لجريدة عمان:
2025-03-31@11:38:05 GMT

أنا وأخوي على ولد عمي

تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT

عند الحديث عن الإبادة في غزة، يُجادل البعض أن اهتمامنا بالقضية يحثه التنشئة القومية والإسلامية. وكيف لنا أن نتوقع من العالم أن يلتفت، ويتدخل في وقف الحرب بينما نحن بالمقابل لا نشتبك مع القضايا البعيدة الأخرى مثل الصراعات التي تجري في ميانمار اليوم، بل وحتى في السودان.

يعتمد هذا الخطاب على فكرة القرابة الجينية من جهة، والأدلجة من جهة أخرى، ساعيا إلى تتفيه قدرة البشر على النظر بإنصاف واهتمام إلى قضايا العالم، والتأكيد على السلوك الأناني باختيار قرابة الدم والجغرافيا -في كل مرة- على حساب العدالة والإنصاف.

فيتبنى فكرة أننا ننتصر لأقربائنا (على مستوى الأفراد والشعوب)، والدور الأساسي للتنشئة والإعلام في تكوين مواقفنا، مُضخما الدور الذي تؤديه البروباغندا (رغم أنه ليس بالصغير)، ومحقرا من التباينات الشخصية في التوجهات. والتربية والإعلام اللذان لا يُشكك عاقل بدورهما الكبير إلا أنهما يُمكن أن يُستثمران لرفع المسؤولية الفردية عن الجناة.

يكمن خطر هذا الخطاب في أنه يكفر بقدرة شعوب العالم حتى في أحسن الأحوال على بناء مؤسسات دولية للرقابة والقضاء؛ لفض الصراعات على نحو سلمي. هذه المؤسسات وإن كانت عاجزة، وخاضعة للضغوطات السياسية، والمصالح المحلية، والفساد، وتأثيرات اللوبيات، إلا أنها من حيث الأساس فكرة لا بديل لها. فكما نُكرر دائما، الإيمان بفكرة طوباوية، والسعي نحو المثل براديكالية، خير من التسليم لواقع ظالم، ومحاولة الانخراط في اللعبة، عبر تقديم التنازلات.

لا أفهم لم يكون لنقاش كهذا أي مكان في وقت تستمر فيه شراسة القتل والتعذيب لأشهر طويلة. مع هذا سأحاول اليوم نقد هذا الخطاب من خلال لفت النظر إلى الآتي:

أولا، الطبيعة الاستعمارية الخاصة للحالة الفلسطينية. فعلى عكس الصراعات الأهلية وحروب الوكالة التي تجعل فض الصراعات عملية معقدة، المطلب الأساسي للغزيين هو وقف إطلاق النار، الانسحاب العسكري، وفض الحصار. أي أن يكفّ الطرف الأقوى أذاه، والأمر بهذه البساطة.

ثانيا، تُساعدنا دراسة المغالطات المنطقية على التعرف ومجابهة أوجه التفكير الأعوج. «الماذا-عنية» (whataboutism الكلمة المنحوتة من عبارة what about). هدف هذا النوع من الاستراتيجيات هو الزجّ بقضايا شبيهة (أو اتهام مُقابل للاتهام المُوجّه)، عوضا عن الاستجابة المباشرة للحجة المقدمة، بهدف أخذ الجدال إلى منطقة أخرى. عدم الاهتمام بقضايا أخرى (رغم إيماني بالمسؤولية الأخلاقية) لا ينال، ولا يُقلل من مشروعية القضية التي أمامنا.

ثالثا، القبول بالقدرات المحدودة للدماغ. لا عيب في أن يهتم المرء بما يهتم به، للأسف، نحن لا نملك الطاقة والقدرات لدراسة والانخراط في كل قضايا العالم، ومحاولة تغيير واقع الجميع. ونأمل فقط أن تكتسب كل القضايا العادلة الزخم الذي يؤدي أخيرا للتغيير. لا يُمكن لأحد أن يُشكك في أن تعاطفك مع جارك واهتمامك برفاهه وخيره، لا يُضاهي تعاطفك مع شريكك أو أبنائك، ولا حزنك عليه يُقارن بحزنك إذا ما خسرت حبيبك أو قريبك. فحتى إن صحّ -مثلا- أن يهتم الواحد منا بقضايا الخليج باعتباره خليجي، أو بقضايا النساء باعتبارها امرأة، فأيا يكن الباعث، فهو لا يعيب المهتم بهذه القضايا في شيء. على العكس، يرجع أن يكون لدى المرء عزيمة أقوى وإصرار في الجهاد لأجل فكرة تمسه/ا شخصيا، أو تمس من يهتم لأمرهم بشكل خاص. هذا ما يُبقي جمرة النشاطوية مشتعلة. ما أحاول قوله، أنه حتى وإن كان باعث المرء عروبيًا قوميًا، أو إسلاميًا، فهذا لا ينتقص من شرعية الموقف. ليس الأمر وكأننا نقف مع إخوتنا ضد أبناء عمومتنا على أي حال، ولكننا نقف معهم لأن قضيتهم عادلة.

