أثار مقطع مصور لمجموعة من السياسيين المصريين وقيادات بحزب الوفد المصري من داخل مقر الحزب العريق في العاصمة القاهرة، وهم يتفقون على صفقة "تهريب آثار" مصرية، جدلا واسعا ونزل كالصاعقة بين الأوساط السياسية.

وظهر في المقطع المنتشر مجموعة من قيادات الحزب، اللواء سفير نور، وأحمد جمعة، وعبد الوهاب محفوظ، والثلاثة من مساعدي رئيس حزب الوفد عبد السند يمامة، أثناء اتفاقهم والحديث على "الصفقة".



فيديو متداول بثه موقع "الحرية" يقال فيه عن تورط قياديين من حزب الوفد في تجارة الآثار.. إنها التجارة التي اتسعت في بر مصر على أكتاف شخصيات، من اتجاهات عدة، لا تخطر أسماؤهم ومواقعهم ومناصبهم على بال عموم الناس. pic.twitter.com/uwU5P0wqHE — عمار علي حسن Ammar Ali Hassan (@ammaralihassan) July 7, 2024
وصفه الإعلامي المعارض أحمد عطوان، الفيديو المسرب من داخل قاعة الهيئة العليا لحزب الوفد ومتداول حاليا نشره موقع "أخبار الغد" وبعض المواقع الأخرى يكشف تورط 3 قيادات من حزب الوفد في تجارة الآثار بأنه "مهزلة سياسية وجريمة جنائية".

????فضيحة بيع الاثار في حزب الوفد :
???? تسريب فيديو من داخل قاعة الهيئة العليا لحزب الوفد و متداول حاليا نشره موقع "أخبار الغد" وبعض المواقع الأخرى يكشف تورط 3 قيادات من حزب الوفد في تجارة الآثار.
يظهر في الفيديو :
1️⃣ اللواء "سفير نور" مساعد رئيس الحزب
2️⃣ "أحمد حمعه" مساعد رئيس… pic.twitter.com/qjl1j34BE4 — د. أحمد عطوان DR.AHMED ATWAN (@ahmedatwan66) July 7, 2024
"تهوين الحزب.. وتهاون الأمن"
الحزب المحسوب على المعارضة المصرية والأقدم تاريخيا في البلاد منذ عام (1919)، قرر فصل العضوين سفير نور وعبد الوهاب بركات، وإحالة الواقعة للنيابة، لكنه في بداية الأمر حاول مسؤولوه التقليل من الواقعة بالقول لبرامج "التوك شو"، مساء الثلاثاء، إن "الفيديو قديم، وتم تصويره قبل نحو 13 شهرا، ومن ظهروا بالمقطع عضوان عاديان وليسا قيادات ولا أعضاء هيئة عليا".

بل إن رئيس الحزب عبد السند يمامة، زعم أن فيديو الاتفاق على تهريب الآثار هو "مكايدة من أحد الأشخاص المأجورين على مواقع التواصل لضرب الحزب"، مدعيا أن "صورة سعد زغلول (مؤسس الحزب) في فيديو الآثار مختلفة عن الصورة الموجودة في مقر الهيئة العليا".

رئيس حزب الوفد المصري عبدالسند يمامة، يصدر بيانا بشأن مقطع فيديو مسرب لصفقة آثار من قاعة الهيئة العليا بمقر الحزب، حيث أكد أنه سيكلف لجنة التنظيم المركزية والشؤون القانونية فورا بفتح تحقيق عاجل في الأمر. pic.twitter.com/5RQDY3qEcr — RT Arabic (@RTarabic) July 9, 2024
من جانبها، قررت وزارة الداخلية فحص المقطع فنيا، فيما طالب مصريون الوزارة بالقبض على من ظهروا بالمقطع المسرب، وإحالتهم للمحاكمة، وإن كان محامون يرون أنه لو تمت محاكمة الشخصيات الثلاثة فإن القضية ستفضي إلى لا شيء، لوجود خطأ في الإجراءات، كون التسجيل تم بدون إذن النيابة العامة.

