أُحيطت زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد للسودان، بسياج كثيف من السرية، ولم يخرج منها للعلن سوى عبارات دبلوماسية تقول ولا تقطع، لمّح من خلالها كلا الطرفين إلى همومه؛ فرئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان اعتبر الزيارة «تضامناً» معه، ونقل إعلامه عن الضيف الزائر أنه جاء للتضامن مع الشعب السوداني، باعتباره صديقاً حقيقياً، بينما حاول مناصِرو الجيش حصر الزيارة في «العلاقات الثنائية».



وكشفت «لغة الجسد»، أثناء مراسم استقبال آبي أحمد، «ترحيباً لافتاً» لاستقبال «أول رئيس يزور الحكومة في بورتسودان»، منذ انتقالها إلى هناك بعد فقدانها الخرطوم، وأكّدت «الحميمية» التي استقبل بها البرهان ضيفه تراجُعه عن الاتهامات التي كانت حكومته قد وجهتها للرئيس الزائر، باعتباره موالياً لغريمه قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي».

ولمزيد من الترحيب بالرجل، قاد البرهان السيارة الرئاسية بنفسه برفقة ضيفه منفردَين، ومن ثم شاركا في «زراعة شجرة»، وهو تقليد دأب عليه آبي أحمد في كل زياراته الخارجية ضمن مشروعه المعروف بـ«بصمة إثيوبيا الخضراء»، ما يشير إلى أن الزيارة أفلحت في إذابة جليد كثيف كان يحيط العلاقة بين الرجلين والحكومتين.

وكان آبي أحمد قد اتخذ مواقف اعتبرها البرهان تأييداً صريحاً لقوات «الدعم السريع»، من ذلك قيادته تحركات إقليمية ضد حكومة البرهان، بلغت أن وصفها الرجل بأنها «غير مؤهّلة للحكم»، بل وطالب بفرض حظر طيران على الجيش السوداني، وهو سلاح الجيش الأقوى في المعركة، وتم تصنيفه ضمن «الخصوم» الأفارقة.

لكن لم تُخفِ الحميمية التي رافقت الزيارة أهدافها الأخرى، والتي في نظر الكثيرين، تُعدّ الأهم، فقد ذكرت الرئاسة الإثيوبية على منصة «إكس» أن زيارة أحمد تندرج ضمن مساعيه من أجل الوصول لحلول مستدامة للأوضاع في السودان، ما يؤكد أن حقيبة الرجل كانت تحتوي أكثر من استرداد العلاقات الثنائية، فما هي تلك الأهداف؟

يقول المحلّل السياسي المختص بالقرن الأفريقي عبد المنعم أبو إدريس لـ«الشرق الأوسط»، إن آبي أحمد جاء بورتسودان، وهو يحمل «أجندة خاصة ببلاده، تتكون من شقين؛ الأول حصار قوات فانو التي تقاتل الحكومة الإثيوبية قرب الحدود السودانية، والحيلولة بينها وبين استخدام الأراضي السودانية منطقةَ انطلاق خلفية. والثاني متعلق برافضي اتفاق جوهانسبير بين حكومته وبين جبهة تحرير تغراي، والأعداد الكبيرة من مسلّحي تلك الجبهة، الذين لجأوا للسودان».

ويشير المحلل السياسي إلى نقطة ثالثة، وهي أيضاً تتعلق بالأمن الإثيوبي الداخلي، والتهديدات التي يمكن أن تنجم عن اقتراب القتال السوداني من حدود آبي أحمد. ويتابع: «اقتراب القتال من الحدود الإثيوبية يزيد حالة السيولة الأمنية، ويؤدي لانتشار السلاح بصورة أكثر، ما يعرّض إثيوبيا لموجات من طالبي اللجوء»، بجانب الحذر من وجود حشود عسكرية إرترية على حدود إثيوبيا، يمكن أن تستثمر الوضع الداخلي الإثيوبي.

وإلى جانب الملف الثنائي الذي احتوته حقيبة آبي أحمد، هناك ملف آخر مرتبط به، وأكثر أهميةً منه هو ملف «وقف الحرب السودانية»، وجمع الغريمين «البرهان وحميدتي»، وهو ما أشار إليه مصدر تحدث لـ«الشرق الأوسط»، وقال إن آبي آحمد «إلى جانب تخوفاته من تأثيرات الحرب واقترابها وتشابكها مع قضايا بلاده، حمل في ذات الحقيبة أجندة لوقف الحرب، لارتباط تلك المخاوف بها»، مشيراً إلى أنه باعتباره «جزءاً من الآلية الأفريقية التي يترأسها الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، أبلغ البرهان أهمية عقد لقاء مع حميدتي»، وهو ما سعت الآلية الأفريقية لعقده في العاصمة «كمبالا» قريباً.

