“ناشيونال إنترست”: نظام كييف عند مفترق طرق.. إنهاء الحرب أو المخاطرة بالهزيمة
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
الجديد برس:
أكدت مجلة “ذا ناشيونال إنترست” الأمريكية، أنه لا يوجد أي مسار، “يمكن لأوكرانيا من خلاله إلحاق هزيمة عسكرية صريحة بروسيا في المستقبل المنظور”.
وبحسب المجلة، فإن روسيا أكبر من أن تتمكن أوكرانيا من هزيمتها، “وذلك لامتلاكها موارد جيدة ورجال أكفاء”.
ومع ذلك، إذا تم التعامل بمهارة، فقد يتم في بعض الأحيان “تحويل الهزائم التكتيكية التي تلحق بخصم أضعف، إلى نجاح استراتيجي”، في ما تمثل الخطة التالية مثل هذه الفرصة.
وعددت “ذا ناشيونال إنترست”، نقاط القوة التي تمتلكها روسيا، والتي تتمثل بوجود كميات هائلة من الموارد الطبيعية، والعديد من الحلفاء الحيويين الذين يمكنهم توفير المواد الحربية، وقاعدة صناعية عسكرية كبيرة ومتوسعة، وأكثر من 3 أضعاف عدد الرجال في سن الخدمة العسكرية عن أوكرانيا.
ومن الناحية التاريخية، تكبّدت روسيا معدلات مروعة من الضحايا طوال حروب متعددة، وما زالت “تحافظ على الدعم العام”.
وفي اللغة العسكرية، يشير مصطلح “مركز الثقل” إلى “السمة أو القدرة أو الموقع الذي تستمد منه القوات المعادية والصديقة حرية العمل والقوة البدنية أو الإرادة للقتال”.
ويرتكز مركز الثقل في روسيا، وفقاً للمجلة، على ركيزتين أساسيتين: قدرتها على شن الحرب فعلياً (القوى البشرية، والأسلحة، والذخيرة، والقدرة الصناعية) لفترة طويلة، والدعم السياسي من جانب سكانها.
وبدون هذين الأمرين، “لن يتمكن” الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من “خوض حرب أو الفوز بها”.
ومن أجل انتزاع أي نجاح استراتيجي من روسيا، سوف يتعيّن على أوكرانيا أن “تزعزع” توازن مركز الثقل الروسي بما يكفي، من أجل إجبار بوتين على قبول نتيجة أقل من المرغوب فيها، علماً أن هذا الأمر سوف يكون في “غاية الصعوبة”.
وأشارت المجلة إلى أن الهدف الاستراتيجي الرئيسي لروسيا، يتلخص في “الحد من التهديد التقليدي على حدودها الغربية، إلى مستوى يمكن إدارته”، لافتةً إلى أن موسكو مقتنعة بأن وجود حلف شمال الأطلسي “الناتو” على حدودها في أوكرانيا يمثل “تهديداً وجودياً”، وهي على استعداد لدفع أي ثمن مالي أو سياسي من أجل تحقيق هذا الهدف.
أما الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، فيتعيّن عليه أن يحافظ على القدرة على شن الحرب على مدى فترة من الزمن، والدعم السياسي المحلي، والمساعدة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية الدولية. وبدون أي من هذه المكونات (وخاصة المكون الثالث)، “لن تتمكن أوكرانيا من الفوز”، بحسب ما ذكرت “ذا ناشيونال إنترست”.
كما أشارت إلى أن روسيا تمتلك ثروة من الموارد الطبيعية في مختلف أنحاء البلاد، فضلاً عن القدرة الصناعية المحلية التي تمكنها من الاستمرار إلى ما لا نهاية تقريباً، في حالة اندلاع حرب، أما أوكرانيا، فتعاني من قيود شديدة على إمداداتها من الموارد الطبيعية.
وبدون الدعم المادي والدبلوماسي الهائل والمستدام من بقية العالم، “لن تتمكن” أوكرانيا من خوض معركة استنزاف طويلة الأمد. وحتى مع هذا الدعم الخارجي، فقد “لا تتمكن كييف من الفوز” بسبب نقطة ضعفها الأكثر أهمية: القوى العاملة.
وأوضحت أن القوة البشرية العسكرية، لا تعني ببساطة عدد الأفراد الذين تستطيع دولة ما أن تجندهم في الجيش، بل عدد المهنيين المدربين الذين تستطيع الدولة تعبئتهم في وحدات قتالية منظمة وفعالة.