تسريب فيديو داخل قاعة الهيئة العليا لحزب الوفد متداول حاليا نشره موقع أخبار الغد وبعض المواقع الأخرى يكشف تورط 3قيادات من حزب الوفد في تجارة الآثار
يظهر في الفيديو
اللواء سفير نور مساعد رئيس الحزب
أحمد حمعه مساعد رئيس الحزب
عبدالوهاب محفوظ مساعد رئيس الحزب pic.twitter.com/fiOKVjIAe5 — Eng Ibrahem Abd El Hamed (@Ibrahemabdelh18) July 8, 2024
"ذوي الياقات البيضاء"
ووفق مراقبين ومتابعين، فإن المقطع الذي لاقى انتشارا واسعا خلال الأيام الماضية، يؤكد أن تجارة الآثار في البلد الذي يمتلك ثلث آثار العالم، وصاحب التاريخ الممتد عبر الحضارات الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية، أصبحت عملا لسياسيين وبرلمانيين ورجال أعمال وأسر مسؤولين سابقين في الدولة، وأنهم ممن يزايدون على فقراء المصريين شكواهم من الغلاء، ويدعون حب الوطن.


وفي منتصف 2021، جرى توقيف رجل الأعمال حسن راتب -أفرج عنه نهاية حزيران/ يونيو الماضي-، والبرلماني السابق علاء حسانين بتهمة تجارة الآثار في مصر، وتهريبها إلى الإمارات مع الحديث عن تورط السفير الإماراتي السابق في القاهرة حمد سعيد الشامسي.

وكانت "عربي21"، قد حصلت في كانون الأول/ ديسمبر 2023، على وثائق رسمية من تحقيقات النيابة المصرية، تثبت وجود اسم السفير الإماراتي بقضية الآثار الكبرى بجانب راتب وحسانين، مع ذكر لشخصية كبيرة هامة رفض راتب كشف هويتها، بالإضافة إلى رئيس جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة المصرية.

وفي مايو/ أيار 2018، جرى الكشف عن تورط الممثل بطرس رؤوف غالي، شقيق وزير المالية المصري الأسبق يوسف غالي، ونجل شقيق الأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس غالي، مع دبلوماسيين إيطاليين، حيث ضبط السلطات الإيطالية 22 ألف قطعة أثرية مصرية نادرة بحاويات دبلوماسية بميناء سالرنو قادمة من ميناء الإسكندرية، ما أشار حينها لتورط مسؤولين مصريين.

ومن آن إلى آخر تتفجر قضية تهريب آثار مصرية في بلد أوروبي بينها فرنسا التي تقوم منذ أيار/ مايو 2022، بمحاكمة الرئيس السابق لمتحف اللوفر في باريس (2013 – 2021) جان لوك مارتينيز في اتهامات بالتآمر لإخفاء أصل الكنوز الأثرية التي ربما تكون قد سرقت من مصر.

وفي نهاية العام 2021، تفجرت إحدى أكبر قضايا تهريب الآثار المصرية، بتهريب 586 قطعة آثار على يد أميركي و11 مصريا، داخل مطار جون كينيدي بأمريكا.

ورغم أن المسؤولين المصريين ليس لديهم إحصاء موثق لعدد القطع الأثرية المهربة للخارج نظرا لعمليات البحث والتنقيب غير المقننة وغير المعروفة، إلا أن هناك حديث عن أكثر من مليون قطعة سرقها مهربون وتجار آثار ومكتشفون وبعثات تنقيب ودبلوماسيون وسياسيون أجانب، موجودة بأكثر من 50 متحف دولي، أهمها ببريطانيا وأمريكا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا وروسيا، إلى جانب ما تتداوله معارض الآثار في أوروبا وأمريكا وغيرهما.


وبعيدا عن الآثار المهربة نتيجة التنقيب غير الشرعي، إلا أنه وفي كانون الثاني/ يناير 2019، اعترفت وزارة الآثار أن 32 ألفا و638 قطعة أثرية اختفت من مخازن وزارة الآثار المصرية على مدار عدة عقود، ما يشير لتورط مسؤولين مصريين.

وفي آب/ أغسطس 2017، أكد الأمين العام لجمعية الأثريين العرب الدكتور محمد الكحلاوي، أنه خلال الفترة من (2011 وحتى 2016) تمت سرق قرابة 30 بالمئة من آثار مصر، مؤكدا أن "هناك عصابات منظمة تضم بعض المسئولين الكبار التي تعمل على بيع آثار الدولة المنهوبة لحسابها الخاص".

