ماذا تخفي حالة بايدن الصحية؟.. طبيبا أعصاب يجيبان لوفيغارو
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
قبل 4 أشهر من الانتخابات الرئاسية، يبدو الرئيس الأميركي جو بايدن (81 عاما) ضعيفا على نحو متزايد، ولكن البيت الأبيض الذي يظهر اطمئنانا كاملا بشأن سلامته ينكر أي تدهور في حالته الصحية، رغم خلطه بين أوكرانيا وإيران وسقوطه قبل عام دون سبب واضح.
وبهدف إلقاء الضوء على حالة بايدن الصحية، سألت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية اثنين من أطباء الأعصاب عن رأيهما، مشيرة إلى أن قمة الشكوك في صحته كانت بسبب أدائه الذي وصف بالكارثي في المناظرة المتلفزة بينه وبين منافسه دونالد ترامب يوم 27 يونيو/حزيران الماضي.
وتساءلت الصحيفة، وفقا لتقرير عن المقابلة كتبه سيسيل تيبير، هل يمكن أن تكون تصرفات الرئيس الثمانيني مجرد علامة تعب أم إنها تخفي شيئا أكثر خطورة؟ ليرد المتخصصون الذين أجرت مقابلات معهم بأن الحقائق لا تترك مجالا للشك.
وقال البروفيسور مارك فيرين، طبيب الأعصاب في "مستشفى جامعة نيو أورليانز" الأميركي، إن "الأمر لا يتعلق بالشيخوخة فحسب، بل يبدو من الواضح أن هناك شيئا آخر، والعديد من أطباء الأعصاب يعتقدون ذلك". وأضاف عند تعليقه على المناظرة مع ترامب "لقد كان لدي انطباع حقيقي بأنني أرى أحد مرضاي على جهاز تلفزيون".
أما الدكتور سيرج بيار، رئيس قسم الأعصاب في "مستشفى جامعة رين" الفرنسي، فيشارك وجهة نظره قائلا إن "تراكم العلامات يجعلنا نعتقد أن الأمر لا يرتبط فقط بالشيخوخة. في الغالب إنه مرض تنكس عصبي، لكن من المستحيل الجزم على وجه اليقين دون إجراء مزيد من الفحوص المتعمقة".
"خرف أجسام ليوي"
ما عليك إلا أن تنظر إلى تدخلات جو بايدن في بداية ولايته الأولى عام 2021 لترى أن حالته تدهورت بسرعة كما تقول الصحيفة. "كان يتحرك كثيرا، وكان يتمتع بصوت قوي. أما اليوم فقد أصبح متصلبا للغاية، ولم يعد وجهه معبرا، ويتحدث بطريقة مكتومة ويعاني نوبات من الارتباك، وذلك يعني أن هناك العديد من الأعراض التي يمكن أن تشير إلى احتمال الإصابة بخرف أجسام ليوي"، حسب الطبيب.
وهذا المرض يطرح مشكلة مزدوجة لأنه يؤثر في القدرات المعرفية والمهارات الحركية، وغالبا ما يتم الخلط بينه وبين بداية مرض ألزهايمر أو مرض باركنسون، إلا أنه يتميز بتقدم أسرع وتدهور ملحوظ في القدرات العقلية، مع صعوبات متزايدة في الحركة بمرور الوقت، كالبطء ومشاكل في التوازن. ويقول بيار إن "جميع الوظائف التنفيذية تتأثر، وكذلك القدرة على الحكم والتفكير وتنفيذ المهام المعقدة، ومن الممكن أن تكون هناك أيضا هلاوس بصرية".
ويؤكد الطبيب الطبيعة المتقلبة وغير المتوقعة للاضطرابات المعرفية للمصاب بهذا المرض، فهو من لحظة إلى أخرى قد يعبر عن أفكار مشوشة وربما يواجه صعوبة كبيرة في التركيز، قبل أن يعود "طبيعيا" بعد بضع دقائق أو بضعة أيام، وهذا يبدو أنه يتوافق جيدا مع حالة جو بايدن.
باركنسون من دون رعشاتويرى مارك فيرين أن من المحتمل جدا أن يكون الرئيس الأميركي يعاني من مرض باركنسون، حتى لو لم تظهر عليه ارتعاشات واضحة، إذ إنه في 30% من الحالات لا توجد رعشات، ويسمى هذا النوع "متلازمة الحركية المتصلبة"، ويتميز بالبطء والتصلب في الحركة، ويؤثر أيضا على الصوت، و"هذا من شأنه أن يفسر سبب إصابة جو بايدن بنقص الصوت أو الصوت الرتيب".