وألقت المجلة الضوء على دراسة حديثة أجراها معهد الخدمات المتحدة الملكي، مفادها أن المدنيين الذين “يتلقون دورات تدريبية مدة 3 أشهر، ثم يُطلَب منهم أن يؤدوا نفس الأداء الذي يؤديه المحاربون القدامى الذين أمضوا 7 سنوات في الخدمة، هي وصفة كارثية”.
ولفتت إلى أن أوكرانيا تعاني من نقص حاد في المجندين الجدد، كما أولئك الذين تحصل عليهم غير مدربين بشكل كافٍ.
ورأت المجلة أن تحقيق كييف لنصر عسكري صريح هو “أقرب ما يكون إلى الصفر في الوقت الحاضر”، ذلك أن روسيا تمتلك قدراً كبيراً من القوة “لا يمكن التغلب عليها”، نظراً للظروف القائمة.
وتابعت أن المسار الضيق للغاية الذي قد تواجهه أوكرانيا، هو “انتزاع مثل هذه التكلفة المرتفعة” على روسيا، إلى الحد الذي “يجعل بوتين يحسب أن من مصلحته أن يكتفي بأقل من أهدافه القصوى”.
وذكّرت “ذا ناشيونال إنترست” بحديث بوتين، في 14 يونيو الماضي، والذي حدد فيه الحد الأدنى من المتطلبات، عندما قال إنه من أجل إنهاء الحرب، يتعيّن على أوكرانيا تسليم المقاطعات الـ4، وسحب جميع القوات الأوكرانية من تلك الأراضي، وتبني “وضع محايد وغير منحاز وغير نووي”، ليعتبر زيلينسكي بدوره أن هذه القائمة من المطالب بمثابة “إنذار نهائي” للاستسلام.
وتساءلت المجلة، كيف يمكن لأوكرانيا تجنّب هذه النتيجة غير المرغوبة، وماذا يمكن لزيلينسكي أن ينتج في ظل اختلال التوازن الحالي في القوات.
كما اعتبرت أنه في غياب أي تغييرات كبيرة في أهداف الحرب الغربية والأوكرانية، فإن “إنذار” بوتين لديه احتمالات عالية “بشكل مقلق” للتحقق.
ورأت أن الأمل الأكثر واقعية لأوكرانيا هو “السعي إلى الاحتفاظ بكل الأراضي التي تسيطر عليها حالياً، وعدم التنازل عن أي أرض أخرى، والتفاوض على إنهاء الأعمال العدائية”.
وأضافت: “يتعيّن علينا أن نعترف بأن الأوان قد فات بالفعل لتوقع حتى هذه النتيجة المحدودة”. لا يريد حلف شمال الأطلسي سوى “تحقيق النصر لأوكرانيا والخسارة لروسيا”، ولكن التحليل الرصين يُظهر أن هذه النتيجة غير قابلة للتحقيق سواء الآن أو في المستقبل، بحسب المجلة.
ونبّهت إلى أنه في حال رفض الغرب الخضوع للواقع، فإن النتيجة الأكثر ترجيحاً لأوكرانيا، هي الهزيمة العسكرية التي قد تشمل حتى خسارة أوديسا وخاركوف في نهاية المطاف والمزيد من الأراضي، حتى تلك التي حددها بوتين في الإنذار النهائي في يونيو 2024.
وختمت المجلة بالقول إنه من الأفضل لأوكرانيا وأوروبا أن “تسعيا إلى التوصل إلى تسوية تفاوضية غير مقبولة ولكن قابلة للتحقيق”، بدلاً من “تجاهل الواقع ومعاناة العار” المتمثل في هزيمة عسكرية حاسمة في نهاية المطاف. وأضافت: “إنه خيار رهيب، لكن يجب القيام به”.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: أوکرانیا من من أجل إلى أن
إقرأ أيضاً:
بوتين يعرض تجميد خط الجبهة لوقف الحرب في أوكرانيا.. على ماذا سيحصل بالمقابل؟
عرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الولايات المتحدة في إطار وساطتها لإنهاء الحرب في أوكرانيا، "تجميد خط الجبهة" الحالي وهو العرض الأول من نوعه منذ بداية الحرب.
ما المهم في الأمر؟
عسكريا، يعني "تجميد خط الجبهة" أو Freezing the frontline بالإنجليزية، وقف التمدد العسكري الروسي داخل الأراضي الأوكرانية والحفاظ على ما حظيت به موسكو حتى الآن من جهة، ومن جهة أخرى تخلي موسكو عن السيطرة الكاملة على مناطق دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا التي تحتل أجزاء كبيرة منها.
ما هي أبرز سماته؟
◼ لا يعني نهاية الحرب أو تسوية النزاع، بل هدنة غير مستقرة.
◼ قد يستمر الوضع المجمد سنوات طويلة كما حدث على خط الهدنة الفاصل بين الكوريتين منذ 1953.