السؤال الحاضر هنا، في أذهان السياسيين والمعارضين للنظام، هو كيف حولت سياسات السيسي بعض السياسيين ورجال الأعمال والمعارضة الصورية إلى شخصيات مستأنسة تبحث عن مصالحها الاقتصادية والمالية وتتاجر فيما تبقى من مصر، كما يفعل السيسي، ببيع الأصول العامة والشركات الحكومية والأراضي الاستراتيجية؟

"خلفها قيادات وجهات وأجهزة"
وفي رؤيته، قال السياسي المصري الدكتور ثروت نافع: "مما لا شك فيه أن عملية تهريب الآثار المصرية القديمة عملية ممتدة ومتصاعدة لكل أنظمة ما بعد 1952".

عضو لجنة الدفاع والأمن القومي والعلاقات الدولية بالبرلمان المصري سابقا، أضاف في حديثه لـ"عربي21": "ومما لاشك فيه أيضا أنها مدعومة من بعض القيادات، وربما بعض الأجهزة التي تحظى بحصانة ما".

وأوضح أن "عمليات تهريب الآثار ليست بهذه السذاجة ولا السهولة حتى تخرج من مصر وحدود مصر؛ ولذلك لابد أن يكون وراءها جهات أو شخصيات كبيرة جدا تدعمها".

ولفت إلى أن "ما يثبت هذا التكهن، أيضا، أن كل من يتم القبض عليه -لا يمثلون الشريحة الأعظم مما يتم تهريبه- يتم الإفراج عنهم بعد فترة قصيرة أو العفو عنهم ولا أفهم كيف نعفو عن من هرب آثار مصر وتاريخها".

وختم بالقول: "لذلك لم يكن لدينا دليل مادي عن من وراء هذه الحوادث والسرقات؛ لكن كل الدلائل والقرائن تشير إلى أن خلفها حصانة ما كبيرة داخل هذه الأنظمة المتعاقبة منذ 1952".

"على طريقة رب البيت"
من جانبه، عبر الناشط المصري المعارض، سعيد عباسي، عن فضيحة تجارة الآثار في حزب الوفد، بذكر بعض الأمثال الشعبية التي تشير لتورط رئيس النظام قبل تورط أعضاء حزب الوفد، حيث قال: "المال السايب يعلم السرقة، وحاميها حراميها، وإذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت الرقص".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح أنها "أمثال شعبية مصرية؛ تدل على عنوان الأحداث"، مؤكدا أن "السيسي الذي جمع ويجمع ما غلي ثمنه من أموال، ووضع يده علي مناجم الذهب، والآثار التي هربها إلى الإمارات وإيطاليا وغيرها، جاء الدور ليعطي القليل لرجالات حزب الوفد".


وأضاف: "أو رفات حزب الوفد، الذي كان له صولات وجولات، والذي تولى قيادته فؤاد باشا سراج الدين، والمستشار ممتاز نصار، الذي كان يهتز البرلمان من قوة صوته، ويخيف المسؤولين".

ولفت إلى أنه "الآن يسيطر على الحزب بعض لصوص باعوا ضمائرهم بثمن بخس، ويتاجرون في آثار مصر العظيمة".

وقال: "هكذا تدار مصر في ظل الانقلاب العسكري، وهكذا يتم تقسيم خيرات مصر وثرواتها على اللصوص؛ فالآن أصبحت مهمة المسؤولين السياسيين نهب مصر وخيراتها وتاريخها، حيث لا حسيب ولا رقيب".

وتساءل: "رئيس الحزب الذي أدى دور المحلل في مسرحية انتخابات هزلية أمام قائد الانقلاب، ليضفي شرعية وهمية، هل ينال نصيبه من الكعكة؟، وليذهب تاريخ مصر وآثارها إلى الجحيم من وجهة نظرهم".

وخلص للقول: "قلنا ومازلنا مرارا وتكرارا إن كل يوم وكل دقيقة وكل ثانية من عمر هذا الانقلاب هو دمار لمصر وللمصريين"، متسائلا: "إلى متى يصمت الشعب عن هذا الإجرام؟".

وعبر عباسي، عن أمنيته بأن "ينتفض الشعب المصري ويستجيب لدعوات تظاهر الجمعة المقبلة 12 تموز/ يوليو الجاري، ولدعوات (حركة ميحكمشي)، وكل دعوات الخلاص من هذا الدمار الذي يحدث لمصر".