رابعا، لا يُمكن رفع المسؤولية عن اللاعبين المباشرين في صراع ما. إذا كانت دولتك تُسلّح وتشارك في إبادة جماعية بشكل مباشر، فلديك المسؤولية الأخلاقية لتعترض، لأنك مُسهم أنت أيضا فيها، ويقع عليك العبء الأخلاقي لمحاولة إيقافها. فبينما لا أتوقع من الإسبان -مثلا- الكثير. يحمل الأمريكان، والألمان، والفرنسيون مسؤولية الاشتباك مع القضية، والضغط على حكوماتهم لأجل وقف الدعم السياسي والمادي.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

بوتين يطرح فكرة «إدارة انتقالية» في أوكرانيا

عبدالله أبوضيف (القاهرة، موسكو، كييف)

أخبار ذات صلة الأمم المتحدة تحذر من كارثة إنسانية في غزة أوكرانيا تتسلم رفات 909 جنود الأزمة الأوكرانية تابع التغطية كاملة

طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، فكرة «إدارة انتقالية» برعاية الأمم المتحدة في أوكرانيا، في اقتراح يتضمّن رحيل نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قبل إجراء مفاوضات بشأن اتفاق سلام بين البلدين.
وجاء هذا الإعلان غداة اجتماع حلفاء كييف الأوروبيين في باريس حيث ناقشوا ضمانات أمنية، بينما تقدّمت المملكة المتحدة وفرنسا بمشروع نشر مستقبلي لـ«قوة طمأنة» في أوكرانيا.
وقال بوتين، خلال زيارة لمدينة مورمانسك: «يمكننا بالطبع أن نبحث مع الولايات المتحدة وحتى مع الدول الأوروبية، وبالطبع مع شركائنا وأصدقائنا، برعاية الأمم المتحدة، في احتمال تشكيل إدارة انتقالية في أوكرانيا».
وهذه المرة الأولى التي يستحضر فيها بوتين فكرة «إدارة انتقالية» قال إنّها ستقوم بـ«تنظيم انتخابات رئاسية ديمقراطية من شأنها أن توصل إلى السلطة حكومة مختصة ستحوز على ثقة الشعب، ومن ثمّ نبدأ مع هذه السلطات مفاوضات بشأن اتفاق سلام».
من جهة أخرى، أشار الرئيس الروسي إلى أنّ قواته تحافظ على «المبادرة الاستراتيجية» على خطوط المواجهة في أوكرانيا. وقال: «ثمة ما يدعو إلى الاعتقاد أننا سنحقّق الأهداف»، معتبراً أن «على الشعب الأوكراني نفسه أن يدرك ما يجري». وأعلن الجيش الروسي، أمس، أنّ هجوماً أوكرانياً بصواريخ «هايمارس»، تسبّب في حريق ودمار كبير في محطة «سودجا» لقياس الغاز، في منطقة كورسك الروسية.
كذلك، اتهمت وزارة الدفاع الروسية أوكرانيا بإطلاق صواريخ وأكثر من 10 «مسيّرات» على بنيتها التحتية للطاقة على مدار الساعات الـ24 الماضية.
وعلى الجبهة، أعلن الجيش الروسي السيطرة على بلدتين، إحداهما في الجزء الذي تحتله أوكرانيا في منطقة كورسك، والأخرى في شمال شرق أوكرانيا.
وفي السياق، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس، إن بلاده لا تعتبر المساعدات العسكرية الأميركية التي تمت الموافقة عليها في السابق قروضاً يجب سدادها، مؤكداً أن كييف تسلمت مسودة اتفاقية معادن جديدة من الولايات المتحدة.
واعتبر الباحث السياسي الروسي، تيمور دويدار، إن الشروط الروسية التي تم الإعلان ليست ذات سقف عالٍ، بل تتعلق بمطالب واضحة منها شطب المادة من الدستور الأوكراني التي تُقنن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي. 
وأوضح، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن البرلمان الأوكراني لم يتخذ أي خطوات بهذا الشأن حتى الآن، رغم أن أوكرانيا تُدار كنظام برلماني وليس رئاسياً، مشدداً على أهمية هذا التوضيح لفهم الموقف الروسي بشكل دقيق. 
بدوره، قال الباحث الأوكراني، ميكولا بيليسكوف، إن المطالب الروسية بنزع سلاح أوكرانيا وتغيير دستورها تشكل انتهاكاً واضحاً لسيادة البلاد وحقها في اختيار تحالفاتها الاستراتيجية. 
واعتبر في تصريح لـ«الاتحاد» أن القبول بهذه الشروط سيؤدي إلى تقويض الأمن القومي الأوكراني ويعرض البلاد لمخاطر دائمة.
وأكد الباحث الأوكراني أن أي حديث عن وقف إطلاق النار يجب أن يركز على الانسحاب الكامل للقوات الروسية من الأراضي الأوكرانية ووقف الدعم العسكري للانفصاليين.

مقالات مشابهة

  • أحمد نخلة: فكرة تشفير الدوري المصري مرفوضة
  • السعودية تخلع معطفها القديم
  • الهلال الأحمر يحمل الاحتلال المسؤولية عن سلامة وحياة 9 مسعفين محاصرين في رفح
  • احدهم القى رمانة يدوية.. القبض على 5 متهمين بقضايا قانونية مختلفة في بغداد
  • مريم نعوم: لام شمسية فكرة تمس المجتمع
  • بوتين يطرح فكرة «إدارة انتقالية» في أوكرانيا
  • تعرف على العقوبات المكررة للمتهمين بقضايا الرشوة الكبرى بالجهات الحكومية
  • مكالمة "تغيير وتيرة الخطاب".. ترامب يهاتف رئيس وزراء كندا
  • القبض على جزائري متورط بقضايا سرقة استهدفت المركبات داخل سوق الكريمية
  • تحديد أولويات ومجالات الخطاب الإسلامي.. رؤية إصلاحية