◼ يُستخدم أحيانا كأداة سياسية لإضفاء نوع من "الشرعية الواقعية" على السيطرة الميدانية.
ماذا ستجني روسيا بالمقابل؟
تريد روسيا في مقابل هذا العرض النادر، اعتراف واشنطن بسيادة موسكو على شبه جزيرة القرم التي ضمتها إليها في عام 2014، والتعهد بعدم انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو".
ما هو رأي الأوروبيين؟
تطالب كييف وحلفاؤها الأوروبيون بانسحاب القوات الروسية من كامل الأراضي الأوكرانية وعودة الوضع إلى ما كان عليه قبل 2014، وليس مجرد إنهاء الحرب الحالية.
لكن صحيفة وول ستريت جورنال قالت إن المسؤولون البريطانيون والفرنسيون منفتحون على سيناريو تقبل فيه أوكرانيا خطوط السيطرة الحالية مقابل ضمانات أمنية ودعم اقتصادي.
وقالت الصحيفة إن لكن فرنسا والمملكة المتحدة تفضلان صفقة تعترف بالسيطرة على الأراضي التي استولت عليها روسيا من أوكرانيا خلال الحرب فقط بطريقة الأمر الواقع، مثل وقف إطلاق النار الذي أنهى الحرب الكورية.
مؤخرا
قدّم هذا الاقتراح في مطلع نيسان/ أبريل الجاري خلال لقاء جمعه مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف في سانت بطرسبرغ في إطار المفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار في أوكرانيا.
وقبل أيام اقترح بوتين إجراء محادثات ثنائية مع كييف لأول مرة منذ الأيام الأولى للحرب.
وقالت وسائل إعلام أمريكية، أنه بموجب مقترح أمريكي، سترفع واشنطن العقوبات المفروضة على روسيا منذ عام 2014، وستعتبر محطة زابوريجيا للطاقة النووية أرضا أوكرانية لكن واشنطن ستديرها، وستزود كلا من أوكرانيا وروسيا بالكهرباء، مقابل وقف الحرب والاعتراف بالوضع الحالي على الأرض.
ماذا قالوا؟
◼ قال وزير الدفاع الأمريكي إن مطلب أوكرانيا وأوروبا بعودة الوضع على الأرض إلى ما قبل 2014 مطلب "غير واقعي".
◼ قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن كييف لن تعترف باحتلال روسيا لشبه جزيرة القرم وغيرها من الأراضي لأن ذلك يخالف الدستور لكن يمكن استعادة السيطرة على هذه المناطق دبلوماسيا مع الوقت.
◼ قال رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية لخيرسون، أولكسندر بروكودين، إن تجميد خط الجبهة الحالي يعني جدارا مثل جدار برلين أو خط الهدنة الكوري في خيرسون المنقسمة.
◼ قالت المساعدة وخبيرة التفاوض في مركز أوراسيا التابع للمجلس الأطلسي، مرسيدس سابوبو إن تجميد خط الجبهة يعني بقاء ملايين الأوكرانيين تحت سلطة الاحتلال الروسي.
الصورة الأوسع
تستضيف بريطانيا الأربعاء جولة جديدة من المحادثات تشارك فيها كل من الولايات المتحدة وأوكرانيا إلى جانب دول أوروبية في ظل المساعي الأميركية الجديدة لوضع حد للحرب الروسية على أوكرانيا.
ومن المقرر أن يزور المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف موسكو هذا الأسبوع، بحسب ما أكد البيت الأبيض، في رابع زيارة يقوم بها إلى روسيا منذ تولى الرئيس دونالد ترامب السلطة.
وهدد ترامب مذاك بالتخلي عن الجهود الرامية لوضع حد للنزاع ما لم يتم تحقيق تقدّم سريع.
وأكد زيلينسكي بأن بلاده لن تكون مستعدة لخوض مفاوضات مباشرة مع روسيا إلا بعد وقف إطلاق النار.
لكن الكرملين أشار إلى أنه لا يمكنه المسارعة لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار.
والخميس الماضي، اجتمع وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إلى جانب مسؤول ألماني رفيع في باريس لبحث التطورات.
وبعد محادثات باريس، حذّر روبيو وترامب من أن الولايات المتحدة مستعدة للتخلي عن المفاوضات ما لم يتحقق أي تقدّم سريع.
ويرأس وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي محادثات الأربعاء التي ستكون أدنى مستوى من تلك التي عُقدت في باريس.
ويمثّل الجانب الأوكراني مدير مكتب الرئاسة الأوكرانية أندريه يرماك ووزيرا الخارجية أندريه سيبيغا والدفاع رستم أوميروف.