وخاطب المصريين قائلا بنهاية حديثه: "أفيقوا قبل فوات الأوان؛ فالسيسي لن يبقي لنا وطنا، ولا خيرا ولن يترك لنا إلا رمادا إن لم نتدارك هذا الإجرام في حق بلدنا، وإن لم يتم اقتلاع هؤلاء الخونة، فسيلعننا التاريخ وأولادنا وأحفادنا".

"حاشية النظام من الضباع"
وفي قراءته قال رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر" الباحث مصطفى خضري: "منذ استيلاء السيسي، على الحكم وهناك حالة من الفساد الممنهج تسري في أوصال هذا النظام".


وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "ولولا غياب المعلومة الأكيدة لقلنا أنه نظام عميل مسلط على مصر لهدمها وتسليمها لقمة سائغة لعدوها الاستراتيجي (الكيان الصهيوني)".

وأكد أنه "قد التف حول هذا النظام حاشية من الضباع تجمعهم صفتين أصيلتين هما الفساد والحقارة، فانقضوا على مقدرات هذا البلد، نهشوا أحشائها وقطعوا أوصلها وشردوا أهلها، ولم يبقي هذا النظام على أي رجل شريف في موقع مسؤولية".

وتابع: "فعاست هذه الضباع في بلدنا فسادا وإفسادا، بدون وازع داخلي أو رادع خارجي، حتى ظننا أنهم غضب من ربنا على أهل مصر، ولولا رجائنا في الله وحسن ظننا فيه لقلنا أنهم لن يبيدوا أبدا".

ويعتقد أن "تلك الحاشية الفاسدة رتبت نفسها دركات كما في نار جهنم، كل درك منهم له مجال من مجالات الفساد، وحجم مسموح من هذا الفساد لا يتعداه، ومن يخرج عن هذا النظام الفاسد طمعا أو تذاكيا يتم التضحية به".

ولفت إلى أن "هذا ما يحدث في قضايا الفساد التي يتهم فيها رجال النظام، فهؤلاء لم يتم ضبطهم لأن هناك شرفاء في النظام؛ بل لأنهم خرجوا عن المخطط لهم، فاصطدموا بمن هم أعلى فسادا منهم وأقرب للنظام من دركهم".

"تهريب ضعف المكتشف رسميا"
ووفق ما لدى الخبير في التحليل المعلوماتي وقياس الرأي العام، من أرقام وإحصائيات حول حجم ما يتم تهريبه من آثار مصرية للخارج، قال خضري: "لا توجد إحصائية دقيقة لحجم تهريب الآثار في مصر".

وأكد أن "هناك قاعدة متداولة بأن ما يتم تهريبه هو ضعف ما يتم اكتشافه بشكل رسمي، فهي معادلة مخططة سابقا للموارد التي يحصل عليها النظام ورجاله، مع الحفاظ على ماء وجه النظام أمام المؤسسات الدولية والمجتمع الخارجي".


وعن نسب تورط كبار رجال الدولة والمقربين من النظام بعمليات تهريب الآثار، أشار إلى أنه "بالنظر إلى عملاء تجارة الآثار في مصر سنجد أنهم في معظم الأحيان ممثلين لدول وحكومات وحكام، وتتم عملية التأمين من خلال أجنحة معينة داخل الأجهزة الأمنية".

وخلص في نهاية حديثه للتأكيد على أن "هذا يعني أن كل إيرادات تلك التجارة تمر من منبع الصفقة وحتى رأس النظام، ويأخذ كل منهم نصيبه، مع احتفاظ رأس النظام بنصيب الأسد، وهذا ما يفسر كيفية الخروج الأمن لها".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصريين حزب الوفد عبد السند يمامة وزارة الداخلية مصر وزارة الداخلية حزب الوفد تهريب اثار عبد السند يمامة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مساعد رئیس الحزب تجارة الآثار فی تهریب الآثار هذا النظام آثار مصر pic twitter com ما یتم إلى أن

إقرأ أيضاً:

نائب رئيس أركان الجيش اللبناني السابق لـ«الأسبوع»: حزب الله يتعرض لاختراق تكنولوجي- بشري غير مكتشف للحظة

