المصافحة بعد الصلاة بدعة أم مستحبة ؟.. حكمها في الشريعة الإسلامية
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الرسمي، عن حكم الإسلام في المصافحة بعد الصلاة، وصحتها هل هي بدعة أم مستحبة .
المصافحة عقب الصلاة
المصافحة عقب الصلاة دائرة بين الإباحة والاستحباب، ولكن لا ينبغي أن يَعتَقِدَ فاعلُها أنها من تمام الصلاة أو سُنَنِها المأثورة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والقائلون بالاستحباب يستأنسون بما رواه البخـاري في "صحيحه" عن أَبي جُحَيْفَةَ رضي الله عنـه قَـالَ: "خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الْبَطْحَاءِ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ،.
قال المحب الطبري (ت: 694هـ): ويُسْتَأْنَسُ بذلك لما تطابق عليه الناس من المصافحة بعد الصلوات في الجماعات، لا سيَّما في العصر والمغرب، إذا اقترن به قصدٌ صالحٌ؛ من تبركٍ أو تودُّدٍ أو نحوه. اهـ.
الإمام النووي
واختار الإمام النووي (ت: 676هـ) في "المجموع" أن مصافحة من كان معه قبل الصلاة مباحة، ومصافحة من لم يكن معه قبل الصلاة سُنَّة. وقال في "الأذكار": [واعلم أن هذه المصافحة مستحبة عند كل لقاء، وأما ما اعتاده الناس من المصافحة بعد صلاتي الصبح والعصر فلا أصل له في الشرع على هذا الوجه، ولكن لا بأس به؛ فإن أصل المصافحة سُنَّة، وكونُهم حافظوا عليها في بعض الأحوال وفرَّطوا فيها في كثير من الأحوال أو أكثرها لا يُخْرِجُ ذلك البعضَ عن كونه من المصافحة التي ورد الشرع بأصلها] اهـ. ثم نقل عن الإمام العز ابن عبد السلام (ت: 660هـ) أن المصافحة عقيب الصبح والعصر من البدع المباحة.
وحول من قال إن المصافحة عقب الصلاة مكروهة
أما ما ذهب إليه بعض العلماء من القول بكراهة المصافحة عقب الصلاة فإنهم نظروا فيه إلى أن المواظبة عليها قد تُؤَدِّي بالجاهل إلى اعتقاد أنها من تمام الصلاة أو سننها المأثورة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومع قولهم بكراهتها فإنهم نَصُّوا -كما نقل ابن علان عن "المرقاة"- على أنه إذا مَدَّ مسلمٌ يدَه إليه ليصافحه فلا ينبغي الإعراض عنه بجذب اليد؛ لما يترتب عليه من أذًى بكسر خواطر المسلمين وجرح مشاعرهم، ودفعُ ذلك مقدَّمٌ على مراعاة الأدب بتجنب الشيء المكروه عندهم؛ إذ من المقرر شرعًا أن "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح".
المصافحة مشروعةوشددت على ذلك: فإن المصافحة مشروعة بأصلها في الشرع الشريف، وإيقاعُها عقب الصلاة لا يُخْرِجُها من هذه المشروعيَّة؛ فهي مباحة أو مندوب إليها -على أحد قولي العلماء، أو على التفصيل الوارد عن الإمام النووي في ذلك- مع ملاحظة أنها ليست من تمام الصلاة ولا من سُنَنِها التي نُقِل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم المداومةُ عليها، وهذا هو الذي لاحظه من نُقِل عنه القولُ بالكراهة؛ فتكون الكراهة عنده حينئذٍ في هذا الاعتقاد لا في أصل المصافحة، فعلى من قلَّد القول بالكراهة أن يُراعيَ هذا المعنى وأن يُراعي أدب الخلاف في هذه المسألة ويتجنب إثارة الفتنة وبَثَّ الفُرقة والشحناء بين المسلمين بامتناعه مِنْ مصافحة مَنْ مَدَّ إليه يده من المصلين عقب الصلاة، ولْيَعْلَمْ أن جبر الخواطر وبَثَّ الألفة وجَمْعَ الشمل أحبُّ إلى الله تعالى من مراعاة تجنب فعلٍ نُقِلَتْ كراهتُه عن بعض العلماء في حين أن المحققين منهم قالوا بإباحته أو استحبابه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المصافحة بعد الصلاة بدعة مستحبة حكمها الشريعة الإسلامية ى الله الله ع
إقرأ أيضاً:
الأمين العام لـ«البحوث الإسلامية»: مفهوم الحوار بالإسلام لم ينسلخ عن مطالبات الفطرة الإنسانية
قال الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن القواعد المحورية الكلية للمؤتمر الذي يعقده الأزهر اليوم، الأحد، بعنوان "الدعوة الإسلامية والحوار الحضاري.. رؤية واقعية استشرافية"، تؤكد أهمية هذا المؤتمر الذي يجسد رؤية الأزهر بكل قطاعاته، لذا حرص مجمع البحوث الإسلامية وكلية الدعوة الإسلامية على التشارك لعقده برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الذي يولي كل الحرص لهذه القضايا المهمة في حياة الشعوب.