ورجّح المصدر أن يكون آبي أحمد قد سافر إلى السودان «وهو يحمل في أحد أدراج حقيبته دعوة للبرهان لملاقاة غريمه حميدتي، ممثلاً للجنة الاتحاد الأفريقي الرئاسية الخماسية التي يترأّسها الأوغندي موسفيني، وعضوية رؤوساء من أقاليم أفريقيا الخمسة».

ويخشى على نطاق واسع، من تدفق مئات اللاجئين إلى إثيوبيا، إذا سيطرت قوات «الدعم السريع» على مدينتي «الدمازين» التي تبعد نحو 90 كيلومتراً من الحدود الإثيوبية، و«القضارف» التي تبعد عن مدينة «المتمة» الحدودية الحبشية نحو 150 كيلومتراً، وذلك بعد سيطرتها على حاضرة ولاية سنار مدينة «سنجة»، التي تبعد عشرات الكيلومترات من كلا المدينتين.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: آبی أحمد

إقرأ أيضاً:

عباس شراقي يحذر من احتمالية تعرض المنطقة لفترة جفاف في السنوات المقبلة

كتب- حسن مرسي:

حذر الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة عين شمس، من احتمالية تعرض المنطقة لفترة جفاف في السنوات القادمة، داعيًا إلى مزيد من الحرص على تعزيز الاحتياطات المائية في بحيرة ناصر باعتبارها إحدى أهم الركائز الأساسية للأمن المائي المصري.

خلال حواره في برنامج "حقائق وأسرار" على قناة صدى البلد، أوضح شراقي أن سد النهضة الإثيوبي سيؤثر سلبًا على حصة مصر من مياه النيل، نظرًا لاحتجاز كميات كبيرة من المياه خلف بوابات السد في إطار عملية التخزين التي تتم بشكل سنوي وتستمر حتى شهر سبتمبر.

كما أشار إلى أن الجانب الإثيوبي يستهدف ملء الخزان وراء السد بكمية تصل إلى 74 مليار متر مكعب من المياه، وهي كمية تفوق في مجموعها الحصة السنوية للمياه التي ترد إلى دول مصب نهر النيل مجتمعة، ومنها مصر والسودان.

وشدد شراقي على أن السكان المحليين في إثيوبيا لن يستفيدوا مباشرة من خزان المياه الخاص بالسد، إذ تنتشر الزراعات المطرية في أنحاء واسعة من إثيوبيا، بينما تحتاج مزارع أخرى إلى الري بالمياه العذبة، وهذه المزارع توجد بالقرب من أسفل النهر وليس في مناطق الخزانات.

كما أوضح أن إثيوبيا دولة حبيسة تخلو من الشواطئ البحرية، وتقع عاصمتها أديس أبابا على ارتفاع يفوق 2500 متر فوق سطح البحر، مما يجعلها منطقة قاحلة قليلة التساقط المطري.

ومن جهة أخرى، أشاد شراقي بالحجم الجيد للمخزون الاحتياطي من المياه في بحيرة ناصر، والذي يتحقق بفضل عمليات الترشيد وتوفير الكميات المهدرة من المياه.

كما لفت إلى قيام مصر بتنفيذ عدد من المشروعات القومية الهادفة إلى ضمان الأمن المائي والتعامل مع تداعيات بناء سد النهضة الإثيوبي، كمشروعات معالجة وتحلية المياه وإعادة استخدامها ومشروعات تبطين الترع وتطوير أنظمة الري وغيرها.

وفيما يتعلق باتفاقية عنتيبي، أفاد شراقي بأنها اتفاقية إطارية وقعت عليها دول حوض النيل عام 2010، وتعنى بالتعاون المشترك في مجالات إدارة واستخدام موارد المياه السطحية والجوفية.

وتمنح الاتفاقية دول المنبع الحق في تنفيذ مشروعات لتوليد الطاقة الكهرومائية والزراعة بالاعتماد على المياه دون الحاجة إلى إخطار مسبق لدول المصب.

مقالات مشابهة

  • خطاب الكونغرس وإعادة ترتيب البيت العربي
  • خطاب الكونغرس وإعادة ترتيب البيت العربى
  • متحدث الوزراء يكشف تفاصيل زيارة مدبولي لمدينة العلمين
  • البرهان يعزي الرئيس الإثيوبي في ضحايا الانزلاقات الأرضية
  • السلطات الإثيوبية تستأنف منح تأشيرات الدخول لليمنيين
  • رئيس الوزراء الإثيوبي يتفقد الانهيار الأرضي
  • خبير يحذر من احتمالية تعرض مصر ودول في حوض النيل لسنوات عجاف مقبلة
  • عباس شراقي يحذر من احتمالية تعرض المنطقة لفترة جفاف في السنوات المقبلة
  • إثيوبيا تعلن الحداد ثلاثة أيام على ضحايا انهيار أرضي
  • مصر تعزي إثيوبيا في ضحايا الانهيارات الأرضية بالبلاد