تعرف على أبرز الدروس المستفادة من المهاجرين والأنصار خلال الهجرة النبوية
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
نشر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، خلال صفحته الشخصية، مجموعة من الدروس المستفادة من المهاجرين والأنصار، في الهجرة النبوية الشريفة، والتي تستعرض كيف جمعت الهجرة بين المهاحرين والأنصار وكيف كان التعامل بينهم، وذلك حتى يستفيد منها المسلمون في حياتهم اليومية، وهذا ما نرصده في السطور التالية.
ثبات وتسليمتَمَكِّن الإيمان من قلوب المؤمنين الأوائل حتى سَهْلَ عليهم البَدْلُ والتضحية بكل شيء في سبيل الثبات على دينهم، وهان عليهم إيذاء المشركين لهم، بل منهم من بذل روحه في تسليم كامل لله ورضا عنه سبحانه، مثل سيدتنا سمية وزوجها سيدنا ياسر.
رغم الحصار الاقتصادي الذي واجهه السابقون إلى الإسلام قبل الهجرة، إلا أنهم تحمّلوا وثابروا واستكملوا طريق الإيمان والثبات، مع معاناة الإيذاء، والاضطهاد، وشدة الحاجة، وضحوا بديارهم، وأموالهم؛ مهاجرين لله ورسوله ؛ قال تعالى: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (الحشر: ٨)
هم الصادقونصدق المهاجرين مع الله تعالى حملهم على الهجرة إلى المدينة؛ تاركين ديارهم وأموالهم وأهليهم وبلادهم في سبيل التمسك بدينهم، مع أن العيش في نعيم الوطن والمكوث بين الأهل والولد، والتمتع بالأموال، مما جبلت على محبته النفوس؛ ولكنهم يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانَا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أولَئِكَ هُمُ الصَّادقون). [الحشر: ۸]
بيعة الأنصارآمن الأنصار بالله سبحانه، وبايعوا رسوله بيعتي العقبة الأولى والثانية على السمع والطاعة والنصرة، وعلى أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأولادهم، فوفوا بعهدهم، وصدقوا في بيعتهم. {وَالَّذِينَ آوَوا ونَصَرُوا أولئكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًا لَّهُم مُغْفِرَة وَرِزْقٌ كَريمٌ} [الأنفال: ٧٤]
استقبال حافلفرح الأنصار بمقدم سيدنا رسول الله عليهم، واستقبلوه على مشارف المدينة باستقبال حافل، عبروا فيه عن صدق إيمانهم، وإخلاص حبهم ووفائهم، ورجا كل واحد منهم أن ينزل سيدنا رسول الله ﷺ في داره، فلما بركت ناقته في حي بني النجار أخوال أبيه، قال: «أي بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ؟» فقالَ أبو أيوب الأنصاري: أنا يا نَبِيَّ الله هذه داري وهذا بابي. [أخرجه البخاري)، فنزل عنده .
حب العطاء والإيثارحين وصل المهاجرون إلى المدينة لم ينزلوا في بيوت مستقلة أو مخيمات جماعية، بل فتح الأنصار لهم بيوتهم، وشاركوهم أموالهم ومتاعهم، وقاسموهم كلّ شيء، في محبة ظاهرة، وإيثار منقطع الشبيه، حتى قال فيهم الحق سبحانه: ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةً وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]
أنصار اللهلم يقتصر عطاء الأنصار ونصرتهم لسيدنا رسول الله ﷺ ودينه على مواقف الهجرة المضيئة، بل وقفوا إلى جوار النبي * في كل موقف، وشهدوا معه المشاهد، في عزة وبأس وتفان حتى قال قائلهم في غزوة بدر «پارسول الله! لو أمرتنا أنْ نَخِيضُهَا الْبَحْرَ لَأَحْضْناها - يعني الخيل [أخرجه مسلم]
حب النبي للأنصارقابل سيدنا رسول الله إحسان الأنصار بالإحسان وبادلهم حبا بحُبّ، وكافأهم على نصرتهم، وأجزل لهم الثناء والدعاء، وقال في حقهم: «لو سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ شعْبَا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ».
رضي الله عنهمتبوأ المهاجرون والأنصار مكانة عليا في الإسلام؛ لبَذَلِهم وجهادهم وصدقهم وعطائهم الذي لا مثيل له، فنالوا رضا الله ورسوله، ونزل القرآن بالثناء عليهم ووعدهم بالثواب الجزيل؛ قال تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظيمُ} [التوبة: 100].
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الهجرة النبوية الشريفة الهجرة النبوية العالمي للفتوى
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: ما ترك لنا رسول الله طريقا يؤدي الى النار إلا وحذرنا منه
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله عز وجل ما ترك لنا طريقًا يبلغنا رضاه وجنته إلا وقد أرشدنا إليه، وحثنا عليه رسوله الكريم ﷺ ، وما ترك لنا طريقا يؤدي بنا إلى النار إلا وحذرنا منه وأحدث لنا منه ذكرا، وتركنا رسول الله ﷺ على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أنه لما زاغ الناس عن المحجة البيضاء شاع الفساد، وفشت الفتن من حولنا، تلك الفتن التي وصفها سيدنا رسول الله ﷺ فقال : (يخرج في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين، ألسنتهم أحلى من السكر، وقلوبهم قلوب الذئاب، يقول الله عز وجل : أبي يغترون ؟ أم علي يجترئون ؟ فبي حلفت، لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانًا) [رواه الترمذي]. وفي ذلك تصديق لقوله تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ) .
ذلك الحليم الذي يفكر فلا يعرف قابيل الفتن من دبيرها، يحاول أن يعلم أين هو منها، فإذ به وكأنه في ظلمات بعضها فوق بعض، كموج البحر، قال تعالى : (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّور)ٍ ، فهي فتن يصبح الرجل فيها مؤمنًا، ويمسي كافرًا، ونحن إذ في هذه الحالة نريد أن نعتصم بحبل الله، ونتعلق بسفينة النجاة التي توصلنا إلى الله بإذنه تعالى.
لابد أن نحاول معرفة أسباب ما يجري من حولنا، فإن العصر اتسم بالإنجاز الذي قد سبق الأخلاق والقيم، وسبق النشاط الفكر والتفكر والتدبر، وقدمت المصلحة على الشريعة، وتقدمت اللذات على عبادة الله، فكان الناس في العصر على ثلاثة أنحاء : فاجر قوي، وعاجز تقي، ومؤمن كامل وفي.
أما الفاجر القوي فقد تمكن اليوم من العالم، وأراد أن يثبته فكره الذي يقدم الإنجاز على القيم والأخلاق، فهذا الرجل الذي كان يحكم أكبر دولة في العالم علم بفضائحه وسوء أخلاقه الكبير والصغير، ولكن عقلية شعبه لا ترى مع ذلك ضررًا خاصة طالما أنه ما زال ينجز وينجح في عمله، فماذا يتعلم أولادنا من هذه القصة من غير كلام، يتعلمون أن النجاح هو القوة والإنجاز حتى وإن كان فاجرًا.
وفي المقابل نرى تربية الله ورسوله لنا على غير هذا الشأن، فسيدنا رسول الله ﷺ يربينا أن نكون أقوياء، وأن نأخذ بيد العاجز منا ونصل به إلى القوة، فالعجز مذموم خاصة إن كان في عبادة الله وعمارة الأرض وتزكية النفس، غير أن المؤمن العاجز خير من الفاجر القوي عند الله، وينبغي أن يكون كذلك عند الناس، فالمؤمن يمتلك القيم والأخلاق، والإصلاح الطهر الذي يكون به الحضارة الإنسانية الحقيقية.