أصبحت أحدث سفينة مفقودة في البحر الأحمر، مشيرة إلى أن الناقلة أبلغت عن عطل في المحرك وتسرب المياه إليها.
وقالت مجموعة “سوفكومفلوت” الروسية للشحن الأسبوع الماضي: إن إحدى سفنها استجابت لنداء استغاثة، وأنقذت الطاقم قبالة الساحل الجنوبي لليمن في 23 يونيو بعدما اضطر لمغادرة الناقلة بقارب نجاة.
كما أكدت مصادر أمنية لوكالة رويترز أن استخدام زوارق مسيرة في البحر الأحمر يعتبر تحولا معقدا في تكتيكات الحرب غير المتكافئة، مؤكدة أن الزوارق المسيرة مكنت “الحوثيين” من الاستهداف بدقة وعلى مسافة بعيدة وجعلتهم أقل عرضة للهجمات المضادة.
وأوضحت مصادر في قطاع التأمين لرويترز أن علاوات مخاطر الحرب في البحر الأحمر ارتفعت إلى 0.7 % من قيمة السفينة في الأيام القليلة الماضية مقارنة بـ 0.1% أول العام الجاري، موضحة أن التأمين مطلع العام كان يصل إلى 0.1% من قيمة السفينة.
وأشارت المصادر إلى أن ارتفاع كلف التأمين يتسبب في تكاليف إضافية بمئات الآلاف من الدولارات ويهدد بارتفاع الأسعار في الأسابيع المقبلة، مضيفة أن كلف التأمين على مخاطر الحرب على السفن التي لا تربطها علاقة بـ “إسرائيل” أو أمريكا ظلت عند 0.2-0.3%.
وقال “ديميتريس مانياتيس” الرئيس التنفيذي لشركة ماريتايم ريسك ماندجرز لوكالة رويترز: “تمثل الزوارق المسيرة المحملة بمتفجرات تحولا معقدا في تكتيكات الحرب غير المتكافئة يُمكّن الحوثيين من الاستهداف بدقة وعلى مسافة بعيدة وبالتالي تقليل تعرضهم للهجمات المضادة”.
وصرّح “مونرو أندرسون” رئيس العمليات في شركة فيسيل بروتكت المتخصصة في مخاطر الحرب والتأمين البحري لوكالة رويترز أن “الزوارق المسيرة تصيب السفن عند منطقة التماس مع الماء، وهذا، إلى جانب الحجم الكبير للرأس الحربي، قادر على التسبب في دخول المياه بكثرة (للسفينة) وقد ينتج عنه صعوبة في السيطرة على الأضرار”.
وأضاف: “من المرجح جدا أنه في ضوء النجاح المعروف الذي حققته تلك الأدوات عندما استخدمتها القوات الأوكرانية في البحر الأسود، سعى الحوثيون إلى استخدام تلك الأساليب لتحقيق أهدافهم”.
وأشار مسؤول في شركة الأمن البحري اليونانية “ديابلوس” إلى أسلوب جديد تم الإبلاغ عنه يتمثل في إطلاق زوارق مسيرة من المحتمل أنها تحمل دمى تشبه القراصنة في نهج نفسي يهدف إلى إرباك البحارة.
وقال “مانياتيس من ماريتايم ريسك ماندجرز ” للوكالة: “ندرك أن الحوثيين يستخدمون ‘مراقبين’ في البحر في معظم الحالات، والذين غالبا ما يسجلون الهجوم من مسافة قريبة، وفي معظم العمليات (إن لم يكن كلها) يوجهون الزوارق المسيرة إلى الهدف عن بعد”.
كما نقلت “رويترز” عن شركة “هاباغ لويد” الألمانية للشحن أن الطلب القوي على شحن الحاويات دفع أسعار الشحن للارتفاع على مدى الشهرين الماضيين، متوقعةً أن يزداد نمو الطلب العالمي على مساحة الحاويات بين 3% و40% على أساس سنوي خلال العام 2024.
لا رادع لليمن
من جانبها ذكرت صحيفة “ذا هيل” الأمريكية في 1 يوليو أن الولايات المتحدة الأمريكية بعد نصف عام من الصراع، فشلت في ردع “الحوثيين” عن مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر.. مؤكدا أن اليمنيين يواصلون إغراق السفن التجارية وتعطيل التجارة، مما يشكل تحديًا صعبًا على نحو متزايد للجيش الأمريكي الأكبر حجمًا.
