يمانيون:
2025-01-18@23:08:24 GMT

حرب التجويع !

تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT

حرب التجويع !

بقلم / منير شفيق

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي قطاع غزة، وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم البيوت الآمنة على رؤوس سكانيها، فضلا عن الحرمان من النوم والدواء والطعام والماء.
وكان العالم كله قد ضجّ عند رأى أجساد الشيوخ والنساء والأطفال ممزقة تحت الردم وركام الأبنية، وصولا إلى المستشفيات، ومن فيها من جرحى ومرضى وأطباء وممرضين وعاملين.


فلم يكتف أعضاء مجلس الحرب الصهيوني بالإبادة المهولة التي أفزعت العالم كله، ليرتفعوا بخطر الموت الجماعي، من خلال التجويع، إلى المساس بكل الشعب.
وباللجوء إلى هذا المستوى من حرب الإبادة، تكون قد وصلت هذه الحرب إلى مستوى تسميم المياه، وبث الغازات السامة في الهواء، والتجويع الشامل، أي تجاوز أعلى مستوى من المحرمات الدولية في الحرب، وأعلى مستوى في القتل الجماعي، الأمر الذي يفرض أن تعلو أخطار الإبادة التي يتعرض لها أهل غزة إلى أعلى مستوى، لتصمّ آذان الرؤساء العرب أولا، والرؤساء المسلمين ثانيا، وضمائر سكان المعمورة جميعا، كما الهيئات الدولية، ابتداء من هيئة الأمم المتحدة، ونزولا إلى المنظمات الإنسانية، إلى الجامعة العربية، فقد وصلت هذه الجريمة حدا لا يجوز لأحد السكوت عليه أو تجاهله، بل ضرورة الردّ على هذه الجريمة بمختلف أشكال الردود.
صحيح أن المقاومة والشعب في قطاع غزة ما زالا في المواجهة، ولن يَفتّ من عضُدهما استمرار التصعيد بالقصف والقتل الجماعي، ولن يضعفهما تحدّي المجاعة، بالصبر والإيمان، وبتصعيد المقاومة، تصعيدا راح يذهل العدو، فالعمليات العسكرية التي عرفتها بضعة الأسابيع الماضية، توحي وكأن المقاومة بدأت من جديد، كما بعد انتهاء أكتوبر 2023م.
صحيح أن الاتجاه العام للحرب البريّة ككل، والتعاطف العالمي مع شعب غزة البطل في صموده أمام الإبادة البشرية، والتدمير شبه الشامل، ما زالا على أشدّهما.. وصحيح أن عمليات نصرة محور المقاومة تصعدت بدورها، إلى حدّ أصبح فيه الوضع مهددّا باندلاع حرب إقليمية، كما عبّرت عن ذلك تصريحات في مسؤولين حكومة نتنياهو بشنّ حرب شاملة على لبنان.
ولكن مع كل هذا الصحيح، فإن مجموعة العوامل الفاعلة محليا غزاويا، وفلسطينيا، وإقليميا، وعالميا، كما ملاحظة تفاقم التناقضات التي أخذت تلف حبلا حول عنق نتنياهو، إلا أن الارتفاع بالإبادة إلى مستوى التجويع الجماعي للشعب كله، يتطلب مضاعفة تلك العوامل لإحباط حرب الإبادة، وحرب العدوان، وذلك للإسراع بانتصار غزة المحتوم بإذن الله.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

لحظات ما قبل وقف إطلاق النار.. الإبادة مستمرة وآلام الفقد أشد

 

الثورة /

انتظر الفلسطينيون يوم الأربعاء الماضي طويلاً أمام شاشات هواتفهم التي قارب شحنها على النفاد، وفي أماكن قليلة تتوفر فيها شاشات التلفاز بعد ورود أخبار إعلامية عن مؤتمر طال انتظارهم له، حتى أطل رئيس الوزراء القطري معلنا التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ما يعني وقف حرب الإبادة التي استمرت 15 شهراً.
فرح الناس، كبروا وهللوا، سجدوا لله شكرا، عانقوا بعضهم، خرج صبيتهم في تجمعات يهللون ويصرخون فرحا بانتهاء حرب طويلة أنهكتهم، استمر هذا الأمر ساعات وكأنها كانت السكرة، حتى جاءت الفكرة وتساءلوا عن ساعة الصفر لبدء سريان التهدئة.
تضاربت الأنباء، ومعها زادت الضربات الصهيونية الإجرامية قسوة على بيوت الآمنين وخيامهم، بل وضربت الطائرات الصهيونية ضربات أعادت لأذهان الغزيين أوقات الأحزمة النارية والضربات العنيفة في أول أيام الحرب.
ومع الوقت، عرف الناس أن الأحد الموافق 19/01/2025 الساعة الثانية عشر والربع ظهرا هو موعد سريان التهدئة، ما يعني أن لدى جيش الاحتلال متسعا من الوقت لقتل المزيد والمزيد من الفلسطينيين، وهو ما خلق فصلاً جديداً من فصول الفقد خلال هذه الحرب عنوانه شهداء ما بعد إعلان التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار.
ووفق معطيات نشرها جهاز الدفاع المدني، أمس الجمعة، فقد ارتفعت حصيلة عدوان الاحتلال منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار الأربعاء الماضي، إلى 113 شهيداً، منهم 28 طفلا و31 امرأة، علاوة على إصابة 264 آخرين.

