رغم العقوبات الأوروبية والأمريكية المتكررة التي فرضت على طرفي الحرب في السودان، إلا أن تأثيرها بالنظر إلى تمدد الحرب يجعل جدواها محل تساؤل وشكوك!!

تقرير: التغيير

فرض الاتحاد الأوروبي، أواخر شهر يونيو المنصرم، عقوبات على  أفراد من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بمن فيهم الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي وزير خارجية حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، لدورهم في تأجيج الصراع وتقويض استقرار البلاد وانتقالها السياسي.

وأعلن مجلس الاتحاد الأوروبي في بيان، أنه تم اعتماد إجراءات تقييدية ضد (6) أشخاص مسؤولين عن أنشطة “تقوض الاستقرار وعملية الانتقال السياسي في السودان”.

ومنذ 15 أبريل 2023م يشهد السودان حرباً شرسة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) خلفت نحو 15 ألف قتيل ونحو 10 ملايين نازح ولاجئ، كأكبر حالة نزوح يشهدها  العالم وفق الأمم المتحدة.

عقوبات على الطرفين

وشملت العقوبات المستشار المالي لقوات الدعم السريع، وزعيم قبيلة من عشيرة المحاميد لديه تأثير داخل الدعم السريع في غرب دارفور، بجانب اللواء عبد الرحمن جمعة الذي يقود الدعم السريع بغرب دارفور، المتهم الأول بتصفية والي غرب دارفور خميس أبكر بعد ساعات من اعتقاله، كما اتهم بارتكاب جرائم قتل وانتهاكات بدوافع عرقية ضد مكون المساليت، وعمل على شن هجمات ضد النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وأعمال العنف ضد النساء من اغتصاب واسترقاق، إلى جانب نهب وحرق القرى معسكرات النزوح.

وشملت العقوبات قادة في الجيش السوداني، منهم قائد القوات الجوية، والمدير العام لشركة الصناعات الدفاعية التي تخضع لعقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي، بحسب البيان الذي قال إنهما يتحملان المسؤولية عن “قصف جوي عشوائي”.

كما استهدفت العقوبات ثلاث واجهات يستخدمها عبد الباسط حمزة لتحويل الأموال إلى حماس، بما في ذلك شركة العقارات الإسبانية المعروفة باسم مجموعة الزوايا، وشركتين أخريين مقرهما في السودان.

وشملت القائمة ستة أفراد، من بينهم مسؤول كبير في الحرس الثوري الإيراني وصرافة تحويل أموال، وشركات مقرها إسبانيا والسودان.

ويخضع الأفراد المستهدفون لتجميد الأصول وحظر تقديم الأموال أو الموارد الاقتصادية لهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، وحظر سفر في الاتحاد الأوروبي.

دعوة لوقف القتال

وفي الذكرى السنوية الأولى لحرب 15 أبريل بين الجيش والدعم السريع، أصدر الممثل السامي في 12 أبريل، بياناً نيابة عن الاتحاد الأوروبي، داعياً الأطراف المتحاربة إلى “وقف فوري ودائم لإطلاق النار”، ومذكّراً إياهما بالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين.

وأكد الاتحاد استعداده لمواصلة استخدام أدواته للمساهمة في إنهاء النزاع المسلح، وتشجيع وقف عرقلة المساعدات الإنسانية ووقف ثقافة الإفلات من العقاب.

وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية، طلبت من الأمم المتحدة مؤخراً “العمل مع الاتحاد الإفريقي بسرعة لنشر بعثة لحماية المدنيين في السودان، حيث قتلت الأطراف المتحاربة المئات وأجبرت عشرات الآلاف على الفرار”.

فيما أعلنت الأمم المتحدة أن حوالي 143 ألف شخص نزحوا من مدينة الفاشر، جراء الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع.

وتطالب المنظمات الدولية بالضغط على طرفي الصراع لإيقاف الحرب التي تمددت إلى 12 من أصل 18 ولاية في البلاد، وتجنيب السودان كارثة إنسانية قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت؛ جراء نقص الغذاء.

لا تعليق

ورغم مرور اسبوعين على فرض العقوبات الأوروبية إلا أن الجيش والدعم السريع لم يعلقا واكتفيا بالصمت، خشية الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي، بسبب التجاوزات التي تمت في حرب 15 أبريل التي لم تراع قواعد الاشتباك التي نص عليها القانون الدولي الإنساني وقوانين ومواثيق الأمم المتحدة.

وتواصلت (التغيير)، مع مسؤولين من طرفي الصراع للتعليق على عقوبات الاتحاد الأوروبي لكنهم لم يجيبوا على التساؤلات حتى موعد نشر التقرير.

