Your browser does not support the audio element.

لا تقل مراقبة العالم العربي للانتخابات الأمريكية، التي دخلت منعطفا مهما، عن تلك التي تحدث داخل أمريكا نفسها؛ فالنتيجة النهائية تؤثر بشكل كبير في الشرق الأوسط بشكل عام وفي العالم العربي بشكل خاص كما لا تؤثر انتخابات دولية أخرى.. والمصالح العربية مرتبطة بشكل أساسي بالبيت الأبيض باعتباره «حليف» استراتيجية «مفترض» للدول العربية.

ويدور سؤال الانتخابات الأمريكية في العالم العربي كما يدور في أمريكا، أي المرشحَين أفضل للعالم العربي، هل هو بايدن أم ترامب؟.. وهذا سؤال مؤلم، مع الأسف الشديد، حيث تُرتهن المصالح العربية بإدارة دولة هي حليف استراتيجي وراع وممول لعدوهم الأول: الإسرائيلي!

وفي محاولة لفهم التجربتين: تجربة ترامب وتجربة بايدن يجد القارئ لهما الكثير من التناقضات والكثير من الالتباسات.

تميزت فترة بايدن بعودة الارتباطات الدبلوماسية التقليدية بين أمريكا والمنطقة، وعودة النهج الحذر فيما يتعلق بشؤون الشرق الأوسط. وحاولت إدارة بايدن تحقيق التوازن بين المصالح الأمريكية والاستقرار الإقليمي. ورغم الموقف «المتوقع» لإدارة بايدن من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة الذي كان منسجما مع تعهدات أمريكا بحماية أمن إسرائيل وضمان تفوقها في منطقة الشرق الأوسط، فإن بايدن بقي متمسكا في خطابه السياسي بحل الدولتين وأعاد المساعدات للفلسطينيين التي كان قد أوقفها سلفه ترامب. كما كانت سياسة بايدن تجاه القضية الفلسطينية قبل 7 أكتوبر، على الأقل، تهدف إلى إعادة بناء الثقة وتعزيز الحوار، على الرغم من غياب أي تقدم حقيقي وملموس في القضية الفلسطينية حتى ذلك الوقت.

ينظر العديد من العرب في مراكز صناعة القرار السياسي إلى أن استمرار بايدن في منصبه قد يشكل عامل استقرار نسبيًا؛ حيث يتناقض أسلوبه الدبلوماسي بشكل واضح مع نهج وأسلوب ترامب الأكثر اعتمادًا على المصالح الآنية عبر تكتيكات الضغط العلنية والتحالفات المشروطة بمصالح اقتصادية. وفي حين أن بايدن لم يغير سياسة الولايات المتحدة بشكل جذري في المنطقة، فإن ثبات إدارته ساعدت دول المنطقة على التنبؤ بالخطوة التالية في منطقة تعاني من تقلبات سياسية كبيرة.

وعلى عكس ذلك كانت فترة حكم ترامب مليئة بالإثارة والمفاجآت خاصة فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط. طرح ترامب ما أسماه حينها بـ«صفقة القرن» التي سرعان ما اكتشف العرب أنها مبنية لصالح إسرائيل وحدها ولا شيء فيها يمكن أن يلبي حتى الحد الأدنى من أحلام العرب تجاه القضية الفلسطينية. وكانت ذروة مفاجآت ترامب تتمثل في اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إلى القدس، قبل أن يعود لاحقا ويصفي القضية الفلسطينية برعايته توقيع أربع دول عربية على اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل فيما عرف باتفاقيات «أبراهم» دون أي عائد ولو شكليًا للقضية الفلسطينية.

وفي العموم كانت سياسة ترامب في الشرق الأوسط تتميز بنهج يتضمن الاستفادة القصوى من النفوذ الأمريكي لانتزاع تنازلات من الدول العربية، وهي استراتيجية وصفها بعض النقاد بأنها ليست إلا «ابتزازًا» علنيًا من دولة عظمى. وكشفت معاملات ترامب مع الدول العربية حينها وبشكل واضح عن سياسة الحوافز الأمنية مقابل المواءمة السياسية.

بهذا المعنى ينظر الكثير من العرب إلى احتمال إعادة انتخاب بايدن بشكل أكثر إيجابية عن نظرتهم لعودة ترامب. ويُنظر إلى سياسات بايدن، رغم كل الانتقادات التي صاحبت الحرب على غزة، على أنها أكثر اتساقا مع السياسة التاريخية الأمريكية في المنطقة وأقل إزعاجا.

وفي المقابل، فإن احتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض يثير الكثير من المخاوف بشأن عودة تكتيكات الضغط الأقصى والقرارات الأحادية مرة أخرى. وقد يخشى بعض القادة العرب تكرار القرارات السياسية غير المتوقعة في كثير من الأحيان والتي ميزت ولاية ترامب الأولى. ومع ذلك، فإن بعض الدول العربية قد ترحب بعودة ترامب، وترى فيه فرصة لتعزيز أهدافها الاستراتيجية. وسواء فاز بايدن أو ترامب، يجب على العالم العربي أن يبقى قادرا على التكيف مع متغيرات السياسة الأمريكية وتحولات اهتماماتها الاستراتيجية.

يقدم كلا المرشحَين تحديات وفرصًا مختلفة. توفر دبلوماسية بايدن الثابتة ما يشبه القدرة على التنبؤ والحفاظ على التوازنات القائمة. وفي المقابل، يمكن لاستراتيجيات ترامب المفاجئة أن تعيد تشكيل التحالفات الإقليمية وديناميكيات القوة في المنطقة.