وأكدت أن عمليات القصف الأمريكي المتكررة على مواقع في اليمن لم تنجح في وقف الهجمات، بل تصاعدت باستخدام أسلحة متطورة مثل الزوارق المسيّرة، والصواريخ الباليستية المضادة للسفن لإرباك القوات الأميركية.
أما صحيفة جوزاليم بوست “الإسرائيلية” فقالت: إن الزوارق المسيّرة الجديدة، التي تنطلق من اليمن، أثبتت فعاليتها في الهجمات على السفن، أكثر من الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية .. مؤكدة أن من الصعب على القوات البحرية الأميركية وحلفائها اكتشاف الزوارق المسيّرة في محيط كبير مثل ساحل اليمن أو البحر الأحمر.
لعبة باهظة الثمن
مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية من جهتها علقت في 2 يوليو الجاري على فشل التحالف الغربي في حماية السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي من الهجمات اليمنية.
وقالت المجلة في تقرر لها: ”قد فشلت القوات البحرية الأمريكية والبريطانية والأوروبية في البحر الأحمر بعد أشهر من العمليات البحرية المكثفة، وأصبحت التأخيرات والاضطرابات والتكاليف المرتفعة أسوأ“.
ولفتت المجلة إلى أن فشل القوى البحرية الرائدة في العالم في البحر الأحمر، يثير تساؤلات مؤلمة حول جدوى القوة البحرية وكفاءة القوى البحرية الغربية التي يفترض أن تتحمل العبء في أي مواجهة مستقبلية مع منافس رئيسي مثل الصين.
ونقلت مجلة فورين بوليسي عن خبير بحري في مركز الاستراتيجية والأمن البحري القول: ”لقد أثبت “الحوثيون” أنهم قوة هائلة، أنهم جهة فاعلة تمتلك ترسانة أكبر وهي قادرة حقًا على إحداث صداع للتحالف الغربي البحري‘.
وأوضحت المجلة أن القوات البحرية الأمريكية والبريطانية والأوروبية حاولت استعادة حركة الشحن في البحر الأحمر دون نجاح يذكر، وقد ارتفعت أسعار التأمين على تغطية الحرب للسفن بنحو 1000% عن مستويات ما قبل الصراع.. مضيفة أن بيانات مؤشر مديري المشتريات الصناعي في بريطانيا تفيد بأن أزمة البحر الأحمر أدت إلى تراجع نشاط الصناعات التحويلية البريطانية خلال يونيو الماضي، بعد أن سجلت في مايو السابق أعلى مستوياتها منذ سنتين، حيث ساهم التعطيل المستمر للشحن في الممر المائي الاستراتيجي في انخفاض الطلب من العملاء الأجانب وتأخير الشحن وارتفاع تكاليفه، مع استمرار العمليات البحرية للجيش اليمني.
وأضافت المجلة أن إحدى شركات التأمين قامت بإطلاق تأمينًا خاصًا ضد الحرب هو الأول من نوعه، وهي علامة أكيدة على أن الوجود البحري الغربي في البحر الأحمر، لم يحقق نجاحا يذكر، ولم يجلب الهدوء إلى الأسواق.
وأكدت المجلة أن السفن التي تتعرض بالفعل للاستهداف من اليمن هي تلك المرتبطة بـ “إسرائيل” أو الولايات المتحدة أو دول أخرى يُنظر إليها على أنها تدعم “إسرائيل” .. مضيفة أن الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة وبريطانيا “لتقليل” قدرة “الحوثيين” على استهداف الشحن انتهت إلى “لعبة” باهظة الثمن.
تآكل الأسلحة الأمريكية
وشددت مجلة فورين بوليسي في تقريرها على أن “الحوثيين” يتمتعون بمستوى مذهل حقًا من العمق في مجالاتهم، من الصواريخ والقذائف الصاروخية والصواريخ الباليستية المضادة للسفن حيث أدت عمليات النشر والاعتراضات المستمرة في البحر الأحمر إلى تآكل المجالات الخاصة بالبحرية الأمريكية.