تأثير عسكري

وحول تأثير العقوبات على العمليات العسكرية في السودان، يقول الخبير العسكري عمر أرباب، إن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على قادة الجيش والدعم السريع ليس لها تأثير عسكري، باعتبار أن الحرب ما زالت تتمدد في أجزاء واسعة من البلاد.

وأضاف في مقابلة مع (التغيير): “العقوبات التي يتم فرضها من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لديها تأثير سياسي وإعلامي فقط”.

وتوقع أرباب استمرار المعارك بين طرفي الصراع في ظل استمرار الدعم العسكري.

حقوق الإنسان

من جانبه، أوضح الناشط الحقوقي عبد الباسط الحاج، أن القرار الذي تفرضه الدول والهيئات إجرائي إداري وليس قضائي ولا تبنى عليه محاكمات أو استئناف ولا علاقة له بالسلطة القضائية.

وقال في مقابلة مع (التغيير)، إن العقوبات على قادة طرفي الصراع لن تأتي بنتائج على الأرض ولا تحقق استقراراً للمواطنين الذين ينشدون الأمن والاستقرار ويريدون العودة إلى منازلهم.

وأضاف الحاج بأن الاتحاد الأوروبي من خلال فرضه لتلك العقوبات يريد إقناع مواطني الدول الأعضاء بأنه يعمل على وقف الحرب في السودان ورعاية قيم حقوق الإنسان.

حفظ ماء الوجه

واتفق المحلل السياسي محمد تورشين، مع الناشط الحقوقي فيما ذهب إليه، وذكر أن هذه العقوبات لحفظ ماء وجه الدول الأوروبية باعتبار أن ما يفعل بشكل أو بآخر يتناقض مع القيم الرئيسة لها لذلك تعمل للمحافظة على تلك القيم.

وقال إن العقوبات التي ظلت تفرض من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، دائماً ما تأتي متأخرة، وبعض القيادات التي تم فرض عقوبات عليها فارقت الحياة كـ(علي يعقوب)، ولا يدركون أن الشخص الذي فرضت عليه العقوبات فارق الحياة.

وأضاف تورشين في مقابلة مع (التغيير) بأن “العقوبات لن تحقق شيئاً على أرض الواقع، ويجب أن يتم فرض عقوبات على الأجسام مثل الدعم السريع والجيش حتى لا يتسنى لهما الحصول على السلاح، ومن ثم  إجبارهما على الالتزام بالقانون الدولي الإنساني ومراعاة حقوق الإنسان”.

وتابع: “رغم ذلك لا توجد عقوبات حقيقية، وإنما بعض الجهات التي تفرض عقوبات على الدعم السريع والجيش لكنها تعمل بشكل أو آخر على توريد السلاح”.

وأكد أن هذه العقوبات غير جدية سواء الصادرة من الاتحاد الأوروبي أو أمريكا والأمم المتحدة وينبغي أن تسمى الأشياء بمسمياتها، لأن هناك انتهاكات جسيمة على المدنيين وينبغي أن تعاقب قادة طرفي الحرب ليس بالعقوبات فقط وإنما بفتح تحقيقات جادة لدى المحكمة الجنائية الدولية.

ونادى تورشين بضرورة إيقاف توريد السلاح للسودان من خلال الضغط على الجهات الممولة، وقال إن “هذا الأمر معلوم تماماً للجهات التي تقوم بفرض العقوبات”.

الوسومالاتحاد الأوروبي الجيش الدعم السريع السودان اللواء عبد الرحمن جمعة المحاميد المحكمة الجنائية الدولية الولايات المتحدة الأمريكية خميس أبكر غرب دارفور منظومة الصناعات الدفاعية

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي الجيش الدعم السريع السودان المحاميد المحكمة الجنائية الدولية الولايات المتحدة الأمريكية خميس أبكر غرب دارفور الجیش والدعم السریع الاتحاد الأوروبی الأمم المتحدة الدعم السریع حقوق الإنسان طرفی الصراع فی السودان عقوبات على

إقرأ أيضاً:

اتهامات للدعم السريع بقتل عشرات المدنيين بكردفان والبرهان يتوعدها

قال والي ولاية غرب كردفان محمد آدم جايد للجزيرة إن قوات الدعم السريع قتلت 76 مدنيا وأصابت عشرات آخرين في بلدة الزعفة غربي الولاية الواقعة وسط السودان.