وفيما يخص القضية الفلسطينية فإن على العرب أن يؤمنوا، تمام الإيمان، أن إسرائيل خط أحمر كبير بالنسبة لأمريكا والغرب، أيضا، ولا ينتظروا من أمريكا أن تتنازل عن تلك الخطوط الحمراء، وأن يستعدوا لعودة استراتيجية الضغط من أجل التطبيع المنفرد مع إسرائيل.. ودون مقابل!

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة العالم العربی الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال دمر 611 مسجدا بشكل كلي في غزة واقتحم الأقصى 262 مرة خلال عام

أعلنت وزارة الأوقاف والشئون الدينية الفلسطينية، اليوم الأحد، تدمير الاحتلال الإسرائيلي لـ 611 مسجدا تدميرا كليا، و214 مسجدا بشكل جزئي، خلال عدوانه المستمر على قطاع غزة منذ عام.

وأشارت الوزارة في تقرير حول انتهاكات الاحتلال على المقدسات الإسلامية والمسيحية بالفضة الغربية وقطاع غزة منذ أكتوبر 2023k إلى تدمير الاحتلال لـ 8 مقابر بشكل كامل، وانتهاك مقابر أخرى من خلال الاعتداء عليها ونبش قبورها وإخراج الجثث، كما استهدف ودمَّر 3 كنائس في مدينة غزة، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

وأضافت أن الاحتلال اعتدى على المسجد الأقصى من خلال سماحه للمستوطنين باقتحامه وتدنيس ساحاته وذلك لـ 262 اقتحاما مارس خلالها المستوطنون شعائر تلمودية أصبحت تمارس بشكل يومي، تحت إشراف وحماية شرطة الاحتلال التي تمنع بشكل دائم حراس المسجد الأقصى التابعين لدائرة الأوقاف في القدس من قيامهم بعملهم داخل ساحاته خلال هذه الاقتحامات.

كما اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، الأقصى مدعوما من حكومته اليمينية المتطرفة 6 مرات منذ توليه لمنصبه في هذه الحكومة منذ فبراير الماضي، وأصدر عددا من التصريحات اليمينة المتطرفة والتي هدد فيها بتأسيس كنيس يهودي في المسجد الأقصى في إشارة إلى السيطرة عليه، كما عمل على تكثيف الوجود اليهودي من خلال دعمه حكوميا وإعطائه غطاء شرعيا.

وفيما يتعلق بالحرم الإبراهيمي، مارست قوات الاحتلال انتهاكاتها له بشكل يومي سواء من خلال منع إقامة الأذان فيه والذي وصل منذ العدوان على قطاع غزة إلى نحو 747 مرة أو من خلال التضييق على المصلين المسلمين من خلال منعهم وإغلاقه 5 مرات خلال ذات الفترة، كما نصب الاحتلال ما يسمى بالشمعدان والأعلام الإسرائيلية على سطح وجدران الحرم الإبراهيمي الشّريف، وأقاموا حفلات صاخبة وصلوات تلمودية في القسم المغتصب، ومارسو الضرب على الأبواب والصراخ والسّب، كما أعاق الاحتلال احتفالات المولد النبوي داخل الحرم.

واعتدى الاحتلال الإسرائيلي على 15 مسجدا في مناطق مختلفة في الضفة الغربية مع تركيز واضح على محافظتي طولكرم وجنين، إما بالتدمير الجزئي لعدد من المرافق أو من خلال تدنيسها بالسخرية من الشعائر الإسلامية.

ودعت الوزارة المجتمع الدولي إلى إيقاف الانتهاكات المستمرة للاحتلال والتي أصبحت ذات وتيرة عالية نتيجة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مشيرة إلى أنه في ظل انشغال العالم بالعدوان البشع على قطاع غزة والضفة الغربية يمارس الاحتلال اعتداءاته دون رقيب أو حسيب على المقدسات وعلى رأسها المسجد الأقصى.

اقرأ أيضاًالأوقاف الفلسطينية: ما يقوم به الاحتلال في الحرم الإبراهيمي تجاوز خطير وانتهاك للمقدسات الإسلامية

وزير الأوقاف الفلسطينية: 800 شهيد في غزة منذ بدء الاجتياح البري(فيديو)

«الأوقاف الفلسطينية» تدين اقتحام الوزير الإسرائيلي المتطرف للمسجد الأقصى

مقالات مشابهة

  • حداد في البيت الأبيض.. ​بايدن وترمب وهاريس يحيون ذكرى 7 أكتوبر
  • كيف ستغير الانتخابات الأمريكية خريطة الصحة العالمية
  • الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال دمَّر 611 مسجدا بشكل كلي في غزة واقتحم الأقصى 262 مرة خلال عام
  • الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال دمر 611 مسجدا بشكل كلي في غزة واقتحم الأقصى 262 مرة خلال عام
  • طبول الحرب تقرع| ترامب يحرض إسرائيل على “ضرب” المنشآت النووية الإيرانية.. والحوثيون يعتزمون مهاجمة المصالح الأمريكية والبريطانية في المنطقة
  • بايدن يعرب عن مخاوف بشأن عدم سلمية الانتخابات
  • «ترامب» يواصل انتقاد «بايدن».. ويدعوا إسرائيل لضرب منشآت إيران النووية
  • «ترامب» و«هاريس» يتنافسان لكسب أصوات العمال في الانتخابات الأمريكية
  • بايدن عن الانتخابات الأميركية: لا أعرف هل ستكون سلمية أم لا
  • ترامب يعلق على رفض بايدن إمكانية مهاجمة إسرائيل لمواقع إيران النووية