وتحدث أحد المساعدين في الكونغرس للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويته بصراحة عن نقص الذخائر الأمريكية، قائلا: “طالما ظل معدل الاحتراق مرتفعًا بشكل حاد في البحر الأحمر، فنحن في وضع أكثر خطورة””.
وكشفت مجلة فورين بوليسي أن البحرية الأمريكية وشركات الصناعات العسكري الأمريكية مثل رايثيون، تبحث عن بدائل أرخص لاستخدامها ضد أسلحة “الحوثيين”.
من جهته، ذكر موقع “بزنس إنسايدر” الأمريكي أن الزوارق المسيّرة من #اليمن، بعضها لم يسبق له مثيل، فهي تهدد السفن في البحر الأحمر، في ظل افتقار البحرية الأميركية إلى حاملة طائرات في المنطقة.
* المصدر : موقع انصار الله
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
أزمة الطرف الأمريكي-الصهيوني على الجبهة اليمنية
من بين كل جبهات القتال المرتبطة بمعركة “طوفان الأقصى”، لا يوجد ميدان ينخرط فيه البنتاغون والغرب الجماعي بصورةٍ عسكريةٍ مباشرةٍ إلى جانب العدو الصهيوني أكثر من الجبهة اليمنية. فهناك تخرج الإدارة الأمريكية، ومعها البريطانية، من ظلال تقديم الدعم فحسب إلى الكيان الصهيوني، ومن عباءة أداء دورٍ دفاعي، مقيّدٍ ظاهرياً بالتصدي للصواريخ والمسيّرات التي تستهدفه، كي تتوسط مسرح العمليات بنفسها وتشنَ ضرباتٍ هجوميةً متواصلةً على البر اليمني منذ بداية العام الجاري، بالتلازم مع بضع هجمات إسرائيلية مباشِرةٍ وكبيرةٍ، بعد أن اقتصر الدور الأمريكي في البداية على محاولة التصدي للعمليات اليمنية ضمن نطاق البحر الأحمر.
لا يحتاج المرء أن يجتهد كثيراً كي يثبتَ مشاركة الإدارة الأمريكية في العدوان على غزة ولبنان طبعاً، وكي يؤكد تالياً أننا نواجه طرفاً واحداً أمريكياً-صهيونياً، سياسياً وعسكرياً واستخبارياً ولوجستياً، لكنّ انتصار اليمن لغزة، عشية العدوان الصهيوني عليها، كان من فضائله أنه فرض على الجانب الأمريكي لذلك الطرف الواحد أن يكشف وجهه مباشرةً، بمقدار ما كان من فضائله أنه وضع كل عربيٍ ذي ضميرٍ حيٍ أمام استحقاق مساندة غزة، ما دام اليمن الذي يبعد جواً أكثر من 2200 كيلومترٍ عن القدس لم يتوانَ عن دعمها ومساندتها.
ما كانت الإدارة الأمريكية تتمنى الانجرار إلى بؤرة الضوء هكذا، لأن انخراطها المباشر في القتال يسقط المسافة التي تظاهرت بالحفاظ عليها، سياسياً وإعلامياً، من حكومة نتنياهو ومن نزعتها “الحربجية” والتصعيدية، وخصوصاً عشية الموسم الانتخابي الأمريكي، وعلى خلفية انقساماتٍ حادةٍ تعيشها قواعد الحزب الديمقراطي بشأن غزة.
لكنّ الحصار البحري الكفء الذي ضربه اليمنيون في البحر الأحمر ابتداءً، والذي راح يتوسع ويشتد مع كل مرحلة من مراحل القتال، بالرغم من عمليات “حارس الازدهار” و”رامي بوسايدن” و”أسبيدس”، شكّل تحدياً كبيراً للإدارة الأمريكية وأتباعها من حيث أثره اقتصادياً ومعنوياً على الكيان الصهيوني أولاً، ومن حيث تعطيله “حرية التجارة” وحركة الشحن البحري عبر باب المندب ثانياً.
