منظمة أطباء بلا حدود شكت من تعرض طاقمها بالمستشفى التركي لمضايقات متكررة داخل المنشأة وفي الشوارع على مدار العام الماضي.

الخرطوم: التغيير

أعلنت منظمة أطباء بلا حدود، الأربعاء، إجلاء فريقها الطبي من المستشفى التركي بالعاصمة السودانية الخرطوم.

وقالت المنظمة إنها أجبرت على إجلاء فريقها من المستشفى التركي بالخرطوم، جراء “سلسلة من الحوادث العنيفة التي عرّضت الطاقم للخطر”.

وتدور معارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15 ابريل 2023م بالعاصمة الخرطوم ومواقع أخرى، واستباحت “الدعم السريع” مؤخراً مناطق جديدة بولايتي الجزيرة وسنار وكردفان، ما أدى لتفاقم أزمة النزوح والتردي الأمني والاقتصادي والصحي والبيئي.

https://x.com/MSF_Sudan/status/1811082350513516873?t=xal6mrXeHvrUXDFQAowszg&s=09

وأوضحت “أطباء بلا حدود” في بيان اطلعت عليه (التغيير) الأربعاء، أن قرار إجلاء فريقها من المستشفى التركي بالخرطوم لم يتم اتخاذه بسهولة، حيث قدمت أطباء بلا حدود علاجا مستمرا ومنقذا للحياة في المستشفى لمدة تقارب 14 شهرا خلال الحرب الجارية في السودان، على الرغم من العديد من العوائق التي قالت إنها “متعمدة” من قبل الأطراف المتحاربة في السودان.

وأشارت إلى تعرض طاقمها العامل في المستشفى التركي لمضايقات متكررة داخل المنشأة وفي الشوارع أثناء الذهاب والإياب إلى العمل على مدار العام الماضي، كما تم تهديد العديد منهم بالاعتقال.

ولفتت المنظمة إلى أن المستشفى التركي كان من قليل المستشفيات التي تمكنت من البقاء مفتوحة عندما تصاعد القتال.

وناشدت “أطباء بلا حدود” الأطراف المتحاربة في السودان بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمرافق الصحية الأخرى.

وذكرت أنه تم إحضار عشرات الجرحى من المقاتلين إلى المستشفى التركي منتصف الشهر الماضي، حيث تم إيقاظ فريق المنظمة “بعنف”، و”أطلقت بنادق كلاشينكوف في غرف نومهم”- وفقا لتصريحات لكلير نيكوليه، رئيسة استجابة الطوارئ لمنظمة أطباء بلا حدود في السودان. والتي وصفت هذا النوع من العنف بأنه “غير مقبول”.

وطالبت رئيسة استجابة الطوارئ باحترام وحماية المستشفيات والمرافق الصحية من قبل الأطراف المتحاربة.

وأواخر ديسمبر الماضي، اضطرت «أطباء بلا حدود»، لتعليق جميع أنشطتها الطبية في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة بسبب تدهور الوضع الأمني.

الوسومالجزيرة الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان المستشفى التركي حرب 15 ابريل 2023م دارفور كردفان منظمة أطباء بلا حدود

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجزيرة الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان المستشفى التركي حرب 15 ابريل 2023م دارفور كردفان منظمة أطباء بلا حدود من المستشفى الترکی أطباء بلا حدود فی السودان

إقرأ أيضاً:

