فلسطين: التغريبة والملحمة والخيار المر..
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
يقف العربي الفلسطيني في مواجهة (طوفان الشر) العربي والإسلامي والدولي، استغلالا لـ(طوفان الأقصى) التي كانت بالنسبة للعربي الفلسطيني خياراً وقدراً بعد أن بلغ السيل الزبى، وبعد قرابة قرن من الزمن عاشه العربي الفلسطيني تائهاً تتقاذفه الأقدار من تغريبة إلى أخرى، ومن نكبة إلى نكبة، ومن كنف مؤامرة العدو إلى مؤامرة الأخ القريب والصديق البعيد، عقود من الزمن عاشها العربي الفلسطيني بحثا عن وطنه وعن أرضه وداره ودار أجداده حاملا مفاتيحها على الرقاب يتداولها كابرا عن كابر.
هذا الفلسطيني الذي يستمد قدراته من شجرة الزيتون التي تقاوم التجذر بالتطلع وهذا الفلسطيني يقاوم اليوم الباطل بالحق والاحتلال بالإرادة والقوة بالعزيمة، يقاوم المخرز بالعين وينسج ملحمة بطولية أسطورية رغم قدراته المتواضعة مقابل قدرات أعدائه والمتآمرين عليه!
لم يخرج في 7 أكتوبر الماضي بحثاً عن فعل من ترف أو بهدف تسجيل موقف في سياق الفعل السياسي المتراكم، بل خرج تعبيرا عن رغبة جامحة تستوطن وجدان هذا الشعب بكل مكوناته وشرائحه وطبقاته الاجتماعية، وبكل أطيافه في الداخل المحتل وفي الداخل المحاصر وفي بلدان الشتات، خرج هذا الشعب مصمما على وضع حد للاحتلال والمعاناة والقهر والقتل والاعتقال والحصار والتهجير ومن أجل إنهاء كل هذه المعاناة كانت 7 أكتوبر وكانت طوفان الأقصى التي قوبلت بطوفان عالمي وبتآمر عربي وإسلامي و دولي، في معركة غير متكافئة، معركة غير أخلاقية، وغير قانونية وغير إنسانية، معركة لم تُسقط فقط أسطورة العدو ولم تنسف هيبته ولم تذل كبرياءه الزائف، بل أسقطت طوفان الأقصى قيم وأخلاقيات النظام الدولي وإنسانيته وكشفت عوراته وأظهرته عارياً حتى من بقايا أوراق التوت التي كانت تستر عوراته وتجعل الناس على سطح المعمورة تصدق أكاذيبه ومزاعمه وعدالته الغائبة..!
اليوم يدفع العربي الفلسطيني ثمن حريته وحرية وطنه دماً ودموعاً وأجساداً تمزقها آلة الحرب الصهيونية بهويتها الكونية، آلة موت ودمار وحقد وكره عنصرية، تصب حممها على أجساد الأطفال والشيوخ والنساء، تدمر المساجد على رؤوس المصلين والكنائس على رؤوس المؤمنين، وتهدم المستشفيات على أجساد المرضى والجرحى والأطفال (الخدج) والأطفال الجرحى، وتهدم المدارس والجامعات والمعاهد على رؤوس الطلاب..!
كل هذا الإجرام والتوحش والموت والتهميش والقهر المنظم يواجهه الشعب العربي الفلسطيني منذ قرن من الزمن، نعم منذ قرن ووطنه تتنازعه الأطماع الاستعمارية بصورة مباشرة عن طريق الصهاينة وأخرى غير مباشرة بصورة حلفاء الصهاينة وبينهما مؤامرات الأخوة والأصدقاء المفترضين الذين اتخذوا من فلسطين (بازار) للمساومة وتوظيفها لتحقيق مصالحهم القذرة التي تبقيهم على كراسيهم وعروشهم، والباقية طالما بقت فلسطين تحت نير الاحتلال ورأس حربة للحفاظ على المصالح الاستعمارية..!