ويظل باب المندب أحد أهم أربعة مضائق للشحن البحري عالمياً، ومعه مضيق هرمز ومضيق ملقا (بين ماليزيا وإندونيسيا) ومضيق باناما (بين شمالي القارة الأمريكية وجنوبها). وهذه النقطة الثانية، نقطة إرباك حركة الشحن عبر باب المندب، مثلت تحدياً للهيمنة الغربية في منطقتنا، ولمنطق العولمة ذاته، وبالتالي للنخب التي تديرها.
وإذا كان الغرب الجماعي كشف نفاقه على الملأ بشأن “حرية التجارة والاستثمار” و”الفضاء المفتوح”، من كثرة اعتماده مسار العقوبات والحروب الاقتصادية نهجاً في مواجهة القوى الإقليمية والدولية الصاعدة، فإن إبقاء مسرب باب المندب-قناة السويس مفتوحاً وجارياً في منطقة يعدّها سياسياً ضمن دائرة نفوذه، وتقع عسكرياً تحت وصاية القيادة العسكرية الأمريكية الوسطى (سنتكوم)، شكل أولويةً بالنسبة إليه ضمن هيكل منظومة الهيمنة التي يسعى لحمايتها، وفي سياق العدوان على غزة الذي يتطلب السيطرة على مفاصل المشهد الإقليمي تصعيداً وتهدئةً.
من الجدير ذكره أن حركة أنصار الله لم تخض معركة البحر الأحمر في البداية إلا لدعم غزة، وأنها حصرت أهدافها بوضوح بالسفن المملوكة إسرائيلياً أو العاملة على خطوط موانئ فلسطين المحتلة، أي أن الحركة لم تكن البادئة في فتح معركة مع الغرب الجماعي في البحر الأحمر، بل أدى تورطه بصورة عسكرية مباشرة كذراع ضاربة لقوات الاحتلال الصهيوني على الجبهة اليمنية إلى توسيع دائرة الاستهداف لتشمل سفن الدول المعتدية على اليمن.
لكنّ خطوة الاعتراض اليمنية على العدوان على غزة في البحر الأحمر اصطدمت تلقائياً بالعلاقة العضوية بين الإمبريالية والصهيونية، وبثقل الحركة الصهيونية العالمية في تلك العلاقة، بما يتجاوز فلسطين المحتلة.
كما اصطدمت الخطوة اليمنية بالضرورة بمنظومة الهيمنة الأمريكية في منطقتنا. وبما أن الوكلاء المحليين أثبتوا عجزهم في السنوات الفائتة عن احتواء اليمن وحركة أنصار الله، وبما أن دخول أولئك الوكلاء في حرب مباشرة ومعلنة مع الذين يناصرون غزة سوف يحرجهم بشدة، كان لا بد للإدارة الأمريكية وبعض أتباعها الغربيين من أن يدخلوها مباشرةً، فأثبتوا بدورهم أنهم أعجز من أن يحتووا البأس اليماني، لأسباب سوف يجري تفصيلها لاحقاً.
إنه لشيءٌ عظيمٌ وأنها لمأثرة كبيرة أن يغلق اليمنيون طريقاً رئيساً للتجارة الدولية انتصاراً لغزة، والآن للبنان. وبحسب ما تناقلته وسائل الإعلام الغربية، فإن شركات الشحن الكبرى عالمياً، مثل “مارسِك” و”أفرغرين” و”كوسكو” وMSC وCMA، وغيرها، وشركتي النفط والغاز البريطانيتين “شل” وBP ، توقفت عن الشحن عبر البحر الأحمر.
كذلك أعلنت شركة الشحن الصينية “كوسكو” وقف تعاملها مع موانئ فلسطين المحتلة. وباتت تكلفة الشحن والتأمين إلى موانئ فلسطين، عندما يتوافران أصلاً، أعلى بعدة أضعاف.
وكانت مجموعة “راسل” البريطانية للأبحاث قد نشرت في 13 /9 /2024 أن شحن نحو ترليون دولار من البضائع تعرض للإرباك من جراء الحصار اليمني. وبحسب تقرير لوكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية DIA، نشر في موقعها الرسمي في 5 /4 /2024، فإن 29 شركة طاقة وشحن رئيسة توقفت عن الشحن عبر البحر الأحمر، كما أن الحركة بالمجمل انخفضت بنسبة 90 %. ومن البديهي أن السفن غير المرتبطة بالكيان الصهيوني أو بقوى العدوان تستطيع أن تمخر عباب البحر الأحمر كما تشاء.
