الخطأ الأمريكي في اليمن ودور الأمّة
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
اليمن الذي أباحَ الإمبراطورية الأعظم في التاريخ لأمةٍ مستباحة، أمةٌ استباحتها كل الأمم، وهي مستكينةٌ وادعةٌ إلّا على نفسها، تطعنُ نفسها في الظهر مرةً وفي القلب مرة، وتفقأ عينها مرةً وتسمل جفنها مرة. اليمن الذي جعل من الإمبراطورية الأعظم فرارةً بأساطيلها وحاملات طائراتها، ولا تعرف صدًّا للبأس اليمانيّ، هذا اليمن يكظم غيظًا أمام جارٍ لدودٍ هش، لا يعرف عن الحروب إلّا استئجار المرتزقة.
اليمن الذي عاجَل العالم بالضربة القاسيةِ نصرةً لفلسطين وغزة، اصطبر على أذى العالم ومخلبه السعودي عقدًا من الزمن، لم يستهدف سفينةً سعودية تجارية، وظل البحر الأحمر ممرًا آمنًا للسعودية ونفطها وبواخرها.
وبعد ما يزيد على العامين من الاتفاق على خارطة طريق وتهدئة، ما زالت السعودية تماطل، بفعل القرار الأمريكي، لأنّ العدوان بالأصل أمريكي صهيوني، وما فِعل السعودية وما عُرف بالتحالف الإسلامي إلّا الصيغة المعرّبة المؤسلَمة من العقيدة الصهيونية عن “إسرائيل” الكبرى، المتمددة جغرافيًا والمتسيّدة سلطويًا على عروش المنطقة.
وما يزيد كذلك عن تسعة أشهر من انطلاق طوفان الأقصى، والمساندة اليمنية لغزة وشعبها ومقاومتها، والسعودية ما تزال تحاول عرقلة كل جهود الإسناد وإفراغها من محتواها، وكل ذلك بأوامر أمريكية لمصالح “إسرائيلية”، من جسر الإسناد البري للكيان، بكل ما يحتاجه من سلع، مرورًا بشيطنة الإسناد اليمني لفلسطين باعتباره عرقلةً للملاحة الدولية، وصولًا إلى محاولات الإلهاء عبر افتعال الأزمات والاستفزاز حد العسكرة.
بأوامر أمريكية تحاول السعودية لعب دور كيس الرّمل دفاعًا عن “إسرائيل”، من خلال استفزاز اليمن لاستجرار ردودٍ عسكرية، وبالتالي الانشغال في معركةٍ بعيدة عن طوفان الأقصى، وهذا في الوقت الذي تلعب فيه دور كيس الرّز لكل من أراد سوءًا بمصير الكيان والهيمنة الأمريكية.
ولكن السعودية التي لا تتصرف عن عقلٍ سعودي، بل عن عصا أمريكية، لا تفهم أنّ استهداف اليمن لها ليس حربًا بعيدةً عن طوفان الأقصى، بل هي في القلب منها، حيث أنّ السعودية بنظامها القائم جزءٌ من تحالف العدوان ماديًا ومعنويًا على غزة، وأن توجيه الصفعات لها من اليمن، هو خدمةٌ لكل المنطقة ولكل شعوبها بما فيها الشعب الحجازيّ.
ويجب على الإدارة الأمريكية، ألّا تجعل من السعودية كيس رملٍ أمام اليمن، لأنّ هذا سيبدو خيار العاجز أولًا، كما سيكون خيارًا سريع العطب ثانيًا، لأنّ اليمن بأنصاره أثبت امتلاكه لقدراتٍ استخبارية وتكنولوجية هائلة، قادرة على رفد قدراته العسكرية الهائلة، خصوصًا الصاروخية منها والجوية، حد عجز الأساطيل الأمريكية عن ردعها ماديًا ومعنويًا، بل اضطرارها لمغادرة البحر الأحمر الذي أصبح بحيرةً يمنية، بعد أن كان العدوان السعودي على اليمن، يريد له أن يكون بحيرةً “إسرائيلية”.
إنّ أفضلّ خيارٍ للولايات المتحدة هو تجنيب السعودية هذا المنزلق العسكري مع اليمن مجددًا، خصوصًا أنّ غضبة السيد عبدالملك الحوثي كانت باديةً في خطابه الأخير بمناسبة غرّة محرم، كما لم تتبدَّ من قبل، حين قال “البنك بالبنك والمطار بالمطار”، لأنّ من أخرج إيزنهاور من البحر الأحمر، أيسر بالنسبة له إخراج مطار الرياض عن الخدمة، وجعل بنوكها مراتع للأشباح والفئران أكثر يسرًا.