حين يُصبح العطاء عِبئاً

في أعماقنا، نتوق جميعًا لأن نكون كرماء، أن نعطي بلا حدود، لأن العطاء بحد ذاته قوة تربطنا بالآخرين وتجعلنا نشعر بأننا جزء من شيء أكبر. لكن، ماذا لو تحوّل العطاء من فضيلة إلى عبء؟ ماذا لو أصبح هذا العطاء، الذي أردناه تعبيرًا عن الحب والكرم، استنزافًا لذواتنا وضياعًا لحدودنا؟
العطاء الزائد، وإن بدا نبيلاً، يحمل في طياته خطراً يُهمَل ذكره في كثير من الأحيان: خطر فقدان التوازن. يقول الكاتب الأمريكي آدم غرانت في كتابه “Give and Take” إن “العطاء المفرط دون وعي يؤدي إلى استنزاف الشخص تمامًا”، مشيرًا إلى أن المانحين الذين لا يضعون حدودًا غالبًا ما يجدون أنفسهم في دائرة من الاستغلال أو التهميش. إن تقديم كل شيء، دون مقابل أو تقدير، لا يعني فقط أنك تضعف نفسك، بل يعني أيضًا أنك تُعلّم الآخرين أن يأخذوا بلا حساب.
في كثير من العلاقات، يصبح العطاء الزائد من طرف واحد وسيلة لإرضاء الآخرين، على حساب النفس. يحدث ذلك بدافع الخوف من الرفض، أو الرغبة في القبول، أو حتى بسبب ثقافة اجتماعية تُمجد التضحية المطلقة. لكن هنا تكمن المشكلة: التضحية التي لا تُقدر، تتحول مع الوقت إلى إحساس بالخذلان. كما قالت الكاتبة الأمريكية هارييت ليرنر في كتابها “The Dance of Anger”، “العطاء بلا حدود ليس حبًا، بل هو فقدان للذات.”
من المؤلم أن نرى كيف يمكن للعطاء المفرط أن يؤدي إلى اختلال التوازن في العلاقات. تخيل علاقة حيث يُعطي شخص كل ما لديه دون أن يتلقى شيئًا في المقابل؛ هذا النوع من العلاقات يخلق استغلالًا غير مقصود، حيث يصبح الطرف الآخر معتادًا على الأخذ دون تفكير. عندما يُتوقع منك دائمًا أن تكون موجودًا، أن تقدم المساعدة، أن تعطي بلا توقف، يصبح من الصعب رسم حدودك. الحدود هنا ليست قسوة، بل هي حماية لعطائك نفسه. كما تقول الباحثة برينيه براون: “الحدود الواضحة هي فعل حب تجاه النفس وتجاه الآخرين. إنها تعني أنني أهتم بك بما يكفي لأخبرك أين يتوقف عطائي.”
لكن لماذا نقع في هذا الفخ؟ جزء من الإجابة يكمن في مفهوم العطاء نفسه، الذي يُصوره دائمًا كرمز للفضيلة. نحن نكبر مع رسائل تُشيد بالعطاء اللامحدود وتربط التضحية بالسعادة، متناسين أن السعادة تأتي من التوازن، لا من المبالغة. العطاء الذي لا يترك مساحة للاهتمام بالنفس، والذي يُمارس دون وعي، يُصبح نقمة. العطاء الحقيقي لا يعني أن تُرهق نفسك من أجل الآخرين، بل أن تشارك معهم من وفرة نفسك، لا من استنزافها.
في بعض الأحيان، يكون قول “لا” أقرب إلى العطاء مما نعتقد. قول “لا” يعني أنك تحترم وقتك، طاقتك، واحتياجاتك. يعني أنك تضع قيمة حقيقية لعطائك، فلا يصبح شيئًا يُؤخذ كأمر مسلم به. تقول الكاتبة شيريل ريتشاردسون في كتابها “The Art of Extreme Self-Care”:: "عندما تقول ‘نعم’ للآخرين طوال الوقت، فإنك تقول ‘لا’ لنفسك.”
لكن، كيف نحافظ على التوازن؟ المفتاح يكمن في الوعي الذاتي. اسأل نفسك: لماذا أعطي؟ هل هو بدافع الحب والكرم؟ أم أنني أعطي لأشعر بالقيمة أو لتجنب الرفض؟ إدراك دوافعك هو الخطوة الأولى نحو عطاء صحي. الخطوة التالية هي تعلم وضع حدود واضحة. الحدود ليست حاجزًا أمام العطاء، بل هي ضمانة لأن يكون عطاؤك حقيقيًا ومستدامًا.
العطاء قيمة عظيمة، لكن قيمته تتضاءل عندما يصبح عبئًا. التوازن هو الحل، ذلك الخط الدقيق بين أن تعطي بسخاء، وأن تحفظ نفسك من الإنهاك والاستنزاف. كما قال الكاتب والفيلسوف البريطاني آلان واتس: “لا يمكنك صب شيء من كوب فارغ. امتلئ أولاً، ثم اعطِ الآخرين مما يفيض عنك.”
تذكّر دائمًا: العطاء الحقيقي يبدأ من عطائك لنفسك. أن تكون كريمًا مع ذاتك، أن تحترم وقتك وطاقتك، هو الأساس الذي يُبنى عليه أي عطاء للآخرين. فلا تجعل من نفسك شعلة تحترق لتضيء الطريق للآخرين، بل اجعلها نورًا مستدامًا يضيء الطريق للجميع، بمن فيهم أنت.

مقالات مشابهة

  • خالد يوسف: انتهاكات الجزيرة تعيد ذكريات الماضي
  • سليمان: الوقاحة الاسرائيلية لا حدود لها
  • هجوم مسلح يجبر أطباء بلا حدود على تعليق أنشطتها
  • "أطباء بلا حدود" تعلق عملياتها في مقاطعتين بجنوب السودان
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع 12.000 كرتون من التمر في ولاية الخرطوم
  • شبكة أطباء السودان: الدعم السريع تقتل 11 شخصاً في هجوم على قرية بولاية الجزيرة
  • إجلاء آلاف الأشخاص بسبب ثوران بركان جبل إيبو في إندونيسيا
  • إجلاء آلاف الأشخاص بسبب ثوران بركان في إندونيسيا
  • عثمان جلال: مالك عقار هذه مساهمتنا في مشروع النهضة السودانية
  • حين يُصبح العطاء عِبئاً