وبغض النظر عما يقوله أعداء محور المقاومة بأن حركة أنصار الله أقدمت على تلك الخطوة تعزيزاً لمشروعيتها يمنياً، ولدورها إقليمياً، أي انطلاقاً من أجندة خاصة، وبغض النظر كذلك عن نفي حركة أنصار الله تلك التهم وإصرارها على أن ما تقوم به جاء نصرةً للحق والأخوة، والتزاماً بتعاليم الإسلام، وإرضاءً لله عز وجل، فإن التحليل السياسي يفترض أن يقيم النتائج الموضوعية، لا أن يتحوّل إلى تحليل نفسي يغوص في لجج النيّات.
تدل الآثار الموضوعية للعمليات اليمنية في البحرين الأحمر والعربي وأبعد، أنها نجحت في محاصرة الكيان الصهيوني بحرياً، وأن ميناء “إيلات”/ أم الرشراش أشهر إفلاسه، وأن المدينة ذاتها ماتت اقتصادياً، وأن تجارة الكيان الصهيوني مع الشرق، وخصوصاً الصين والهند، تعطلت، ومنها واردات السيارات والمعدات والآلات والمواد التموينية، وصادرات البوتاس من فلسطين المحتلة.
شتان ما بين هذا طبعاً وبين فتح جسور، براً وبحراً وجواً، لتخفيف وطأة الحصار اليمني على الكيان الصهيوني، وشتان بين من يستمرئ التطبيع مع الكيان الصهيوني في خضم الحرب، ويجعل أراضيه ومياهه وسماءه منطلقاً للدفاع عنه، وبين من يدفع ثمناً باهظاً، دماً وحصاراً، بشراً وحجراً، دعماً لفلسطين ولبنان.
وإذا كان اليمنيون يعطون المشروعية لمن يناصر فلسطين، فإن ذلك حلالٌ على من ينصرونها، وليكن ذلك درساً لغيرهم، لأن النبضَ العربي واحدٌ في تلك المسألة.
وإذا كانت رافعة زيادة الوزن إقليمياً هي الصدام مع الطرف الأمريكي-الصهيوني دفاعاً عن غزة ولبنان، فإن ذلك يأتي فقط على حساب الخانعين له، ولا أسفٌ ولا من يحزنون عليهم وعلى وزنهم الإقليمي على ما رأيناه منهم عشية العدوان الصهيوني.
ما حدث ببساطة أن كل القوى الغربية المحتشدة في البحر الأحمر وجواره عجزت عن رفع الحصار اليمني على الكيان الصهيوني، كما أنها فشلت في استئصال شأفة حكومة صنعاء عسكرياً، الأمر الذي فتح باب تأويلات ذلك الفشل باتجاهين:
أ – اتجاه محور المقاومة الذي يرى ذلك دليلاً على بسالة اليمنيين واستعدادهم للتضحية وحسن إدارتهم للمعركة، وتمكّنهم من الإسهام تالياً في إضعاف الهيمنة الأمريكية وإظهار أدواتها العسكرية بمظهر العاجز الفاشل.
ب – اتجاه آخر معادٍ راح يشكك في ما يجري، زاعماً أن الولايات المتحدة تستفيد من عمليات أنصار الله لتبرير حشودها العسكرية في البحر الأحمر وجواره، ما يتيح لها عند الضرورة قطع الشريان الأهم للتجارة بين الصين وأوروبا، وأن الاقتصاد الأمريكي لم يتأثر كثيراً بإرباك حركة الشحن في البحر الأحمر، وأن المنتجين والتجار الأمريكيين لا يعتمدون، بصورةٍ عامة، على خط باب المندب-قناة السويس، وأن إيقاف شحن حوامل الطاقة العربية إلى أوروبا يخدم منتجيها الأمريكيين، وأن الولايات المتحدة معنية بإدارة الأزمة لا بحلها.
