لينا الموسوي
"الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق" (حافظ إبراهيم).
هذا البيت الشعري درسته في الصغر وسمعته يتردد على أفواه الكبار، فبهذه الكلمات التي أصبحت ماضياً قديماً، ترسخت في عقول وقلوب أجيال خلال مسيرة حياتهم.
الأم التي أوصى الله تعالى في أكثر من آية قرآنية على بطاعتها واحترامها وحبها، الأم التي تحمل وترضع وتكبر وتزوج لتستمر مسيرة الحياة.
لكن للأسف الشديد نجد أن ماهو شائع من اهتمامات لبعض الأمهات يكمن في متابعة وتعلم المعلومات السطحية التي قد تكون بعيدة كل البعد عن تطوير الذات، وهذا يؤدي بدوره إلى الجهل الشديد في معرفة الأسلوب التربوي الحديث الصحيح الذي يستوعب مشكلات الأبناء في الوقت الحاضر؛ فالتربية لا تعني وجود الأم جسديًا داخل المنزل أو توفير الوجبات الغذائية وإعطاء الإرشادات والأوامر بحكم منصب الأمومة إلى الأبناء أو بتوفير الأجهزة النقالة للتسلية والبحث واللعب وإنما في اعتقادي هي أهم عنصر إداري داخل المنزل وقد يكون خارجه أيضا للأم دور في التوجيه الصحيح المتكامل منذ نشأة الطفل إلى آخر العمر، فكل منَّا يحتاج وجود الأم بكل حالاتها.
وللأم أهمية كبيرة ومهمة جدا في إعداد أبناء أصحاء نفسيا وجسديا، أبناء ناجحين يتحلون بأسس سليمة ثابتة تساعدهم على مقاومة رياح الحياة.
ولأمهاتنا السابقات أدوار مهمة تذكر في مختلف المجالات وذلك يعود إلى بساطة المجتمعات والترابط المجتمعي الذي كان يساعد في إعداد الأم وتربية الأبناء حيث كانت أمهاتنا وما زلن يبذلن قصارى جهودهن في توجيه الأبناء وأحيانا الأحفاد على مختلف ثقافاتهم الدينية أو العلمية أو حتى الاجتماعية.
لكن بعد تطورات الحياة وتعلم النسبة الأكبر من الأمهات الشابات والاختلاط بالعوالم المختلفة نجد أن هناك ضعفا كبيرا في توجيه الأبناء منذ الصغر وضعف الاهتمام في التزود بالثقافة اللازمة التي يجب أن تتزود بها والتي تساعدها على إدارة الأسرة وهذا في الحقيقة ليس بالشيء المستحيل، حيث يمكن الحصول على العلوم والمعرفة من المصادر الرئيسية التي تغذي أفكارها وتنميها عن طريق التلفزيون أو الجهاز النقال أو برامج التواصل الاجتماعي إضافة إلى التعرف على النشطات المؤسسية المختصة في هذا المجال في حالة إذا كانت مستعدة فكريا وروحيا للتعلم ومحاولة تدريب اهتماماتها ونفسها تدريجيا في تطبيق وممارسة ذلك في مسيرة حياتها.
إنَّ اهتمام الأم بتطوير الذات في الوقت الحاضر أصبح من العوامل المهمة جدا، فالعالم في حركة سريعة والانفتاح على مختلف المجتمعات وتعلم مختلف الثقافات أصبح طبيعيا جدا، لذلك يجب عليها أن تتقن مهارات التعامل مع الأبناء منذ طفولتهم وعدم الاستهانة بما قد يحدث بسبب ضعف المهارة التربوية؛ حيث إن هناك مشكلات تربوية قد استجدت في السنوات الأخيرة وأهمها مثلا تحديد حركة الطفل بإعطائه الأجهزة النقالة للعب التي بدورها تغذي عقولهم بمعلومات إيجابية وسلبية وتقلل وتحد من حركتهم ونشاطهم إضافة إلى تقليل مهاراتهم وعدم رغبتهم واقتناعهم بالألعاب الملموسة أو الأشياء البسيطة التي تقدم إليهم.
للعب مع الأطفال أهميات متنوعة؛ حيث إنه يقوي علاقة الأبناء مع الآباء وخصوصا الأم فيزيد من بناء الحب العميق المترابط بينهما وتعلم وتحسس الأشياء الملموسة كالألعاب والألوان والصفات المحسوسة كالتحاور والتعاون والصبر والمناقشة والتفكير المشترك.