ومن الناحية العملية، قد يكون من الصعب جدا التمييز بين "خرف أجسام ليوي" ومرض باركنسون. يقول فيرين "إذا كانت الأعراض غير متماثلة فمن المرجح أن تشير إلى مرض باركنسون، أما في الخرف المصحوب بأجسام ليوي فتكون العلامات ثنائية على الفور وتصاحبها اضطرابات معرفية"، وكلاهما يؤدي إلى الخرف في الغالبية العظمى من الحالات، لكنه يكون أسرع لدى مرضى أجسام ليوي.
تلف الأوعية في الدماغأما آخر الفرضيات التي طرحها الطبيبان فهي وقوع حوادث تؤثر على الأوعية الدقيقة في الدماغ، يقول بيار "يمكن أن تكون الأعراض التي لوحظت أيضا نتيجة لتراكم حوادث الأوعية الدموية الصغيرة التي تلحق الضرر بالدماغ"، ويمكن التحقق من ذلك بسهولة باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي، حسب فيرين.
ويوضح طبيب الأعصاب أن الجمع بين السكتات الدماغية الدقيقة وأمراض التنكس العصبي ممكن أيضا، "فهذه الحوادث المتعددة للأوعية الصغيرة يمكن أن تسبب أعراضا مشابهة تماما لأعراض الأمراض التنكسية العصبية المذكورة إذا كانت المناطق المصابة هي نفسها".
وخلصت الصحيفة إلى أن الحالة الصحية لجو بايدن مثيرة للقلق، ويرى الطبيبان أنه "إذا كان ما يعتقدانه صحيحا فلن يستمر الرئيس 4 سنوات أخرى". وقال بيار "هناك قلق حقيقي"، أما فيرين فقال "عندما تدرك أنه يقود أقوى دولة في العالم، فإن الأمر مخيف بدرجة مضاعفة، سواء له أو لبقية البشرية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات مرض بارکنسون جو بایدن یمکن أن
إقرأ أيضاً:
عقوبات أم مساومات.. من بايدن الى ترامب: كيف تستخدم واشنطن العراق لخدمة مصالحها؟
بغداد اليوم - خاص
في دهاليز السياسة الأمريكية، حيث تُدار الحروب بقرارات رئاسية، ويُرسم مصير الدول بمصالح الشركات الكبرى، يبرز العراق كأحد أبرز الساحات التي تُستخدم لتصفية الحسابات السياسية والاقتصادية.
منذ سنوات، تحولت بغداد إلى نقطة ارتكاز في الاستراتيجيات الأمريكية، ليس كحليف حقيقي، بل كورقة تُستغل كلما دعت الحاجة. واليوم، تحت إدارة دونالد ترامب، يتعرض العراق لموجة جديدة من الضغوط تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية للولايات المتحدة، بينما تُقدَّم على أنها حملة لضبط النفوذ الإيراني.
لكن خلف هذه الإجراءات، تتوارى أزمات داخلية أمريكية خانقة، ومحاولات مستميتة للتغطية على فشل الإدارات السابقة، وعلى رأسها إدارة جو بايدن، التي تركت إرثًا من الإخفاقات في الشرق الأوسط، إلى جانب أزمة اقتصادية تهدد بانهيار غير مسبوق للاقتصاد الأمريكي.
الضغوط الأمريكية.. لعبة سياسية أكثر من مواجهة حقيقية
كل ما يفعله ترامب في الشرق الأوسط، والضغوط التي يمارسها على العراق، لا تعكس بالضرورة استراتيجية أمنية واضحة أو سياسة خارجية ثابتة، بل هي مجرد أدوات يستخدمها لخدمة مصالحه السياسية والاقتصادية.
الأمر الأول: محاولة التغطية على إخفاقات إدارة بايدن، حيث توجد أدلة على أن بايدن، خلال فترة حكمه، تواطؤ مع جهات شرق أوسطية وسمح بتمدد النفوذ الإيراني في العراق، مما جعل الجمهوريين يستخدمون هذا الملف لإظهار ضعف الديمقراطيين في إدارة السياسة الخارجية.
الأمر الآخر: الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تضرب الولايات المتحدة، والتي باتت تُشكل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار المالي الأمريكي، حيث تظهر أرقام التسريح الجماعي للموظفين في الشركات الكبرى والمؤسسات الصناعية كدليل على حجم الأزمة. ترامب، الذي يواجه ضغوطًا داخلية متزايدة، يسعى إلى تحويل الأنظار عن الداخل الأمريكي، عبر افتعال أزمات خارجية تشغل الرأي العام، ويأتي العراق في مقدمة هذه الملفات.
