يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -برأي خبراء- إضفاء حالة من الضبابية على المفاوضات الجارية حاليا في الدوحة بشأن تبادل الأسرى، والتي يسعى من خلالها إلى كسب الوقت أكثر من سعيه للتوصل إلى اتفاق فعلي.

ففي الوقت الذي يضع فيه شروطا مسبقة تجعل التوصل إلى اتفاق أمرا يبدو مستحيلا تحدث نتنياهو عن أجواء إيجابية ورغبة في التوصل إلى اتفاق ولو من مرحلة واحدة، وهو أمر يهدف لتعزيز حالة عدم اليقين بشأن مستقبل المفاوضات، كما يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين.

وحسب ما قاله جبارين في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، فإن نتنياهو يريد المفاوضات الحالية في حد ذاتها ولا يريد التوصل إلى اتفاق، لأن مواصلة التفاوض تخدم أهدافه في استمرار الحرب تحت مظلة بحث النقاط الخلافية مع المقاومة.

كما يأمل نتنياهو أن تستمر عملية التفاوض حتى يذهب إلى إلقاء خطابه المقرر في وقت لاحق من الشهر الجاري أمام الكونغرس الأميركي لعله يعود من واشنطن محملا بالمكاسب، وفق المتحدث نفسه.

موقف يدعو للتشاؤم

في المقابل، يرى المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأميركية مايكل مولروي أن تمسك حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بوقف الحرب نهائيا بعد المرحلة الأولى من الصفقة يدفع إلى التشاؤم بشأن مصير المفاوضات، لكنه أيد في الوقت نفسه مسألة عدم رغبة نتنياهو في التوصل إلى اتفاق.

ويرى مولروي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يماطل انتظارا لنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، لأنه يعلم جيدا أن عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض تعني تخفيف كثير من الضغوط التي تمارسها إدارة جو بايدن.

ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة تدفع باتجاه وقف لإطلاق النار في قطاع غزة أملا في تجنب حرب مباشرة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني من جهة، وسعيا لتحسين صورة بايدن التي تضررت كثيرا بسبب موقفه خلال هذه الحرب من جهة أخرى، كما يقول مولروي.

وفي الأخير -يضيف المتحدث نفسه- فإن الأمور ربما تكون أكثر وضوحا بعد الكلمة التي سيلقيها نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي في وقت لاحق من هذا الشهر.

ورغم إرساله فريقا للتفاوض فإن صحيفة "هآرتس" قالت إن نتنياهو عمد إلى عرقلة المفاوضات طوال الشهور الماضية، وإنه كان يحرض وزراء حكومته على مهاجمة أي مقترح لتبادل الأسرى، فضلا عن تسريب مواقف متشددة للصحافة تحت مسمى "مصدر رسمي".

لكن المحلل السياسي ساري عرابي يرى أن الجميع -سواء الأجهزة الأمنية والعسكرية وأحزاب المعارضة في إسرائيل، أو في الإدارة الأميركية- بدؤوا الحديث عن ضرورة وقف الحرب تحت وطأة الواقع الجديد الذي فرضته المقاومة ميدانيا والصمود الكبير الذي أبداه الفلسطينيون في مواجهة الحرب المدمرة.

واقع جديد

وقال عرابي إن المقاومة خلفت واقعا جعل الجميع -خصوصا الولايات المتحدة- مجبرين على التفاوض معها "لأنها لا تعيش أوهاما بشأن واشنطن ولا نتنياهو ولا الدول العربية، وإنما تعتمد على استنزاف قوات الاحتلال في المعركة وعلى حلفائها الإقليميين".

لكن جبارين يعتقد أن نتنياهو قادر على إفساد المفاوضات، لأنه الوحيد الذي يمتلك اتخاذ القرار النهائي في إسرائيل، وهو يريد تعزيز موقفه السياسي والإفلات من الحاكمات المنتظرة.

ليس هذا وحسب، فإن نتنياهو -كما يعتقد جبارين- "يحاول تحقيق أهداف أيديولوجية بالأساس، ويسعى لإعادة بناء إرث سياسي بناه على مدار أكثر من 15 عاما ثم هدمه طوفان الأقصى، ناهيك عن تمسكه بتصوير نفسه كزعيم قوي لكي يضعه التاريخ مع ديفيد بن غوريون (أحد أهم مؤسسي إسرائيل) في كفة واحدة".

وحتى حديث وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عن إمكانية التوصل إلى صفقة هذه المرة ودعوته لاقتناصها فإنه يدخل في جزء منه ضمن سياسة "إدخال الخراف" التي تمارسها إسرائيل بشكل دائم في أي مفاوضات، وهي سياسة تقوم على إهمال قضايا طرحتها سابقة وطرح قضايا جديدة بدلا من البدء في بحثها من جديد، برأي جبارين.