اغتيالات قيادات الصف الأول مثيرة للدهشة

تصفية حسن نصرالله عملية كبرى ونقطة تحول في مسار الصراع

الحزب منظمة كبيرة لها مؤسساتها وتاريخها ولن تنتهي بنهاية أمينها العام

إسرائيل لا تقاتل لإعادة سكان الشمال بل ذاهبة بالحرب إلى أبعد الحدود

أستبعد خيار الهجوم البري لأن جغرافية الجنوب ستنتصر للمقاومة وتسليحها

الطرف الغازي سيكون عرضة للاستهداف المكثف.. يستطيع أن يحتل لكن لن يستقر

القرار 1701 معطل حاليا.. أنقذ حدودنا الجنوبية 18 عاما وتعزيزه يحتاج ضمانات دولية

شكلت الغارات الجوية للجيش الإسرائيلي، على المركز الرئيسي لحزب الله بمنطقة الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية، بيروت، ضربة قاصمة لمنظومة الحزب، لحجم الضحايا من قيادات الصف الأول (الأمين العام، حسن نصر الله، وقائد عمليات فيلق القدس، عباس نيلفروشان، والرجل الثالث في الحزب، على كركي، وقيادات أخرى رفيعة المستوى) وللخسائر العسكرية والمدنية، المرتبطة بنطاق الغارات المدمرة، ومن ثم حاولنا الوقوف على حجم ما يحدث، عبر طرح تساؤلات الساعة، على نائب رئيس أركان الجيش اللبناني السابق، العميد الركن، د.حسن جوني، لقراءة ملفات شائكة: عسكريًا، أمنيًا، وسياسيًا، عل الإجابات، التى حصلت عليها «الأسبوع» منه، تعيد ترتيب مقاطع الصورة، في الساحة المحلية والإقليمية شديدة الاضطراب.

- كيف ترى اغتيال قيادات الصف الأول في حزب الله؟

حقيقة، الاغتيالات التى تتعرض لها قيادات الصف الأول في حزب الله، خاصة خلال الفترة الأخيرة، مريبة جدًا، وتثير الدهشة. في اعتقادي أن هناك مشكلة مزدوجة يعانيها الحزب: أولا، خرق تكنولوجي- سيبرانى. وثانيا، خرق أمنى- بشري. ربما يكون الثاني علي مستوى أعلى، للوزن الكبير للقيادات المستهدفة في المنظومة العليا للحزب، ولتكرار عمليات الاغتيال النوعية، فكلما تم تعيين مسئول عسكري- أمني، يتم اغتياله فورًا. الأمر، فيه أسرار قد تكون صادمة إذا تم الكشف عنها، فيما بعد.ما يتم يجعلني أفكر بأن هناك قرارًا دوليا كبيرا أو ما يشبه الاتفاق على تصفية قيادات الحزب. وعلى كل الأحوال، يبدو أن الثغرات التى يستغلها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، الموساد، في اختراق المنظومة الأمنية والقيادية، لا تزال، حتى الآن، غير مكتشفة من جانب الحزب، من واقع العملية الكبرى التى شهدتها الضاحية الجنوبية لبيروت، ممثلة، في عملية اغتيال الأمين العام للحزب، حسن نصر الله.

- ماذا تعني تصفية إسرائيل لحسن نصرالله؟

بطبيعة الحال، اغتيال أمين عام حزب الله، نقطة تحول في مسار الصراع بين إسرائيل والحزب، نظرًا لرمزيته، وتاريخه، وتأثيره، وأهمية وجوده علي رأس هذا الكيان، والقدرة علي التأثير علي مناصري ومقاتلي الحزب. الخطوة الإسرائيلية تعني أنها لا تقاتل من أجل إعادة سكان الشمال إلى منازلهم، كما تزعم وتروج عالميا، بل تقاتل من أجل القضاء على حزب الله، وذاهبه في هذه الحرب إلى أبعد الحدود.هي في حرب مفتوحة مع لبنان، بدأت بالفعل، بعد اغتيال حسن نصرالله.

- معنى ذلك أن ما بعد الاغتيال، ليس كما قبله؟

صحيح. الغارات الجوية غير المسبوقة، منذ الجمعة، في الضاحية الجنوبية، توضح حجم ما ترتبه وتبيته إسرائيل لحزب الله، من واقع اغتيالها لحسن نصر الله، برمزيته القيادية، وكونه مركز الثقل الاستراتيجي في منظومة الحزب، والمقاومة.

- ينقلنا هذا للسؤال عن تقييمكم العسكري - الأمني لأداء حزب الله.