مصرف الرافدين في عين العاصفة: اتهامات بلا أدلة
ضمن سلسلة الضغوط، يأتي ملف مصرف الرافدين كواحد من أبرز الأهداف الأمريكية، حيث تتهم واشنطن العراق وإيران بالتورط في تمويل أنشطة مشبوهة ودعم الحرس الثوري، وهي اتهامات لم تستند إلى أدلة قانونية واضحة، بل جاءت في سياق حملة تضييق اقتصادي على بغداد.
الحكومة الأمريكية تدرك جيدًا أن هذه التعاملات تتم ضمن الأطر القانونية والتجارية الدولية، لكنها تسعى إلى خلق حالة من الهلع المالي والاقتصادي داخل العراق، لإجبار بغداد على الخضوع لخيارات أمريكية محددة.
لكن المفارقة هنا، أن الإدارة الأمريكية نفسها لا تملك القدرة على إغلاق هذا الملف، ولا حتى تقديم بدائل اقتصادية للعراق، مما يجعل الضغوط أشبه بأداة ابتزاز سياسي، أكثر منها إجراءً اقتصادياً ذا أثر حقيقي.
الاقتصاد العراقي بين واشنطن والحاجة لدول الجوار
العراق، الذي يعتمد بشكل كبير على الغاز والكهرباء المستوردين من إيران، لم يجد أي خطط بديلة قدمتها الولايات المتحدة، بل تُرك يعتمد على منظومة اقتصادية هشة، جعلته مضطرًا إلى تعزيز علاقاته الاقتصادية مع دول الجوار، رغم الضغوط الخارجية.
الولايات المتحدة، التي كانت تمتلك فرصة تاريخية لإعادة بناء الاقتصاد العراقي على أسس متينة بعد 2003، تركت البلاد متخلفة اقتصاديًا، باستثناء الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل.
هذا الفشل الأمريكي في تقديم حلول حقيقية، يجعل أي ضغوط لمنع العراق من التعامل مع إيران أو أي دولة أخرى، أقرب إلى محاولة خنق بغداد اقتصاديًا، دون تقديم بدائل ملموسة.
الملف العراقي: ساحة لخدمة مصالح ترامب الاقتصادية
تحت غطاء مواجهة النفوذ الإيراني، تسعى واشنطن إلى تمرير صفقات اقتصادية لصالح شركات أمريكية مرتبطة بدوائر النفوذ داخل إدارة ترامب. فالضغوط التي تُمارس على الحكومة العراقية لا تهدف فقط إلى عزل إيران اقتصاديًا، بل إلى إجبار العراق على تقديم امتيازات لشركات أمريكية محددة، في قطاعات الطاقة والاستثمار والمقاولات.
الرئيس الأمريكي، الذي يواجه انتقادات متزايدة بسبب سياساته الداخلية، يحاول إعادة فرض الهيمنة الاقتصادية الأمريكية على العراق، عبر صفقات تخدم دوائر النفوذ الاقتصادي داخل البيت الأبيض.
ازدواجية المعايير: واشنطن ليست جادة في مواجهة إيران
لو كانت الولايات المتحدة جادة حقًا في محاصرة إيران، لكانت المواجهة مباشرة، بدلاً من استخدام العراق كأداة ضغط. فالواقع يشير إلى أن واشنطن، رغم كل تصريحاتها، لا تزال تدير علاقتها مع طهران وفق حسابات دقيقة، وتستغل العراق فقط كوسيط لتطبيق استراتيجياتها.
الأمر لا يتعلق فقط بفرض عقوبات أو إغلاق ملفات مالية، بل هو جزء من سياسة أمريكية طويلة الأمد، تُبقي العراق في حالة من الفوضى الاقتصادية والسياسية، حتى يظل بحاجة دائمة إلى التدخل الأمريكي.
إلى أين يتجه العراق وسط هذه الضغوط؟
المشهد الحالي يعكس حقيقة واضحة: واشنطن تستخدم العراق كورقة ضغط لخدمة أجنداتها الداخلية والخارجية، دون أن تقدم حلولًا واقعية لمشكلاته الاقتصادية والسياسية. ومع استمرار هذه الضغوط، تجد بغداد نفسها أمام خيارين:
إما الخضوع لهذه السياسات، والاستمرار في حالة الارتهان الاقتصادي والسياسي، أو تبني سياسة أكثر استقلالية، عبر تنويع شراكاتها الاقتصادية وتقليل الاعتماد على واشنطن، لصياغة معادلة أكثر توازنًا في علاقاتها الدولية.
لكن هذه الخطوة ليست سهلة، إذ تتطلب إجماعًا داخليًا، وإرادة سياسية قادرة على مقاومة الابتزاز الأمريكي، والبحث عن حلول عملية تُخرج العراق من هذه الحلقة المفرغة.
المصدر: قسم التحليل والمتابعة في وكالة بغداد اليوم