ومن هذا المنطلق، فإن غالانت يعزز حالة الضبابية التي يثيرها نتنياهو من جهة، ويبعث رسائل إلى الداخل من جهة أخرى لكي يقلل الضغط على مكانة حزب الليكود، حسب المتحدث نفسه.

وعن الغاية من هذه المفاوضات، قال جبارين إن إسرائيل لا تريد هذه المرة سوى ضمان حقها في استئناف القتال والحصول على أسماء الأسرى الإسرائيليين الموجودين في غزة، مؤكدا أنها لن تتخلى عن هذين الأمرين هذه المرة بغض النظر عن موقف نتنياهو.

وعن الموقف الأميركي من هذا السلوك الإسرائيلي، قال مولروي إن إدارة بايدن لن تعلن أبدا أن نتنياهو هو سبب عرقلة الاتفاق، لأن هذا لا يخدمها في الانتخابات المقبلة، في حين قال عرابي إن واشنطن "تحاول تحقيق ما يعيد لإسرائيل كرامتها التي جرحت".

وختم مولروي بأن سلوك نتنياهو تجاه الولايات المتحدة يضر بالعلاقات بين البلدين، لكن إدارة بايدن لا تملك أي تأثير عليه، لأنه يراهن بوضوح على عودة ترامب الذي تصب تعليقاته في خانة تخفيف الضغوط على إسرائيل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات التوصل إلى اتفاق من جهة

إقرأ أيضاً:

يسرائيل هيوم: هذه هي الفجوة بين إسرائيل وحماس في المفاوضات

قالت صحيفة يسرائيل هيوم إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وافقت على إطلاق سراح 5 محتجزين، لكن إسرائيل تصر على الإفراج عن 11 محتجزا أحياءً وإعادة الجثث لوقف إطلاق نار مؤقت، رغم إصرار حماس على الالتزام بإنهاء الحرب وإعادة إعمار قطاع غزة.

ورأت الصحيفة -في تقرير بقلم شيريت أفيتان كوهين- أن استئناف القتال ووقف المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة قد دفعا حماس إلى إبداء بعض المرونة، لكن هناك فجوة واسعة لا تزال بين موقفها ومقترح المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

وأشارت الصحيفة إلى أن الخلاف بين إسرائيل وحماس لا يقتصر على أعداد من سوف يطلق سراحهم، بل يشمل أيضا شروط إطلاقهم، مشيرة إلى أن المفاوضات لا تزال جارية، على عكس الانطباع بأن حماس وافقت على إطلاق سراح المحتجزين وأن الكرة الآن في ملعب إسرائيل.

ودعا اقتراح ويتكوف الأصلي إلى وقف إطلاق النار لمدة 40 يوما مقابل إطلاق سراح 10 أو 11 محتجزا حيا، يليه استمرار المحادثات لإنهاء الحرب بشروط تشمل نزع سلاح قطاع غزة وإبعاد حماس عن السلطة، ولكن قيادة حماس تطالب بوقف إطلاق نار يؤدي بالضرورة إلى إنهاء الحرب وإعادة إعمار القطاع، حسب الصحيفة.

إعلان

وذكرت يسرائيل هيوم أن هذا الأمر مطلوب بوصفه التزاما في المرحلة الأولى، مشيرة إلى أن أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خيار السعي إما إلى اتفاق جزئي وإما اتفاق كامل لا تعود حماس بموجبه للسلطة، وهما خياران غير مطروحين حاليا.

وتهدف المحادثات التي توسطت فيها مصر وقطر، إلى دفع مسار المفاوضات إلى الأمام، في الوقت الذي تكثف فيه إسرائيل ضرباتها في غزة وتسعى لتوسيع سيطرتها على الأرض، في حين لا تزال الولايات المتحدة تدعم موقف إسرائيل وتصر على الالتزام بإطار عمل ويتكوف.

مقالات مشابهة

  • لافروف: ثمة تقدم في الاتصالات مع واشنطن بشأن الدبلوماسيين
  • إعلام عبري: الجيوش النظامية لمصر وإيران وتركيا تهدد وجود إسرائيل
  • أبوبكر الديب يكتب: إقتصاد إسرائيل يدفع ثمن طموحات نتنياهو السياسية
  • صحيفة (يسرائيل هيوم) تكشف الفجوة بين إسرائيل و(حماس) في المفاوضات
  • إيران: حسب معلوماتنا فإن الولايات المتحدة تسلمت ردنا واطلعت عليه
  • ستارمر وترامب يتفقان على مواصلة الضغط الجماعي على بوتين
  • يسرائيل هيوم: هذه هي الفجوة بين إسرائيل وحماس في المفاوضات
  • ما هو ثمن رفض لبنان المفاوضات المباشرة مع إسرائيل ؟
  • تصريح جديد لإيران بشأن المفاوضات مع إدارة ترامب
  • خبير بالشأن الأمني: نتنياهو السبب الرئيسي في تعطيل المفاوضات