الحقيقة أن مثل هذه “التحليلات”، التي تعدد فوائد العدو من العمل المقاوم، لا تقتصر على الحالة اليمنية، إذ لدينا ما يتسع لمجلدات كاملة منها في فلسطين، ومنها مثلاً مزاعم “المؤامرة” في “طوفان الأقصى” الذي سمح بموجبها الكيان الصهيوني للمقاومة في غزة بشطب فرقة غزة كاملة، بين قتيلٍ وجريحٍ وأسيرٍ وفارٍ، وبهز ثقة المستعمرين المستوطنين بقواتهم العسكرية وأذرعهم الأمنية، وبالانكشاف استراتيجياً باختراق الأراضي المحتلة عام 1948 في غلاف غزة كما لم يحدث من قبل، وبتهجير سكان مستعمرات الغلاف، وباستنزاف الاقتصاد الإسرائيلي والشروع في تقويض القطاع الأهم فيه، قطاع التكنولوجيا، وبدخول حرب استنزاف كلّفته آلاف القتلى وعشرات آلاف الجرحى والمعوقين جسدياً أو نفسياً، وبحرق صورته إعلامياً لدى قسم من الجمهور الغربي ذاته، من أجل “غايات خفية متفق عليها” مثل تهجير الغزيين وإعادة احتلال غزة واستيطانها!
إن من يحسب الأمور بمقياس الربح والخسارة، من وجهة نظر العدو، وبمقياس التهديد الوجودي الذي يتعامل به مع تصاعد قوة المقاومة وفعاليتها على كل الجبهات، لن يمتلك كثيراً من الصبر على سماع مثل هذه “التحليلات”.
على الرغم من ذلك، يجري الترويج لها بقوة عشية كل نصر أو إنجاز تحققه المقاومة، إذ سمعناها مثلاً عشية نصر عام 2006 في لبنان. وبالرغم من تقرير لجنة “فينوغراد”، استمر تداولها بفضل سطوة الإعلام الأصفر. وها نحن نسمعها مجدداً بشأن الحصار اليمني المظفر في البحر الأحمر.
أولاً، ثمة نقاشٌ جارٍ في الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها بشأن أسباب فشل الحشود العسكرية الغربية في كسر الحصار اليمني في البحر الأحمر، وبشأن تكلفته الباهظة من دون جدوى. وبحسب موقع “أكسيوس” في 15 /6 /2024، بلغت قيمة الذخيرة التي استخدمتها البحرية الأمريكية حتى شهر أيار / مايو الفائت لاعتراض الصواريخ والمسيّرات اليمنية نحو مليار دولار فقط، وهو معدل استهلاك لا تقوى مصانع الإنتاج العسكري الأمريكية على مواكبته.
أضف إلى ذلك أن أهداف السياسة الأمريكية في اليمن ما زالت تتضمن “استعادة الأمن إلى الخطوط الملاحية، واعتراض المساعدات الإيرانية إلى الحوثيين”، بحسب ورقة رسمية نشرها مركز أبحاث الكونغرس CRS موقعه في 24 /10 /2024، لعناية أعضاء الكونغرس.
لكنّ الولايات المتحدة فشلت في تحقيق هذا الهدف، لذلك تجد الإعلام الغربي حافلاً بالنقاشات بشأن أسباب الفشل. ومن ذلك، مثلاً لا حصراً، تحليلٌ نشر في مجلة “فورين بوليسي” في 1 /7 /2024 بعنوان “لماذا لا تستطيع البحرية الأمريكية وحلفاؤها إيقاف الحوثيين عند حدهم؟”، ومنه تحليلٌ آخرُ نشر في موقع “ريسبُنوسبل ستيت كرافت” في 29 /8 /2024 بعنوان “لا تزال الحملة العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين غير ناجحة”، ومنه مقالة نشرت في موقع “ذا هيل”، القريب من دوائر الكونغرس في واشنطن، في 30 /6 /2024، بعنوان “الولايات المتحدة تكافح لردع تهديد الحوثيين مع تصاعد الأزمة”، ومنه مقالة خبيثة في “ذا غارديان” البريطانية، في 11 /3 /2024، تدعو إلى تفعيل أدوات يمنية ضد أنصار الله، بعنوان “الغرب لن يتمكن من إيقاف هجمات الحوثيين ما لم يتعاون مع السلطات اليمنية، يقول خبراء”، إلخ…
الجماعة مأزومون بكل ما للكلمة من معنى إذاً، كما الكيان الصهيوني مأزوم من جراء استمرار المقاومة في غزة ولبنان. وإذا كان الضرر من إرباك خطوط الشحن، اقتصادياً، أكبر للشرق الآسيوي وأوروبا مما هو لأمريكا الشمالية، فإن الكيان الصهيوني هو المتضرر الأكبر من الحصار اليمني، وهذا بذاته سببٌ كافٍ أمريكياً، في لحظة “طوفان الأقصى” بالذات، كي يسعى إلى التخلص منه.