بغض النظر عما يتعرض له الحزب، حاليا، يجب ألا ننسي أنه منظمة كبيرة جدا، لها مؤسساتها المتشعبة - المعقدة، لها تاريخها، وبالتالى، لن تنتهي باغتيال أمينها العام، بل ستستمر، بعد تعيين أمين عام جديد لها، يكون معنيا بالمحافظة علي استمراريتها، وأدوارها، خاصة خلال هذه الفترة الحرجة في مسيرة المعركة.

- أين إيران مما يحدث لحزب الله؟

بالتأكيد، سؤال يطرح نفسه بقوة على المدركين لأبعاد وطبيعة الصراع وأطرافه. لمعرفة التأثير الدقيق المترتب على تغييب، حسن نصرالله، وانعكاسه علي الوضع الإقليمي والمحلي، يجب أن نلتفت للموقف الإيراني، لرؤيتها لعملية الاغتيال، لتحديد ما ستؤول إليه الأمور. أعتقد أن في هذه الزاوية نقاطا مهمة يجب أن توضح الموقف الإيراني من اغتيال أمين عام حزب الله. ربما يكون هناك توصيات بالتراجع قليلا، أو بتكثيف العنف.

- أيهما أقرب للواقع؟

لا ندري. إلى حد ما، هناك غموض في التصريحات الإيرانية، التى تلقي استهجانا واستغرابا في الأوساط اللبنانية، انطلاقا من هذا التباين والغموض في الموقف الإيراني، حال مقارنة التصريحات الصادرة عن رئيسها (بفكره المنفتح علي الغرب، وتقليله من دعم وقوة حزب الله) وبين موقف قائد الحرس الثوري، وكذلك المرشد الأعلي، على خامنئي. هناك ضبابية تامة، تعزز الاستغراب والاستهجان، وتؤثر بدورها علي بيئة الحزب، على الأقل، من الناحية المعنوية.

- من حزب الله وتفاعلاته، إلى سيناريو الاجتياح البري الإسرائيلي، هل تتوقع حدوثه؟

بالنسبة للهجوم البري، أستبعد ما يتردد في هذا الشأن. مراجعة التصريحات الصادرة عن الجهات المعنية في إسرائيل، توحى بأن الغارات والضربات العنيفة للضاحية الجنوبية، ومنظومة حزب الله الصاروخية والأمنية، قد تغني عن اللجوء إلى خيار الهجوم البري، بل وتجنبه.

- هل هناك معطيات ميدانية ستؤثر على تفكير إسرائيل في الهجوم البري؟

لو نظرنا للهجوم البري من زاوية ميدانية، فإن المواجهة البرية بين حزب الله، مهما تم تخفيض قدراته، لن تكون في قوة الهجمات الجوية. المناورة التكتيكية البرية التقليدية، حال قيام إسرائيل بها في لبنان، ستكون مكشوفة. جغرافية الجنوب اللبناني، مناسبة لعمليات المقاومة. لا تستوجب أسلحة ثقيلة، ولا صواريخ، ولا منظومة قيادة أو اتصال. هى مجرد إرادة ومقاومين، وأعتقد أن مستوى الغضب والحقد بين مقاتلي حزب الله وإسرائيل في أعلى معدلاته، ما سيدفع هؤلاء المقاتلين إلى التعامل بشراسة في مواجهة الهجوم البري، حال حدوثه.

- فرضية الهجوم البري، هل ستقتصر علي جنوب لبنان، أم تتجاوز هذه الساحة التقليدية؟

في كل الأحوال، إذا حصل الهجوم البري فهذا يعني أن إسرائيل تريد فرض شروط استسلام على لبنان، وإعادة تجربة عام 1982، لكن تقييمى ورؤيتي الشخصية أن هذه القوة الغازية ستكون عرضة للاستهداف المكثف، والمتكرر. يستطيع الطرف الغازي أن يحتل، لكنه لا يستطيع أن يستقر. لهم في ذلك تجربة سابقة عمرها 20 عاما، عندما احتلوا لبنان ثم خرجوا منها مطرودين، نتيجة عمليات المقاومة. أما التجربة الثانية، فكانت في حرب يوليو، تموز عام 2006، عندما شنت إسرائيل هجوما عسكريا، بحرًا، وجوًا، لكنها فشلت في الدخول في معركة برية، باستثناء مسافة متواضعة جدًا. نتذكر أنه رغم تلك القوة لم تتمكن إسرائيل من إعادة أسيريها المقتولين، الا بموجب اتفاق سياسي، أنتج القرار الأممي، رقم 1701.