عوائل تباد وأحلام تنتهي
عائلة الفلسطيني محمد غراب “أبو عدي” كانت واحدة من العائلات التي أصبحت حكايتها مؤرخة بما بعد الإعلان عن اتفاقية وقف إطلاق النار، حيث استهدف الاحتلال منزل العائلة المكون من طابقين والواقع في أرض المفتي شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، بصاروخين كبيرين، ما أدى إلى استشهاد كل من كان في المنزل.
“أبو عدي” يعمل محاسباً، لم يكن ينتمي إلى أي من الفصائل الفلسطينية المقاومة، ثبت في منزله طوال الحرب سوى من بعض الأوقات القليلة التي اضطر فيها للخروج بسبب الوضع الأمني الصعب في المنطقة.
عرفه جيرانه رجلاً مسالماً، محبا للخير، سخر كل ما يستطيع لمساعدتهم في وقت الحرب، خاصة أنه يمتلك ألواح الطاقة الشمسية، ما جعله محطة يستفيد منها كل جيرانه لشحن هواتفهم، وبطارياتهم.
“كان يستقبلنا بوجه ضاحك بشوش، لم يرفض لأي من جيرانه طلبا، كنا إذا جلسنا عنده يدق بابه الناس مرات كثيرة، فلا يتأفف يسلم هذا هاتفه بعد شحنه ويستلم من غيره بطارية وكل ذلك بابتسامته الجميلة”، يقول الجار أبو محمد.
من وجهة نظر جاره، فإن أبو عدي يستحق الاصطفاء الرباني له ليرتقي شهيدا بعد كل هذا الخير الذي قدمه للناس على مدار أيام وشهور الحرب، لكنه يستدرك بالسؤال عن الذنب الذي اقترفه ليقتل بهذه الطريقة وبهذا الكم من الحقد والإجرام.
تفتت جسد أبو عدي واثنين من أبنائه، ولم تستطع الجهات الصحية والدفاع المدني من العثور على أي آثار لجثتهم، فيما انتشلت أجزاء من جثمان زوجته، وشقيقه الذي كان عنده زائراً.
ومن ينظر إلى حالة المنزل المقصوف وهو المكون من طابقين، وكيف تحول إلى مجرد حجارة صغيرة مفتتة ومتناثرة على مساحة واسعة، يعتقد يقينا أن الجثامين تبخرت بفعل شدة القصف الصهيوني.
وبقي ثلاثة من أبناء أبو عدي لم يتواجدوا في المنزل وقت القصف أحياء، يتجرعون مرارة يتم الأب والأم، وهم الذين حلموا باستعادة حياتهم بشكل طبيعي بعد أيام قليلة، حيث يدخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

الحصاد المر
ووفق معطيات رسمية منشورة، فإن حرب الإبادة الجماعية على غزة، خلّفت أكثر من 25 ألف طفل يتيم الأب أو الأم أو كليهما.
وقالت صحيفة الغارديان البريطانية، إن حرب الإبادة الجماعية على غزة تسببت في تسجيل أكبر حصيلة ضحايا من المدنيين في العالم.
وفي اليوم الـ469 للعدوان الصهيوني على قطاع غزة ارتفعت الحصيلة إلى 46,876 شهيدا و 110,642 جريحاً.
ورغم هذا الإجرام الذي يأبى أن يتوقف، فقد صبر الشعب الفلسطيني وثبت في أرضه، وأفشل كل مخططات تهجيره وتطهيره عرقيا، وانتصر بصموده وأفشل كل مؤامرات الاحتلال، فانتصر بذلك رغم الدمار الهائل والفقد المهول الذي لا تفيه لغة الأرقام حقه.

*المركز الفلسطيني للإعلام

مقالات مشابهة

  • إيران: المقاومة حق مشروع للتحرر من الاحتلال والفصل العنصري
  • تهم التجويع والإبادة في غزة تلاحق إسرائيل.. دعوى أمام «الجنائية الدولية» ضد الاحتلال
  • شروطُ “غزة” تطيحُ بالأهداف الإسرائيلية في اتّفاق وقف الإبادة .. جبهةُ المقاومة تهزمُ جبهةَ العدو
  • لاءات نتنياهو التي حطمتها المقاومة في غزة
  • إن غدا لناظره.. قريب
  • لحظات ما قبل وقف إطلاق النار.. الإبادة مستمرة وآلام الفقد أشد
  • بين التجويع والإقصاء.. وثائق تكشف مجزرة حوثية تعمّق معاناة عشرات آلاف التربويين
  • محرقة غجر الروما .. عودة الحديث عن الإبادة المنسية
  • مع اقتراب صفقة التبادل.. ما هي الوحدة التي احتفظت بأسرى الاحتلال 15 شهراً؟
  • تتوقّف الحرب.. وتستمر الإبادة