وأضاف الجندي خلال كلمته اليوم، الأحد، في المؤتمر الرابع لكلية الدعوة الإسلامية الذي يعقد في مركز الأزهر للمؤتمرات بحضور علماء وقيادات الأزهر ووزير الأوقاف ونخبة من العلماء والقيادات الدينية، أن مجمع البحوث الإسلامية بكل أماناته وإداراته المركزية والفرعية وإصداراته وفعالياته ليعنى عناية واضحة بالدعوة الإسلامية وعظا وإرشادا وإفتاء ونشرا، وقد جاء هذا المؤتمر في وقت انتشرت فيه الصراعات، وشاعت فيه التحديات الإقليمية والعالمية.
وأكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية أن مفهوم الحوار لم ينسلخ في المنظور التشريعي الإلهي عن مطالبات الفطرة الإنسانية، ولم يصطدم بالحقائق الحيوية للكينونة الإنسانية، فالحوار خطاب للوجود كله بمنهج يتناغم مع طبيعة الحياة فيه، وقد ساق البشرية كلها إلى حياة الإلف والإخاء، وأنقذها من عناء التدابير الفكرية المنزلقة إلى نظام حياة الغابة، وحررها بخطوٍ ينبهها من خطر السيكولوجيات المضللة، وتأتي رسالة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لتؤكد وتجدد نداء السماء بعدم المساس بمنهج الله سبحانه، فإنه لا اجتهاد مع النص.
وأوضح الجندي أن خبراء الحوار قد اختصروا الغاية منه في الإسلام في عبارات جزلة يقول الإمام الغزالي في كتاب "الإحياء" عند ذكره لعلامات طلب الحق في الحوار: "أن يكون في طلب الحق كناشد ضالة، لا يفرّق بين أن تظهر الضالة على يده، أو على يد من يعاونه، ويرى رفيقه معينًا لا خصمًا، ويشكره إذا عرفه الخطأ وأظهر له الحق"، وقال الإمام الشافعي: "ما حاورت أحدًا إلا تمنيت لو أن الله أظهر الحق على لسانه وفي ذلك إسقاط للعصبية والتعصب والأنا وفقدان المعيار ونشدان الانتصار".
وبيَّن فضيلته أن منظومة منهاج الحوار في الإسلام واحدة، ومن كانت لهم اليد الطولى في التقعيد للحوار المنطقي العقلي والدعوي وآدابه، استمدوا منهجهم من الإسلام. فنرى منهج الإسلام في الحوار في منهج الإمام أبو حنيفة النعمان وفي منهج الإمام أحمد بن حنبيل. وفي منهج العلامة إمام الحرمين الجويني الذي قال العلامة التاج السبكي في وصفه: «هو الإمام شيخ الإسلام البحر الحبر المدقق، المحقق النظار الأصولي المتكلم، البليغ الفصيح الأديب العلم زينة المحققين إمام الأئمة على الإطلاق عجمًا وعربًا... »، وقد أحدث العلامة طفرة بحواره مع أبي جعفر الهمذاني،وكذلك أخرى حين حاور أبي إسحاق بنيسابور.
وذكر أن منهج الإسلام في الحوار موجود كذلك في منهج العلامة أبي بكر الباقلاني، منهج العلامة أبي حامد الغزالي، وفي منهج العلامة أبي الحسن الفارسي، وفي منهج العلامة عبد الكريم بن محمد الدامغاني، وفي منهج العلامة الإمام أبي عبد الله محمد بن يوسف السنوسي التلمساني، وفي منهج العلامة الإمام البيجوري، وفي منهج العلامة الإمام محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، وفي منهج العلامة أحمد الملوي، وفي منهج العلامة محمد بن عياد الطنطاوي الشافعي، وفي منهج العلامة الإمام المراغي، وفي منهج العلامة الإمام عبد الحليم محمود، وفي منهج العلامة مولانا الإمام الأكبر أحمد الطيب.
وخلص الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية في ختام كلمته إلى أنه من خلال هذه القواعد المسلسلة نرسخ للحوار الدعوي في كنف رؤية محبوكة تضمن الانسجام في المجتمعات تحقيقا لحفظ الضرورات الخمس، ونصوغ رؤية استشرافية مستنبطة من أقسة وقراءات عملية، خصوصا في ظل التحديات الإقليمية والعالمية.