وأضاف جايد أن المهاجمين أسروا مواطنين ونهبوا ممتلكات وحرقوا منازل عدة، مشيرا إلى أنه لا توجد قوات للجيش السوداني أو أي قوة أخرى تبرر الهجوم.

وقد نددت شبكة أطباء السودان بهجمات الدعم السريع واتهمتها بقتل وتشريد المدنيين في الولاية.

من جهته، قال حامد صافي قائد قوات الاحتياط في غرب كردفان إن الهجوم أدى لحالة نزوح بين المدنيين وإن جثث الضحايا ما زالت في العراء.

وفي إطار الصراع الذي بدأ قبل عامين، سيطرت قوات الدعم السريع على بعض المدن والبلدات في منطقة كردفان.

هجوم عنيف

وفي تطور ميداني آخر، قال مصدر عسكري للجزيرة إن الجيش السوداني يتصدى لهجوم عنيف بدأته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور من شمال شرق المدينة مستخدمة فيه الأسلحة الثقيلة.

وقالت مصادر عسكرية إن 11 شخصا قتلوا وأُصيب 35 بجروح في قصف قوات الدعم السريع مناطق عدة بالمدينة بينما أدى اشتداد المعارك في المنطقة إلى موجة نزوح من المدينة وضواحيها والمخيمات المحيطة بها.

إعلان

وتحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر منذ نحو عام وحاولت مرارا اقتحامها لكنها فشلت في ذلك، علما أنها تسيطر على معظم منطقة دارفور غربي السودان.

ومؤخرا اقتحمت تلك القوات مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر، وهو ما دفع مئات الآلاف للهروب.

وتواجه قوات الدعم السريع اتهامات بقتل مئات المدنيين في الفاشر جراء قصفها المتكرر للمدينة، ولكنها تنفي ذلك.

مؤكداً الاستمرار في المعركة حتى القضاء على التمرد وتطهير مدينة الفاشر من المرتزقة والمأجورين.

وأعلن القائد العام للقوات المسلحة عن قيام معسكر لتدريب شباب أمدرمان فلاتة بالمنطقة حتى يكون عوناً وسنداً لأهل المنطقة في إستتباب الأمن والاستقرار. pic.twitter.com/d1v2fuqDeP

— SUDAN News Agency (SUNA) ???????? (@SUNA_AGENCY) April 24, 2025

تصريحات البرهان

وأكد رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان أن الجيش ماض في طرد قوات الدعم السريع من كل السودان.

وأضاف البرهان في خطاب جماهيري بمدينة الدندر بولاية سنار أمس (جنوب شرق) أن من وصفهم بالطارئين على تاريخ السودان لا مستقبل لهم، مشيرا إلى أن البلاد منتصرة بإرادة شعبها.

كما أكد خلال زيارته بلدة أمدرمان فلاتة في سنار الاستمرار في المعركة حتى القضاء على ما وصفه بالتمرد وتطهير مدينة الفاشر ممن سماهم المرتزقة والمأجورين.

وكان وزير الإعلام السوداني خالد الإعيسر أكد قبل ذلك أن الحرب الدائرة بالبلاد حاليا لن تتوقف حتى يتحرر كل شبر من الأرضي السودانية، وتُدحر ما سماها مليشيا الدعم السريع.

وفي كلمة أمام حشد شعبي بعنوان نجدة الفاشر بمدينة بورتسودان، اتهم الإعيسر المجتمع الدولي بالتواطؤ مع قوات الدعم السريع، مشددا على أن المجتمع الدولي ليس بإمكانه تفكيك وحدة وتماسك المجتمع السوداني.

وأسفر الصراع المستمر في السودان منذ 15 أبريل/نسان 2023 عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 14 مليونا.

إعلان

مقالات مشابهة

  • أبرز محطات الكهرباء التي تعرضت للاستهداف في السودان
  • الأمم المتحدة: مخيم زمزم للنازحين في غرب السودان “شبه خال” بعدما سيطرت عليه قوات الدعم السريع
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • اتهامات للدعم السريع بقتل عشرات المدنيين بكردفان والبرهان يتوعدها
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 60 عنصراً من قوات الدعم السريع في الفاشر
  • مساعد البرهان يبلغ مبعوث للامم المتحدة شروط توقف الحرب ضد الدعم السريع
  • الجيش السوداني: مقتل 60 عنصرا من "الدعم السريع" بهجوم على الفاشر  
  • الحرس الثوري الإيراني والدعم السريع نفس الملامح والشبه
  • الاتحاد الأوروبي يسعى إلى منع الشركات الأوروبية من شراء منتجات الطاقة الروسية
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 47 مدنيا في قصف للدعم السريع استهدف الفاشر‎