إن ملحمة فلسطين اليوم هي ملحمة الخلاص، ملحمة تجميع الشتات الفلسطيني، ملحمة إنهاء التغريبة وإنهاء رحلة (الكعب الدائر) التي يعيشها العربي الفلسطيني منذ قرن يطوف خلالها الكرة الأرضية بحثا عن ذاته وعن طريق تخليص وطنه من طغيان الاحتلال ومن تأمر القريب والبعيد وخيانة الأخ والصديق ووحشية المحتل وإجرام الاستعمار..!
إن طوفان الأقصى هي معركة المصير والخيار الحتمي، وإن كان هذا الخيار مسكوناً بالمرارة جراء الجرائم الوحشية والقتل والدمار والحصار والتجويع والتنكيل بالبشر والشجر والحجر، ومع ذلك هي معركة الحق الذي طال انتظاره، وطالت الطريق الوعرة إليه، الطريق الذي وضعت فيها الحواجز والأسلاك الشائكة والحفر والمطبات والحفر، بهدف عدم وصول العربي الفلسطيني إلى حقه الشرعي وإلى السابع من أكتوبر الذي أذهل العالم وهز أركان المعمورة، ليواجه العربي الفلسطيني مصيره رافضا فكرة الركون على الأخ والصديق وعلى القانون الدولي والنظام الدولي والقيم والأخلاقيات الدولية الزائفة..
نعم لم يكن أمام العربي الفلسطيني إلا أن يفجر معركة الطوفان حتى وإن واجه طوفان العالم لم يعد يكترث به ولم يعد يحسب لأي رد فعل لا يعترف بحقوقه في استعادة وطنه والخلاص من الاحتلال رغم أنفه وأنف حُماته وأنف المتآمرين عليه عرباً كانوا أو عجماً.
إن طريق طوفان الأقصى هي طريق الخلاص والحرية والتحرير والدولة والأرض التي ارتوت بدماء أبنائها وبدموعهم سقوا شجرة الخلد، شجرة الزيتون التي ستبقى عنوان الشعب العربي الفلسطيني وهويته وأهم وثيقة تثبت ملكية الشعب العربي في فلسطين لوطنه فلسطين ومقدساته الإسلامية والمسيحية..
الخلاصة إن طوفان الأقصى معركة لها ما بعدها لكن الأجمل فيها أنها أيقظت الضمير العالمي من ناحية وكشفت ازدواجية النظام الدولي، كما كشفت خيانة وتآمر العرب والمسلمين وكشفت وحشية الاحتلال وأسقطت زيف أساطيره وخداعه للرأي العام وخاصة في الغرب الذي تعرض لحالة انفصام بين الأنظمة والشعوب، وهذا أجمل ما في طوفان الأقصى التي أحدثت في سياق القضية ما لم يحدث في سياقها منذ مائة عام.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
أخّر “طوفان الأقصى” نصف ساعة.. الضيف تفّوق استخبارياً على إسرائيل
الثورة / وكالات
أظهر تحقيق كشفت عنه وسائل إعلام عبرية التفوق الاستخباري لمحمد الضيف، القائد الراحل لـ”كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس” الذي قالت إنه أخّر انطلاق هجوم “طوفان الأقصى” لمدة نصف ساعة لحين التأكد من عدم جاهزيّة الجيش الإسرائيلي.
ووفق القناة 12 العبرية، فإن الضيف “خطط لتنفيذ هجوم 7 أكتوبر عند الساعة السادسة صباحا، إلا أنه أجّل العملية بعدما لاحظ غيابا واضحا للقوات الإسرائيلية في المنطقة، مثل الطائرات المسيرة والدبابات، مما أثار شكوكه في أن يكون الأمر مجرد خدعة عسكرية إسرائيلية”.
وأضافت القناة في تقرير نشر أمس الأول الخميس: “وبعد مرور نصف ساعة، وبعد أن تأكد من خلو المنطقة من القوات الإسرائيلية، أصدر محمد الضيف الأمر المباشر لعناصر النخبة (لدى حماس) بتنفيذ الهجوم”.