كما أن الضرر للولايات المتحدة من فقدان السيطرة على معبر دولي رئيس لا يقتصر على البعد الاقتصادي الذي فاقمه جفاف قناة باناما ردحاً من الوقت، وبالتالي خلق حاجة إلى الشحن عبر قنوات بديلة، بل يجب أن يقيم الضرر، عسكرياً وسياسياً، من منظور هز قدرتها على فرض هيمنتها على المنطقة.
والواقع أن أهم سبب لعدم قدرة الحشود العسكرية الغربية فك الحصار اليمني عن الخطوط الملاحية هو اتساع مساحة الرقعة التي يتوجب على تلك الحشود تغطيتها براً وبحراً، الأمر الذي يترك ثغرات كثيرة يمكن أن ينفذ منها أبطال اليمن. والعقدة المركزية هنا أن تغطية تلك المنطقة بصورة فعالة، والـ 175 ألف كيلومتر مربع في اليمن التي تديرها حكومة صنعاء، يتطلب سحب قوى كبيرة من المحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبي.
تشكل الحشود العسكرية الأمريكية في محيط اليمن إذاً استنزافاً لقدراتها في سياق الصراع الدولي مع الصين وروسيا، أي أن الحصار اليمني خدمهما لأنه يشكل عبئاً على موارد البنتاغون، بحسب ما يقوله الأمريكيون أنفسهم، في حين تبحر السفن الروسية والصينية والهندية والإيرانية بحرية وأمان في الجوار.
أما السفن المتوجهة إلى غير الكيان الصهيوني ودول العدوان، من حوامل الطاقة العربية وغيرها، فلا تستهدفها حركة أنصار الله. والأساس كان تفعيل سلاح النفط والغاز العربيين ضد دول العدوان، لا أن يفرض اليمن ذلك.
يعترف الغربيون بأنهم يعانون من فقر استخباري كبير في اليمن، فحاولوا التعويض عنه بنشر مسيرات MQ-9 التي تستخدم لأغراض التجسس أساساً. لكن اليمنيين أسقطوا نحو دزينة منها حتى الآن، وتبلغ كلفة المسيرة الواحدة منها 30 مليون دولار فقط.
تقول التقارير الغربية إن مخازن حكومة صنعاء مترعة بالصواريخ والمسيرات، وأنها موزعة بطريقة تجعل من الصعب استهدافها، وأن القوات المسلحة اليمنية لا تخوض حرباً تقليدية أعدتها القوى الغربية على مقاسها، بل يكفي أن تستمر باستهداف السفن، ولو أصابت الهدف مرة كل عشرة أو عشرين مرة، حتى تعطل خطوط الشحن.
الحل؟ لا يبدو الغزو البري مستبعداً، مع أنه مطروحٌ على الطاولة، لكنّ غالبية المحللين الغربيين تستبعده، والولايات المتحدة غير معنية بالغرق في احتلال مطول لليمن. وما لمحته بين ثنايا السطور كان إشارات إلى ضرورة أبعاد أنصار الله عن ساحل البحر الأحمر، وهذا يعني فعلياً إبعادهم عن ساحل محافظة الحديدة الذي تسيطر عليه حكومة صنعاء.
من هنا الاستهداف المستمر، كما يبدو، للحديدة محافظةً ومدينةً وميناء، والتركيز الصهيوني عليها تحديداً. وربما يكون ذلك تمهيداً لعملية برية خاصة كبيرة نسبياً على الساحل، مركزها ميناء الحديدة وجواره، لأهميته كمصدر دخل لحكومة صنعاء، وكموقع استراتيجي للإشراف على البحر الأحمر والجزر المجاورة.
مؤلف وأستاذ جامعي فلسطيني