- بمناسبة القرار المذكور، من المعنيّ بحماية سيادة الجنوب اللبناني: الجيش، أم حزب الله؟

يفترض أن الجيش اللبنانى هو المعنيّ بحماية لبنان ككل، لكن يجب ألا ننسي معظم البيانات الوزارية للحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ فترة طويلة، وكيف أعطت مشروعية لحزب الله، ولسلاح المقاومة، عبر المعادلة الشهيرة: الجيش، والشعب، والمقاومة. هذه المعادلة عززت مشروعية المقاومة، كي تعمل إلى جانب الجيش اللبناني، لكنها لم تحدد نطاق صلاحيات المقاومة، أو حدود عملها، لذلك، هى تعمل بحرية حركة كبيرة جدًا، أما الجيش فهو يمارس دوره في السيادة، عبر تطبيق القرار 1701 إلى جانب قوات الطوارئ الدولية. الجيش موجود، الآن، في الجنوب، علي كامل التراب اللبنانى.

- لكن هناك من يرى أن التزام لبنان باستكمال القرار 1701، هو الحل.

طبعا، القرار معطل، حاليا، نتيجة المعركة، لكن أعتقد أن أى ترتيبات حدودية أو اتفاقات سياسية بين لبنان وإسرائيل سترتكز بالدرجة الأولى على القرار 1701 الذي توافق عليه الدولة اللبنانية وتتبناه السلطة اللبنانية. الحكومة، ومجلس النواب، أعلنوا أنهم ملتزمون به، وأعتقد أن إسرائيل توافق عليه، وربما تطلب أن يكون هناك جدية في تطبيقه، ومن ثم فالقرار 1701 هو الحل في هذا التوقيت.

- في المقابل، هناك من يرى أن القرار نفسه، مجرد شماعة إقليمية - دولية، ضد المصالح اللبنانية.

الاتفاق السياسي، سيعزز القرار 1701. كانت لنا تجربة معه لمدة 18 عاما، فبموجبه تم الحفاظ على استقرار الحدود الجنوبية بين لبنان وإسرائيل، منذ حرب تموز 2006 حتى 2023. القرار يصلح لإعادة الاستقرار للمنطقة.

- ما الذي يضمن التزام إسرائيل به حال موافقة لبنان على تطبيقه بالشكل المناسب؟

بالتأكيد، أي خطوات جديدة تتعلق بالقرار 1701 ستكون برعاية وضمانات دولية. الالتزام سيكون سياسيا، أكثر منه عسكريا.

- هل سيوافق حزب الله حاليا على المطلوب منه بخصوص القرار؟

هنا نصبح أمام معادلة واضحة المعطيات، فإذا كانت الأمور ذاهبة لحرب شاملة، يجب أن ننظر إلى التحول الخطير الذي حصل، باغتيال، أمين عام الحزب، حسن نصر الله، ومعرفة الموقف الإيراني مما حدث، والرؤية المتعلقة بكيفية عمل الحزب خلال الفترة المقبلة، لتحديد الاستراتيجية الخاصة بالمواجهة، والرد على مستوى الاعتداء، وهل يكون هناك ما يسمى بالتراجع التكتيكى، أو غيره.

- تتحدث عن الحاجة إلى اتفاق سياسي، بينما الخلافات اللبنانية - اللبنانية، تراوح مكانها!

بالطبع، الوضع في لبنان صعب جدًا: اقتصاديًا، وسياسيًا، واجتماعيًا، وفي كل الملفات الأخرى، ومع ذلك فهناك مؤشرات إيجابية. نشهد حالة تضامن انساني ووطنى واسعة، لكن هذا لا يعني أن الخلافات السياسية الحادة بين اللبنانيين قد زالت أو تم تجاوزها، لأن أهم ما ترتكز عليه هذه الخلافات: العلاقة مع حزب الله، والنظرة له، ولوظيفته ضمن المنظومة السياسية اللبنانية، وكذلك سلاح الحزب.