ووفق القناة العبرية، تستند التحقيقات إلى “معلومات أدلى بها أسرى من عناصر النخبة التابعين لحماس، الذين أكدوا أن محمد الضيف كان على اتصال مباشر معهم خلال التخطيط للهجوم، وأن العملية لم تكن لتُنفذ في ذلك التاريخ دون موافقته المباشرة”.
وقالت إن نتائج التحقيقات “عرضت على الرقابة العسكرية الإسرائيلية منذ شهرين ونصف، ولم يُسمح بنشرها إلا مساء الأربعاء”.
بدورها، أشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أمس الجمعة، إلى أن “الضيف فكر بعد الساعة الخامسة من فجر يوم 7 أكتوبر 2023م في تجميد الهجوم المخطط له”.
وقالت إن “الضيف المهووس بأمن المعلومات كان يسأل عمّا يدور ويحدث على الجانب الإسرائيلي” للتأكد من عدم جاهزيته للهجوم.
ووصفت الصحيفة هذه اللحظة من أكثر اللحظات دراماتيكية التي تم الكشف عنها في إطار التحقيقات التي يجريها الجيش الإسرائيلي في الأسباب التي أدت إلى الفشل الذريع في التصدي لهجوم 7 أكتوبر.
وعن مصدر تلك المعلومات، لفتت إلى أن مصادر بارزة في “حماس” أبلغت ذلك لشخصية بارزة في الدول التي توسطت في صفقة الرهائن ونقلتها بدورها إلى الجانب الإسرائيلي.
ووجهت الصحيفة انتقادات إلى أجهزة الأمن الإسرائيلية لإخفاقها في كشف الهجوم ووصفت ما جرى بـ “الإهمال”.
وأضافت أن “الأداة السرية”، وهي الوسيلة التكنولوجية التي تستخدمها الاستخبارات للوصول إلى أسرار حماس، لم تعمل بشكل سليم، ولم تقدم أي تحذير بشأن الهجوم”.
من جهة ثانية، قالت هيئة البث الإسرائيلية، أمس الجمعة: “كشف سلاح الجو في أحدث إصدارات مجلته أن محمد الضيف قُتل في غارة جوية باستخدام ثماني قنابل أُطلقت من طائرات من طراز F-35”.
وأضافت: “أن هذه كانت المحاولة التاسعة لاغتياله، إلا أنها كانت الناجحة”.
آخر محاولة لاغتياله أعلنتها إسرائيل كانت في 13 يوليو/ تموز 2024، حين شنت طائرات حربية غارة استهدفت خيام نازحين في منطقة مواصي خان يونس جنوب غزة، التي صنفها الجيش الإسرائيلي بأنها “منطقة آمنة”، ما أسفر عن استشهاد 90 فلسطينيا، معظمهم أطفال ونساء، وإصابة أكثر من 300 آخرين.
وبدأ الضيف نشاطه العسكري أيام الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حيث انضم إلى حماس في 1989م، وكان من أبرز رجالها الميدانيين، فاعتقلته إسرائيل في ذلك العام ليقضي في سجونها سنة ونصفا دون محاكمة بتهمة “العمل في الجهاز العسكري لحماس”.
وأوائل تسعينيات القرن الماضي، انتقل الضيف إلى الضفة الغربية مع عدد من قادة “القسام” في قطاع غزة، ومكث فيها مدة من الزمن، وأشرف على تأسيس فرع لـ”كتائب القسام” هناك.
وفي عام 2002م، تولى قيادة “كتائب القسام” بعد اغتيال قائدها صلاح شحادة.
يُذكر أنه في 7 أكتوبر 2023م، هاجمت حماس 22 مستوطنة و11 قاعدة عسكرية بمحاذاة غزة، فقتلت وأسرت إسرائيليين؛ ردا على “جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى”، وفق الحركة.
ووصف مسؤولون سياسيون وعسكريون وأمنيون إسرائيليون هجوم “حماس” (طوفان الأقصى) بأنه مثّل “إخفاقا” سياسيا وأمنيا وعسكريا واستخباريا.