يجب أن نقف بإجلالٍ كبير، أمام أولئك الواثقين بأنفسهم الذين يعتقدون بالقطع أنّهم أوتوا الكثير من نباهة البصيرة، ويعرفون كيف يخاطبون العالم، ولا تطيش عقولهم بالمديح، ولا تهتز أركانهم بالشيطنة والانتقادات، لذا علينا كأمةٍ واحدة، أن نصنع من اليمن مثالًا نقتديه، وفي ذات الوقت من السعودية نموذجًا نتجنبه، مهما ظنَّت أنّ نجابتها تُحتذى، ويجب أن يشعر الكثيرون بالندم، لأنّهم منذ عقدٍ من الزمن، كانوا في خندق “إسرائيل”، تحت رايةٍ تحمل شعار التوحيد.
*موقع العهد الاخباري
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
حكومة إسرائيل تؤجل تشكيل لجنة للتحقيق في طوفان الأقصى
قررت الحكومة الإسرائيلية في ختام اجتماعها الأسبوعي تأجيل اتخاذ قرار بتشكيل لجنة تحقيق بشأن إخفاقات هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفي ذلك اليوم، هاجمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قواعد عسكرية ومستوطنات بمحاذاة غزة، فقتلت وأسرت إسرائيليين ردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى، وفق الحركة.
وشهد الاجتماع مشادات بين الوزراء والمستشارة القضائية جيلي بهاراف ميارا التي قالت إنه تم الالتزام أمام المحكمة الجنائية الدولية بتشكيل لجنة تحقيق رسمية مستقلة لا حكومية.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن تشكيل اللجنة يجب أن يحظى بالإجماع وإن إسرائيل في خضم معركة تاريخية لم تنتهِ بعد ولها تأثير هائل على مستقبل وأمن إسرائيل.
وجاءت النقاشات بعد أمر من المحكمة العليا الإسرائيلية ألزم الحكومة بعقد الجلسة بعد التماسات قُدمت إليها لإلزام الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية ومستقلة وهو ما رفضه نتنياهو الذي يسعى للاكتفاء بتشكيل لجنة حكومية.
عريضة لبيدفي غضون ذلك، وقّع زعيم المعارضة يائير لبيد، اليوم الاثنين، عريضة لإنشاء لجنة تحقيق رسمية في أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكشف المسؤولين عن الإخفاق في منع حدوثها أو التنبؤ بها.
إعلانوذكرت قناة الكنيست، على موقعها الإلكتروني، أن لبيد وقّع عريضة يدعو من خلالها إلى إنشاء لجنة تحقيق حكومية في الأحداث التي أدت إلى طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وأفادت أن لبيد أعلن عن حملة توقيعات على مستوى إسرائيل يشارك فيها حزب "يوجد مستقبل" إلى جانب منظمات المجتمع المدني، للدعوة لإنشاء لجنة تحقيق حكومية في أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية عن لبيد، اتهامه للحكومة بأنها "فعلت ما في وسعها لدفن لجنة التحقيق الحكومية في أحداث 7 أكتوبر"، وأكدت أن زعيم المعارضة يدعو الإسرائيليين إلى الانضمام للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في تلك الأحداث.
بدوره، قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في مؤتمر صحفي إنّه "يؤيد إجراء تحقيق" في أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، "الذي يعتبر اليوم الأكثر دموية" في تاريخ إسرائيل، لكنّه لا يريد منح المحكمة العليا أي مسؤولية بهذا الشأن لأنّه "لا يثق" بها.
وبناء على مطالبة أقارب ضحايا وأسرى لدى حماس في قطاع غزة ومنظمات غير حكومية بتشكيل لجنة تحقيق وطنية في أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أمرت المحكمة العليا في 11 ديسمبر/كانون الأول الحكومة بالاجتماع خلال 60 يوما لمناقشة مدى صوابية تأليف مثل هذه اللجنة.
ومنذ هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تواجه المؤسسات الأمنية والعسكرية والسياسية والاستخبارية في إسرائيل، اتهامات بالفشل في التنبؤ به أو عدم التعامل بمسؤولية مع معلومات استخبارية حوله، إضافة إلى سوء إدارة الأزمة عند وقوعها.
وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، ويتم خلال الأولى التفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.
إعلان