لذلك أحبائي على كل أم محبة لابنائها أن تسعى جاهدة لتطوير مهاراتها ومعلوماتها والنزول إلى مستوى أولادها وتطوير مهاراتهم ومستقبلهم وزرع حدائق حب مليئة بأشجار مثمرة ذات جذور عميقة لا تؤثر عليها أي رياح قوية عاصفة، وزهور جميلة يتمتع بالنظر إليها الآباء، بدلًا من بناء حواجز عالية تحجب عنهم الأنظار وتصعب مسيرتهم الحياتية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وفاة ملكة تايلاند الأم سيريكيت عن 93 عاما
بانكوك-رويترز
مكتب البلاط الملكي التايلاندي اليوم السبت إن ملكة تايلاند الأم سيريكيت، التي أضفت بريقا وأناقة على النظام الملكي في البلاد بعد الحرب، توفيت عن عمر يناهز 93 عاما.
غابت سيريكيت عن المشهد العام منذ إصابتها بجلطة دماغية في عام 2012.
كان زوجها، الملك بوميبون أدولياديج، أطول ملوك تايلاند حكما، حيث قضى 70 عاما على العرش منذ عام 1946. وكانت إلى جانبه في معظم تلك الفترة، وكسبا قلوب الشعب التايلاندي بأعمالهما الخيرية.
وعندما سافرا إلى الخارج، جذبت أنظار وسائل الإعلام العالمية أيضا بجمالها وذوقها المتميز في الأزياء.
وخلال زيارة لها إلى الولايات المتحدة عام 1960 تضمنت عشاء رسميا في البيت الأبيض، وصفتها مجلة تايم بأنها "رشيقة" و"أنيقة".
وُلدت سيريكيت كيتياكارا في عام 1932، وهو العام الذي انتقلت فيه تايلاند من الملكية المطلقة إلى الملكية الدستورية، وكانت ابنة سفير تايلاند في فرنسا وعاشت حياة ثرية ومتميزة.
وأثناء دراستها للموسيقى واللغة في باريس، التقت بالملك بوميبون الذي قضى فترة من طفولته في سويسرا.
وقالت في فيلم وثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) "كان كرها من النظرة الأولى"، مشيرة إلى أنه وصل متأخرا إلى لقائهما الأول. وأضافت "ثم كان الحب".
قضى الزوجان بعض الوقت معا في باريس وتمت خطبتهما في عام 1949. وتزوجا في تايلاند بعد عام عندما كانت تبلغ من العمر 17 عاما.
تعاونت سيريكيت، التي تميزت دائما بأناقتها، مع مصمم الأزياء الفرنسي بيير بالمان في تصميم أزياء تخطف الأنظار مصنوعة من الحرير التايلاندي. ومن خلال دعمها للحفاظ على حرف النسيج التقليدية، يرجع إليها الفضل في المساعدة في تنشيط صناعة الحرير في تايلاند.
وعلى مدى أكثر من أربعة عقود، سافرت مرارا مع الملك إلى القرى التايلاندية النائية، حيث كانت تروج لمشروعات تنموية لصالح الفقراء في الريف، وكانت أنشطتها تبث على الهواء ليلا في النشرة الملكية في البلاد.
وفي عام 1976، أصبح يوم ميلادها الموافق 12 أغسطس آب، يوم عيد الأم وعطلة وطنية في تايلاند.
خلف ابنها الوحيد، الملك الحالي ماها فاجيرالونكورن، المعروف أيضا باسم راما العاشر، الملك بوميبون بعد وفاته في عام 2016، وعند تتويجه في عام 2019، أصبح لقب سيريكيت الرسمي هو الملكة الأم.
وبشكل رسمي، يسمو النظام الملكي فوق السياسة في تايلاند التي هيمنت الانقلابات والحكومات غير المستقرة على تاريخها الحديث. ومع ذلك، في بعض الأحيان، تدخل أفراد العائلة المالكة بمن فيهم سيريكيت أو اتخذوا إجراءات يُنظر إليها على أنها سياسية.
وسيذكرها الكثير من التايلانديين لعملها الخيري ورمزا لفضيلة الأمومة.
وللملكة سيريكيت أربعة أبناء هم الملك ماها وثلاث بنات.