- كيف ستواجه لبنان الأزمة بدون اصطفاف داخلي؟

لا خلاف على أن النسيج الاجتماعي والسياسي في لبنان هش، وربما يكون عرضة لأى تشرذم أو شرخ، إذا عملت إسرائيل علي تغذية هذا الشرخ.

- من الداخل للجوار، هل تري أن عملية 7 أكتوبر 2023، ناجحة؟

بالنسبة لعملية 7 أكتوبر (طوفان الأقصى) أراها عملية غير مفهومة بالفكر العسكري، الذي لا يفسر هذا النوع من التخطيط. الفكر العسكري يخطط لإعداد عملية عسكرية معينة، يدرسها، ويقدر مراحلها، بداية من نشر القوات مع التنفيذ، وصولا إلى تحقيق النتائج. يدرس كل ردات الفعل المعادية، وكيفية التعامل معها.

- ما الذي تمثله إذن؟

أعتقد أن عملية 7 أكتوبر صرخة دموية، ونقطة بداية لتنفيذ غارات معينة في الداخل الإسرائيلي، وهي وإن كانت من منظور القانون الدولي تمثل خرقا، فالخروقات الفاضحة للقانون الدولى تقوم بها إسرائيل، سواء قبل أو بعد ما حدث قبل عام. لتكن الأمور واضحة: عملية 7 أكتوبر اخترقت القانون الدولى، لم تكن محسوبة العواقب من قبل منفذيها. أعتقد أنهم راهنوا علي أخذ الرهائن، اعتمادا على أن السلوك الإسرائيلي، في السابق، كان أكثر مرونة في التعامل عندما يكون له رهائن أو أسري جنودا أو مدنيين. منفذو عملية طوفان الأقصى، اعتقدوا انهم اذا حصلوا على عدد كبير من الرهائن والأسري، فلن يقاتل الإسرائيلي بل سيفاوض، ربما يغضب قليلا، لكن الجهد الأساسي سيكون في التفاوض. المفاجأة، أن إسرائيل وضعت ملف الرهائن، جانبا، وانطلقت في عملية واسعه لتدمير قطاع غزة وقتل ما تستطيع من الفلسطينيين. لم يكن ذلك في الحسبان. وعليه، كان يجب دراسة العملية، ودراسة هذا الاحتمال، ووضعه بعين الاعتبار، وبناء الاستعدادات انطلاقا من هذا الاحتمال.

- ما المكاسب التى جنتها القضية الفلسطينية من عملية طوفان الأقصى؟

دون شك عملية طوفان الأقصي أعادت القضية الفلسطينية إلى الوعى العالمى والضمير الإنساني، بعد أن كانت طي النسيان، وطغت عليها مشكلات كبيرة في المنطقة والعالم، مكافحة الإرهاب، وما يسمى بالربيع العربي وتداعياته، ثم الحرب الأوكرانية، قبل حالة اليقظة التى أخذت طريقها إلى الاجيال الجديدة كما في الغرب. تعرفوا على هذه القضية والصراع، لكن يبقي السؤال: هل الإيجابية التى تحققت تستحق هذا الثمن الغالي جدًا؟ أنا لا أملك جوابا علي هذا السؤال.

مقالات مشابهة

  • نائب رئيس أركان الجيش اللبناني السابق لـ«الأسبوع»: حزب الله يتعرض لاختراق تكنولوجي- بشري غير مكتشف للحظة
  • رئيس الوطنية الصينية للتنظيم المالي: مصر صاحبة تاريخ وتسعى للتنمية
  • الأفق الذي يسمح لك بنقد الكيزان غير موجود ولن تجده إذا سيطر الجنجويد على الدولة
  • باحث يمني يستبعد استبدال إيران جماعة الحوثي بحزب الله ويعتبر ذلك مخاطرة
  • رئيس «دفاع النواب»: انتصارات أكتوبر ملحمة غالية وعزيزة في تاريخ مصر الحديث
  • رئيس حزب مصر 2000: انتصارات أكتوبر نقطة تحول فارقة في تاريخ مصر
  • التحكيم التركي تحت وطأة فضيحة جنسية
  • رئيس الحرية المصري: انتصارات أكتوبر ستظل علامة بارزة في تاريخ العسكرية المصرية
  • رئيس الهيئة العليا للإغاثة في لبنان: نعيش أكبر أزمة في تاريخ بلادنا وقادرون على تجاوزها
  • الجيش الروسي يُسيطر على مدينة أوغليدار